القدس ليست للبيع - رد الفلسطينيين على خطة ترامب إقامة دولة فلسطينية عاصمتها ضاحية بالقدس الشرقية

كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء 28 / 01 / 2020 خطّةً للسلام في الشرق الأوسط تقترح "حلاً واقعياً بدولتَين"، فيما قالت إسرائيل إنّها تتضمّن اعترافًا بالمستوطنات على أنّها جزء من أراضيها.

وفي حين رحّب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالخطّة ووصفها بأنّها تاريخيّة، قال الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس إنّها "لن تمرّ وستذهب إلى مزبلة التاريخ كما ذهبت مشاريع التآمر في هذه المنطقة".

ودعت موسكو طرفَي النّزاع إلى "التفاوض مباشرةً" على الخطّة التي اعتبرتها لندن "خطوةً إلى الأمام"، لكنّ حركة حماس سارعت إلى تأكيد رفضها لها، مشدّدةً على أنها ستعمل على إسقاطها.

وفي وقتٍ قالت إيران إنّ الخطّة مصيرها "الفشل"، اعتبرها حزب الله محاولةً للقضاء على حقوق الفلسطينيّين "التاريخيّة والشرعيّة".

وقال وزير الخارجيّة التركي إنّ خطّة ترامب "وُلدت ميتة"، في حين أكّد الاتّحاد الأوروبي التزامه "الثابت" التفاوض على أساس حلّ الدولتين. ودعت مصر من جهتها فلسطين وإسرائيل إلى "درس متأنٍّ" لخطّة السلام الأميركيّة.

وانتقد رئيس مجلس النوّاب الأردني عاطف الطراونة خطّة ترامب "المشؤومة" للسلام واعتبر إعلانها "يوماً أسود" للقضيّة الفلسطينيّة.

وبعد أكثر من سنتين من العمل بتكتُّم وتأجيل إعلان الخطّة مرارًا، قال ترامب وبجانبه نتنياهو إنّ "الفلسطينيّين يستحقّون حياةً أفضل بكثير".

وأضاف عارضاً الخطّة التي تتألّف من 80 صفحة واعتبرها "الأكثر تفصيلاً" على الإطلاق، أنّ "الدولة الفلسطينيّة المستقبليّة" لن تقوم إلا وفقًا "لشروط" عدّة بما فيها "الرفض الصريح للإرهاب".

واقترح أن تكون هناك "عاصمة فلسطينيّة في القدس الشرقيّة"، لكنّه أضاف أنّ واشنطن "مستعدّة للاعتراف بالسيادة الإسرائيليّة على أراض محتلّة" لم يُحدّدها.

وشدّد على أنّ القدس ستبقى "عاصمة إسرائيل غير القابلة للتجزئة"، وأنّ الدولة الفلسطينيّة المقبلة ستكون "متّصلة" الأراضي.

وقال ترامب إنّه وجّه رسالةً إلى الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس بشأن خطّة السلام، منوهاً بحضور سفراء سلطنة عُمان والإمارات والبحرين مؤتمر إعلانَ خطّته.

وفي إطار عرض خطّته، اقترح ترامب تجميد البناء الإسرائيلي لأربع سنوات في المنطقة المقترحة للدولة الفلسطينيّة، واصفًا خطّته بأنّها "فرصة تاريخيّة" للفلسطينيّين كي يحصلوا على دولة مستقلّة، مضيفًا "قد تكون هذه آخر فرصة يحصلون عليها".

وقال الرئيس الأميركي إنّ "الفلسطينيّين يعيشون في الفقر ويُعانون العنف، ويتمّ استغلالهم من قبل من يسعون لاستخدامهم كبيادق لنشر الإرهاب والتطرف".

وعلى الأثر، أعلن نتنياهو أنّ واشنطن ستعترف بالمستوطنات جزءًا من إسرائيل. وأضاف خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أنه لن يكون للاجئين الفلسطينيين الحق بالعودة إلى إسرائيل بموجب خطة ترامب.

وقال إنّه مستعدّ للتفاوض مع الفلسطينيين حول "مسارٍ نحو دولة مستقبلا"، لكنّه اشترط أن يعترفوا بإسرائيل "دولةً يهوديّة". وأكّد أنّ المشروع الأميركي سيمنح إسرائيل السيادة على غور الأردن.

وتابع من البيت الأبيض: "خطط كثيرة مارست ضغوطاً على إسرائيل للانسحاب من أراضٍ حيوية مثل غور الأردن. لكن أنتم، سيّدي الرئيس، تعترفون بأنه يجب أن تكون لإسرائيل سيادة على غور الأردن وعلى مناطق استراتيجية أخرى في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)".

وأكّد أنّ إسرائيل "يجب أن تحظى بالسيادة على مناطق" تُتيح "لها الدّفاع عن نفسها". وأضاف: "في هذا اليوم، أعطيتم الإسرائيليين والفلسطينيين والمنطقة مستقبلاً مشرقاً عبر تقديمكم مساراً واقعياً نحو سلام دائم".

في أعقاب ذلك، أعلنت حركة حماس رفضها الخطة الأميركية. وقال خليل الحية، نائب رئيس حماس في قطاع غزة لوكالة فرانس برس "نرفض هذه الصفقة، ولن نقبل بديلاً عن القدس عاصمة لدولة فلسطين، ولن نقبل بديلاً عن فلسطين لتكون دولتنا، ولن نقبل المساس بحق العودة وعودة اللاجئين" مؤكّدًا العمل على "إسقاطها".

وأضاف الحية أن "ترامب سيحترق تاريخيًا وأخلاقيًا وإنسانيًا لأنّ ظلمه تعدّى كلّ الخطوط الحمراء". من جهته، قال داوود شهاب الناطق باسم حركة الجهاد الاسلامي في بيان ردا على خطة ترامب "سنقاتل بذور الشرّ التي يريدون من خلالها إغراق المنطقة في الزمن الصهيوني، سنقاتلهم في كل شارع وسنطردهم من أرضنا ومن هوائنا وبحرنا". ووصف "السفراء العرب الذين حضروا إعلان خطة ترامب بأنّهم "يُمثّلون منتهى التآمر ومنتهى خيانة الشعب الفلسطيني والأمة".

 

"صفقة القرن" - خطة ترامب للسلام : إسرائيل فلسطين
"صفقة القرن" - خطة ترامب للسلام : إسرائيل فلسطين

 

ونشر البيت الأبيض الثلاثاء خريطة للحدود المقترحة للدولتين الإسرائيلية والفلسطينية تظهر 15 مستوطنة في منطقة الضفة الغربية المتّصلة بقطاع غزة بواسطة نفق، تماشيًا مع وعد أطلقه ترامب بإقامة دولة فلسطينية متصلة الأراضي.

وكشف البيت الأبيض في بيان للرئاسة الأميركية أنّ "الرؤيا تنص على دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعيش بسلام جنبا إلى جنب مع إسرائيل، وتولي إسرائيل مسؤولية الأمن في منطقة غرب نهر الأردن. وقال السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان إن إسرائيل يمكنها ضم مستوطنات الضفة الغربية "في أي وقت".

وكان ترامب صرّح الإثنين "نعتقد أنّه في نهاية المطاف سنحصل على دعم الفلسطينيين"، معوّلاً بذلك على دعم الدول العربية الأخرى. وذكر مسؤولون فلسطينيّون أنّ عبّاس رفض في الأشهر الأخيرة عروض حوار مع الرئيس الأميركي، وأنّه يعتبر الخطة "ميتة أصلاً".

ودعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه، مسبقًا الأسرة الدوليّة إلى مقاطعة المشروع المخالف، برأيه، للقانون الدولي. وقال إنّها "تصفية للقضية الفلسطينية".

وفي مؤشر إلى حساسية التوقيت قبل شهر من انتخابات جديدة في إسرائيل حيث يواجه نتنياهو اتهامات بالفساد، استقبل ترامب منافسه الرئيسي بيني غانتس.

لكن اختار أن يظهر أمام الكاميرات مع نتنياهو منذ الإثنين. وأعلن متحدث باسم نتنياهو الثلاثاء أنه سيتوجّه إلى موسكو الأربعاء لإطلاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تفاصيل الخطة الأميركيّة.

في هذه الأثناء، أعلن الجيش الإسرائيلي تعزيز انتشاره في منطقة غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة. ويقول الفلسطينيون إنّ الخطّة تقضي بأن تضمّ إسرائيل غور الأردن، المنطقة الاستراتيجية الواسعة في الضفة الغربية، والمستوطنات في الأراضي الفلسطينية وأن تحصل على اعتراف بالقدس عاصمة موحدة للدولة العبرية.

وقبل إعلان الخطّة، هدّد الفلسطينيون بالانسحاب من اتّفاقية أوسلو التي نصّت على فترة انتقالية من خمس سنوات يتم خلالها التفاوض على قضايا القدس واللاجئين والمستوطنات والترتيبات الأمنية والحدود والعلاقات. وكان يُفترض أن تنتهي هذه الاتفاقات بحلول 1999 لكنّ الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني جدّدوها تلقائيًّا.

وكشفت واشنطن في حزيران/يونيو 2019 الجانب الاقتصادي من الخطة الذي يقضي باستثمار نحو خمسين مليار دولار في الأراضي الفلسطينية والدول العربية المجاورة على مدى عشر سنوات. لكنّ تفاصيل هذا الشق تبقى موضع تكهنات. 

العفو الدولية: خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط تنتهك القانون الدولي

وقالت منظمة العفو الدولية يوم الثلاثاء 28 / 01 / 2020 إن حزمة المقترحات المحزنة التي قدمتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتنتهك القانون الدولي وتجرد الفلسطينيين من حقوقهم هي كتيب إرشادي لمزيد من المعاناة والانتهاكات في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وحثت المنظمة المجتمع الدولي على رفض الإجراءات التي تنتهك القانون الدولي والتي تضمنتها "صفقة القرن" للرئيس دونالد ترامب.

وأضاف بيان المنظمة على موقعها الإلكتروني أنه "بينما أكدت إدارة ترامب مبدأ مبادلة الأراضي في صفقتها، يجب ألا نخطئ في أنها تقترح ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية لإسرائيل، ما ينتهك بشكل صارخ القانون الإنساني الدولي.

 

 

ترامب يخوض غمار الصراع في الشرق الأوسط بخطة للسلام رفضها الفلسطينيون

الاقتراح يسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بمستوطنات الضفة الغربية. ترامب يلتقي نتنياهو في البيت الأبيض. الخطة تقترح أن تكون منطقة في القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية. عباس يصف الاقتراح بأنه "صفعة".

واقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء إقامة دولة فلسطينية في إطار خطة للسلام في الشرق الأوسط أدانها الفلسطينيون لأنها تفرض شروطا صارمة وتوافق على احتفاظ إسرائيل بمستوطنات الضفة الغربية.

وأعلن ترامب خطته للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في البيت الأبيض بينما كان يقف إلى جواره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتتضمن الخطة ما وصفه ترامب بتجميد النشاط الاستيطاني الإسرائيلي لمدة أربع سنوات.

وعلى الرغم من أن هدف ترامب المعلن هو إنهاء الصراع المستمر منذ عقود فإن الخطة التي قدمها تنحاز إلى إسرائيل وهو ما تجلى في غياب الفلسطينيين عن إعلان الاقتراحات.

ومن غير المرجح أن تعطي الاقتراحات دفعة على الفور لمحادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية التي انهارت عام 2014 لكن الإمارات وصفت الخطة بأنها "نقطة انطلاق مهمة للعودة إلى طاولة المفاوضات". وأصدرت السعودية ومصر أيضا بيانات مشجعة.

لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سخر من الخطة، التي يقول ترامب إنها "صفقة القرن"، واصفا إياها بأنها "صفعة القرن". ويرفض الفلسطينيون التعامل مع إدارة ترامب احتجاجا على خطوات موالية لإسرائيل اتخذها الرئيس الأمريكي مثل نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.

ووضع ترامب جدولا زمنيا مدته أربع سنوات حتى يقبل الفلسطينيون بترتيب أمني مع إسرائيل ويوقفون هجمات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وينشئون مؤسسات للحكم في سبيل إقامة دولة فلسطينية تكون عاصمتها في أبو ديس وهي منطقة في القدس الشرقية. ويمثل هذا أيضا مشكلة للفلسطينيين.

