مهرجان لوديف المتوسطي

مهرجان صوت المتوسط الذي يقام كل عام في بلدة لوديف في جنوب فرنسا ويشارك فيه شعراء ينتمون إلى حوض البحر الأبيض المتوسط استضاف هذا العام شعراء من مختلف الدول العربية ومن إسرائيل. تقرير صالح دياب عن الحوار الشعري العربي الإسرائيلي المتوسطي

شعار مدينة لوديف

​​

في فعالية هذا العام شارك شعراء فضلا عن مغنين وكوميديين وغير ذلك من الأجناس الفنية. ويتقدم المهرجان سنة بعد أخرى على صعيد قبوله والمشاركة فيه من قبل الشعراء العرب، خصوصا لدى الجيل الجديد من الشعراء العرب، رغم مشاركة الشعراء الإسرائيليين.

التنديد بالمشاركين من قبل بعض الصحفيين والكتاب العرب لا يقع إلا على الشعراء الشباب، فيما لا يجرؤ أحد على التنديد بمشاركة شعراء لهم حضورهم الشعري والثقافي مثل سعدي يوسف وبسام حجار وقاسم حداد وعبده وازن وعباس بيضون إلخ.

وسنة بعد أخرى تحدث بعض المفارقات ويقوم بها بعض الشعراء العرب مثل الإعتذار عن المشاركة قبل أيام من موعد المهرجان رغم قبولهم السابق أو عدم المجيء وعدم الإعتذار أو المجيء وعدم حضور الفعاليات الشعرية والقيام بفعاليات سياسية، كما حصل في دورة عام 2002 حيث طلب أحد الشعراء السوريين من المشاركين التوقيع على عريضة من أجل التضامن مع فلسطين.

والمفارقة التي لم ينتبه إليها هذا الشاعر هي أن نصف الموقعين كانوا ذوي أصول يهودية، هو الذي ادعى لاحقا بأن لاعلم له بوجود شعراء إسرائيليين مشاركين وإلا لما كان قد شارك.

من جهة أخرى يصرّ شعراء كثر على حضور المهرجان قائلين لايعقل أن يتغيّب الصوت الشعري العربي عن كافة المهرجانات الدوليّة الشعرية لمجرد مشاركة شعراء إسرائيليين هم على الأغلب من أنصار السلام.

في دورة هذا العام شارك في المهرجان من فلسطين أنس العيلي وطارق الكرمي ومن سوريا فرج بيرقدار ومرام المصري ومن ليبيا عبد السلام العجيلي ومن تونس آمال موسى ومن لبنان عقل عويط وجمانة حداد ومن مصر غادة نبيل وغيرهم.

كما شارك شاعران إسرائيليّان هما إسرائيل باركو هاف من يهود العراق وياروم فيرت المولود في القدس. الأول كان فخورا بإصوله العراقية الغائرة في التاريخ وقد كان يفتتح كلّ قراءاته الشعرية بقصيدة عن الشاعر الفلسطيني محمود درويش رمز الشعب الفلسطيني بحسب تعبيره.

أما الشاعر الثاني فقد نظّم عددا من فعاليات السلام لعل أشهرها تلك المسيرة التي ضمت حوالي عشرة آلاف شخص وانطلقت من حدود لبنان حتى مدينة القدس.

ياروم فيرت هو الآخر كان يفتتح قراءاته الشعريّة بقصيدة عن صديقه الفلسطيني خليل من رام الله. قصيدة تعبر عن التضامن مع الشعب الفلسطيني عبر خليل الذي يسأل صديقه الشاعر عن حالته تحت القصف راغبا الاطمئنان عليه خائفا من أن يكون قد مات في عملية شعرية ساخرة تحيل على شدة القمع والبطش الواقعين على الشعب الفلسطيني ممثلا بخليل.

ياروم يعشق اللغة العربية ويعتبرها لغته الأم الثانية. وبرأيه لايحق له إلا أن يتكلمها ومن هنا فقد وضع عنوانا لإحدى مجموعاته الشعريّة وطبعه باللغة العربيّة إلى جانب اللغة العبريّة.

كثير من الشعراء العرب الذين ينددون بمهرجان لوديف الشعري المتوسطي ينتمون إلى جيل الستينات ويعملون في مؤسسات تابعة لدولهم ويخافون على وظائفهم.

والذي لا يمكن فهمه هو خوف بعض الشعراء من فقدان أعمالهم بينما دولهم تقيم علاقات مع إسرائيل. لكن يمكن هنا تسجيل تراجعا في مواقف الشعراء السوريين ومشاركتهم في المهرجان هذا العام وفي دورات سابقة وقدومهم من الداخل من بلد ليس في حالة سلام مع إسرائيل، إضافة إلى حضور شاعرات في الدورة الأخيرة من البحرين والسعودية نتيجة لتغيير المناخ السياسي في المنطقة.

ورغم استمرر تهجم انحاد الكتاب العرب على المهرجان، فإن مهرجان لوديف المتوسطي يضع الشعراء العرب على المحك إذا ما كانوا يرغبون في إيصال صوتهم الشعري عابرين فوق النزاعات والحروب والمواقف السياسية المتطرفة وعدم الانسحاب من المهرجانات الأدبية الدولية لمجرد مشاركة شعراء إسرائيليين هم على الأغلب ناشطو سلام.

مهرجان لوديف المتوسطي الشعري يسعى إلى الحوار الشعري وجمع دواخل المتوسطيين عبر الشعر وهذا ماينجح في تحقيقه دورة بعد أخرى

صالح دياب، قنطرة 2004

موقع مهرجان لوديف هنا