رسالة مفتوحة إلى حركة السلام

يتخذ معظم العراقيين في المنفى موقفا متحفظا من نشاط حركة السلام التي تعادي الحرب غلى العراق. فهم يرون أن المنظمات الفاعلة في الحركة بالإضافة إلى المشاركين في المظاهرات لا يشيرون بالقدر الكافي إلى جرائم النظام العراقي. كاظم حبيب، الذي يقيم في برلين، وجه رسالة مفتوحة إلى عنوان حركة السلام الألمانية

كاظم حبيب

رسالة مفتوحة إلى حركة السلام في ألمانيا

السيدات والسادة المحترمين،
أود بداية باسمي ونيابة عن كثير من العراقيات والعراقيين أن أعرب لكم عن خالص شكري لجهودكم البارزة، ومناهضتكم للحرب الوقائية المحتملة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ضد العراق. وقد كانت المظاهرات قبل وبعد 2003.2.14 في ألمانيا، وأوربا، وكافة أرجاء العالم، ولا تزال علامة هامة تجسد رفض الحرب كأسلوب لحل المشاكل والصراعات.

أجريت مؤخراً العديد من المناقشات مع شخصيات قيادية في حركة السلام، وشاركت في العديد من اللقاءات والمظاهرات. ويرى كثير من المتحاورين أن معي ومع العديد من العراقيين الآخرين الحق في القول بارتباط وثيق لا ينقطع بين السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان. وهذا يعني أن تظاهر المرء ضد الحرب في بلد يحكمه دكتاتور، يستوجب إدانة المرء لنظام الحكم الاستبدادي هذا وأن يتآزر مع شعب هذا البلد، الذي يكافح من أجل نيل حريته وأن ينعم بالديمقراطية وحقوق الإنسان. إلا أنني لاحظت أثناء المظاهرات بصفة خاصة، أن جزءاً كبيراً من مناصري السلام، والعديد من القوى ذات التوجه اليساري اقتصرت على المناداة بالسلام، ورفضت أية لافتات تدين النظام الاستبدادي في العراق. ولم تنبس بكلمة واحدة عن المستبد صدام حسين، المسئول عن مقتل أكثر من اثنين مليون إنسان في العشرين عاماً المنصرمة، وعن تشرد 3,5 مليون طردوا خارج العراق. بل ويعتبر البعض أن النظام الحاكم في العراق معاد للإمبريالية، وينسون الحروب التي شنها، وإبادة مئات الآلاف من أعضاء قوى المعارضة والمتعاطفين معهم سواء العرب أو الأكراد، الذين كان بينهم أكراد فيلية، والآشوريون، الكلدانيون، والتركمان. كما ينسون أيضاً أن النظام الحاكم هو السبب وراء احتلال القوات الأمريكية والإنجليزية منطقة الخليج وفرض سيطرتهما عليها. ولهذا أتوجه بهذا الخطاب المفتوح إلى كل محبي السلام في ألمانيا، من أجل طرح رأيي هذا- الذي يشاطرني إياه العديد من العراقيات والعراقيين أيضاً- بشأن مسألتين، للمناقشة.

.I

بعد جريمة 11 سبتمبر/ أيلول 2001 المروعة بوقت قصير، اتخذت إدارة بوش قرار شن الحرب على العراق. ومنذ ذلك الوقت تجري الاستعدادات وتعبئة القوات المسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية وإنكلترا على قدم وساق. إن هذه الحرب هي أحد أجزاء استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية السياسية والاقتصادية والعسكرية الجديدة في القرن 21. ويبدو لي حتى اليوم أن إدارة الولايات المتحدة وحلفاءها لا يريدون إلا شيئاً واحداً، ألا وهو الحرب. لماذا تريد إدارة الولايات المتحدة الأمريكية شن الحرب، مهما كانت التكاليف؟

استناداً إلى تحليلي وتأملي، تريد الولايات المتحدة الأمريكية تحقيق الأهداف التالية:

1. تحاول الولايات المتحدة الأمريكية استعمال الحظر والحروب كأداة في سعيها إلى فرض السيطرة من خلال سياستها العالمية والنظام العالمي الجديد. وترمي إلى جعل هذه الحرب سابقة للتصرف مع دول أخرى، تبررها مثلاً بما يسمى "محور الشر".
2. سياستها الجديدة المتغيرة هي: شن الحرب الوقائية. وتريد الولايات المتحدة أن تستقل بالفعل بمفردها في سياسة العالم، وتمشياً مع هذا يجب إنهاء دور منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن أو الحد منه.
3. السيطرة على منطقة الخليج والشرق الأدنى بالكامل وإملاء سياستها عليهما.
4. سيستمر احتلال العراق سنوات طويلة نظراً لوقوعه في منطقة جغرافية استراتيجية هامة في الشرق الأدنى. ويصلح العراق سياسياً وعسكرياً، من حيث طبيعة سكانه العلمانية المنفتحة، لإستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأدنى أكثر من دولة دينية كالمملكة العربية السعودية.
5. السيطرة التامة على البترول واستخراجه وتوزيعه وأسعاره وإنهاء دور منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وتصفيتها.
6. احتكار تصدير الأسلحة والقضاء على كل المنافسين الآخرين في الشرق الأدنى.
7. تتيح الحرب فرصة جيدة لاختبار أحدث الأسلحة الأمريكية وأكثرها تطوراً.
8. تفكر شركات احتكار البترول والحكومة الأمريكية منذ زمن ليس بالقصير في كيفية إنهاء اعتمادها على بترول المملكة العربية السعودية، ولكن دون الاستغناء عنه بأي حال من الأحوال، وفي هذا السياق يلعب بترول العراق دوراً هاماً. تمتلك السعودية 21% من احتياطي البترول في العالم. ومن المعلوم أن العراق يمتلك 11% من هذا الاحتياطي. هذا إضافة إلى ما تتناقله وسائل الإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية من أن السعودية تقدم الدعم المالي للإرهابيين الإسلاميين في كل أرجاء العالم. حيث قُدم للإرهابيين منذ عقد الثمانينات، وتعاوناً مع الولايات المتحدة الأمريكية وباكستان، دعماً متعدد الجوانب.

إن ملايين البشر ضد الحرب، لأنهم يعلمون تماماً أن الحرب لا تحل مشكلة، وإنما تعقدها وتخلق مشاكل جديدة. ولا يجب أن تصبح الحرب أسلوباً لحل المشاكل السياسية، أو الاقتصادية، أو العرقية، أو الدينية. وفضلاً عن ذلك، فإن إسقاط النظام العراقي هو واجب الشعب العراقي وقواه المعارضة وحدهما فقط.

1. ستسبب الحرب دماراً عظيماً للاقتصاد والصناعة وكامل البنية التحتية العراقية. وستشكل عواقب الحرب كارثة أكبر بالنسبة للسكان. وبعض أمثلة ذلك هي ضرب هيروشيما، وناغازاكي، ودرسدن، وفيتنام، والعراق أثناء حرب الخليج الثانية، ويوغوسلافيا، وأفغانستان بالقنابل.
2. تهدد الحرب انتصارات ومكاسب الشعب الكردي في كردستان العراق، مما يعني انتكاس إلى مستوى أوضاع الأكراد في تركيا وإيران.
3. لا يمكن في موقف صراع استبعاد احتمالية استعمال النظام العراقي الأسلحة الكيماوية والبيولوجية ضد شعبه، كما لا يمكن، بنفس القدر، استبعاد احتمالية استعمال الولايات المتحدة الأمريكية أسلحة محرمة.
4. لن تضعف الحرب من المكافحة العالمية الجماعية للأصولية والإرهاب، وإنما ستضرم فيها النار وتوسعها. ويجب رغم ذلك التأكيد على أن الحرب هي نفسها أسوأ عمل إرهابي ضد السكان.
5. يمكن أن توفر الحرب أيضاً وضعاً ملائماً لدخول القوات العسكرية التركية شمال العراق لتحقيق سياستها التوسعية القديمة. وهذا يعني مشاكل جديدة للشعب العراقي، بل وللشعب الكردي أيضاً في العراق.
6. يمكن، علاوة على ذلك، أن توفر حرب كهذه تربة خصبة ومنبعاً جديداً للأصولية وللإرهاب.

