ألمانيا تستضيف أكبر ملتقى لحوار الأديان في العالم

لأول مرة تستضيف ألمانيا (في آب / أغسطس 2019) أبرز ملتقيات حوار الأديان العالمية، بمدينة لينداو الألمانية على بحيرة كونستانس ( بحيرة بودِن)، بحضور 900 مشارك من أكثر من مئة بلد يمثلون 17 ديانة، تعزيزا للحوار وتشجيعا للعمل من أجل السلام. كريستوف شتراك يعرفنا بأهم ما يميز هذه الملتقى مقارنةً بسابقيه.

الكاتبة ، الكاتب: Christoph Strack

لا يزال مجرَّد نموذج صغير ارتفاعه نحو عشرين سنتيميترًا: "خاتم السلام" هو تمثال خشبي ارتفاعه سبعة أمتار ونصف المتر، من المقرَّر أن يجد بعد نحو شهرين تقريبًا مقره الدائم في حديقة عامة بمدينة لينداو الواقعة على بحيرة كونستانس (بحيرة بودن). وهذا الخاتم مصنوع من أخشاب أصلها من مناطق مختلفة في العالم.

تستضيف مدينة لينداو المركزية بجنوب ألمانيا في الفترة بين العشرين والثالث والعشرين من شهر آب/أغسطس 2019 أهم ملتقى في هذا العام على مستوى العالم لأبرز ممثِّلين عن الأديان. ينتظر المنظمون مشاركة تسعمائة مشارك من سبع عشرة ديانة وأكثر من مائة دولة في التجمُّع العالمي العاشر "أديان من أجل السلام". في عام 1961، تأسَّست منظمة "أديان من أجل السلام"، وهي منظمة غير حكومية تتخذ من نيويورك مقرًا لها. والآن يأتي لأوَّل مرة إلى ألمانيا هذا التجمُّع العالمي، الذي يُقام كلّ خمسة إلى ستة أعوام تقريبًا. وها هم المسؤولون عن التجمُّع قد عرضوا البرنامج في برلين.

رجال دين من إسرائيل وإيران

يقول أولريش شنايدر، المدير الإداري للمؤسَّسة المسؤولة عن عقد التجمُّع العالمي، إنَّ المدينة (لينداو) "تتمتَّع بموقع دولي ولكنه لامركزي" بالقرب من النمسا وسويسرا. ويضيف أنَّ كِلا الأمرين مهمان بالنسبة للمنظمين: فهذا الموقع "بعيدٌ عن أي مقر حكومي وأسقفي" ويتيح فرصًا من أجل تبادل مشترك للآراء - حتى في الموضوعات المثيرة للجدل.

وكذلك تنتظر منظمة "أديان من أجل السلام" حضور ممثِّلين عن الأديان من روسيا وأوكرانيا وإيران وإسرائيل وميانمار وبنغلاديش. وفي حال نشوء محادثات بين ممثِّلي هذه المناطق، فسيتم عقدها في إطار ضيق بمدينة لينداو باستثناء الرأي العام.

جاء العنوان الرسمي لهذا الحدث بصيغة مُنَمَّقة قليلًا: "رعاية مستقبلنا المشترك - تعزيز المصلحة العامة للجميع". وهو يثير تساؤلات حول مسؤولية الأديان على المستوى الاجتماعي والسياسي. قبل بضعة أعوام أنشأت وزارة الخارجية الألمانية قسمًا مستقلًا اسمه "مسؤولية الأديان من أجل السلام". وبالإضافة إلى ذلك هناك اتِّجاه في السياسة الدولية لإشراك الأديان كشركاء في الحوار.

 

نموذج لـ "خاتم السلام" وهو تمثال خشبي ارتفاعه سبعة أمتار ونصف المتر، من المقرَّر أن يجد في آب / أغسطس 2019 مقره الدائم في حديقة عامة بمدينة لينداو الألمانية الواقعة على بحيرة كونستانس (بحيرة بودِن). وهذا الخاتم مصنوع من أخشاب أصلها من مناطق مختلفة في العالم. Foto: DW/C.Strack
Ein Ring als Symbol für den Dialog der Religionen - vorerst nur als kleines Modell

 

{ينتظر ملتقى "أديان من أجل السلام" في ألمانيا حضور ممثلين عن الأديان من روسيا وأوكرانيا وإيران وإسرائيل وميانمار وبنغلاديش قد تنشأ بينهم محادثات حوارية.}

 

الدور المزدوج للدين

إذ إنَّ للدين دورًا مزدوجًا. وحول ذلك يقول النرويجي غونار ستالسيت، وهو أسقف لوثري سابق والرئيس الفخري للمجلس العالمي "أديان من أجل السلام": "الدين هو جزء من المشكلة في كثير من النزاعات، غير أنَّ الدين هو أيضًا جزء من حلّ النزاعات". ويضيف: لهذا السبب من المهم للغاية تعزيز القوى المستعدة للحوار في مختلف الأديان وتشجيعها على المشاركة في الرأي داخل مجتمعاتها المدنية.

يذكر الدكتور وليام فراي فندلي، وهو الأمين العام المنتهية ولايته لمنظمة "أديان من أجل السلام"، أمثلة نجحت فيها منظمته خلال العقود القليلة الماضية في ضمان تكاتف الممثِّلين عن الأديان بعيدًا عن الحدود الدينية في نزاعات دموية. ويضيف أنَّ هذا ينطبق مثلًا في البوسنة، حيث تحدَّثت مختلف الديانات بصوت واحد حول القضايا الأساسية، وكذلك في سيراليون أو في ميانمار.

وفي الوقت نفسه، ذكر وليام فراي فندلي أيضًا مناطق فشلت فيها منظمة "أديان من أجل السلام". ويقول إنَّ هذا ينطبق على سوريا والعراق. وكذلك شدَّد الأمين العام وليام فراي فندلي على ترابطنا العالمي بقوله: "باتت المصلحة العامة عالميةً بشكل متزايد. وعلى المدى الطويل، نحن جميعًا لسنا أكثر أمنًا مِن أقلِّ الموجودين بيننا أمنًا".

لأوَّل مرة تخصيص حصة من أجل النساء

يتم في لينداو إدخال العديد من التجديدات في تجمُّع الأديان العالمي العاشر بالمقارنة مع التجمُّعات العالمية السابقة. على سبيل المثال، الحصص المخصصة لأوَّل مرة من أجل النساء والمشاركين الأصغر سنا تعمل على الابتعاد عن [احتكارية] طبقة الرجال كبار السن [للمشهد الديني]. وفي هذا الصدد يقول أولريش شنايدر إنَّ الدين "يحتله رجالٌ بالدرجة الأولى في جميع أنحاء العالم".

ولهذا السبب من المهم - بحسب تعبيره: "أن يُراعى لدى المندوبين وجود حدّ أدنى من نساء يشاركن في الحديث على قدم المساواة، وألَّا ينحصر النقاش هنا في هذا التجمُّع فقط ضمن الدوائر المعروفة المسيطَر عليها من قِبَل الرجال". ولذلك فإنَّ دور المرأة في عمليات السلام سيكون من بين الموضوعات الرئيسية المطروحة في لينداو. وكذلك ستجلس على المنصة الرئيسية في واحدة من حلقات الناقش مندوبات بارزات فقط لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

 

وليام فراي فندلي - الأمين العام المنتهية ولايته لمنظمة "أديان من أجل السلام". Foto: DW/C.Strack
William F. Vendley, scheidender "Religions for Peace"-Generalsekretär, nennt Beispiele, in denen die Organisation in den vergangenen Jahrzehnten erfolgreich dafür gesorgt habe, dass Repräsentanten über religiöse Grenzen hinweg bei blutigen Konflikten zusammengestanden hätten.

 

{دور المرأة في عمليات السلام  من بين أبرز الموضوعات المطروحة في ملتقى "أديان من أجل السلام" في ألمانيا.}

 

أوضح أولريش شنايدر أنَّ هناك خطوات أخرى في طور التخطيط من أجل مشاركة الأهالي المحليين في لينداو. فقد خطَّطت مثلًا الكنائس المسيحية في المنطقة لـ"جدول ديانات طويل"، يستطيع من خلاله المندوبون والأشخاص المهتمون الدخول في حوار مع بعضهم.

توجد في أماكن مختلفة في مدينة لينداو ذات الخمسة وعشرين ألف نسمة فرصٌ للمشاركة في احتفالات دينية مختلفة جدًا. وكذلك سيتم هنا أيضًا تدشين الخاتم، الذي يتَّخذ موقعه كرمز دائم للتعايش بين الأديان في حديقة لويتبولد بمدينة لينداو. ومن المقرَّر كذلك أن يشارك الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في حفل كشف الستار عن هذا التمثال وافتتاح هذا التجمع العالمي.

 

 

 

كريستوف شتراك

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: دويتشه فيله / موقع قنطرة 2019

ar.Qantara.de