ميونيخ ....ليه؟!!

ما هو الوطن؟ حاول المخرج المصري اكرم فريد الاجابة عن هذا السؤال من خلال حواراته مع العرب في ميونيخ في فيلمه الوثائقي الجديد

ما هو التعريف الصحيح لمصطلح " الوطن" ؟ هل الوطن هو البلد الذي تنتمى جذور الانسان اليه و يحمل جنسيته ام هو البلد الذي يعيش الانسان فيه ويشعر بحريته؟ حاول المخرج المصرى اكرم فريد الاجابة عن هذا السؤال من خلال حواراته مع العرب في المدينة الالمانية الكبرى ميونيخ وذلك في فيلمه الوثائقي " ميونيخ ...ليه ؟!!" الذي اعطى فيه الفرصة لمجموعة من الاشخاص من الجالية العربية ان يحكوا عن انفسهم وعن حياتهم في المانيا. عرض الفيلم بالخيمة الرمضانية بمعهد غوتة بالقاهرة في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني

الصورة: نيللي يوسف
أكرم فريد

​​في الجزء الاول من الفيلم تحدث أكرم فريد مع العرب عن رحلتهم الى ميونيخ والمشاكل التي احاطت بحياتهم في دولهم العربية ودفعتهم للسفر من فقر وبطالة وغياب للحرية ثم المشاكل التي قابلتهم في المانيا والتي تراوحت ما بين مشاكل التأقلم والاندماج او مشاكل تعلم اللغة الالمانية ومشكلة توفير المسكن ثم حياتهم العائلية واستقرارهم وزواج بعضهم من المان ومشاكل الزواج و تكوين العائلة. ثم تطرق اكرم عن تأثيرات احداث 11 سبتمبر/ ايلول عام 2001 بالولايات المتحدة على المهاجرين العرب في ألمانيا حيث اكد بعضهم انه شعر بتوابع احداث سبتمبر من خلال الشعب والحكومة الالمانية ووسائل الاعلام اللذين وضعوا اي عربي او مسلم في دائرة الشك و تحت الميكروسكوب.
وظهر ذلك بقوة في المشهد الخاص بالشاب الجزائري جهاد الذي حكى عن الصعوبات التي قابلته نظرا لانه يحمل هذا الاسم وانه كان يشرح لكل من يتعرف عليه ان هذا الاسم لا يرتبط بمفهوم الارهاب. غير ان هناك البعض الآخر الذي اكد انه لم يشعر بأي شيئ سلبي حيث ان الالمان شعب متفاهم.

معظم شخصيات الفيلم اكدت ان احداث 11 سبتمبر كانت بمثابة فائدة كبيرة للعرب والمسلمين حيث ان الالمان بدؤوا بشراء العديد من الكتب التي تتحدث عن الدين الاسلامي و تزايد الاقبال على تعلم اللغة العربية. واتضح ذلك من خلال مشهد الرجل المصري الذي يدير معهد بعنوان "معهد اسرتي" لتعليم اللغة والتراث العربي الذي يشهد اقبالا مذهلا من جانب الالمان.

بث الملح بالجروح العربية

وواصل الفيلم الحوارات مع العرب بسؤالهم عن الحلول المناسبة لاصلاح الاوضاع في اوطانهم العربية. اكد اكرم فريد في حوار مع قنطرة انه قصد سؤالهم عن رؤيتهم للحلول المناسبة للاوضاع المتردية بالدول العربية لان المهاجرين اقدر على الرؤية و التحليل من العرب الذين يعيشون داخل دائرة بلادهم العربية
وجاءت حلولهم متمثلة في التعليم على النمط الاوربي والتثقيف والالتزام بالنظام والبعد عن الوساطة والمحاباة ونشر الديمقراطية. واكد الجميع انه لو تحسنت الاوضاع ربما سيفكرون في العودة إلى بلادهم حيث ان الوطن هو المكان الذي يشعر الانسان فيه براحته وكرامته ويرى فيه الآمال لمستقبله ومستقبل اولاده. وتجسد ذلك في مشهد مؤثر للغاية ظهرت فيه لاجئة عراقية مع اولادها وهي تبكى و تقول انها ترغب في العودة و الموت على تراب بلادها ولكن اين هذه البلد الآن فقد قتل زوجها على ايدي النظام العراقى السابق و هدم منزلها و تشردت هى واولادها وتدمرت حياتها.

وعلق مشاهدى الفيلم بعد انتهاء عرضه ان ما قدمه الفيلم قد قام ببث الملح في جروحهم حيث انهم واجهوا صورة طالما حاولوا الهروب منها واكدوا انهم تفاعلوا مع الفيلم وتأثروا بمشاهده بصورة كبيرة وخاصة مشهد الشاب المصرى الذي قام بتقليد الزعماء االعرب امثال القائد الليبي معمر القذافي والرئيس المخلوع صدام حسين وغيرهم والسخرية من احاديثهم عن مشاريعهم للاجيال الشابة والوحدة العربية حيث ان المشهد اثار ضحك الجمهور وهو الضحك الممزوج بمرارة الواقع الصعب الذي يعيشون فيه.

حنين الى الوطن ....و لكن

و قال المخرج اكرم فريد انه قصد اثارة الجمهور من خلال اتباعه للخط الدرامي المؤثر في فيلمه ليوضح ويؤكد دائما ان هناك نبات قد زرع بأرض غير ارضه فكيف يحيا فيه وانه مهما حاول هذا النبات التأقلم والنمو الا انه سيظل هذا النبات الموجود بغير مكانه الطبيعي واستشهد بالمشهد الذي يظهر فيه الشاب " خالد " صاحب احدى المحلات التجارية عندما قال " انه برغم كل شىء الا ان الالمان دائما ما ينظرون الينا على اننا اشخاص جئنا لنأخذ اموالهم وبرغم ذلك فانا لن اترك المانيا ... فاذا كان الوضع سيئا فلن يكون اسوء من الاوضاع ببلادنا العربية ". واوضح اكرم ان اسم الفيلم " ميونيخ ...ليه ؟!!" يعد استفهاما عن السفر للخارج وترك الوطن, فلماذا ميونيخ اي لماذ السفر للخارج؟ لماذا تترك وطنك و تهاجر ؟

ميونيخ ....مدينة التناقضات

وانتقد الجمهور احد المشاهد بالفيلم والذي يظهر فيها حفلة للشواذ باحد شوارع ميونيخ, مؤكدين على ان وجود المشهد ليس له ضرورة و انه غير متناسب مع الفيلم حيث انه جاء وسط اندماجهم مع حياة هؤلاء العرب بالمانيا. وعلل المخرج وجود المشهد بانه اراد ان يوضح من خلاله الفارق الكبير بين دول الغرب والدول العربية حيث ميونيخ مدينة ملئية بالتناقضاتز وبرغم الجو الهادىء اللطيف والجو الديني المتشدد بها الا ان بها حرية كبيرة تصل لحد الاباحية. وهذا المشهد رصدته عينيه.

درس اكرم فريد علوم السينما بالقاهرة وهو يعمل حاليا بالتدريس بالمعهد العالى المصري للسينما. ونالت افلامه مثل " في اليوم السابع " و " الثلاث ورقات " عددا من الجوائز بالمهرجانات المصرية و الدولية.

بقلم نيللي يوسف، قنطرة 2003