قضايا المرأة بحس أنثوي سينمائي خاص

في حدث فريد من نوعه وبالتعاون مع معهد غوته في مدينة رام الله انطلقت أعمال مهرجان سينما المرأة في فلسطين "شاشات" بعدد من الأفلام لمخرجات سينمائيات شابات عربيات وأجنبيات. بعض هذه الأفلام التي حملت عناوين مثل "حب على الموبايل" تحاول أن تصور واقع المرأة الفلسطينية والظلم الذي يلحق بها في مجتمع ذكوري أبوي. مهند حامد في حوار مع مديرة المهرجان الدكتورة علياء ارصغلي.

 مشروع بوح، نتاج مثمر بين شاشات ومعهد جوته، الصورة: مهند حامد
المهرجان يقدم أفلاما وثائقية وروائية متنوعة لمخرجات شابات فلسطينيات وأخريات عربيات وأجنبيات

​​ هل لكِ أن تعطينا نبذة عن مهرجان سينما المرأة في فلسطين "شاشات"؟

علياء ارصغلي: هذا المهرجان يهدف إلى إظهار إبداع المخرجات السينمائيات الفلسطينيات على وجه الخصوص وتعريف الجمهور بأعمالهن السينمائية. كما يهدف أيضا إلى جعل المرأة أن تكون صاحبة القرار في العمل السينمائي سواء من حيث شكل العمل الدرامي أم من حيث طبيعة الموضوعات. فهذا المهرجان بشكل عام يقدم أفلاما وثائقية وروائية متنوعة لمخرجات شابات فلسطينيات وأخريات عربيات وأجنبيات، حيث سيتم تقديم 59 عرضا سينمائيا في كافة الأراضي الفلسطينية لسبعة عشر فيلما مشاركا في المهرجان الذي يمتد حتى السابع من ديسمبر/كانون الأول القادم.

وتمتاز هذه الأفلام بالتنوع الكبير فيما بينها، فمثلا يركز فيلم "قمر 14" للمخرجة ساندرا ماضي على حياة بطل فلسطيني في الملاكمة من مخيم البقعة في الأردن، في حين فيلم "خذني إلى أرضي" للمخرجة ميس دروزة هو أشبه بسيرة ذاتية تتم معالجتها بحس نسوي خالص. علاوة على مشروع "بوح" الذي يضم سبعة أفلام قصيرة لمخرجات شابات وإلى غير ذلك من الأفلام.

كيف كان إقبال الجمهور على المهرجان وتقبلهم للقضايا المطروحة في الأفلام؟

ارصغلي: كان هناك تقبل وتفهم كبير للقضايا المطروحة وهذا يفسر الحضور الكبير والمميز للعروض وحفل الافتتاح الذي أقيم في قصر الثقافة في مدينة رام الله الذي حضره نحو 700 شخص. وهذا مؤشر بحد ذاته على كبر المهرجان وتميزه ويعكس كذلك مدى إقبال الشباب على هذه الأفلام ومواضيعها، وكذلك دليل على الشراكة الكبيرة مع الجامعات الفلسطينية والمؤسسات الثقافية التي ساهمت في إنجاح هذا المشروع.

وفي هذا السياق أيضا أعتقد أنه على إدارات المؤسسات الأهلية الثقافية أن تأخذ زمام المبادرة بتكوين الشراكات مع القطاع الأكاديمي لإتاحة الفرصة أمام الجميع للمشاركة بهذه النشطات الثقافية وألاّ تكون حكرا على الأوساط النخبوية في رام الله وبيت لحم والقدس. ولهذا يقع على عاتقنا كمؤسسات ثقافية أهلية أن نقوم بدورنا ولا يجب أن نضع اللوم فقط على الإسرائيليين لهذا التقاعس عن أداء مسؤوليتنا والقيام بواجبنا الثقافي لأننا نؤمن أن الثقافة حق من حقوق الإنسان .

هل يعد مهرجان سينما المرأة في فلسطين حدثا فريدا من نوعه في المنطقة؟

جانب من المشاركات في المهرجان، الصورة: مهند حامد
المهرجان يعرض أفلاما واقعية عن واقع المرأة في العالم العربي

​​ ارصغلي : هذا المهرجان هو الوحيد من نوعه في المنطقة والذي يعقد بشكل دوري، وهناك مهرجان "سلب" في المغرب وهو مهم جدا لأنه أسس سينما المرأة وللأسف المهرجان لا يعقد بشكل دوري وكان من المفترض أن يعقد هذا العام ولكن تم تأجيله، بالإضافة إالى مهرجان "كادر" في مصر للناقد السينمائي الكبير سليم فريد وللأسف أيضا تم إلغاء هذه التجربة.

ونحن كمهرجان عربي سينمائي للمرأة أصبحنا جزءا من شبكه عالمية من سينما المرأة التي اجتمعت في "كرتال " الفرنسية بمناسبة انعقاد الدورة الثلاثين لأقدم مهرجان سينمائي، وكنا الوحيدين من العالم العربي.

هل استطعن المخرجات الفلسطينيات أن يحققن النجاح في العمل السينمائي؟

ارصغلي: بالفعل استطعن إثبات وجودهن من خلال أعمالهن المميزة وكذلك استطعن المنافسة على جوائز دولية، مثل المخرجة غادة الطيرواي عن فلمها القصير "المحطة الأخيرة" الذي تم ترشيحه لجائزة "أمل" للفيلم الوثائقي الذي يعد من أكبر مهرجانات أوروبا.

ما الرسائل التي تودون البعث بها من خلال المهرجان؟

ارصغلي: الرسالة هي أن المرأة قادرة على تناول قضايا مجتمعها بكل جرأة وواقعية، كما أنها لا تتناول قضايا النساء وحسب، بل أيضا المشاكل التي تواجه المجتمع وتساعد في حلها بنظرة خاصة وحساسة وبلغه نسويه سينمائية متميزة، مثل فيلم "شب ولكن" لسندرا ماضي الذي يعرض قضايا الشباب في مخيم البقعة في الأردن.

يشكل مشروع "بوح" نتاج تعاون مثمر بين "شاشات" ومعهد غوته. كيف خرج هذا العمل إلى النور؟

معهد غوته في رام الله، الصورة: مهند حامد
يقوم معهد غوته بعدد كبير من النشاطات الثقافية من أجل التلاقي الفكري وإزالة الأحكام المسبقة

​​ ارصغلي : هذا المشروع الطموح لمخرجات شابات هو في حقيقة الأمر تتويج لمشروع تدريبي جمع بين "شاشات" ومعهد غوته الألماني، حيث يشمل العمل سبعة أفلام قصيرة امتازت بالجرأة والمتعة والطموح. ويمثل هذا تجربة جديدة في الساحة الفلسطينية تستحق التعمق فيها، لأن معظم أعمالنا السينمائية تركز على الظروف السياسية العامة التي نعيشها وننسى أن ننظر إلى أنفسنا ومشكلاتنا الذاتية التي نحن بأمس الحاجة إلى معالجتها. لقد استطاع المشروع أن يذهب لمعالجة قضايا تعتبر "تابوهات" في مجتمعنا مثل النظرة للجنس الآخر، فهذه الأعمال السينمائية النسوية تحاول التعريف بالظلم الذي يقع على الفتاة بوصفها "أنثى" نتيجة أفكار خاطئة في مجتمع أبوي ذكوري.

وتشمل المجموعة أفلاما مختلفة، مثل فيلم "حب على الموبايل" الذي يتعرض لنمط مختلف من العلاقات التي تتم عبر "الموبايل" نتيجة قلة معرفة الجنسين بعضهما بعضا، ونتيجة التردد والخوف من المجتمع الذي يحكم على العلاقات العاطفية العلنية بكل قسوة، وهذا يترتب علية أخطار كبيرة على كلا الجنسين.

وكذلك فيلم "أن قلت آه وإن قلت لا " يتحدث عن عدم التفاهم والحوار بين الأهل والفتيات، وما ينتج عنه من حرمان وقمع للإبداع والطموح لديهن، حيث استطاعت المخرجة الشابة ليالي الكيلاني أن تتمرد على الواقع وأن تكون كما تريد هي أن تكون. بالإضافة إلى فيلم "رموت كنترول " للمخرجة دارا خضرا الذي يتحدث عن تحكم الحبيب في تفاصيل حيات البنات، وفيلم "رهف " "وراء الكواليس "و"علينا يا منديلينا". هذه الأفلام عبرت بطريقة ما عن واقع الشباب والفتيات في فلسطين؛ فنحن لا نستطيع تجاهل هذه القضايا المهمة ومن المفروض أن يتم معالجتها حتى نكون مجتمعا واعيا ينصف المرأة وينتصر لقضاياها.

في ضوء هذه التجربة المميزة، ما هو شكل التعاون القائم بينكم و بين معهد غوته ؟

ارصغلي: معهد غوته يقدم دعما قويا لمؤسسة شاشات وكذلك للمهرجان الذي ننظمه، وفي هذا العام ارتأينا بدلا من إحضار فلم ألماني لعرضه، رأينا أنه من المناسب هذه المرة أن نركز على إنتاج فلسطيني. فكانت هذه الشراكة التي أدت إلى ولادة مشروع "بوح"، فهي شراكه مميزة لأن هناك تفاهما بين المؤسستين وتعاملنا مبني على الندية والاحترام المتبادل، ولا أحد يفرض أجندة على الآخر، وهمنا المشترك التوجه إلى قضايا مجتمعنا. ومعهد غوته في سلم أولياته موضوع الشباب في العالم العربي، بالإضافة إلى إزالة الأحكام المسبقة والصور النمطية.

مهند حامد
قنطرة 2008

"شاشات" مؤسسة أهلية ثقافية تأسست في سنة 2004 وكان الهدف منها التركيز على قطاع سينما المرأة في فلسطين وكذلك تنمية الثقافة السينمائية من خلال تأسيس مكتبة سينمائية متخصصة في ثلاث مدن فلسطينية.

قنطرة
السينما العربية:
هل ستحدد سينما المؤلف مستقبل السينما العربية؟
في السينما العربية بدأ يترسخ شكل جديد هو ما يسمى ب(سينما المؤلفين العربية). وتمتاز أفلامهم بطابعها الشخصي وبالأصالة، سواء من حيث اختيار موضوعاتها أو من حيث الأسلوب. فهل ستحدد هذه الأفلام مستقبل الفيلم العربي؟. تقرير ستيفاني سورِن

السينما المصرية الشابة:
أفلام خريجي معهد السينما في القاهرة تسخر من الديكتاتور والنقاب
ضمن نشاط العروض السينمائية التي ينظمها معهد غوته بالقاهرة خصص المعهد ليلة كاملة لعرض أفلام طلاب المعهد العالي للسينما في مصر التابع لأكاديمية الفنون بحضور عدد من النقاد والعاملين في الحقل السينمائي. تقرير سيد محمود

مقابلة مع المخرجة يمينة بشير شويخ
لكل طريقته الخاصة في التعامل مع الخسارة والحزن
قليلة هي أسماء المخرجات في السينما العربية، لكن أسم يمينة بشير شويخ بالتأكيد قد سجل لنفسه حضورا متميزا. أجرى أمين فارزانفار مقابلة مع هذه المخرجة الجزائرية المهمة.