"المشاريع الاستيطانية خدمة مجانية لمصالح المتطرفين"

أثار إعلان إسرائيل الأخير عزمها المضي قدمًا في بناء المستوطنات في الضفة الغربية انتقادات دولية. وتشكّل هذه السياسة التي تنتهجها إسرائيل سببًا مهمًا لتجميد مفاوضات السلام المتعثِّرة في الوقت الراهن - حسب رأي الخبير في شؤون الشرق الأوسط والصحفي فولك هارد فيندفور في حوار مع خولة صالح.

فولك هارد فيندفور، الصورة د.ب.أ
يرى فولك هارد فيندفور في استئناف أولمرت سياسة الاستيطان استجابة للمتشددين في حكومته

​​بغض النظر عن العنف الذي تمارسه حركة حماس، فإنَّ مواصلة إسرائيل لسياسة بناء المستوطنات تعتبر عائقًا كبيرًا يحول دون نجاح محادثات السلام في الشرق الأوسط. فلماذا تتمسّك إسرائيل حسب رأيك بمشاريع المستوطنات التي تعدّ موضوع خلاف؟

فولكر فيندفور: في البدء لا بدّ من القول إنَّ الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة رئيس الوزراء إيهود أولمرت هي حكومة ضعيفة. كما أنَّ الأحزاب اليهودية المتدينة، مثل حزب شاس أو الجماعات المتطرّفة الأخرى، تمارس ضغطًا كبيرًا على أولمرت وحكومته الائتلافية، وذلك لكي تحول من قيام هذه الحكومة - ورئيس الوزراء الذي يعتبر كما أسلفنا وعلى أي حال ضعيفًا - بأي شيء من شأنه إتاحة المجال لمواصلة محادثات سلام حقيقية مع الفلسطينيين.

إنَّ بناء هذه المستوطنات أو لنقل الموافقة التي أعطتها الحكومة الإسرائيلية مؤخرًا لبناء المستوطنات المزمع بناؤها وكذلك إنشاء وحدات سكنية جديدة داخل محيط مدينة القدس الذي تم توسيعه، بالإضافة إلى حدود المدينة الجديدة التي رسمتها إسرائيل حسب أهوائها ومن طرف واحد، معارضةً بذلك مبادئ الأمم المتحدة، لهي خير دليل على أنَّ أولمرت يتراجع أمام ضغط المتطرّفين المتديّنين والمعسكرات المتطرّفة الأخرى الموجودة في بلده. وبهذا يتم بطبيعة الحال إغلاق الباب في وجه المفاوضات مع الحكومة الفلسطينية بزعامة الرئيس محمود عباس.

ما آثار سياسة المواجهة التي تنتهجها حركة حماس على القرارات التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية؟

فولكر فينفور: لا بدّ لي أيضًا من القول إنَّ حركة حماس قد مارست بدورها ضغطًا سياسيًا وأنَّها شاركت أيضًا في تأزّم الوضع الراهن- حتى وإن كانت مشاركتها هذه ضئيلة بيد أنَّها واضحة. لكن لا بدّ لي في ظل مثل هذه الأوضاع الراهنة من استنتاج أنَّه لن يحدث - على الأرجح حتى نهاية الانتخابات الأمريكية في الأشهر الـ12 أو الـ13 القادمة أو حتى بعد ذلك بفترة أطول - انفراج حقيقي، من أجل إتاحة الفرصة لمواصلة مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.

ما الذي يستطيع الاتحاد الأوروبي فعله في قضية المستوطنات؟

فولكر فينفور: بإمكاني أن أتصوّر أنَّ هناك أصواتا في أوروبا، أو ربما حتى بعض الحكومات وبعض ممثّلي الحكومات، ينتقدون كلّ ذلك. بيد أنَّ أوروبا مثلما نعرفها في الوقت الحاضر ترفض من دون شكّ - كما أنَّها لا تستطيع - القيام بشيء ما من جانب واحد، أي الضغط على إسرائيل. الأمر الذي لا أستطيع مع الأسف تصوّره، على الرغم من أنَّه سيخدم عملية السلام. كما أنَّ أوروبا لن تفعل شيئًا لا يوافق عليه الأمريكيون، بحيث أنَّني أعتقد أنَّنا أصبحنا الآن مكتوفي الأيدي منذ موافقة الحكومة الإسرائيلية على خطط بناء المستوطنات الجديدة في شمال غرب القدس.

