انتخابات العراق البرلمانية 2018 - وأد نظام المحاصصة
العراقيون يدفنون إرث الحاكم الأمريكي بريمر

حقبة عراقية سياسية جديدة غير مسبوقة، بعد فوز قوائم جديدة وطنية وليبرالية بلا وجوه قديمة -خصوصا تحالف رجل الدين الشيعي الصدر مع الحزب الشيوعي- بالانتخابات البرلمانية. فبعد نحو 15 عاما من سيطرة تحالف شيعي متشدد على مصير العراق، ها هم العراقيون يدفنون إرث الحاكم الأمريكي بريمر، الذي أدخل نظام المحاصصة. برغيت سفينسون تسلط الضوء من بغداد على انتخابات العراق التشريعية 2018 لموقع قنطرة.
انتخب العراقيون قوائم علمانية وليبرالية ووطنية. وعلى الرغم من أنَّ نسبة المقترعين الذين أدلوا بأصواتهم قد بلغت 44,5 في المائة فقط من بين الناخبين العراقيين البالغ عددهم أكثر من اثنين وعشرين مليون ناخب عراقي، ولكن ربَّما يكون هؤلاء الناخبون قد أنجزوا لبلاد الرافدين شيئًا غير مسبوق.
 
فمنذ نحو خمسة عشر عامًا يسيطر على مصير العراق تحالفٌ شيعي متشدِّد دينيًا، ويتم تقسيم المناصب والوظائف الحكومية بحسب مبدأ المحاصصة والتمثيل النسبي على كلّ واحدة من المجموعات الشعبية. لكن هذا انتهى الآن. فمع الانتخابات التشريعية الحالية تم دفن إرث الحاكم الأمريكي بول بريمر، الذي أدخل نظام المحاصصة والتمثيل النسبي إلى العراق.
 
الفائز في الانتخابات العراقية حركة شعبية، تحالف جماهيري مكوَّن من ستة أحزاب وجماعات مختلفة، يجمع محافظين [متدينين] مثل رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر و[يساريين مثل] الحزب الشيوعي تحت اسم قائمة "سائرون" ويُوَحِّد ممثِّلين عن جميع المجموعات الشعبية في العراق.
 
منذ الآن أصبحت حقبة العراقيين الجديدة، التي تقسِّم الحياة إلى ما قبل وما بعد "داعش" - أي ميليشيا تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابية في العراق - مهمةً من الناحية السياسية أيضًا، بعد أن فازت تحالفات وقوائم جديدة في الانتخابات، ودخل أشخاصٌ جدد إلى البرلمان في بغداد، ولم يتم انتخاب القدماء.
 
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي. Foto: picture-alliance/dpa
هزيمة انتخابية مريرة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي: حتى الآن حصلت قائمته "تحالف النصر" على المرتبة الأولى في محافظة واحدة فقط. اعترف حيدر العبادي بهزيمته وهنَّأ القوائم الناجحة على انتصارها الانتخابي. وقال إنَّه سيواصل حكم البلاد حتى يتم تشكيل حكومة جديدة.
 
المتشدِّدون، مثل النائب الذي كان يريد فرض حظر عام على الكحول في العراق وقد قدَّم من أجل ذلك مشروعي قانونين، أو النائبة التي كانت ترى أنَّ تزويج الفتيات الصغيرات دون سنّ الرابعة عشرة أمر طبيعي تمامًا، لم يعودوا ممثَّلين في البرلمان العراقي الجديد.
 
لم يبقَ سوى القليل فقط من الوجوه القديمة
 
وعلى العموم فإنَّ الملصقات الانتخابية التي لا تُعَد ولا تحصى والمعلقة في الغالب بعضها فوق بعض في العاصمة بغداد، لا تظهر سوى ما ندر من الوجوه القديمة. وتقريبًا لا يشاهد المرء - باستثناء رئيس الوزراء حيدر العبادي وسلفه نوري المالكي - إلَّا مرشَّحين ومرشَّحات جدد، تنافسوا على واحد من الثلاثمائة وتسعة وثلاثين مقعدًا في مجلس النوَّاب. كما توجد في العراق كوتا نسائية، يتعيَّن بموجبها أن يكون ربع النوَّاب من النساء. ووفقًا لذلك كانت صورة الشارع متعدِّدة الألوان خلال الحملة الانتخابية. وقد أكَّد الناخبون في الواقع هذا الاتِّجاه الملحوظ.
 
وقد ساورت الناخبين أيضًا حالة من الشكّ، فقبل أربعة أعوام قيل لهم إنَّ العراق سيدير ظهره للأحزاب الدينية والتحالفات العرقية. ثم جاء تنظيم "الدولة الإسلامية" وأصبح كلُّ شيء أكثر تطرفًا.
 
لكن الآن تم تحقيق تقدُّم نحو بدايات سياسية جديدة. لقد كان المشهد الحزبي مختلطًا تمامًا في مرحلة التحضير للانتخابات. انهار التحالف الشيعي الديني، وانهارت أيضًا الكتلة الكردية، ولم يعد لدى السُّنة أي حزب أو تحالف وباتوا موزَّعين على جميع القوائم.
 
اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة