فرصة لدعم مساعي اندماج المهاجرين في المجتمع الألماني

تسعى الحكومة الاتحادية إلى صياغة سياسة ناجحة لاندماج المهاجرين في المجتمع الألماني، لذلك اجتمعت المستشارة الألمانية ميركل مع عدد من ممثلي منظمات المهاجرين بهدف مناقشة العقبات، التي قد تحول دون تحقيق الاندماج في ألمانيا.

المستشارة الألمانية ميركيل مع بعض المشاركين في قمة الاندماج، الصورة: أ ب
قمة الاندماج تشير إلى الأهمية التي توليها السياسة الألمانية لموضوع الأجانب في ألمانيا.

​​

شهد مكتب المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، اليوم 14 حزيران/يوليو 2006، اجتماعاً فريداً من نوعه لممثلي منظمات المهاجرين في ألمانيا. وشارك في هذا الاجتماع، الذي أطلق عليه اسم "قمة الاندماج"، عدد من أئمة المساجد والعلماء والتلاميذ وطلبة الجامعات وغيرهم من ذوي الأصول الأجنبية.

وكان في مقدمة اهتمام هذه القمة مناقشة مشاكل المهاجرين في ألمانيا، الذين يبلغ عددهم 15 مليون مواطناً، بالإضافة إلى التوصل إلى نهج سياسي كفيل بتسهيل عملية اندماجهم في المجتمع، وذلك بعد أن افتقرت ألمانيا لسنوات طويلة إلى سياسة اندماج ناجحة. غير أن الكثير من المسؤولين الألمان وبعض المهتمين يسياسة الاندماج في الولايات الاتحادية والأحزاب المعارضة تساورهم الشكوك حول إمكانية نجاح هذه القمة وتوصلها إلى النتيجة المنشودة.

مشاكل لغوية

يعزي الكثير من المسؤولين الألمان عدم توفر سياسة اندماج ناجحة حتى الآن إلى أسباب يعود أكثرها إلى الأجانب أنفسهم كعدم إلمام الكثيرين من أبناء المهاجرين باللغة الألمانية، التي تعتبر شرطاً أساسياً للاندماج الناجح. الأمين العام للحزب الاشتراكي الديموقراطي هوبيرتوس هايل يضع في هذا السياق النقاط على الحرف بقوله:

"إن الوضع في ألمانيا يشير إلى أن للأجانب فرص تعليمية سيئة وذلك لأسباب عديدة ربما كان أهمها عدم تمكنهم من اللغة الألمانية، حيث أن 18,1 بالمائة منهم لا يحملون شهادة مدرسية، في حين أن لدى 41 بالمائة منهم فقط شهادة إنهاء المدرسة الإعدادية ونسبة الحاصلين على تدريب مهني منهم لا تتعدى 25 بالمائة في حين تصل هذه النسبة لدى الألمان إلى 61 بالمائة."

أما وزير الداخلية الاتحادي فولفغانغ شويبله فيرى أن عدم الإلمام باللغة الألمانية "مسألة يسهل حلها إذا اهتمت عائلات المهاجرين بتعليم أطفالهم اللغة الألمانية في السنوات المبكرة قبل التحاقهم بالمدرسة. وهذه مسؤولية تقع على عاتق الوالدين والمجتمع وعلى الولايات الألمانية أيضا في تقديم عروض تعليمية خاصة، وهي ليست من اختصاص الحكومة الألمانية. أما مسألة تشجيع هذه الأطراف المعنية على بذل المزيد من المجهود بهذا الصدد فهي مسؤولية تقع أيضا على عاتق الحكومة، لاسيما على المستشارة الألمانية."

شويبله يعقد قمته الخاصة

من المعروف أن هناك جدل قائم بين كل من ماريا بومر، مفوضة الحكومة الاتحادية لشئون الاندماج، وبين فولفغانغ شويبله، وزير الداخلية الألماني، حول اختصاصات كل واحد منهم في هذا السياق. وليس من النادر أن تتسم علاقتهما ببعضهما البعض بالبرود، فكل منهما يقول أن قضية الاندماج تقع في حيز اختصاصه، مما يزيد بالتالي من صعوبة التوصل إلى سياسة موحدة خاصة بالأجانب، ونزولاً على القول الألماني المأثور:

"لو وجهت سؤالا واحدا لسياسيين اثنين، فإنك ستحصل حتما على ثلاثة إجابات ذكية على الأقل." سياسي الحزب المسيحي الديموقراطي شويبله لا يبدي هذه الأيام تحمساً يذكر لهذه القمة التي أعدتها منافسته فهو يعتزم بنفسه الدعوة لإقامة مؤتمر للمسلمين في ألمانيا منتصف شهر أيلول/سبتمبر من هذا العام. ويود علاوة على ذلك تأسيس مؤسسة خاصة من أجل إقامة الحوار مع المسلمين في بلاده حول قضايا معينة كإدخال حصص الدين الإسلامي في المدارس وإعداد الأئمة وتقبل المسلمين في ألمانيا للقيم الأوروبية، كما كتبت جريدة فرانكفوتر ألغيماينه تسايتونغ.