مستوطنة إسرائيلية، القدس الشرقية، الصورة: أ.ب
تجميد بناء المستوطنات كان أحد أهم البنود الرئيسة التي تضمنها خريطة الطريق

​​

أوروبا لا تريد ذلك أم أنَّها لا تستطيع؟

فولكر فينفور: إنَّ هذين الاحتمالين غير مستبعدين، لكن هذا لا يغيّر النتيجة. كلا، أنا أعتقد أنَّ النتيجة لن تتغيّر، لأنَّ أوروبا لا تتكلّم أيضًا بصوت واحد ولا تجرؤ على انتقاد إسرائيل، ناهيك عن الضغط عليها. بيد أنَّ هذا الضغط ضروري. غير أنَّني لا أعتقد أنَّ ذلك سيتغّير كثيرًا في فترة الانتخابات الأمريكية؛ إذ إنَّ أوروبا لا تزال ضعيفة جدًا، كما أنَّها لا تزال غير متحدة في قرارها إلاَّ قليلاً جدًا.

لنعد إلى فلسطين وإلى حركة حماس؛ يتم انتقاد حركة حماس لأسباب منها أنَّها لا تريد الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود. فهل تعتقد أنَّ هذا الموقف سوف يظل ثابتًا إلى الأبد؟

فولكر فينفور: بالتأكيد؛ فحركة حماس- إن كنت تشائين - هي شريك مساعد للمتطرّفين اليهود وتوجهاتهم السياسية، لاسيما وأنَّ حماس لا تريد التوصّل إلى سلام؛ لكنّها تريد عند الضرورة القصوى هدنة محدودة. بيد أنَّ حماس لا تزال غير مستعدة لإيقاف الهجمات بالصواريخ العبثية وغير المجدية. وذلك لسبب بسيط - يتم استخدامه بطبيعة الحال كذريعة وحسب. فحماس ترى أنَّه لا يجوز إيقاف مقاومة الفلسطينيين، على الرغم من أنَّ أصحاب القرار في حركة حماس يعرفون تمام المعرفة ما الذي ينجم عن إطلاق هذه الصواريخ؛ ونتيجة لذلك تواصل إسرائيل هجماتها باستمرار.

لكن إذا تمسّكت حركة حماس بذلك، على الرغم من أنَّ معاناة أبناء شعبها تزداد باستمرار، فعندئذ يمكن القول بعدل وإنصاف إنَّ حماس لا تريد من حيث المبدأ التوصل إلى سلام قطّ.

أجرت الحوار: خولة صالح
ترجمة: رائد الباش
دويتشه فيله 2008

يعمل فولكر فينفور مراسلاً صحفيًا مختصًا في شؤون العالم العربي لدى مجلة "دير شبيغل" الألمانية.
قنطرة

الإسرائيليون والفلسطينيون وثقافة التسامح:
حقد وكراهية متبادلة، وأحلام طفولية تفتقد للبراءة
ذ تشكل الكتب المدرسية وسيلة هامة لقياس مدى التفاهم ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فقد تعاهدا في اتفاقية أوسلو على تجنب التحريض المتبادل بينهما، لكن الرقابة على التقيد بهذا الاتفاق كاد يقتصر على الجانب الفلسطيني فقط. تقرير يوسف كرواتورو.

السياسة الغربية تجاه حكومتي فتح وحماس:
"سياسة الضغوط تخلق تربة خصبة للجهاديين والسلفيين"
الباحثة الألمانية موريل أسيبورغ، رئيسة وحدة البحث الخاصة بإفريقيا والشرق الأوسط في مؤسسة العلم والسياسة في برلين، تعتبر أن زيادة الضغوط على السكان في قطاع غزة ستزيد من تطرف المجتمع وتشكل تربة خصبة للجهاديين والسلفيين.

الصهاينة العلمانيون:
"على أوروبا أن تدرك مسؤوليتها"
يستضيف المعهد العلمي في برلين حاليا أمنون راز-كراكوتسكين، أستاذ التاريخ في جامعة بن غوريون – بير السبع. يوسف حجازي تحدث معه عن الأسطورة الصهيونية وتصوره عن الدور الأوربي في أزمة الشرق الأوسط.