"تطور العقليات أمر ضروري"

في لقاء بين رئيس وزراء تركيا إردوغان وغونتر فرهويغن، المفوض المسؤول عن توسيع الاتحاد الأوربي، تمكن الطرفان من فض خلافات بشأن إصلاحات القانون الجنائي. في الحوار التالي يتحدث اردوغان عن موقفه من الاتحاد الأوربي

الصورة: أ ب

​​في لقاء بين رئيس وزراء تركيا إردوغان وغونتر فرهويغن، المفوض المسؤول عن توسيع الاتحاد الأوربي، في بركسل تمكن الطرفان من فض خلافات في وجهات النظر بشأن إصلاحات القانون الجنائي. في الحوار التالي يتحدث اردوغان عن موقفه من الاتحاد الأوربي

ما هي توقعاتكم بخصوص موقف بروكسل من بدء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوربي؟

رجب طيب اردوغان: إننا نفعل كل ما بوسعنا من أجل ممارسة تأثير إيجابي على هذا المسار وتوفير الشروط التي تستجيب لمعايير كوبنهاغن. في الوقت الراهن لا توجد أية مشاكل في ما يتعلق بالاصلاح القانوني. وعندما سألت السيد فرهويغن لدى زيارته الأخيرة لتركيا عما ينبغي علينا القيام به من أجل تلبية متطلبات هذه القوانين أجابني بأن تركيا قد قامت بكل ما يجب القيام به. لكن هناك نواقص في مجال التطبيق، وهذا أمر نعلمه نحن أيضا. ذلك أن المسألة تتطلب تغييرا في العقليات، وهو أمر يرتبط بمسار لا بقرار، وطموحنا هو أن نمضي بهذا المسار قدما وبأسرع ما يمكن.

لكن مندوب الاتحاد الأوروبي قد استشهد بتقارير من منظمات حقوق الانسان تؤكد ممارسة التعذيب بصفة منظمة هنا في تركيا. هل يتعلق الأمر هنا بمأخذ لا أساس له من الصحة، وغير نزيه بالمقام الأول؟

اردوغان: هذه المآخذ ليس لها ما يبررها في كل الأحوال. وهي اتهامات لا أساس لها من الصحة. وقد شرعت وزارتنا في إجراء تحقيق في الأمر على عقب هذه الاتهامات. كما حققنا أيضا في هوية الطرف الذي رفع ضدنا هذه الاتهامات. إنها للأسف تصريحات تعيق الخطوات التي تقوم بها تركيا باتجاه أوروبا. و السيد فرهويغن على وعي بهذا الأمر؛ ذلك هو الانطباع الحاصل لدي. إننا ندافع على مبدأ عدم التسامح الكلي تجاه التعذيب، فالتعذيب المنظم شيء لا يمكن تصوره في ظل نظام ديموقراطي.

إلى حد الآن كان هناك في بروكسل نوع من التواطؤ على سر معلن بأنه سيكون هناك جواب بالإيجاب يوم السادس من أكتوبر/تشرين الأول القادم بشأن الدخول في مفاوضات حول انضمام تركيا. لكن فجأة يبرز النزاع حول ملف الاصلاحات بخصوص مسائل القانون الجنائي، الذي جمد الآن. فكيف ترون وضع الأشياء حاليا؟ هل ستكون هناك إصلاحات في مجال القانون الجنائي؟ وإذا ما تم ذلك، متى، وهل ستتحول هذه الاصلاحات إلى قانون؟

اردوغان: إن القانون الجنائي التركي الجديد لا يمثل جزء من معايير كوبنهاغن. والأمر نفسه ينطبق مثلا على المشروع القانوني الخاص بمحاكم الاستئناف الجهوية وقانون تحقيق الجنايات الجديد أو قانون تنفيذ الأحكام أيضا؛ كلها لا تمثل جزء من معايير كوبنهاغن. إنها إجراءات تحضيرية اتخذناها من جهتنا كخطوات باتجاه الاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق لا ينبغي على المرء أن ينسى أنه لا يوجد إلى حدّ الآن لدى الاتحاد سوى دستور أوروبي مشترك، ليس إلا. فالاتحاد الأوروبي لا يملك قانونا جنائيا مشتركا. وإصلاح قانوننا الجنائي هو بمثابة خطوة اتخذناها بمحض إرادتنا الخاصة. وأنا على قناعة بأن أصدقاءنا الأوروبيين سيقدرون عملنا هذا حق قدره.

