أعنف معارك بين أرمينيا وأذربيجان منذ التسعينيات في مرتفعات قره باغ تهدد بإشعال مواجهة إقليمية كبرى

الجانبان يتبادلان الاتهامات بشأن إطلاق المدفعية الثقيلة: تجدد المخاوف على استقرار منطقة جنوب القوقاز وسقوط عشرات القتلى والمصابين. تصاعدت يوم الإثنين  28 سبتمبر أيلول 2020 حدة القتال بين أرمينيا وأذربيجان على إقليم ناغورنو قرة باغ الجبلي مما أدى إلى سقوط ما لا يقل عن 55 قتيلا في ثاني يوم من الاشتباكات.

وتبادلت قوات البلدين القصف بالصواريخ والمدفعية في أعنف جولات الصراع منذ ما يربو على ربع قرن. وقال أرايك هاروتيونيان زعيم إقليم ناغورنو قرة باغ في إفادة صحفية "هذه الحرب مسألة حياة أو موت".

وقد يجر أي صراع شامل قوى إقليمية كبرى مثل روسيا وتركيا. ولدى موسكو تحالف دفاعي مع أرمينيا بينما تدعم أنقرة سكان أذربيجان من العرق التركي.

وقالت أوليسيا فارتانيان المحللة المختصة بمنطقة جنوب القوقاز في مجموعة الأزمات الدولية "لم نشهد من قبل تصعيدا بهذا الحجم منذ وقف إطلاق النار في الحرب التي وقعت بين البلدين في تسعينيات القرن الماضي. يدور القتال حاليا على كل قطاعات الجبهة".

وقال إقليم ناغورنو قرة باغ إن 53 من جنوده قتلوا في معارك مع قوات أذربيجان يوم الإثنين، وذلك بعد أن أعلن في وقت سابق أن 31 من جنوده قتلوا الأحد إلى جانب 200 أصيبوا في هجوم شنته أذربيجان.

وقال الإقليم أيضا إنه استعاد بعض الأراضي التي خسرها أمس الأحد، لكن زعيمه نفى فيما بعد سيطرة جيش أذربيجان أو جيش أرمينيا على أي مواقع استراتيجية خلال معارك يوم الاثنين. وأوضح أن جيش أذربيجان بدأ هجوما كبيرا على ماتاجيس وتاليش وعلى طول نهر أراكس.

وقال مكتب المدعي العام في أذربيجان إن مدنيين قتلا يوم الاثنين، بعد مقتل خمسة وإصابة 30 أمس الأحد. ولم ترد معلومات رسمية عن سقوط قتلى أو جرحى من جيش أذربيجان.

وأعلنت أذربيجان تعبئة عسكرية جزئية اليوم اثنين بعد إعلان الأحكام العرفية الأحد. وأعلنت أرمينيا وإقليم ناغورنو قرة باغ الأحكام العرفية بعد إعلان التعبئة. ومنعت أرمينيا الرجال الذين تزيد أعمارهم على 18 عاما من مغادرة البلاد.

مخاوف من حرب شاملة

قالت فارتانيان إن استخدام الصواريخ والمدفعية زاد من مخاطر وقوع قتلى وجرح في صفوف المدنيين مما قد يجعل من الصعب وقف التصعيد بالسبل الدبلوماسية. وأردفت قائلة "إذا سقط عدد كبير من القتلى والجرحى، فسيكون من الصعب للغاية احتواء هذه المعارك وسنشهد بالتأكيد حربا شاملة قد تنطوي على تدخل تركيا أو روسيا أو كليهما". ودعت روسيا إلى وقف إطلاق النار على الفور وقالت تركيا إنها ستدعم أذربيجان.

واندلعت الاشتباكات لأول مرة في أواخر الثمانينيات بين الأغلبية المسيحية الأرمينية في ناغورنو قرة باغ وجيرانهم من ذوي الأصول الأذربيجانية، حينما بدأ حكم موسكو الشيوعي السوفيتي في الانهيار.

وأدت حرب شاملة في أوائل التسعينات إلى طرد مئات الآلاف من الأذربيجانيين فيما تخلص الإقليم من سيطرة باكو بدعم كبير من أرمينيا وأصبح يتمتع بالحكم الذاتي.

وجددت الاشتباكات المخاوف بشأن الاستقرار في منطقة جنوب القوقاز وهي ممر لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز للأسواق العالمية.