إنني أقف في صف الأطفال والنساء والرجال العراقيين، وملايين البشر في عالمنا، الذين يكافحون من أجل الغايات التالية:

1. يجب أن يحصل مفتشو الأمم المتحدة على وقت أكثر وكاف لمتابعة البحث عن أسلحة الدمار الشامل.
2. يلزم تجنب أن تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دوراً منفرداً لحل هذه المشكلة، حيث لا يمكن ولا يجب أن تقوم جهة أخرى سوى مجلس الأمن بالأمم المتحدة بحل المشكلة سلمياً عن طريق:
o إزالة أسلحة الدمار الشامل،
o إنهاء الحظر،
o وإقرار الديمقراطية وحقوق الإنسان.
3. تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 688 من عام 1991 بشأن المطالبة بالتخلي عن الإرهاب والحفاظ على حقوق الإنسان في العراق.
4. الدعم الشامل للمعارضة العراقية المناهضة للحرب في كفاحها العادل من أجل دولة عراقية ديمقراطية اتحادية استناداً إلى مبادئ المجتمع الديمقراطي المدني الحديث.
5. الدعوة لعقد مؤتمر دولي حول العراق تحت رعاية الأمم المتحدة وبمشاركة المعارضة العراقية الديمقراطية بغرض تجريد النظام الاستبدادي من سلطاته سلمياً، وإقامة أوضاع ديمقراطية حقيقية وبهذا يمكن تجنب الحرب والحرب الأهلية.

II. ملايين العراقيات والعراقيين يترقبون تضامن حركة السلام معهم في كفاحهم ضد النظام المستبد في العراق.

تمكن حزب البعث الاشتراكي العربي، كما هو معلوم لكم، من تولي زمام الأمور للمرة الثانية عام 1968، ولا تزال في قبضته حتى يومنا هذا. واتبع النظام الحاكم منذ عام 1968 وحتى 1990 سياسة متناقضة. فكان من جهة نظاماً مستبداً غاشماً في سياسته الداخلية التي تستهين بالمواطنين، وانفتح من جهة أخرى، في سياسته الخارجية الاقتصادية على الشرق وعلى الغرب أيضاً. وكان يستهدف من هذا ثلاثة أشياء:

1. حاول النظام من خلال سياسته الإرهابية داخلياً القضاء على الأحزاب المعارضة والأشخاص ذي الفكر المختلف وإبعادهم عن الساحة السياسية في العراق.
2. إخفاء سياسته المستبدة الغاشمة في الداخل وشراء تكتم الشرق والغرب.
3. إقامة ترسانة أسلحة

إن النظام الحاكم في بغداد اليوم هو نظام يستخف بالإنسان. يداه ملطختان بدم ملايين البشر، بحيث يمكن للمرء أن يقول دون تحفظ أن كل حقوق الإنسان الأساسية الواردة في الإعلان العام لحقوق الإنسان قد ألغيت في العراق، سواء السياسية منها أو المدنية. ولم يُسلب الشعب العراقي حريته الأساسية فقط، بل وحقوقه في الحياة والحرية والكرامة والأمن. فالإنسان واقع في كل لحظة من حياته تحت رحمة جلادي النظام. وزج بأكثر من 200000 مواطن في السجون ما بين عامي 1972- 1990 بسبب السياسة الداخلية الإرهابية. وكانوا من أعضاء الأحزاب الشيوعية، والديمقراطية، والوطنية، والقومية والدينية، وكذلك أتباع الأقليات. وقد قتل منهم الكثير. وقامت حملة في نفس الوقت خاصة على العرب الشيعة في وسط وجنوب العراق، وعلى الأكراد الفيلية، وتم بسببها ترحيل 500000 إنسان إلى إيران.

أبرم النظام عام 1975 اتفاقية مع شاه إيران وبمساندة من الولايات المتحدة الأمريكية. وفي المقابل قام الجانب العراقي بتقديم تنازلات في مسألة الخلاف الحدودي في جنوب العراق. ونتيجة لذلك أوقف الجانب الإيراني دعمه للأكراد في شمال البلاد. وبذلك أمكن تحطيم حركة التحرير الكردية المسلحة. وهرب عشرات الآلاف من الأكراد (رجال ونساء وأطفال) إلى إيران. واضطر من بقي من الأكراد إلى الاستسلام وتسليم أسلحتهم إلى الحكومة العراقية. وانتهى الأمر بكثير منهم في السجون أو لقوا مصرعهم.

