وضع النساء في دول مجلس التعاون الخليجي

زواج قسري، عنف منزلي أو تمييز في مجال العمل، هذا ما تعيشه الآلاف من المواطنات والأجنبيات في دول مجلس التعاون الخليجي. تقرير أعدته منظمة العفو الدولية، تسلط فيه الضوء على واقع الحياة النسائية في تلك الدول الغنية. تقرير بيترا تابلينغ

صورة لشعار نبذ العنف تجاه النساء
أوقفوا العنف ضد النساء

​​

امرأة من سيريلانكا تعمل منذ 18 شهرا في الكويت دون أن تـُدفع لها أية أجور. وعندما حملت تلك المرأة، قدم بها صاحب العمل شكوى لدى الشرطة. وعندما تحدثت منظمة العفو الدولية إلى المرأة البالغة من العمر 26 عاما، عرفت أنها تعيش منذ اشهر في معسكر الابعاد. ولا تستطيع العودة الى بلادها لأن صاحب العمل يرفض اعادة جواز سفرها اليها.

وهناك عاملة أخرى فلبينية تبلغ من العمر 50 عاما، لا تستطيع الدفاع عن نفسها أمام المحكمة لأنها لا تفهم الوثائق المتعلقة بها المكتوبة باللغة العربية، التي لا تجيدها. ولا تقدم لها اية مساعدات قانونية، وليس لديها امكانية للاتصال مع عائلتها. ومن الجدير بالذكر أن الكويت ودول خليجية أخرى لم توقع حتى هذا اليوم على ميثاق حماية العمالة الاجنبية من الاستغلال.

إن هذه الأمثلة المرعبة وغيرها التي تعكس وضع النساء في منطقة الخليج تم تناولها من قبل منظمة العفو الدولية في تقريرها الأخير تحت عنوان " دول مجلس التعاون الخليجي: المرأة تستحق الاحترام والكرامة".

قام مراقبون من منظمة العفو الدولية في شهري تموز/ يوليو وآب/أغسطس من 2004 بزيارة الى دول الخليج العربي من أجل التحدث مع نساء من تلك المنطقة، مع متطوعين انسانيين، مع محامين ومع قضاة وممثلين عن الحكومات. وبسبب منع الوفد من زيارة المملكة العربية السعودية، فإن المعلومات المتوفرة لدى منظمة العفو الدولية قائمة على المعلومات الواردة من مصادر غير مباشرة.

اضطهاد في كثير من مجالات الحياة

يظهر التقرير ما تعاني منه النساء من مصاعب أساسية. وتواجه النساء في منطقة الخليج العربي الكثير من أشكال الاضطهاد المضاعفة في غالبية مجالات حياتهن اليومية، هذا ما تستنجه منظمة العفو الدولية في تقريرها.

يبدأ الامر في الدستور: إما أن تكون حقوق المرأة غير واردة في الدستور اطلاقا أو أنها تكاد تكون معدومة. أما المقاطع التي تتعلق بموضوع المساواة فهي مصاغة بطريقة مميعة لا ترى فرقا بين الرجل والمرأة. أما في دولة الكويت أو المملكة العربية السعودية فلا يرد ذكر لدور المرأة أبدا.

وتجد بعض الدول صعوبة في المصادقة على المواثيق والاتفاقيات الدولية أيضا. لقد وقعت كافة دول الخليج ما عدا عُمان وقطر على ميثاق الأمم المتحدة حول رفض أي نوع من اضطهاد المرأة، أما السعودية والبحرين فقد وقعا عليه بتحفظ.

تواطؤ السلطات

يبدو واقع الحياة اليومية للنساء في بلدان الخليج العربي هذه في وضع سيئ. ولقد ذكرت بعض النساء لمنظمة العفو الدولية أن الشرطة لا تعتبر ضرب الرجل لزوجته أثناء الحياة اليومية عملا يعاقب عليه القانون لأن الزوجة تخضع في نظر الشرطة لسلطة الرجل.

لا تخشى المرأة عنف زوجها فحسب، وانما أيضا عنف العائلة. فعندما تتعرض الفتيات أو النساء للعنف والاضطهاد من قبل الرجال من عائلتها، فإنهن يخترن في غالب الأحيان الهرب من ذلك في اللجوء الى الزواج.

ولكن حينما يواجهن العنف والاضطهاد في الحياة الزوجية أيضا، غالبا ما يجدن أنفسهن في دائرة شيطانية مغلقة، مما يعكس عدم التقدير لطبيعة الإساءة الموجهة للمرأة وعدم احترامها في تلك المجتمعات.

محاولات مصالحة بلا معنى

وتنتقد منظمة العفو الدولية محاولات السلطات والشرطة القيام بإعادة النساء الى أزواجهن في حال هربهن من تلك الظروف، بدل من اتخاذ وسائل الردع المناسبة ضد العنف في الحياة الزوجية.

ولقد استنتج ممثلو حقوق الانسان بأن النساء التي تم استجوابهن من قبلهم واللاتي تعرضن للعنف والمعاملة السيئة في الحياة الزوجية لم يتلقين على الاطلاق أية معالجة طبية أو تفتتح لهن قضايا لدى محكمة أو يتلقين تعويضات مادية أو مساعدة قانونية أو يعرض عليهن مأوى في بيوت للرعاية والحماية.

ويحق للمرأة حسب الشريعة الاسلامية اختيار زوجها بنفسها، ولكن ذلك يتطلب عمليا موافقة أحد اعضاء عائلتها من الرجال، أي ولي أمرها. وقامت منظمة العفو الدولية بتدوين الكثير من حالات النساء اللاتي رفضت عائلاتهن اختيارهن وتعرضن بسبب ذلك لعقوبات صارمة من قبل عائلاتهن.

وبالرغم من أن الشريعة الإسلامية تشترط وجود عقد زواج يضمن حقوق النساء، فغالبا ما لا تعار تلك الحقوق اية أهمية. وحسب مفهوم الطلاق الإسلامي المعمول به يحق للرجال طلاق زوجاتهن متى شاؤوا. وكثيرا ما يحصل الرجال على حق رعاية الأطفال.

ولأسباب اقتصادية محضة لا يبقى للنساء الكثير من الخيارات: فهناك فقط 29 بالمئة من النساء العربيات في منطقة الخليج اللاتي يعملن. وبالرغم من أن كافة دول الخليج باستثناء عُمان وقعت على ميثاق منظمة العمل الدولية الذي ينص على مكافحة التمييز في مكان العمل، فإن الواقع يبدو على عكس ذلك تماما.

فعلى سبيل المثال لا الحصر لا يسمح للنساء في مملكة البحرين بالعمل في المساء أو في الليل. وبالرغم من أن المستويات التعليمية للنساء في قطر أعلى من مستويات الرجال، فانهن يمنعن من بعض الوظائف مثل الهندسة. إن مكان المرأة هو المنزل، هذا هو الموقف العام السائد في دول الخليج.

وبالرغم من وجود نساء في مناصب وزيرات، في عُمان مثلا، ألا أن المشاركة النسائية في الحياة السياسية في الدول الخليجية بشكل عام ضعيفة جدا. ومن الإيجابيات أنه منذ صدور تقرير منظمة العفو الدولية في أيار/مايو من هذا العام فقد أصبح للنساء في الكويت الحق في الترشيح والانتخاب.

نظمت منظمة العفو الدولية امنستي انترناشونال في شباط/يناير من هذا العام 2005 مؤتمرا ضد التمييز والعنف في دول الخليج في مملكة البحرين. ولقد قام الكثير من الممثلين بتقديم اقتراحات من أجل تحسين وضع المرأة هناك، قدموها بدورهم إلى الجهات المعنية في منطقة الخليج. ولكن لم تتلق منظمة العفو الدولية، حتى الآن أي رد على تلك الاقتراحات.

تقرير بيترا تابلنغ
ترجمة مصطفى السليمان
حقوق الطبع قنطرة 2005

قنطرة

مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف
ينشط "مركز النديم" في القاهرة منذ تأسيسه 1993 ضد العنف المنزلي والإعتداءات الجنسية أيضا. تقرير مارتينا صبرا

www

تقرير منظمة العفو الدولية : دول مجلس التعاون الخليجي: المرأة تستحق الاحترام والكرامة