وقالت أنجيلا فرانجيان وهي صانعة أفلام وثائقية في ناغورنو قرة باغ إن السكان لجأوا للمخابئ وإن أصوات القصف مسموعة باستمرار مشيرة إلى أن كل المتاجر أغلقت وأصبحت الشوارع مهجورة.

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يوم الإثنين إنه ينبغي على أرمينيا الانسحاب فورا من أراضي أذربيجان التي تحتلها وإن الوقت قد حان لإنهاء الأزمة في إقليم ناغورنو قرة باغ.

وناقش رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تصاعد أعمال العنف خلال اتصال مع إردوغان يوم الاثنين. وقال مكتب جونسون إن بريطانيا تدعو إلى وقف التصعيد في ناغورنو قرة باغ على الفور.

وقال دبلوماسيون إن بريطانيا وبلجيكا وإستونيا وفرنسا وألمانيا تعتزم مناقشة الأمر في مجلس الأمن الدولي الثلاثاء.

دعم تركي

وندد برلمان أرمينيا يوم الاثنين بما وصفه بأنه "هجوم عسكري شامل" من أذربيجان على ناغورنو قرة باغ.

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأرمينية إن خبراء عسكريين أتراكا يقاتلون إلى جانب أذربيجان وإن تركيا قدمت طائرات مسيرة وطائرات حربية. ونفت أذربيجان هذه المزاعم ولم تعلق تركيا.

لكن مسؤولين كبارا، بمن فيهم إردوغان، الذي يستعرض بشكل متزايد عضلات تركيا العسكرية في الخارج، تعهدوا بدعم باكو.

ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن المسؤول الإعلامي لوزارة الدفاع في أذربيجان أنار إفيازوف قوله إن جيش بلاده سيطر على عدد من المرتفعات الاستراتيجية قرب قرية تاليش في ناغورنو قرة باغ.

وأشار إلى أن قائد كتيبة هجومية محمولة جوا في الجيش الأرميني قتل قرب تاليش. وقالت أرمينيا إن هذه معلومات مضللة. وقال مقاتلان من المعارضة السورية المدعومة من تركيا في شمال سوريا لرويترز الأسبوع الماضي إنه يجري إرسالهم لدعم أذربيجان بالتنسيق مع أنقرة، في الوقت الذي تعهدت فيه أنقرة بتكثيف دعمها لحليفتها ذات الغالبية المسلمة.

ولم يتسن لرويترز التحقق من ذلك بشكل مستقل.

وقال حكمت حاجييف، مساعد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، إن من غير المعقول القول إن مقاتلين سوريين يدعمون بلاده.

ميركل تدعو أرمينيا وأذربيجان إلى وقف إطلاق النار

ودعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الدولتين المتنازعتين، أرمينيا وأذربيجان، إلى وقف إطلاق النار في الصراع على منطقة ناغورنو كاراباخ. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت في برلين يوم الثلاثاء 29 / 09 / 2020 إن ميركل أجرت اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف. كما أوضحت المستشارة أن من الضروري على نحو مُلح وقف إطلاق النار وإجراء المفاوضات، مشيرة إلى أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من الممكن أن تكون أساسا لذلك.

وتشهد المنطقة الواقعة جنوب القوقاز منذ يوم الأحد معارك أسفرت عن سقوط عشرات القتلى من الجانبين. وأعلنت أرمينيا وأذربيجان حالة الحرب. ويدعو المجتمع الدولي إلى وقف فوري للقتال والعودة إلى طاولة المفاوضات.

وإلى جانب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، عرضت روسيا التوسط في النزاع.

الليرة التركية تسجل مستوى قياسي منخفض جديد مقابل الدولار

وسجلت الليرة التركية يوم الثلاثاء 29 / 09 / 2020 أدنى مستوى لها على الإطلاق أمام الدولار. ولفتت وكالة "بلومبرج" للأنباء إلى أن هذا التراجع يأتي وسط حالة القلق إزاء القتال بين أذربيجان وأرمينيا، وكذلك وسط ترقب لإعلان وزارة الخزانة والمالية عن الأرقام المستهدفة للنمو والتضخم وعجز الموازنة للسنوات الثلاثة القادمة.