شن النظام العراقي عام 1988 عمليات عسكرية دامت 8 شهور ضد الشعب الكردي والأقليات القومية في كردستان العراقية، استعملت فيها الأسلحة الكيماوية أيضاً، ونتج عنها مصرع 5000 إنسان وإصابة الكثير. وتم خلال هذه العمليات، علاوة على ذلك، ترحيل 182,000 إنسان. وعُثر حتى الآن على عدد من المقابر الجماعية في مواقع مختلفة في كردستان العراقية. هذا بالإضافة إلى ترحيل وقتل 8000 شخص من عشيرة البرزاني، وهدم 4250 قرية في كردستان وتسويتها بالأرض.

وإلى جانب هذا كله فإن السياسة الاقتصادية للصفوة الحاكمة ليست عقلانية أو عادلة بأي شكل من الأشكال. إذ عكفت سياستها على إنتاج واستيراد الأسلحة التقليدية، بدلاً عن استيراد المواد الغذائية والأدوية للشعب.

تبيع الحكومة كميات كبيرة من البترول في السوق السوداء، وتصرف عائدها في التسليح، وبناء قصور جديدة ومساجد، كما تنفق منها على الصفوة وأجهزة الأمن. ونتيجة لهذه السياسة وبسبب الحظر فإن 70% من إجمالي العراقيين القادرين على العمل دون وظائف حالياً. كذلك فإن رواتب ودخل أسر كثيرة منخفض تماماً بحيث لا تكفي سوى 10- 15 يوم، بل وتضطر بعض الأسر إلى إرسال أولادها إلى الشارع لاكتساب بعض المال، ولا يكاد هؤلاء الأطفال يجدون الوقت للذهاب إلى المدرسة.

وتبيع كثير من الأسر بطرق غير مشروعة أعضاءها إلى المستشفيات لتتمكن من ثمنه شراء أدوية ومواد غذائية. كما باعت أسر عدة حتى أولادها للحصول على بعض المال للمعيشة من جهة، وربما أمكن للأطفال من جهة أخرى الحصول على فرصة أفضل للحياة.

ويعد إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على استمرار فرض الحظر انتهاكاً خطيراً ومستمراً لحقوق الإنسان. حيث يتضح من متابعة تقارير الأمم المتحدة وفاة 600.000 طفل منذ عام 1991 وحتى اليوم نتيجة للحظر. كما مات العديد من النساء والرجال المسنين والمرضى بسبب نقص المواد الغذائية، والأدوية، والأجهزة الطبية والرعاية الصحية. هذا إضافة لحوالي مليون طفل وكثير من المرضى والمسنين الذين يعتبرون على وشك الموت. وقالت وزيرة خارجية الولايات المتحدة السابقة مادلين أولبرايت، إنه إذا مات كل شهر 5000 طفل فقط بسبب الحظر على العراق فإن هذا الثمن يمكن تحمله لمواصلة فرض الحظر.

لا يحقق برنامج "البترول مقابل المواد الغذائية" إلا حد الكفاف للإنسان، ولمدة محدودة فقط تصل إلى 15 يوم في الشهر، أما بالنسبة لبقية أيام الشهر فعلى كل إنسان أن يشترى البضائع بنفسه في السوق وبأثمان باهظة. خلاصة القول أن معاناة الناس في العراق لا تطاق وتزداد سوءاً بشكل مأساوي.

تولى صدام حسين السلطة المطلقة في البلاد عام 1979، وقتل على التو كثيراً من رفاقه في الحزب وأعضاء القيادة في مذبحة دموية ، وشمل ذلك أيضاً الشيوعيين والإسلاميين. ثم شن حرباً عام 1980 على نظام حكم الآية الله الجديد في إيران. وتلقى النظام العراقي خلال هذه الحرب التي دامت 8 سنوات أسلحة حديثة ودعم لوجستيكي ومادي وسياسي من دول كثيرة، ومن الولايات المتحدة الأمريكية بصفة رئيسية. وخلفت هذه الحرب مليون قتيل تقريباً، وأكثر من ذلك من الجرحى وكثيراً من المعوقين. وحققت شركات التسليح العملاقة والدول المصدرة للأسلحة مكاسب من الطرفين، أي من العراق وإيران، بلغت المليارات. ولم تقم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، وفرنسة، والدولتين الألمانيتين، وبريطانيا العظمى، وإسبانية وغيرها بمجرد توريد السلاح، بل وتقنيات حديثة لبناء وإنتاج الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل. وتلقى النظام العراقي في محاولاته التوصل إلى أسلحة تقليدية حديثة وأسلحة الدمار الشامل دعماً مستمراً من دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسة، وكلتا الدولتين الألمانيتين، ودول اشتراكية أخرى. وبلغت نفقات النظام في الأغراض العسكرية في هذا الوقت 253 مليار دولار أمريكي. وبواسطتها بدأ تنفيذ سياسته الخارجية العدوانية.