وأبو ديس قرية بالضفة الغربية تقع إلى الشرق من الحدود البلدية الإسرائيلية لمدينة القدس. والفلسطينيون الذين يعيشون في أبو ديس معزولون بفعل جدار أمني إسرائيلي أسمنتي ضخم ونقاط تفتيش.

ويرفض الفلسطينيون أي اقتراح لا يتضمن أن تكون القدس الشرقية كلها، بما في ذلك البلدة القديمة، عاصمة للدولة الفلسطينية. وتقول خطة ترامب إن الجدار سيمثل الحدود بين عاصمتي الدولتين وإن القدس ينبغي أن تظل عاصمة موحدة وذات سيادة لإسرائيل.

وقال ترامب: "تمثل رؤيتي فرصة مربحة للطرفين، وحل دولتين واقعيا يعالج خطر الدولة الفلسطينية على أمن إسرائيل".

"القدس ليست للبيع": قال عباس للصحفيين في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة: "أقول للثنائي ترامب ونتنياهو إن القدس ليست للبيع، كل حقوقنا ليست للبيع وليست للمساومة. وصفقتكم، المؤامرة، لن تمشي".

وقال جاريد كوشنر كبير مستشاري البيت الأبيض وأحد مهندسي الخطة الأمريكية لتلفزيون رويترز إن الفلسطينيين "يبدون في غاية الحماقة" برفضهم الفوري للخطة وإن عليهم قضاء بعض الوقت في بحث "عرض استهلالي قوي للغاية". وأضاف: "إذا شعرنا بوجود فرصة حسنة النوايا أو رغبة من جانبهم للتقدم باقتراح مضاد فسنجد المنبر الصحيح للتواصل في سبيل التوصل إلى حل".

وقبل إعلان ترامب، تظاهر آلاف الفلسطينيين في مدينة غزة وعززت القوات الإسرائيلية مواقعها قرب إحدى بؤر التوتر بين مدينة رام الله ومستوطنة بيت إيل الإسرائيلية في الضفة الغربية.

ويقول منتقدون إن ترامب ونتنياهو أرادا صرف الانتباه عن مشاكلهما في الداخل. وتجرى حاليا محاكمة ترامب بهدف عزله فيما جرى توجيه اتهامات بالفساد إلى نتنياهو رسميا يوم الثلاثاء. وينفي الزعيمان ارتكاب أي مخالفة. ويخوض نتنياهو أيضا انتخابات صعبة في مارس / آذار 2020 ستكون الانتخابات الثالثة في إسرائيل خلال أقل من عام. ويتنافس مع بيني غانتس زعيم حزب أزرق أبيض الذي عبر أيضا عن دعمه لخطة ترامب.

وقال نتنياهو إن خطة ترامب تقدم للفلسطينيين طريقا يؤدي إلى دولة في المستقبل لكنهم قد يستغرقوا "وقتا طويلا جدا للوصول إلى بداية ذلك الطريق". وتابع: "إذا وافقوا على الالتزام بكل الشروط التي وضعتموها في خطتكم فإن إسرائيل ستكون حاضرة. إسرائيل ستكون مستعدة للتفاوض على السلام فورا". وقال ترامب إنه أرسل خطابا إلى عباس يطلب منه دراسة الصفقة.

وأضاف: "أوضحت له أن الأرض المخصصة لدولته الجديدة ستظل مفتوحة وغير مستغلة لمدة أربع سنوات. وخلال هذه المدة، يمكن للفلسطينيين استخدام كل المداولات المناسبة لدراسة الصفقة والتفاوض مع إسرائيل وتحقيق معايير الدولة، وتصبح (هناك) دولة مستقلة بحق ورائعة".

وبموجب خطة ترامب المقترحة للسلام في الشرق الأوسط، ستعترف الولايات المتحدة بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.

وجاء في الوثيقة الصادرة عن البيت الأبيض أن إسرائيل وافقت على "تجميد للأراضي" لمدة أربع سنوات حفاظا على إمكانية التوصل إلى حل دولتين. لكن مسؤولا إسرائيليا كبيرا قلل فيما بعد من شأن فكرة تجميد الاستيطان في الضفة الغربية.