ووصل سعر صرف الدولار إلى 8477ر7 ليرة صباح الثلاثاء. ومن المقرر أن يعلن وزير المالية التركي براءت ألبيرق البيانات في مؤتمر صحفي عن الساعة 11 صباحا بالتوقيت المحلي. وكان البنك المركزي التركي رفع نهاية الأسبوع الماضي سعر الفائدة الرئيسي للمرة الأولى منذ حدوث أزمة العملة أواخر عام 2018، حيث قررت لجنة السياسة النقدية بقيادة محافظ البنك المركزي، مراد أويصال، رفع سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء القياسي لأجل أسبوع، من 25ر8 بالمئة إلى 25ر10 بالمئة، في خطوة فاجأت المحللين الذين كانوا يتوقعون الإبقاء على أسعار الفائدة.

سندات أذربيجان وأرمينيا السيادية تواصل تراجعها مع احتدام القتال

وسجلت السندات السيادية لأرمينيا وأذربيجان المقومة بالدولار المزيد من التراجع يوم الثلاثاء 29 / 09 / 2020 مع استمرار القتال بين البلدين بشأن منطقة ناغورنو قرة باغ المنشقة.

وكشفت بيانات رفينيتيف أن إصدارات أذربيجان استحقاق سبتمبر أيلول 2032 وسبتمبر أيلول 2029 فقدت نحو ثلاثة سنتات في الدولار وتراجعت سندات سبتمبر أيلول 2032 إلى 96.7 سنت.

كما أظهرت البيانات أن سندات أرمينيا استحقاق مارس آذار 2025 فقدت 1.6 سنت لتسجل 109.2 سنت.

وتبادلت قوات أرمينيا وأذربيجان الاتهامات يوم الثلاثاء بقصف مواقع حدودية على بعد أميال من منطقة النزاع ناغورنو قرة باغ في ثالث يوم من أسوأ موجة قتال بين البلدين منذ التسعينيات.

إنترفاكس: رئيس أذربيجان يقول 10 مدنيين قتلوا في قصف أرميني منذ بدء القتال

وذكرت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء يوم الثلاثاء نقلا عن رئيس أذربيجان إلهام علييف أن عشرة مدنيين لقوا مصرعهم منذ بدء القتال مع قوات أرمينيا يوم الأحد بسبب منطقة ناغورنو قرة باغ المنشقة.

وتتبادل قوات أرمينيا وأذربيجان الاتهامات بإطلاق النار على مواقع حدودية وأماكن مدنية في ناغورنو قرة باغ في قتال من أعنف ما دار من معارك منذ التسعينيات.

أرمينيا: قوات أذربيجان قصفت وحدة عسكرية أرمينية بعيدة عن ناغورنو قرة باغ

وقالت وزارة الدفاع في أرمينيا إن القوات الأذربيجانية قصفت وحدة عسكرية أرمينية في بلدة واردنيس الحدودية على بعد أميال من منطقة ناغورنو قرة باغ المنشقة التي كانت محور اشتباكات في الأيام القليلة الماضية. وذكرت الوزارة في بيان أن النيران اشتعلت في حافلة مدنية بعد أن أصابتها طائرة أذربيجانية مسيرة.

من جهة أخرى، نفت أرمينيا تقريرا أصدرته وزارة الدفاع الأذربيجانية بأن جيشها قصف منطقة داشكسن على الحدود بين البلدين.

محاربان: تركيا تنشر مقاتلين سوريين لدعم أذربيجان وباكو تنفي صحة اتهامات أرمينيا بأن سوريين يقاتلون

تركيا تدعم باكو وكانت أرسلت بالفعل مقاتلين سوريين إلى ليبيا والتحرك ربما يضيف مسرحا جديدا للتنافس بين تركيا وروسيا. وقال مقاتلان من المعارضة السورية إن تركيا ترسل مقاتلين سوريين من المعارضة لدعم أذربيجان في صراعها المتصاعد مع جارتها أرمينيا، في الوقت الذي تعهدت فيه أنقرة بتكثيف الدعم لحليفتها ذات الغالبية المسلمة.

والاشتباكات الدائرة حول إقليم ناغورنو قره باغ هي الأعنف منذ عام 2016، مع أنباء عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى.

وقال سفير أرمينيا في موسكو يوم الإثنين 28 / 09 / 2020 إن تركيا أرسلت نحو 4000 مقاتل من شمال سوريا إلى أذربيجان وإنهم يقاتلون هناك، وهو ما نفاه أحد مساعدي إلهام علييف رئيس أذربيجان.

وقالت أرمينيا أيضا إن خبراء عسكريين أتراكا يقاتلون إلى جانب أذربيجان في ناغورنو قره باغ، وهي منطقة جبلية منشقة عن أذربيجان يديرها منحدرون من أصل أرمني، وإن أنقرة قدمت طائرات مسيرة وطائرات حربية.

ونفت أذربيجان صحة هذه التقارير. ولم تعلق تركيا حتى الآن، بالرغم من أن مسؤولين كبارا منهم الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي يستعرض بشكل متزايد قوة بلاده العسكرية في الخارج، تعهدوا بدعم باكو.

وقال المقاتلان، المنتميان لجماعات معارضة مدعومة من تركيا في مناطق شمال سوريا الخاضعة للسيطرة التركية، إنهما في طريقهما إلى أذربيجان بالتنسيق مع أنقرة.

ورفض المقاتلان نشر اسميهما نظرا لحساسية الأمر. ولم يتسن لرويترز التحقق من صدق روايتهما بشكل مستقل.

وقال مقاتل حارب في سوريا لصالح جماعة أحرار الشام، وهي جماعة تدعمها تركيا، "لم أكن أرغب في الذهاب، لكن ليس لدي أي أموال. الحياة صعبة للغاية والفقر شديد".

 1500 دولار شهريا

وقال كلا الرجلين إن قادة الكتائب السورية أبلغوهما بأنهما سيتحصلان على حوالي 1500 دولار شهريا، وهو راتب كبير في سوريا التي انهار اقتصادها وعملتها.

وقال أحد الرجلين إنه رتّب مهمته مع مسؤول من الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا في عفرين، وهي منطقة في شمال غرب سوريا فرضت تركيا وحلفاؤها في المعارضة السورية السيطرة عليها قبل عامين.

ولم يرد متحدث باسم الجيش الوطني السوري، وهو مظلة لجماعات المعارضة السورية المدعومة من تركيا، على طلب للتعليق.

وقال المقاتل الآخر، وهو من فصيل جيش النخبة التابع للجيش الوطني السوري، إنه جرى إبلاغه بأنه تقرر نشر ما يقرب من 1000 سوري في أذربيجان. وتحدث معارضون آخرون، رفضوا الكشف عن أسمائهم، عن أعداد تتراوح بين 700 و1000.

وقال الرجلان اللذان تحدثا إلى رويترز الأسبوع الماضي إنهما يتوقعان إيفادهما في 25 سبتمبر أيلول 2020 لحراسة منشآت لكن ليس للقتال. ولم تتمكن رويترز من الاتصال بهما يوم الاثنين للتأكد من مكان وجودهما حاليا.

وقال حكمت حاجييف، مساعد رئيس أذربيجان لشؤون السياسة الخارجية، إن القول بأن مقاتلين سوريين يأتون لمساعدة بلاده هو "محض هراء". وأضاف "قواتنا المسلحة لديها ما يكفي من الأفراد وقوات الاحتياط".

وفي السنوات الماضية، سعت تركيا لممارسة النفوذ في الخارج بتوغلات في سوريا والعراق المجاورتين والدعم العسكري للحكومة المعترف بها دوليا في ليبيا.

وقالت تركيا مرارا إنها مستعدة أيضا لتقديم الدعم لأذربيجان التي تربطها بها علاقات تاريخية وثقافية قوية وتدير معها مشاريع مشتركة في مجال الطاقة.

التنافس مع روسيا

وحضر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار تدريبات عسكرية مشتركة في أذربيجان في أغسطس آب 2020، واستغل إردوغان خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي لاتهام أرمينيا بمهاجمة جارتها.

وساهم القلق من أن تركيا قد تشارك بشكل أكبر في هذا الصراع في تراجع عملتها إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار يوم الاثنين.

ولم يؤكد مصطفى سيجري، أحد المعارضين البارزين في سوريا، نشر مقاتلين في أذربيجان، لكنه قال إن تركيا صارت "الأمل الوحيد" المتبقي لمعارضي الرئيس السوري بشار الأسد الذي استعاد معظم الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا بدعم روسي وإيراني.

وقال إن تحالف المعارضة مع تركيا يتخذ أشكالا مختلفة وإنه حقا مصير مشترك، مضيفا أنه لا يستبعد أن تصبح تركيا خيارا استراتيجيا للشبان السوريين.

واستخدمت تركيا بالفعل مقاتلين سوريين للمساعدة في صد هجوم على العاصمة الليبية طرابلس هذا العام 2020 من قبل قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر، بدعم من روسيا وآخرين.

ومن شأن استخدام مقاتلي المعارضة في سوريا أن يخلق مسرحا ثالثا للتنافس بين أنقرة وموسكو التي لها قاعدة عسكرية في أرمينيا وتعتبرها شريكا استراتيجيا في جنوب القوقاز وتمدها بالأسلحة. ولم تعلق روسيا على تقارير إرسال مقاتلين سوريين إلى أذربيجان.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن موسكو تتابع الموقف عن كثب وإنه يتعين حل الصراع عبر السبل الدبلوماسية.

أردوغان: على أرمينيا الانسحاب فورا من أراضي أذربيجان

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يوم الاثنين 28 / 09 / 2020 إنه ينبغي على أرمينيا الانسحاب فورا من أراضي أذربيجان التي قال إنها تحتلها، وإن الوقت قد حان لإنهاء الأزمة في إقليم ناغورنو قرة باغ بعد اشتباكات بين قوات البلدين.

وقُتل العشرات في الاشتباكات العنيفة التي استمرت يوم الإثنين لليوم الثاني بين أرمينيا وأذربيجان بسبب الإقليم الذي يقع داخل أذربيجان لكن يديره الأرمن. وتعهدت أنقرة بدعم باكو في هذا الصراع.

وقال إردوغان في تصريحات أدلى بها في مناسبة في اسطنبول "حان الوقت لإنهاء الأزمة في المنطقة والتي بدأت باحتلال ناغورنو قرة باغ. سيعم السلام المنطقة مرة أخرى بمجرد انسحاب أرمينيا من الأراضي التي تحتلها في أذربيجان".

وقال إن مجموعة مينسك، التي تقودها روسيا وفرنسا والولايات المتحدة للوساطة بين الدولتين، أخفقت في حل القضية على مدى ما يقرب من 30 عاما.

وتابع إردوغان قائلا إن أذربيجان "باتت مضطرة إلى حل مشاكلها بنفسها شاءت أم أبت... تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب ... أذربيجان بكل الإمكانيات".

ولم يتطرق بشكل مباشر لما إذا كانت تركيا تلعب دورا نشطا في الصراع في الوقت الحالي كما تقول أرمينيا. ونفت أذربيجان هذه المزاعم. ووردت أنباء عن أن الاشتباكات شملت القوات الجوية والمدفعية الثقيلة.

وفي وقت سابق، قال وزير الدفاع التركي خلوص أكار "يجب أن توقف أرمينيا هجماتها على الفور وتعيد المرتزقة والإرهابيين الذين أتت بهم من الخارج وتنسحب من أراضي أذربيجان"، مضيفا أن من الضروري وقف إطلاق النار وإحلال السلام.

ويشكل الأرمن الأغلبية العظمى من سكان ناغورنو قرة باغ ويرفضون حكم باكو. وتتبادل أرمينيا وأذربيجان الاتهامات بشكل متكرر بشأن هجمات في المنطقة رغم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار عام 1994.

إردوغان يدعو إلى إنهاء "الاحتلال" الأرمني لناغورني قره باغ

ودعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الإثنين إلى إنهاء "الاحتلال" الأرمني لناغورني قره باغ لوضع حد للقتال الدامي بين الانفصاليين المدعومين من أرمينيا والقوات الأذربيجانية.

وقال "حان الوقت لإنهاء هذه الأزمة التي بدأت مع احتلال ناغورني قره باغ". وأضاف إردوغان الذي تعتبر بلاده الداعم الرئيسي لأذربيجان "فور انسحاب أرمينيا من الأراضي التي تحتلها، ستستعيد المنطقة السلام والوئام".

وتابع "أي طلب أو اقتراح آخر لن يكون غير عادل وغير قانوني فحسب بل سيكون بمثابة استمرار لإفساد أرمينيا".

وتعتبر تركيا أن أرمينيا "تحتل" ناغورني قره باغ عبر الانفصاليين الذين أعلنوا جمهورية مستقلة هناك العام 1991 بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.

ولفت إردوغان إلى أن "تركيا ستواصل الوقوف بجانب الدولة الشقيقة والصديقة أذربيجان بكل الوسائل الممكنة"، مؤكدا دعم بلاده المستمر لباكو منذ بداية هذه الأزمة.

وقتل العشرات خلال 24 ساعة في المعارك بين الانفصاليين في ناغورني قره باغ المدعومين من أرمينيا وأذربيجان، وفق أحدث حصيلة الاثنين، ما أثار مخاوف من اندلاع حرب مفتوحة بين الجانبين.

واعتبر الاتحاد الأوروبي الإثنين أن الوضع في قره باغ "مقلق للغاية" وأي تدخل في هذه المنطقة "غير مقبول".

ومنطقة ناغورني قره باغ في صلب العلاقات المتوترة بين يريفان وباكو. وألحقت السلطات السوفييتية هذا الجيب الذي تسكنه أغلبية أرمينية بأذربيجان العام 1921، لكنه أعلن استقلاله عام 1991 بدعم من أرمينيا.

وتلا ذلك حرب أدت إلى مقتل 30 ألف شخص ونزوح مئات الآلاف. ورغم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار عام 1994 وقيام وساطة روسية أميركية فرنسية تحت اسم "مجموعة مينسك"، تستمر الاشتباكات بين الطرفين.

معارك ناغورني قره باغ تحتدم وتحصد عشرات القتلى وأنقرة تحذّر يريفان

وتواصلت المعارك الدامية الإثنين بين القوات الأذربيجانية والانفصاليين الأرمن في ناغورني قره باغ، في حين عزّز الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المخاوف من تصعيد إضافي بخطاب عالي النبرة دعم فيه باكو.

من جهتهم، حضّ قادة دول العالم الجانبين على وقف المعارك بعدما أثار أعنف تصعيد تشهده المنطقة منذ العام 2016 المخاوف من اندلاع حرب جديدة بين أرمينيا وأذربيجان.

ومنذ الأحد 27 / 09 / 2020، تخوض القوات الانفصالية المدعومة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً من أرمينيا، والقوات الأذربيجانية، معارك دموية هي الأعنف في المنطقة منذ عام 2016.

وأعلنت السلطات الانفصالية أنّ 26 من عسكرييها قتلوا مساء الإثنين في المعارك ضدّ القوات الأذربيجانية، لترتفع بذلك حصيلة خسائرها البشرية منذ اندلاع المواجهات الأحد إلى 84 قتيلاً.

وكان المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأرمنية أرتسرون هوفهانيسيان قال قبيل ساعات من ذلك إنّ القوات الأذربيجانية شنّت مساء الإثنين "هجوماً كبيراً على القطاعين الجنوبي والشمالي الشرقي من حدود قره باغ".

بالمقابل، أعلنت النيابة العامة الأذربيجانية أن مدنيين قتلا مساء الإثنين في قصف شنّه الانفصاليون الأرمن.

وبذلك ترتفع الحصيلة الأولية لضحايا المعارك إلى 95 قتيلاً بينهم 11 مدنياً: تسعة في أذربيجان واثنان في الجانب الأرمني.

ومنذ اندلاع المعارك الأحد لم تعلن أذربيجان عن حصيلة قتلاها العسكريين.

وتطالب أذربيجان، البلد الناطق بأحد فروع اللغة التركية وذو الغالبية الشيعية، باستعادة السيطرة على ناغورني قره باغ، الإقليم الجبلي ذي الغالبية الأرمنية والذي لم يعترف المجتمع الدولي، ولا حتى أرمينيا، بانفصاله عن باكو عام 1991.

ويخشى إذا ما اندلعت حرب مباشرة بين أذربيجان المسلمة وأرمينيا ذات الغالبية المسيحية أن تُستدرج إلى النزاع قوتان إقليميتان هما روسيا وتركيا.

وبالفعل فقد دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الإثنين أرمينيا إلى وضع حد لما وصفه بـ"احتلال ناغورني قره باغ".

وقال إردوغان "ستواصل تركيا الوقوف إلى جانب البلد الشقيق والصديق أذربيجان من كل قلبنا وبكل الوسائل"، مشجعاً باكو على "الإمساك بزمام الأمور".

لكنّ سائر القوى الاقليمية والدولية، وفي مقدّمها روسيا وفرنسا والولايات المتحدة وفرنسا وإيران والاتحاد الأوروبي، دعت إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وقرر مجلس الأمن الدولي أن يعقد اجتماعاً طارئاً مغلقاً الثلاثاء، بدعوة من برلين وباريس، لبحث الوضع، وفق ما أفاد دبلوماسيون فرانس برس.

من جانبه، رأى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن الأولوية هي "لوضع حد لأعمال عنف، وليس لتحديد من على خطأ ومن على صواب".

وتندّد أرمينيا وناغورني قره باغ من جهتهما بـ"تدخّل" تركي، متهمتين أنقرة بتوفير السلاح و"خبراء عسكريين" وطيارين وطائرات مسيرة لباكو. وأكّدت يريفان أيضاً أن أنقرة أرسلت آلاف "المرتزقة" من سوريا إلى المنطقة.

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن تركيا نقلت أكثر من 300 مقاتل من الأراضي السورية إلى ناغورني قره باغ.

ورفضت وزارة الدفاع الأذربيجانية تلك الاتهامات، مؤكدةً أن "مرتزقة من الاثنية الأرمنية" من الشرق الأوسط يقاتلون إلى جانب الانفصاليين.

أعلن بدوره متحدث باسم الخارجية الأوروبية أن "أيّ تدخّل في هذا النزاع ليس مقبولاً"، معتبراً أن تصاعد حدّته "مثير جداً للقلق".

وقال السفير الأرمني في روسيا وارطان توغانيان لوكالة أنباء ريا نوفوستي الروسية إنّ بلاده لن تتردّد في استخدام صواريخ إسكندر البالستية التي زوّدتها بها موسكو إذا استخدمت أنقرة طائرات "إف-16" في النزاع.

ولا يزال الوضع الميداني غير واضح المعالم، مع تأكيد سلطات ناغورني قره باغ الإثنين سيطرتها على مواقع خسرتها في اليوم السابق، فيما تقول أذربيجان إنّها حققت تقدماً إضافياً، مستخدمة الصواريخ والمدفعية والطيران.

وأنفقت باكو في السنوات الماضية الكثير على التسلح معتمدة على عائدات ثروتها النفطية.

وتتبادل أرمينيا وأذربيجان الاتهامات بإشعال المواجهات، اذ تقول باكو إنها شنت "عملية مضادة" ردّاً على "العدوان" الأرمني. واتهم رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان الأحد أذربيجان بـ"إعلان الحرب" على شعبه. وأشعل القتال الحماسة الوطنية في كلا البلدين.

وقال فيدادي اليكبيروف (39 عاماً)، وهو نادل في أحد مقاهي باكو "يجب أن تستمر الاشتباكات ... أنا مستعدّ للذهاب إلى ساحة المعركة".

بالمقابل قال أرتاك بغداسريان (36 عاماً) وهو من سكان يريفان وينتظر استدعاءه للخدمة العسكرية "سنقاتل حتى الموت ونحلّ هذه القضية مرة واحدة وإلى الأبد".

ودعت روسيا وفرنسا والولايات المتحدة، الوسطاء الثلاثة لحل النزاع في إطار مجموعة مينسك، إلى وقف إطلاق نار ومفاوضات، لكن بدون نتيجة.

وتقيم موسكو علاقات ودية مع الطرفين المتحاربين وتُعتبر الحَكَم الإقليمي الأبرز في القضية.

مع ذلك، تُعدّ روسيا أقرب إلى أرمينيا التي تنتمي إلى تحالف عسكري تهيمن عليه موسكو.

وفشلت جميع جهود الوساطة في حل هذا النزاع منذ نحو 30 عاماً، مع تكرار وقوع اشتباكات متقطعة في المنطقة.

وأعلنت الدولتان الأحكام العرفية، وأقرّت أرمينيا التعبئة العامة، فيما فرضت أذربيجان حظر تجول على جزء من البلاد، لا سيّما في العاصمة.

 

 

التصعيد العسكري في قره باغ يهدد بإشعال مواجهة كبرى

زأثارت المعارك العنيفة حول ناغورني قره باغ، الإقليم الأذربيجاني الانفصالي، مخاوف من اندلاع حرب مفتوحة بين أذربيجان وأرمينيا في منطقة تتمتع فيها روسيا وتركيا بنفوذ كبير.

وفي ما يلي، الأسئلة الرئيسية المطروحة بعد التطورات الأخيرة في نزاع يوتّر العلاقات بين الدولتين الجارتين في منطقة القوقاز منذ الانفصال عن الاتحاد السوفياتي السابق.

بعد اعتمادها على مدى أسابيع خطابا عالي السقف ونبرة عسكرية، أعلنت أذربيجان إطلاق هجوم مضاد واصفة الخطوة بأنها رد على خرق وقف إطلاق النار من قبل المتمردين الأرمينيين المسيطرين على المنطقة التي غالبية سكانها من العرقية الأرمينية والتي انفصلت عن أذربيجان بعد معارك عنيفة.

ويقول الانفصاليون المدعومون سياسيا واقتصاديا وعسكريا من يريفان، إن أذربيجان هي التي اعتدت بهدف استعادة السيطرة على المنطقة التي أسفرت المعارك فيها عن مقتل أكثر من 30 ألف شخص بين عامي 1988 و1994.

وفي الفترة اللاحقة، شهدت المنطقة الانفصالية، غير المعترف بها دوليا، اشتباكات متقطّعة بين الجانبين، بقيت خلالها تحت سيطرة الانفصاليين.

وتقول أوليسيا فارتانيان من المجموعة الدولية للأزمات، إن السبب الأساسي لتجدد الاشتباكات هو غياب الوساطة الدولية، على الرغم من اندلاع مواجهات دامية في تموز/يوليو 2020، ليس في قره باخ بل على الحدود الرسمية بين أرمينيا وأذربيجان.

وتضيف فارتانيان "جيّش القتال في تموز/يوليو النفوس وصدرت (في البلدين) دعوات للحرب، للأسف لم يتم احتواؤها بوساطة دولية".

ترافق استئناف الأعمال العدائية الأحد 27 / 09 / 2020 مع تعزيز للقوة النارية، وقد نفّذت أذربيجان غارات جوية، ونشرت دبابات ومدافع وقالت إنها استعادت السيطرة على بعض المواقع.

وتقول فارتانيان "نشهد تحركات منسّقة في مواقع عدة على الحدود، ومعسكرين مدرّبَين ومستعدَّين جيدا".

ومن تبيلسي يقول المحلل جيلا فازادزه "في العام 2016 تركّزت المعارك بشكل أساسي بين وحدات استطلاع. الآن هناك انخراط كامل (في المعارك) واستخدام للأسلحة الثقيلة".

ووصف إعلان أرمينيا وقره باغ الأحكام العرفية والتعبئة العسكرية وإعلان أذربيجان تكليف الجيش سلطات إنفاذ القانون، بأنه "سابقة" منذ تسعينيات القرن الماضي.

وتقول باكو إنها سيطرت على جبل استراتيجي، وفي حال ثبت ذلك، سيجعل هذا الأمر مدينة ستيباناكرت، كبرى مدن المنطقة الانفصالية، في مرمى نيرانها.

لكن فازادزه يعتبر أن أيا من الطرفين لا يملك "الموارد الكافية" لخوض حرب "بهذا الحجم لفترة طويلة".

يقول فازادزه إن توغلا عسكريا في عمق أراضي أرمينيا أو أذربيجان، وليس الاشتباك الحدودي، هو ما يمكن أن يدفع موسكو أو أنقرة إلى التدخل.

يمكن لتركيا أن تدعم باكو بموجب الاتفاقات العسكرية المبرمة بين البلدين. في المقابل تُعتبر روسيا أكبر الحلفاء المقربين ليريفان التي يربطها بموسكو تحالف عسكري.

ويعتبر فازادزه أن "التدخل المباشر لن يفيد موسكو وأنقرة"، بل سيعرّض "الروابط الاقتصادية التي تجمع القوتين الإقليميتين" للخطر.

في المقابل تشير فارتانيان إلى تزايد دعم أنقرة لباكو، بدليل المناورات العسكرية المشتركة التي جرت في آب/أغسطس 2020، والتي كانت الأكبر على الإطلاق بين البلدين.

وتقول "بالإضافة إلى التسليح، لم تتّضح بعد ماهية الدعم الذي قد تقدّمه تركيا. خيارات كثيرة مطروحة على الطاولة".

وتتّهم أرمينيا باكو بأنها تلقى دعما من مرتزقة مرتبطين بالقوات التركية المنتشرة في سوريا، خصوصا من خبراء عسكريين وموجّهي طائرات مسيّرة. كذلك تتّهم أذربيجان أرمينيا بنشر مرتزقة.

وبحسب فارتانيان، وحدها مجموعة مينسك -هيئة الوساطة القائمة منذ العام 1992 والتي تضم فرنسا وروسيا والولايات المتحدة- يمكنها تهدئة التوترات. وتقول "على الدبلوماسيين أن يستأنفوا جولاتهم وأن يتحدّثوا مع الجانبين".

لكن فازادزه يؤكد ضرورة "تعزيز التدخل" الأميركي والأوروبي، إذ يعتقد أن لدى موسكو دوافع مبيّتة.

ويقول "هدف روسيا ليس حل النزاع بل على العكس من ذلك، إشعاله دوريا، لاستعادة نفوذها الإقليمي". رويترز ، د ب أ ، أ ف ب