في 1990.8.2 هاجم صدام حسين الكويت. وشجعته على هذا بطريقة غير مباشرة السيدة أبريل سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في بغداد. وبعد ذلك بوقت قليل 1990.8.6 تم إعداد مشروع القرار رقم 661 من قبل مجلس الأمن بفرض الحظر على العراق. وهكذا أصبح سيناريو حرب خليج ثانية محتوماً.

بدأت حرب الخليج الثانية يوم 1991.1.16 واستمرت 42 يوماً فقط، وكلفت الشعب العراقي حياة 110000 جندي، و15000 مدني، و 35000 ممن لقوا حتفهم أثناء قمع تمرد 1991 من طرف النظام، وهدم آلاف المنازل والمدارس، وأصبح 100000 بلا مأوى، وعدة مئات المليارات من الدولارات. استعملت الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الحرب أحدث الأسلحة التقليدية، وأيضاً الطلقات المخصبة باليورانيوم (يورانيوم D.U مستنفذ، من مخلفات صناعات اليورانيوم). وألقى الجيش الأمريكي 227165 نوعاً مختلفاً من القنابل والصواريخ على المدن والقرى العراقية. كما تم أيضاً إشعال 700 حقل بترول. وترتب على استخدام تلك الأسلحة ارتفاع نسبة المواليد المشوهة، وأمراض جديدة غير معروفة، وخاصة في جنوب العراق. إضافة لهذا تسببت الحرب في كارثة بيئية في العراق لا يمكن تصورها.

تكره غالبية الشعب ذلك النظام الاستبدادي المعزول عنه. وتمكن صدام حسين من البقاء في السلطة هذه المدة الطويلة عن طريق:
1. الأحكام العرفية العسكرية السارية في البلاد بشكل مستمر،
2. وجود خمسة أجهزة مخابرات مختلفة تراقب الشعب دائماً، ومن خلال مساندة حزب البعث والنقابات الموالية للنظام وغيرها من المنظمات الجماهيرية،
3. الحماية التي يوفرها حرس القصر وفدائيو صدام،
4. الحماية التي توفرها وحدات الجيش المعسكرة في بغداد،
5. تطبيق أساليب ضغط وتعذيب مختلفة. وأفكر هنا في إهانة كرامة الإنسان، والتعذيب حتى الموت، والطرد خارج البلاد، وأخيراً
6. من خلال سلطته الآمرة، حيث لا توجد قوانين في العراق
7. عن طريق مساندة النظم الاستبدادية في الدول العربية.
8. من خلال قوى المعارضة المضعفة نتيجة عشرات السنين من سياسة النظام الوحشية.

وأود أخيراً الإعراب عن أملي في أن تعيد حركة السلام في ألمانيا وفي العالم أجمع الصلة بين السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان إلى نصابها، لأنه لا وجود للديمقراطية، أو حقوق الإنسان أو العدل دون سلام. كما لا وجود لسلام دائم دون ديمقراطية وحقوق إنسان.

وتفضلوا بقبول فائق التحية
كاظم أ. حبيب
برلين في 7/3/2003م

ترجمة مصطفى السليمان

كاظم حبيب (1935) كاتب وسياسي عراقي، درس الاقتصاد في برلين، عمل أستاذا في جامعات عراقية وجزائرية، من مؤلفاته: ساعة الحقيقة (مستقبل العراق بين النظام والمعارضة) 1995، المأساة والمهزلة في عراق اليوم (2000)، العولمة من منظور مختلف (2003).