سعودية تكافح من أجل النساء والأطفال في العالم

ترأس ثريا عبيد صندوق الأمم المتحدة للسكان، منصب قلما تتقلده امرأة. وتكافح عبيد على كل المستويات من أجل تحسين وضع النساء والأطفال. بورتريه بقلم زيغريد ديتلوف وريناتة برنهارد.

ترأس ثريا عبيد صندوق الأمم المتحدة للسكان، منصب قلما تتقلده امرأة. وتكافح عبيد على كل المستويات من أجل تحسين وضع النساء والأطفال.

 ثريا عبيد
ثريا عبيد

​​دعت المديرة التنفيذية ثريا عبيد ثمانية من أقرب العاملين والعاملات في مكتبها إلى جلسة طارئة لدى صندوق الأمم المتحدة للسكان في نيويورك. إنهم فريق عالمي، أغلبه من النساء من سبعة بلدان مختلفة. ميزانية صندوق الأمم المتحدة للسكان الذي ترأسه السعودية ثريا عبيد التي تبلغ من العمر 57 سنة تأتي من مائة من البلدان المتبرعة. يلزم كل بلد نفسه بتقديم مبلغ معين.
من هنا فإن جانبا كبيرا من عمل ثريا عبيد وفريقها هو تشجيع البلدان المتبرعة على الاستمرار في الدفع حتى في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة ورفع مبلغ تبرعها إن أمكن.

لا تبدو ثريا عبيد مثل امرأة مكافحة. إنها تبدو حميمة، منفتحة وإلى حد ما أمومية. إلا أن الرئيس الأميركي بوش وإدارته تعرفوا على المكافحة. فحين شطب بوش ببساطة الدفعة الأميركية إلى صندوق الأمم المتحدة للسكان والتي كانت قد جرت الموافقة عليها، واجهته ثريا عبيد بكلمات واضحة: "بهذه الـ 34 مليون دولار يمكن منع وقوع مليوني حالة حمل غير مرغوب فيه و 77000 من الوفيات بين الأطفال الرضع. سيموت نساء وأطفال بسبب هذا القرار أيها السيد الرئيس." إلا أن بوش رضخ لضغظ الدوائر المحافظة.

ترى ثريا عبيد أنه قد تم مناقشة كل ما هو ضروري كي تستطيع النساء وعوائلهن وأطفالهن العيش حياة تليق بالإنسان قد نوقش بصورة كافية في مؤتمرات مختلفة: "المؤتمرات النسائية لم تكن مؤتمر بكين وحده. كان هناك مؤتمر نيروبي ومؤتمرات سابقة في المكسيك وكوبنهاغن وغيرها، كل هذه المؤتمرات قدمت صورة مثالية حول ما ينبغي أن تكون عليه حياة النساء. لا نحتاج إلى مزيد من تحديد الأطر، ما ينقص الآن هو التنفيذ."

العمل على مواجهة التجاهل والتغلب على المقاومة من أي نوع كان هو قدر ثريا عبيد. حين تسلمت وظيفة المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان من سابقتها الباكستانية نفيس صادق كانت أول امرأة سعودية ترأس منظمة تابعة للأمم المتحدة. منذ ذلك الوقت صارت ثريا عبيد تمثل مطلبها الكبير بتقوية وضع النساء في منظمتها أيضا. حوالي 47% من العاملين في منظمتها والذين يبلغ عددهم 950 شخصا هم من النساء: "إنه جزء من سياستي، ولكن الفضل الرئيس يعود إلى الرئيسة التي سبقتني د. نفيس صادق. لقد عملت من أجل أن تعمل هنا نساء كثيرات، ليس فقط بين المبتدئات، وإنما أيضا في الطوابق الأعلى. المناصب الثلاثة العليا هنا، أنا امرأة، وفي المستوى التالي، في سكرتارية الرئاسة هناك امرأة ورجل. نحن نبذل جهدنا من أجل التكافؤ. وفي الطابق الثاني للرئاسة والأقسام المختلفة تظل النسبة متساوية تقريبا." وهي ترى أن هذا الوضع يؤثر على جو العمل في صندوق الأمم المتحدة للسكان. تعتبر ثريا عبيد النساء قادرات بوجه خاص على خلق روح عمل جماعية تستند إلى الإقناع أكثر مما تستند إلى النظام التدرجي، وتجعل الجميع يعملون في نفس الاتجاه.

هكذا تفكر امرأة من المملكة العربية السعودية، من بلد تعاني فيه المرأة من غبن شديد في جميع المجالات تقريبا، وحيث يحافظ بتزمت على الفصل بين الجنسين أكثر من أي بلد آخر في المعمورة. من أين استمدت هذه الثقة بالنفس في تفكيرها؟ من أين استمدت القوة لترتقي في سلم الوظائف؟ من والديّ، تجيب بعفوية. خاصة من والدها وتفسيره للقرآن تفسيرا منفتحا على العالم يليق بالإنسان: "كان لي أب ذو رؤيا وأم ذات رؤيا. ولكن لو أرادت أمي وحدها أن تفعل شيئا من أجلي ما كانت تستطيع ذلك دون إسناد من أبي. كان أبي رجلا ورعا جدا وملتزما بتطبيق الشريعة، وكان يرى أن التعليم جزء من العقيدة والعلم جانب من العقيدة، ولذلك يتعين على المرء أن يكون متعلما كي يكون مسلما جيدا. وهذا ما يقوله الناس أيضا. وهكذا فقد وفر لي ولأخي نفس التعليم، إلى الحد الذي أراده كل منا."

معززة بهذه العدة سلكت الأم لابنتين، هما الآن راشدتان، طريقا في الحياة يلفت النظر فيما يتعلق بالتحرر والاستقلال والشراكة القائمة على المساواة حتى بالمقاييس الغربية: "آه، لقد تزوجت مرتين. اخترت زوجي الأول بنفسي والثاني أيضا، واتخذت القرارات فيما يتعلق بأطفالي. لدي ابنتان. إنهما الآن راشدتان. تعيشان في إنكلترة، تدرسان هناك."

لقد أدركت المسؤولية الكبيرة التي وضعت على عاتقها منذ ذلك الوقت، إذ كانت في السابعة عشرة من العمر، حين أصبحت بمساعدة والديها أول إمرأة من المملكة العربية السعودية تحصل على منحة للدراسة في الولايات المتحدة الأميركية، وحين سافرت وحدها إلى بلاد الغربة، تعرض والدها للشتم بأنه ترك ابنته تسافر إلى بلد يعمه الفساد. بعد ذلك أصبحت المنح في متناول النساء أيضا. كانت منذ ذلك الحين طلائعية فيما يتعلق بتعليم النساء. وبهذه الروح تنظر ثريا عبيد اليوم أيضا إلى عملها: "لا يزال أمامنا طريق طويل، وأنا أعتقد أن الكل في المملكة العربية السعودية يدرك أن ثمة الكثير مما ينبغي عمله، سن نظام قانوني آخر...إلى آخره. ولكن توجد نساء رائعات في العربية السعودية، أفضل مني كثيرا. إنهن فقط غير منظورات مثلي. إنني أقف بالصدفة في العلن."

بقلم زيغريد ديتلوف وريناتة بيرنهارد، دويتشه فبلله 2003

ترجمة: سالمة صالح

موقع صندوق الأمم المتحدة للسكان في الإنترنت: www.unfpa.org