ويشهد تنسيق روسيا مع كل القوى الإقليمية الكبرى ــ بما في ذلك تركيا -وهي عضو في حلف شمال الأطلسي- على دينامية (واستهزاء) سياسة الكرملين الخارجية. وبينما تهد الولايات المتحدة خيامها في سوريا، فلن تزداد علاقات تركيا العسكرية والاقتصادية مع روسيا إلا عمقا.
 
ومثلها كمثل روسيا، استثمرت إيران قدرا وفيرا من الدماء والثروات لإنقاذ نظام الأسد، وحصدت عائدات ضخمة. فالآن أصبحت إيران القوة الإقليمية الأكثر نفوذا في سوريا، وهي حاضرة في العراق ولبنان. لكن الاندفاع لشغل الفراغ الذي ستخلفه الولايات المتحدة ربما يوفر الشرارة التي تشعل حربا تلتهم المنطقة بالكامل.
 
صراع إقليمي شامل في الشرق الأوسط
 
ولا يخلو الأمر من مخاوف مشروعة من إقدام إسرائيل على استخدام انسحاب القوات الأمريكية كذريعة لتكثيف هجماتها على إيران وحزب الله في سوريا، وهو القرار الذي قد يتصاعد إلى صراع إقليمي شامل، صراع تنزلق إليه الولايات المتحدة، والعراق، والمملكة العربية السعودية، التي تُعَد المنافس الرئيسي لإيران على الهيمنة الإقليمية.
 
وحتى إذا نحينا جانبا عداء ترمب للاتفاق النووي مع إيران الذي أبرم عام 2015 -والذي يضيف مصدرا آخر للخطر لموقف محفوف بالمخاطر بالفعل- فقد أصبح الخطر الآن حقيقيا وداهما في تحول سوريا إلى موقع حريق أشد تدميرا حتى من ذلك الذي لا يزال مستعرا هناك منذ عام 2011.
 
 
فواز جرجس
ترجمة: إبراهيم محمد علي
حقوق النشر: بروجيكت سينديكيت 2018
 
 
 
 
 
فواز جرجس أكاديمي باحث في شؤون الشرق الأوسط ومؤلف كتب منها: "السياسة الأمريكية تجاه العرب : كيف تُصنع؟ ومن يصنعها؟" و "أوباما والشرق الأوسط نهاية العصر الأمريكي؟" و "النظام الإقليمي العربي والقوى الكبرى : دراسة في العلاقات العربية - العربية والعربية - الدولية" و "القاعدة: الصعود والأفول (تفكيك نظرية الحرب على الإرهاب)" و "داعش إلى أين؟ جهاديو ما بعد القاعدة" و "الشرق الأوسط الجديد - الاحتجاج والثورة والفوضى في الوطن العربي".
 
 
اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة