جنود الجيش الألماني المسلمون...توفيق بين الدين والوطن

تشير التقديرات إلى وجود حوالي ألف مسلم بين قوات الجيش الألماني التي يبلغ قوامها 250 ألف جندي. ويشكل شهر رمضان تحدياً بالنسبة للجنود الألمان المسلمين الذين يبذلون مجهوداً مضاعفاً للتوفيق بين عملهم وواجبهم الديني.

شوقي عقيل جندي ألماني برتبة رقيب في الكتيبة اللوجيستية للجيش الألماني، ويأخذ على عاتقه مسؤولية جنود آخرين خلال عمليات نقل المواد. لذلك "لا يمكنه تحمل وزر خطأ ناتج عن ضعف التركيز"، كما يقول الجندي المسلم الذي يبلغ من العمر ثلاثين عاماً. وهو أمر ممكن الحدوث خلال الصيام في شهر رمضان، الذي يصبح فيه تحمل الجوع والعطش في فصل الصيف أمراً صعباً.

قرار صعب

ويؤكد عقيل على أن الصيام يصبح مضنياً بشكل خاص خلال المهمات الخارجية. ويقول الجندي الألماني إنه "لم يستطع خلال تواجده في أفغانستان أن يقنع نفسه بالصيام". ويبرر عقيل ذلك بكون الجندي الألماني هناك لا يكون في مواجهة القيظ الذي لا يُحتمل، والإجهاد النفسي والبدني فقط، بل ويجب عليه أيضاً مراعاة الثقافة الأجنبية لبلد الاستقبال.

وغالباً ما يكون الالتزام بفريضة الصوم قراراً صعباً بالنسبة للجنود الألمان المسلمين، الذين يقررون في نهاية المطاف بشكل شخصي القيام بذلك من عدمه. فهم يكونون من جهة بين سندان وجوب الصوم باعتباره أحد أركان الإسلام، وبين مطرقة المشاكل الصحية التي يمكن مواجهتها في بعض الحالات القصوى.

جنود من الجيش الألماني في مهمة خارجية يبحثون فيها عن الألغام في شمال أفغانستان. Picture alliance
جنود من الجيش الألماني في مهمة خارجية يبحثون فيها عن الألغام في شمال أفغانستان: يقول الرقيب شوقي عقيل إن الصيام يكون مضنياً بشكل خاص خلال المهمات الخارجية لذلك فهو يقرر عدم الصيام في مثل هذه الحالات.

​​

ويوضح ذلك رئيس الأطباء في المستشفى الجامعي لمدينة كولونيا ميشائيل فاوست بقوله: "خلال بعض المهمات الصعبة يكون التمتع بقدر كافٍ من التركيز أمراً مطلوباً. لذلك يصبح تناول السوائل من الأساسيات". ويتابع فاوست بالقول: "في مقابل ذلك يمكن للمرء أن يتخلى لوقت طويل عن الطعام، إذا ما تزود ببعض السعرات الحرارية قبل ذلك أو بعده. وعلى الرغم من أن ذلك ليس مفيداً للصحة، لكنه ليس بالأمر الباعث على القلق".

الأكل الحلال في إطار القانون

خلال هذا العام سيكون الرقيب شوقي عقيل في مهمة داخل ثكنات مدينة أونا الألمانية. ومن بين نشاطات الخدمة العسكرية هناك القيام بالتمارين الرياضية والتدريبات على إطلاق النار. وتشكل مدة الصيام التي تصل هذا العام إلى 18 ساعة، تحدياً حقيقياً للرقيب عقيل.

الخبير في العلوم الإسلامية إيرول بورلو. VIKZ
"الحكمة من الصيام: إفادة الجسد وليس الإضرار به"، كما يقول الخبير في العلوم الإسلامية إيرول بورلو.

​​

عن ذلك يقول عقيل أن بعض التعديلات ستُجرى على الجدول الزمني ليتناسب مع شهر رمضان. ويضيف بالقول: "بطبيعة الحال يكون رمضان صعباً نوعاً ما خلال العمل، نظراً لوجود مطابخ للوحدات العسكرية، حيث ينبغي التنسيق معها مسبقاً بشأن أوقات الطعام". ولأن وقت الغروب يتغير كل يوم تقريباً بشكل تراجعي، فيجب أن يبدي عمال المطبخ بعض المرونة. "وهذا ما سيكون عليه الحال"، كما يؤكد الرقيب عقيل.

وبحسب أصول الجنود المسلمين أو تفسيرهم للعقيدة، يلتزم بعضهم بتناول اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية فقط. وهذا موضوع حساس باعتبار أن مطابخ الجيش الألماني، لا يمكنها تقديم مثل هذه اللحوم لأن الذبح تم منعه بموجب القانون.

استعمال أواني خاصة

ويمكن القول عموماً إن مطابخ الجيش الألماني متقدمة على غيرها فيما يتعلق بمراعاة خصوصية المسلمين الدينية. ويقول عقيل في هذا السياق إن "إعداد الطعام للجنود المسلمين في ثكنة أونا يتم بحرص كبير"، فالطباخون يستخدمون أوعية منفصلة، ويحرصون على فصل لحم الخنزير عن باقي اللحوم.

مطعم للجيش الألماني في كنشاسا بإفريقيا. د ب أ
يحرص الطباخون في الجيش الألماني على فصل لحم الخنزير عن باقي اللحوم مراعاة للجنود المسلمين. ولكن رغم أن هناك جنوداً مسلمين يلتزمون بتناول اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية فقط إلا أن تقديم مثل هذه اللحوم غير متاح في الجيش الألماني لأن ذبح الحيوانات ممنوع بموجب القانون الألماني.

​​

"وعندما نشوي اللحوم بشكل جماعي يستعمل الطباخون رقائق الألمنيوم حتى لا تلامس قطع الدجاج شحم الخنزير"، يتابع عقيل.أما إذا سمحت خطط عمله، فإن الرقيب عقيل يحرص على الإفطار مع عائلته في البيت، فدلالات شهر رمضان تتجاوز الإمساك عن الأكل والشرب.

 

 

أولريكه هومل
ترجمة: ع.ش
تحرير: عماد غانم
حقوق النشر: دويتشه فيله 2013