الحلم الجديد بالدور الريادي القديم

اتفقت المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي على أن يحل "الاتحاد المتوسطي" محل التعاون القائم مع دول حوض البحر المتوسط المجاورة للاتحاد الأوروبي. رودولف شيمللي الخبير في شؤون الشرق الأوسط يوضح دلالات هذا الاتفاق في حوار مع عبد الرحمن عثمان.

المستشارة الألمانية ميركل والفرنسي ساركوزي، الصورة: أ.ب
يرى الخبير شيمللي أن فرنسا تسعى من وراء فكرة الاتحاد المتوسطي تعزيز موقفها في الاتحاد الأوروبي

​​ السيد شيمللي: ما هي المزايا التي قد يجلبها الاتحاد المتوسطي للبلاد العربية مقارنة باتفاقية برشلونة؟

رودولف شيمللي: ليست كثيرة، وهذه هي المشكلة لأن أي نظام جديد لا يستطيع إحراز تقدم ملموس. وبعض الدول العربية، مثل دول شمال إفريقيا، أي دول المغرب العربي، استطاعت أن تقترب من أوروبا من خلال اتفاقيات ثنائية. إن الدول الأخرى ليست معنية بدرجة كبيرة، والاتحاد المتوسطي كما يريده ساركوزي يقف على عتبة عقبات كبيرة جدا، منها بداهة عدم إمكانية قبول عضوية إسرائيل وسوريا في الاتحاد من ناحية ومن ناحية أخرى تجاهل فلسطين مطلقا.

ومعضلة أخرى تكمن في أن تركيا، وهي احدى الدول الكبرى الواقعة على البحر المتوسط، لا تتطلع إلى الانضمام لأي اتحاد ولكنها تريد عضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي ومن المستحيل أن تتقبل الاتحاد المتوسطي كحل بديل. والآن فقد "تبخر" الحلم، ولم يعد المشروع خطوة فرنسية منفردة. ذلك لأن فرنسا كانت تتمنى أن تقوّي موقفها داخل الاتحاد الأوروبي بمشروع الاتحاد المتوسطي، غير أنه قد فاتها الأوان. والآن أصبح الأمر يتعلق بكل الأوروبيين وتبخر الحلم بدرجة كبيرة. أما عن تحقيقه فعلى المرء أن ينتظر ما تأتي به الأيام.

لقد ذكرتم أن فرنسا تريد تعزيز موقفها داخل الاتحاد الأوروبي، ومن أجل ذلك قامت باقتراح هذا المشروع. هل هناك أسباب أخرى وراء التصرفات التي قام بها ساركوزي؟ ولماذا أتى بهذا الاقتراح الآن؟

شيمللي: هذا ما يتناسب مع طبيعة الدور القديم الذي كانت فرنسا تحلم به دائما وهو أن تصبح همزة الوصل بين أوروبا – والغرب إجمالا – وبين العالم العربي. جدير بالذكر أن هذه المحاولات قد برزت بوجه خاص إبان فترة رئاسة الجنرال ديغول، الذي اتخذ الخطوات الهامة في هذا الخصوص واستمرت على التعاقب حتى رئاسة جيسكار ديستان. وأخذت هذه المحاولات تضعف في عصر الرئيس ميتران، واستمر هذا الوضع في عصر شيراك. أما في عصر ساركوزي فلم يبق منها إلا القليل.
على ما يبدو أن مشروع "الاتحاد المتوسطي" يُقصد من ورائه إحياء الأفكار القديمة. وبالفعل إن ساركوزي على صلة وثيقة بإسرائيل أكثر من كل الرؤساء الفرنسيين على مدى الأربعين عاما الماضية.

ما معنى ذلك بالنسبة لألمانيا والاتحاد الأوروبي؟ وما هي تأثيرات هذا المشروع على العلاقات الألمانية الفرنسية؟ أم أن المسألة انتهت بعد اللقاء الذي تم بداية هذا الأسبوع؟

شيمللي: إن المشروع قد أضر بالعلاقات في البداية لحد كبير، لأن الشكوك انتشرت في ألمانيا بسرعة – وهذا الشك كان يخالج أيضا الأوروبيين الآخرين الجدد – أن الفرنسيين يريدون أن يتخذوا دورا جديدا يتحمل الأوروبيون الآخرين خدماته وأعباؤه المادية ومنذ البداية كانت هناك معارضة ضد ذلك. وخشيت انجيلا ميركل أن يضعف الاتحاد الأوروبي، ولهذا عارضت المشروع بشدة. واستطاعت فرض رأيها أثناء لقائها ساركوزي بمدينة هانوفر، وبهذا خفت حدة الأخطار التي رأتها في مبادرة ساركوزي.

أجرى الحوار: عبد الرحمن عثمان
ترجمة: عبد اللطيف شعيب
دويتشه فيله 2008
قنطرة

الإتحاد المتوسطي" في خضم الخلافات:
الذاكرة المفقودة
؟ يبدو واضحا الآنً أن المشروع الأورومتوسطي الذي تم الإعلان عنه في العام 1995 قد باء بالفشل، فثمة إشكاليات تواجهها أوروبا ودول جنوب حوض المتوسط في إيجاد إطار منطقي وفعال للحوار. تحلل كاترين كورنيه في هذا المقال العوامل الكامنة وراء ذلك.

ساركوزي في أوّل الطريق إلى حلم توحيد المتوسّط:
فرصة لمراجعة الشراكة الأورو-متوسطية
طرح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر وتونس فكرة إنشاء اتحاد متوسطي، يشكل بديلا لاتفاق برشلونة. سليم بوخذير عن التحديات التي تواجه هذا المشروع.

الاتحاد الأوروبي ودول حوض البحر الأبيض المتوسط:
الانعزالية بديلا عن مبدأ التجارة الحرة
وضعت "الشراكة الأورو-المتوسطية" التي أسست في العام 1995 بالإضافة إلى تكريس السلام والاستقرار في المنطقة تأسيس منطقة إقليمية للتجارة الحرة حتى العام 2010 هدفا لها. لكن الأطراف المعنية ما زالت بعيدة عن تحقيق هذه الأهداف. برنار شميد يتطرق في هذه المقالة إلى الخلفيات.