معهد دراسات الفقه الإسلامي في جامعة توبنغن.....صرح علمي لتخريج الأئمة

تم في جامعة توبنغن الألمانية إنشاء معهد لدراسة الفقه الإسلامي ولتخريج الأئمة ومعلمي مادة التربية الإسلامية بدرجة البكالوريوس. وقبل إنشاء هذا المعهد كان يتم تدريس القليل فقط من معلمي مادة التربية الإسلامية في ألمانيا. زابينه ريبرغر تسلط الضوء على هذا المعهد.

الكاتبة ، الكاتب: Christoph Dreyer



بدأ العمل في أوَّل معهد ألماني للعلوم الشرعية وتدريس الفقه الإسلامي في جامعة توبنغن. ويعد هذا المعهد واحدًا من بين أربعة معاهد في ألمانيا لتدريس الفقه الإسلامي والعلوم الشرعية باللغة الألمانية. فبالإضافة إلى هذا المعهد الموجود في مدينة توبنغن توجد معاهد أخرى في كلّ من أوسنابروك/مونستر وإرلانغن/نورنبرغ وفرانكفورت/غيسن، بيد أنَّ هذه المعاهد لن تبدأ التدريس قبل سنة 2012. كما ستتولى الحكومة الألمانية الاتحادية في الأعوام الخمسة القادمة تمويل الأساتذة والموظفين العاملين في هذه المعاهد الأربعة. ومن المقرَّر تخصيص عشرين مليون يورو لهذا الغرض.

يوجد في المدارس الألمانية نحو سبعمائة ألف طالب مسلم، وحسب تقديرات وزارة التربية والتعليم الألمانية الاتحادية فستكون هناك حاجة في الأعوام القادمة إلى نحو ألفي معلم لمادة التربية الإسلامية. وكذلك ستكون هناك حاجة ملحة إلى وجود أئمة ممن درسوا باللغة الألمانية في جامعات حكومية محلية واعتادوا على الحياة في ألمانيا. وحتى الآن كان يأتي في كلِّ عام من تركيا إلى ألمانيا نحو مائة إمام لا يتقنون اللغة الألمانية ولا يعرفون الكثير عن هذا البلد الذي يستضيفهم؛ وقبل ذلك كانوا يعملون في تركيا لأربعة أو خمسة أعوام أئمة في المساجد. ويتضح من ذلك مدى أهمية إنشاء معاهد جديدة لتدريس العلوم الشرعية والفقه الإسلامي.

بكالوريوس الفقه الإسلامي لمدة ثمانية فصول

الأستاذ والباحث المختص بالعلوم الإسلامية عمر حمدان الذي كان يعمل حتى فترة قصيرة في معهد الدراسات الإسلامية في جامعة برلين الحرة

​​تبدأ الدراسة الآن في العاشر من شهر تشرين الأوَّل/أكتوبر الجاري في معهد العلوم الشرعية في جامعة توبنغن مع أوَّل دفعة من الطلبة تضم عشرين طالبًا. ومن المفترض أن يتم ربط بكالوريوس "الفقه الإسلامي" الذي تستغرق دراسته ثمانية فصول دراسية أيضًا بموضوعات عامة من العلوم الإنسانية والثقافية والاجتماعية. وحسب رئيس جامعة توبنغن، الأستاذ بيرند إنغلر، فقد اهتم المعنيون قبل كلِّ شيء بجلب المدرِّسين الجامعيين الحاصلين على أفضل المؤهلات إلى توبنغن. ولهذا السبب يفترض ألاّ يتم منح الأربعة مقاعد المخصصة للأساتذة في هذا المعهد باستعجال، بل من خلال تعيين أساتذة وزائرين من الممكن أن يكونوا أيضًا قادمين من دول الخارج.

 

وعلى المدى الطويل من المفترض كذلك تعيين ستة أساتذة في هذا المعهد. وحتى الآن تم تعيين أستاذ واحد فقط في المعهد - الأستاذ والباحث المختص بالعلوم الإسلامية عمر حمدان الذي كان يعمل حتى فترة قصيرة في معهد الدراسات الإسلامية في جامعة برلين الحرة، حيث كان يُعنى هناك بأبحاث عن التاريخ المشترك بين الديانتين اليهودية والمسيحية والإسلام. ولكن الدكتور عمر حمدان تربطه علاقات طويلة بجامعة توبنغن؛ فقد درس في جامعتي القدس وتوبنغن العلوم الإسلامية والعربية والدراسات الدينية المقارنة، كما أنَّه نال في توبنغن درجة الدكتوراه في عام 1995. وبالإضافة إلى ذلك عمل عمر حمدان في نشر وتأليف العديد من الدراسات والمقالات وفي تحرير كثير من المخطوطات الخاصة بالعلوم القرآنية والفقه الإسلامي. ويقول عمر حمدان إنَّه ينظر بشوق إلى عمله في هذا المعهد الجديد في توبنغن: "كان دائمًا حلمي أن أدير معهدا للعلوم الشرعية الإسلامية وأن أساهم فيه".

تخريج جيل جديد على أساس جيِّد

"وجود هذا الاختصاص في جامعة ألمانية شهيرة مثل جامعة توبنغن يعد فرصة جديدة لتخريج كوادر جديدة من المسلمين المختصين في ألمانيا"

​​الأستاذ الدكتور عمر حمدان مسلم من أتباع المذهب السنِّي، كما أنَّه فلسطيني يحمل جواز سفر إسرائيلي. وقبل أعوام طويلة تعلم اللغة الألمانية ضمن إطار مشروع لتبادل الطلبة. وهو الآن متزوِّج في ألمانيا وأب لثلاث بنات. ولكن الباحث عمر حمدان يصف أيضًا كتبه العديدة بأنَّهم "أولاده". كما يريد التبرّع بقسم كبير من مكتبته الخاصة التي تضم أكثر من ثلاثة آلاف كتاب لهذا المعهد الجامعي الجديد، فهذه المراجع حسب قوله ضرورية هناك: "حان الوقت لنخرِّج جيلاً جديدًا على أساس جيِّد علميًا وأكاديميًا". وهذا الجيل يجب أن يتمكَّن أخيرًا من الشعور بالاستقرار والراحة في ألمانيا، مثلما يقول عمر حمدان.

ولا يركز حمدان في عمله فقط على الفقه الإسلامي والتربية الدينية، بل على التعليم بين الثقافات وكذلك على الحوار بين الأديان. ولكنه يهتم أيضًا بالبحث العلمي، ويقول: "تتصدّر اهتمامي بالبحث العلمي علوم القرآن وكذلك أيضًا مخطوطات القرآن وعلوم الحديث". ويهتم الباحث عمر حمدان أيضًا بتاريخ فجر الإسلام وما قبل الإسلام.

كوادر جديدة من المسلمين المختصين

يعيش عدنان فيتيش المولود عام 1990 في البوسنة والهرسك منذ أربعة عشر عامًا في ألمانيا، وفي هذا العام أنهى دراسته الثانوية وتقدَّم بطلب للدراسة في معهد العلوم الشرعية والفقه الإسلامي. لقد اهتم عدنان فيتيش منذ طفولته بالإسلام، وذلك بسبب وجود الكثير من الأئمة في عائلته، بالإضافة إلى أنَّ والده إمام. وهو يرى أنَّ وجود هذا الاختصاص في جامعة ألمانية شهيرة مثل جامعة توبنغن يعد "فرصة جديدة لتخريج كوادر جديدة من المسلمين المختصين في ألمانيا، سوف تكون قادرة فيما بعد على تقديم الدعم للمسلمين في الجمعيات والنوادي والاتحادات والروابط الإسلامية، وعلى تمثيلهم والاهتمام بتحسين صورة الإسلام".

وحتى الآن لا يستطيع عدنان فيتيش القول إن كان سيصبح فيما بعد معلمًا لمادة التربية الإسلامية أو إمامًا أو إن كان سيفضِّل العمل الأكاديمي. ولكن على أية حال سوف تكون هناك حاجة له في جميع هذه المجالات. وكذلك ما يزال من غير الواضح كم طالبًا من طلبة هذا المعهد في غوتنغن سيصبحون أئمة. وعندما ينهي الطلبة دراستهم بدرجة البكالوريوس أو الماجستير، فعندئذ سوف يكون بوسعهم التقدّم للعمل في منطقة ما كأئمة. وثم يمكن أن تقرّر هذه المنطقة إن كان المتقدِّم للعمل مناسبا؛ وبالطبع هذا ليس من واجب الجامعة.

 

زابينه ريبرغر
ترجمة: رائد الباش
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2011