الواقع أن القوى المحلية والإقليمية -التي وضعت ثقتها في تعهدات أمريكا- ستدفع ثمنا دمويا رهيبا. ومن المرجح أن يكون مصير الأكراد -حليف أمريكا الأكثر موثوقية وفعالية في الحرب ضد داعش- النبذ بالعراء، على الرغم من التأكيدات الأمريكية الرسمية بشأن الترتيبات الأمنية بعد انسحاب الولايات المتحدة.
وبالفعل، انتقد الأكراد إدارة ترمب بعد أن ضحت بهم على مذبح العلاقات الاستراتيجية الأمريكية مع تركيا. فقد تغاضت الولايات المتحدة عن الحملة التركية لغزو واحتلال بلدة عفرين التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا، والتي أسفرت عن مذبحة راح ضحيتها أكثر من 1000 من الأكراد، بما في ذلك العشرات من المدنيين.

"26 قتيلا مواليا لنظام دمشق معظمهم إيرانيون في قصف صاروخي على سوريا": قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، يوم الإثنين (30 أبريل/نيسان 2018)، إن القصف الصاروخي الذي استهدف اللواء 47 في محافظة حماة بوسط سوريا، أوقع 26 قتيلا بينهم أربعة سوريين و"غالبية ساحقة" من الإيرانيين، مرجحا أن يكون القصف إسرائيليا، بعدما كانت وكالة الأنباء السورية الرسمية أفادت عن سقوط "صواريخ معادية" من غير أن تحدد الجهة التي أطلقتها.
أكراد ينضمون إلى وحدات الأسد شبه العسكرية
ومع انسحاب الولايات المتحدة، ربما يضطر الأكراد إلى التحالف مع الأسد طلبا للحماية. وقد هجر المئات من المقاتلين الأكراد القتال ضد داعش في شمال شرق سوريا بالفعل، فشَدّوا الرحال إلى عفرين لمقاومة الهجوم المشترك الذي تشنه تركيا ومجموعة منشقة من المعارضين المسلحين السوريين. وبدأ بعض الشباب الأكراد ينضمون إلى وحدات الأسد شبه العسكرية طلبا للانتقام بعد خسارة عفرين.
لكن المعركة لن تكون سهلة، حيث من المرجح أن يعزز رحيل أمريكا يد تركيا أكثر وأكثر. وفي غياب الولايات المتحدة، سوف تتمكن القوى الأجنبية الرئيسية الأخرى في الصراع السوري -تركيا وروسيا وإيران- من توطيد مجالات نفوذها في نهاية المطاف وتقسيم غنائم إعادة الأعمار بعد الحرب فيما بينها. ورغم أن مصالحها الخاصة قد تتباين، فإن الدول الثلاث تتشارك في رؤية التقسيم "الناعم" لسوريا على النحو الذي يختزل الأسد والمعارضين المسلحين ويحولهم إلى مجرد وكلاء.
هل تصبح روسيا وإيران أكبر الفائزين في سوريا؟
وسوف تكون روسيا وإيران الفائزين الأكبر على الإطلاق. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتن هو صانع الملوك الذي أنقذ بتدخله العسكري في الوقت المناسب نظام الأسد من الهزيمة وحول مد الحرب لصالحه. وفي حين تكاد الولايات المتحدة لا تُرى في أي مكان في سوريا، تنتشر روسيا في كل مكان، وتعيد ترتيب القطع على رقعة شطرنج الصراع على نحو متواصل.
اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة