إسلامويون متهمون بهجمات إرهابية دامية بعيد الفصح المسيحي في سريلانكا: نحو 300 قتيل و500 جريح

وقف الشعب السريلانكي صباح الثلاثاء 23 / 04 / 2019 ثلاث دقائق صمت في كل أنحاء البلاد حدادا على ضحايا سلسلة تفجيرات أحد الفصح الانتحارية الذين وصل عددهم الى نحو 300 قتيل.

وتم تنكيس الأعلام الوطنية وأحنى السريلانكيون رؤوسهم مع بدء دقائق الصمت عند الساعة 8,30 صباحا بالتوقيت المحلي 03,00 ت غ)، وهو الوقت الذي وقع فيه التفجير الأول يوم الأحد.

قبل أن توجه السلطات في سريلانكا الإثنين 22 / 04 / 2019 أصابع الاتهام إلى "جماعة التوحيد الاسلامية" بالمسؤولية عن سلسلة الاعتداءات التي ضربت البلاد الأحد، لم تكن هذه المجموعة متهمة بأكثر من تخريب معابد بوذية قبل أشهر عدة.

ويعتبر مفاجئا إلى حد كبير انتقال "جماعة التوحيد الإسلامية" من مواجهة الرهبان البوذيين المتطرفين، إلى تنفيذ اعتداءات انتحارية ضخمة استهدفت فنادق وكنائس يوم عيد الفصح.

ومع مواصلة التحقيقات، أعلنت السلطات السريلانكية حتى هذا الوقت يوم الإثنين اعتقال 24 شخصا قد يكونون متورطين في اعتداءات الأحد التي أوقعت نحو 300 قتيل ولم يعلن أي طرف بعد مسؤوليته عنها.

وأعلنت السلطات أن هذه الجماعة مسؤولة عن موجة الاعتداءات الضخمة هذه، وأكدت أنها تسعى لمعرفة ما إذا استفادت من دعم خارجي. وقال متحدث باسم الحكومة "لا نرى كيف يمكن لمنظمة صغيرة في هذا البلد أن تكون قادرة على القيام بكل هذا".

واعتبر مركز صوفان للدراسات حول الأمن في العالم، ومقره نيويورك، أن التخطيط الدقيق للاعتداءات المنسقة في سريلانكا يشبه كثيرا "الاعتداءات التي تقوم بها عادة مجموعات سلفية جهادية، خاصة المجموعات المحلية التي تتلقى دعما خارجيا".

ويرى مركز صوفان أوجه شبه بين اعتداءات سريلانكا وتلك التي ضربت إندونيسيا خلال عيد الميلاد عام 2000 وقام بها تنظيم محلي متطرف بالتعاون مع تنظيم القاعدة، كما تشبه أيضا اعتداءات انتحارية استهدفت عام 2005 فنادق في العاصمة الأردنية.

وتابع المركز أن "هذه الاعتداءات هدفها توتير الوضع بين المجموعات الطائفية وزعزعة حكومات الدول التي تقع فيها".

ويسعى تنظيما القاعدة والدولة الإسلامية منذ سنوات عدة إلى التحرك داخل المجموعات الإسلامية في شبه القارة الهندية. والشعار المستخدم لتجنيد الانصار هناك هو تعرض المسلمين في هذه المناطق للاضطهاد.

وتسلطت الأضواء للمرة الأولى على "جماعة التوحيد الوطنية" عندما قام أنصارها بتخريب تماثيل بوذية في كانون الأول/ديسمبر الماضي 2018، ما أثار غضب البوذيين الذين يشكلون أكثرية في سريلانكا.

وسبق أن اعتقلت سلطات سريلانكا مرارا عبد الرازق المسؤول في هذه الجماعة بتهمة الحض على الكراهية الدينية.

وفي كانون الثاني/يناير الماضي 2019 ضبطت الشرطة السريلانكية نحو مئة كيلوغرام من المتفجرات الشديدة القوة واعتقلت أربعة إسلامويين متطرفين على علاقة بمكان العثور عليها، إلا أن السلطات لم تذكر بالاسم أي مجموعة إسلامية متطرفة على علاقة بالمتفجرات.

ويدور حاليا جدل في سريلانكا حول ما إذا كانت السلطات قد اتخذت الاحتياطات الامنية الكافية في البلاد لتجنب وقوع اعتداءات من هذا النوع.

وتسربت معلومات صحافية تفيد بأن الشرطة تبلغت قبل عشرة أيام معلومات تفيد بأن "جماعة التوحيد الوطنية" قد تكون في طور الإعداد لارتكاب اعتداءات واسعة في سريلانكا.

وحصلت فرانس برس على نص وثيقة يتضمن هذا التحذير مع الإشارة إلى أن المعلومات الواردة فيها مصدرها "وكالة استخبارات أجنبية".

وأدان مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين، الهجمات الإرهابية التي شهدتها سريلانكا ووصفها بأنها "بشعة وجبانة"  وقدم تعازيه لأسر الضحايا. وقال المجلس في بيان: "أكد أعضاء مجلس الأمن من جديد أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يمثل أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين".

خريطة سريلانكا
خريطة سريلانكا

وأضاف أن أعضاء المجلس أكدوا على الحاجة إلى "محاسبة مرتكبي هذه الأعمال الإرهابية البغيضة ومنظميها ومموليها ورعاتها وتقديمهم إلى العدالة".

يذكر أن 290 شخصا على الأقل لقوا حتفهم إثر ثمانية تفجيرات استهدفت، يوم الأحد، ثلاث كنائس وأربعة فنادق ومبنى سكنيا في سريلانكا خلال الاحتفال بعيد الفصح، فضلا عن إصابة أكثر من 500 شخص آخرين، وكان بين الضحايا 35 أجنبيا على الأقل. ولم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن الهجمات حتى الآن، غير أن الحكومة السريلانكية تحمل جماعة التوحيد الوطني المحلية الإسلامية المتطرفة المسؤولية عن الهجمات. 

وقال خبراء أمنيون يوم الإثنين إن التفجيرات المنسقة التي استهدفت كنائس وفنادق في سريلانكا في يوم أحد عيد القيامة تحمل بصمات الجماعات الإسلاموية المتشددة مثل تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة بالنظر إلى مستوى التعقيد الذي نفذت به.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجيرات التي نفذ أغلبها انتحاريون وقتلت 290 شخصا وأصابت 500 في أكبر عدد للقتلى في هجمات في الجزيرة منذ نهاية الحرب الأهلية في 2009.

وقال الخبراء إن استهداف الكنائس والفنادق التي يرتادها سائحون أجانب في سريلانكا "تطور جديد ومقلق" في الدولة ذات الأغلبية البوذية بالنظر إلى أن الكثير من التفجيرات الانتحارية التي شهدتها البلاد من قبل كانت تستهدف مسؤولين ومنشآت حكومية خلال الحرب الأهلية.

وقال ألتو لابتوبون خبير مكافحة الإرهاب الذي أجرى أبحاثا عن التنظيمين المتشددين لنحو عشر سنوات: "تلك الهجمات المتزامنة خارجة عن المعتاد في سريلانكا. بالمقارنة مع هجمات مماثلة في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا لها سمات الهجمات التي تنفذها الدولة الإسلامية والقاعدة".

وقال مسؤول آسيوي كبير في مجال مكافحة الإرهاب طلب عدم ذكر اسمه إن الهجوم نفذته على الأرجح جماعة لديها "قدرات عملية كبيرة وقادة مهرة".

وقال مكتب الرئيس مايثريبالا سيريسينا إنه سيطلب مساعدة خارجية لتعقب الصلات الدولية لمنفذي الهجمات الانتحارية. وأضاف المكتب في بيان أن تقارير المخابرات تشير "إلى أن منظمات إرهابية أجنبية تقف وراء الإرهابيين المحليين. ولذلك سيطلب الرئيس المساعدة من دول أجنبية".

وأقر رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ يوم الأحد بأن السلطات كان لديها معلومات مسبقة عن احتمال تعرض كنائس لهجمات من قبل جماعة إسلاموية غير معروفة كثيرا.

وتلاحق سريلانكا الإثنين 22 / 04 / 2019 إسلامويين متهمين بارتكاب موجة اعتداءات خلفت 290 قتيلا يوم الأحد في سلسلة اعمال عنف نسبتها السلطات إلى حركة إسلاموية محلية.

ومع استمرار عدم تبني أي جهة الاعتداءات، أعلنت رئاسة البلاد التي يبلغ عدد سكانها 21 مليون نسمة حال الطوارىء اعتبارا من منتصف ليل الاثنين (18,30 ت غ) لحماية "الأمن العام". ويهدف هذا الإجراء إلى تسهيل عمل الشرطة والجيش.

وخلال بضع ساعات يوم أحد الفصح، زرعت اعتداءات الموت في فنادق وكنائس في أمكنة عدة من سريلانكا التي لم يسبق أن شهدت عنفا مماثلا منذ انتهاء الحرب الأهلية قبل عشرة أعوام.

وأعلنت الخارجية السريلانكية الإثنين مقتل 31 أجنبيا على الأقل بينهم فرنسي. ولا يزال 14 مفقودين وقد يكونون بين الضحايا الذين لم يتم التعرف إليهم في المشرحة.

لكن الشرطة المحلية تحدثت عن 37 قتيلا أجنبيا على الأقل.

وأعلنت الحكومة السريلانكية أن مجموعة إسلاموية محلية هي "جماعة التوحيد الوطنية" تقف وراء الاعتداءات، وفق المتحدث الحكومي راجيثا سياراتني الإثنين.

وبحسب وثائق اطلعت عليها وكالة فرانس برس فإن قائد الشرطة السريلانكية أصدر في 11 نيسان/أبريل 2019 تحذيرا يؤكد أن "وكالة استخبارات أجنبية" أفادت بأن جماعة التوحيد الوطنية تخطط لشن هجمات على كنائس وعلى مفوضية الهند العليا في كولومبو.

ولا يُعرف الكثير عن هذه الجماعة المتشددة المتهمة بتخريب تماثيل بوذية.

هجمات إرهابية دامية في عيد الفصح المسيحي في سريلانكا: نحو 300 قتيل و500 جريح
هجمات إرهابية دامية في عيد الفصح المسيحي في سريلانكا: نحو 300 قتيل و500 جريح

وأعلنت السلطات توقيف 24 شخصا موضحة أن مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (إف بي آي) يساعدها في التحقيق. ويتوقع أيضا وصول عناصر من الشرطة الدولية (إنتربول) الثلاثاء إلى البلاد.

وأفادت الشرطة السريلانكية الإثنين أنها عثرت على 87 صاعق قنابل في محطة للحافلات في العاصمة كولومبو.

وقالت في بيان إنها عثرت على الصواعق في محطة "باستيان ماهاواتا برايفت"، بينها 12 على الأرض و75 في سلة للمهملات قريبة من المكان.

وارتفعت الحصيلة الرسمية للاعتداءات الإثنين إلى 290 قتيلا على الأقل و500 جريح.

 

وأوضحت السلطات أنه يصعب تحديد عدد الضحايا الأجانب، لافتة إلى مقتل نحو 37 أجنبيا تم تحديد هويات 11 منهم.

وبين هؤلاء القتلى هنود وبرتغاليون وأتراك وبريطانيون وأمريكيون ويابانيون. وصباح الإثنين، كان المشهد في مشرحة كولومبو مأساويا. وقال مسؤول لم يشأ كشف هويته "الوضع غير مسبوق، نطلب من العائلات إجراء فحوص الحمض النووي للمساعدة في التعرف على بعض الجثث".

وفي مدينة نيغومبو التي تبعد حوالى 30 كلم شمال كولومبو عاد ديليب فرناندو إلى أمام كنيسة سان سيباستيان حيث نجا مع عائلته من المجزرة.

وقال لفرانس برس "لو فتحت الكنيسة أبوابها هذا الصباح لكنت دخلتها. لسنا خائفين ولن ندع الإرهابيين ينتصرون".

وأمام الكنيسة، جمعت عشرات من الأحذية العائدة إلى ضحايا، فيما عمَّ الخراب داخلها.

ووقعت ستة انفجارات متتالية صباح الأحد، ثم انفجاران آخران بعد ساعتين. 

واستهدفت في العاصمة ثلاثة فنادق فخمة إضافة إلى كنيسة سانت أنتوني. كما انفجرت قنابل في كنيسة سان سيباستيان في نيغومبو وكنيسة أخرى في مدينة باتيكالوا الواقعة على الساحل الشرقي لسريلانكا.

وبعد بضع ساعات، وقع انفجاران إضافيان، الأول في فندق في الضاحية الجنوبية لكولومبو والثاني شمال المدينة حيث فجر انتحاري نفسه خلال عملية للشرطة.

ومساء الأحد، تم تعطيل "قنبلة محلية الصنع" على طريق تؤدي إلى المبنى الرئيسي في مطار كولومبو الذي اتخذت فيه تدابير أمنية مشددة ولم تتوقف فيه الملاحة.

هجمات إرهابية دامية في عيد الفصح المسيحي في سريلانكا: نحو 300 قتيل و500 جريح
هجمات إرهابية دامية في عيد الفصح المسيحي في سريلانكا: نحو 300 قتيل و500 جريح

وسجل إجماع على التنديد بالاعتداءات من الفاتيكان إلى الولايات المتحدة إلى الهند. وقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإثنين تعازيه إلى رئيس الوزراء السريلانكي.

وأورد البيت الأبيض ان "الرئيس ترامب وعد بدعم الولايات المتحدة لسريلانكا لاحالة الفاعلين أمام القضاء، وقد كرر الجانبان التزامهما مكافحة الإرهاب العالمي". 

في الإطار نفسه، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الإثنين إن الولايات المتحدة ستواصل حربها على "الإرهاب الإسلامي المتطرف" بعد الاعتداءات الدامية في سريلانكا.

 

وتضم سريلانكا ذات الغالبية البوذية أقلية كاثوليكية من 1,2 مليون شخص من أصل عدد إجمالي للسكان قدره 21 مليون نسمة. ويشكل البوذيون سبعين بالمئة من سكان سريلانكا، إلى جانب 12 بالمئة من الهندوس و10 بالمئة من المسلمين 8 بالمئة من المسيحيين.

وأوصت السفارات الأجنبية في سريلانكا رعاياها بتفادي السفر إلى هذا البلد. وقالت الولايات المتحدة إن "جماعات إرهابية لا تزال تعد لهجمات محتملة" في سريلانكا.

وجرى تسليط الضوء يوم الإثنين على خلاف بين رئيس سريلانكا ورئيس وزرائها كان أسفر عن أزمة العام الماضي 2018، وذلك بعد يوم من التفجيرات الدامية، إذ ثارت تساؤلات بشأن كيفية تعامل الحكومة مع تحذير سبق التفجيرات.

وقال وزير في حكومة سريلانكا، بعد يوم من هجمات على كنائس وفنادق أودت بحياة 290 شخصا وأصابت نحو 500 آخرين، إن رئيس الوزراء منذ خلافه مع الرئيس لم يتم إطلاعه على إفادات المخابرات.

ووفقا لوثيقة اطلعت عليها رويترز، وصل تحذير إلى الشرطة هذا الشهر من احتمال شن هجوم على كنائس من جانب جماعة إسلامية محلية مغمورة.

وقال وزير الصحة راجيثا سيناراتني للصحفيين إن رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ لم يتم إبلاغه بهذا التقرير الذي يعود ليوم 11 أبريل / نيسان 2019 والذي أفاد بأن وكالة مخابرات أجنبية حذرت من أن جماعة التوحيد ستشن هجمات على الكنائس.  أ ف ب / رويترز