شكوك تساور الولايات والأحزاب

غير أن أحداً لا يتوقع في الأوساط الألمانية أن تسفر القمة عن نتيجة كبيرة فعلاً. كما تتعالى الأصوات القادمة من الولايات الاتحادية، التي تعبر عن شكوكها في نجاح هذا المؤتمر. كما هو الأمر لدى رونالد كوخ، رئيس وزراء ولاية هسن من الحزب الديموقراطي المسيحي، الذي صرح في حديث لصحيفة فرانكفورتر ألغيماينة تسايتونغ:

"أنه من الصواب عدم معالجة مسألة اندماج الأجانب في ألمانيا على صعيد الولايات الألمانية فقط"، لكنه أضاف قائلاً: "علينا ألا نتوقع نتائج مبالغ فيها من القمة".

كما أعرب عدد لا بأس به من وزراء داخلية الولايات الاتحادية عن استياءهم من عدم إشراكهم في التحضيرات للقمة من قبل المفوضة ماريا بومر والمستشارة الألمانية، حيث أن المفوضة المكلفة بالتحضير وبالدعوة لهذه القمة لم تشرك سوى وزيراً واحداً فقط هو وزير شئون الاندماج في ولاية شمال الراين ويستفاليا آرمين لاشيت من الحزب المسيحي الديموقراطي أما الأحزاب المعارضة فهي تنتقد هذه القمة وتشكك في نجاحها. كلاوديا روت من حزب الخضر مثلاً تحدثت في هذا السياق عن "قمة تعج بالزيف والخداع".

أما حزب اليسار فيخشى من أن القرارات، التي ستصدر عن هذه القمة، قد اتخذت مسبقا وما على المهاجرين إلا الموافقة عليها فقط.

الدستور الألماني هو القاعدة المشتركة

وفي لقاء أجرته إذاعة دويتشه فيله مع آرمين لاشيت أول وزير لشؤون الاندماج في ولاية ألمانية هي ولاية شمال الراين وستفاليا قال الوزير:

"إن الاندماج يمكن تحقيقه إذا تمتع المجاهرون في هذا البلد بنفس الفرص التعليمية والمهنية كالألمان تماماً. وإذا نجحنا في التوصل إلى ذلك مع الاعتراف بالثقافات المختلفة فإن مشروع الاندماج في بلادنا قد أفلح فعلاً." وأضاف لاشيت إن الدستور الألماني يجب أن يكون القاعدة والقاسم المشترك بين كل من يعيش هذه البلاد.

وأكد لاشيت على واجب الجميع في احترام الدستور الذي اعتبره مقياساً لكل شيء ولا يجوز لأية ثقافة مهما كانت أن توضع في مكانة أعلى منه. أكد وزير شئون الاندماج على أن رسوخ حرية الديانات في الدستور الألماني تجعل من بناء المساجد وإدراج حصص تعليم الدين الإسلامي في المدارس الألمانية حقاً شرعياً للمسلمين. ومن ناحية أخرى لا يجوز مثلاً تزويج البنات دون إرادتهم، لأن ثقافة ما تجيز ذلك، فنحن نعيش سوياً في ألمانيا وعلينا جميعاً أن نحترم المواد القانونية التي تمنع ذلك.

حقوق الطبع دويتشه فيله 2006

قنطرة

التفاعل مع المجتمع ضروري!
يعد دمج المهاجرين في المجتمع الألماني من المهام الرئيسية للحكومة، حسب رأي الوزير أرمين لاشت الذي يتحدث في الحوار التالي أيضا حول الحجاب والسياسة التي راها مناسبة لاندماج الأجانب في ألمانيا.

من يمثل "المسلمون" في ألمانيا؟
يطالب المسلمون المنظمون في اتحادات إسلامية في ألمانيا بالوضع القانوني نفسه الذي يتمتع به ممثلو الدينين اليهودي والمسيحي. ولكن يتحتم على الاتحادات الإسلامية أن تتسم بالمهنية والشفافية في صنع القرار وأن تكرس الوحدة في صفوفها، حسب رأي ريم شبيلهاوس