ومع ذلك فهناك فقرة يدور حولها الخلاف بصفة خاصة؛ فقرة واحدة في الحقيقة، وهي تلك التي تجعل من الخيانة الزوجية جناية يعاقب عليها القانون. هل هذه بالنسبة لكم مسألة لا يمكن التخلي عنها؟ أم أنه سيكون بإمكانكم إزالة مثل هذه الفقرة من قائمة الاصلاحات إذا ما أصرت بروكسل على ذلك؟

اردوغان : هذا القانون الجديد يتكون في مجمله من 346 فقرة. وبالتالي فإنه لا يمكن الحكم عليه عن بعد بمثل هذه السهولة. كما أنه لا ينبغي حصر النقاش في موضوع الزنا. إن التقاليد تمثل مسألة مهمة بالنسبة لنا داخل حزب العدالة والتنمية(AKP). نحن نمثل القيم المحافظة وهذه المبادئ يعبر عنها برنامج حزبنا وكذلك برنامجنا الحكومي. ذلك هو أيضا الغرض من وراء هذه الفقرة القانونية؛ وهو ما يعني حماية وتوطيد دعائم العائلة.

إن العائلة هي العامل المحرك الأكثر حيوية في مجتمعنا التركي. مع العلم أن هذا البند القانوني موجود منذ سنة 1926 حتى 1996، لكنه في ما مضى كان موجها ضد المرأة. بينما القانون الجديد يعامل المرأة والرجل على قدم المساواة في حالة تقديم شكوى من أحد الطرفين عند حصول خيانة زوجية تستوجب حكما بالعقاب. وتكون نوعية الحكم مناسبة.

هل تمارس عليكم بروكسل ضغوطات كثيرة في الوقت الحالي؟

اردوغان: لا أحد فاتحني في هذا الموضوع. وعندما كان السيد فرهويغن هنا سألته كما يلي: هل ينبغي على تركيا القيام بالمزيد ؟ فأجابني: لا. أما في ما يخص وضع الاصلاح القانوني موضع التطبيق فهنالك بطبيعة الحال نواقص واضحة. لكننا نعلم بذلك من جهتنا أيضا. وقد ذكرنا موضوع الخيانة الزوجية، وقد كان جواب السيد فرهويغن أن هذا الموضوع لا علاقة له بتقرير اللجنة حول التطورات الحاصلة. لكنه قال أيضا إن موضوع الزنا قد يكون له تأثير على القرار بخصوص انطلاق المفاوضات. والآن يبدو لي أنه ينبغي علينا أخيرا أن نضع حدا لهذا النقاش. هناك 25 عضوا لا يستجيبون كلهم لمعايير كوبنهاغن، ومع ذلك فهم أعضاء في الاتحاد الأوروبي.

بعثت أنجيلا ميركل زعيمة المعارضة الألمانية برسالة موجهة إلى رؤساء الأحزاب ورؤساء الدول عبرت فيها عن معارضتها لعضوية تامة الشروط لتركيا داخل الاتحاد الأوروبي. وحزبكم ؛ حزب العدالة والتنمية ينتمي بالنهاية لعائلة الأحزاب المحافظة هو أيضا، فهل خاب ظنكم في السيدة ميركل؟

اردوغان: إنه يصعب علي فهم موقف السيدة ميركل، هي التي تدعو إلى التفهم خلال محادثاتنا. إن علاقة شراك امتيازية مع الاتحاد الأوروبي أمر غير مقبول. من يستجيب لمعايير كوبنهاغن بإمكانه أن يشرع في مفاوضات الانتماء. والأمر لا يتعلق هنا بعد بعضوية تامة الشروط، بل ببدء المفاوضات حول الانتماء.

ومن هنا ينبغي أن يتخذ قرار نزيه لوضع مسار المفاوضات على طريق التطبيق. وإذا ما لم يكتب لهذا المسار أن يوضع موضع التطبيق فإنه سيكون علينا أن نستخلص النتائج الخاصة بنا وأن نقوم بالخطوات اللازمة على ضوء هذه الخلاصات. و أريد أن أؤكد هنا على أننا نسعى لتحقيق مستلزمات معايير كوبنهاغن خدمة لمصالح شعبنا بالمقام الأول، لكن إذا ما توصلنا إلى قرار سلبي، وهو ما لا أعتقده شخصيا، فإننا سنحدد الأمر بمعيار أنقرة ونمضي في طريقنا الخاصة.

أجرى الحوار ألكسندر كوداشاف، دويتشه فيلله 2004
ترجمة علي مصباح