وقال مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية إنهم استعدوا لرفض الفلسطينيين في بادئ الأمر ولكنهم أبدوا أملهم بأن يوافقوا على التفاوض مع مرور الوقت. وتضع الخطة عقبات كبيرة على الفلسطينيين التغلب عليها من أجل التوصل لهدفهم الذي يسعون إليه منذ أمد بعيدوهو إقامة دولة.

وقال روبرت مالي رئيس مجموعة الأزمات الدولية والمسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي "بانتزاع الاعتبارات الداخلية والاعتبارات الإسرائيلية السياسية التي حددت توقيت طرح الخطة، تكون الرسالة الموجهة للفلسطينيين، في جوهرها، هي: لقد خسرتم، تجاوزوا الأمر".

وتمثل الخطة الأمريكية المحاولة الأكثر تفصيلا منذ عدة سنوات لكسر الجمود بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال مسؤولون أمريكيون إن ترامب وافق على خطة مقترحة تحدد الخطوط الرئيسية للدولتين. وأضافوا أن مساحة الدولة الفلسطينية ستزيد مرتين عن مساحة الأراضي التي يسيطر عليها الفلسطينيون حاليا وسيتم تواصلها جغرافيا من خلال طرق وجسور وأنفاق.

وقال المسؤولون الأمريكيون إن إسرائيل ستتخذ أيضا خطوات لضمان دخول المسلمين المسجد الأقصى في القدس واحترام دور الأردن فيما يتعلق بالأماكن المقدسة.

وذكر أحد المسؤولين أن خطة ترامب تدعو إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في دولة فلسطينية مستقبلية وتؤسس "صندوق تعويضات سخية" لهم.

خطة ترامب محكومة بالفشل لكنّ خيارات الفلسطينيين تتضاءل

وعلى الرّغم من أنّ غالبية المحلّلين يعتبرون أنّ الخطة التي عرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين محكومة بالفشل لأنّها تصبّ بقوّة في مصلحة الدولة العبرية وتفرض شروطاً تعجيزية على ولادة دولة فلسطينية، إلا أنّهم يرون بالمقابل أنّ خيارات الفلسطينيين لا تنفكّ تتضاءل.

وقال ستيفن كوك، الخبير في مركز أبحاث "مجلس العلاقات الخارجية" لوكالة فرانس برس إنّ "الفلسطينيين رفضوا الخطة رفضاً قاطعاً وكذلك فعل المستوطنون الإسرائيليون الذين يعارضون أيّ شكل من أشكال السيادة الفلسطينية"، معتبراً أنّ "هذا لا يدعم قضية السلام بأيّ حال من الأحوال".

بدورها قالت ميشيل دون، الخبيرة في "مركز كارنيغي للسلام الدولي" إنّ "لا شيء يدلّ على أنّ هذه الخطة يمكن أن تؤدّي إلى مفاوضات". وإذا كانت الأنظار تركّزت على فحوى "رؤية السلام" هذه الواقعة في 80 صفحة والتي أحاطتها إدارة ترامب خلال فترة إعدادها على مدى السنوات الثلاث الماضية بأكبر قدر من الكتمان، فإنّ أكثر ما لفت انتباه عدد من المراقبين هو الطريقة التي اعتمدت لتقديم هذه الخطة للرأي العام: الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتناوبان على المنبر لكشف الخطوط العريضة للخطة السلمية، كما لو أنّهما يعلنان أبوّتهما المشتركة لها، في غياب أي ممثّل عن الفلسطينيين.

وقالت ميشيل دون لفرانس برس إنّ "التنسيق تمّ مع طرف واحد، ويبدو أنّ له هدفاً سياسياً أوحد: مساعدة نتنياهو في معركته السياسية-القضائية (...) وتعزيز الدعم لترامب في صفوف الناخبين المؤيّدين لإسرائيل".

وبالنسبة إلى المتخصّصين في النزاع العربي-الإسرائيلي، فإنّ هذه "الرؤية" التي وضعها جاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره، فيها بعض النقاط الإيجابية للفلسطينيين: نتانياهو أكّد استعداده للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقبلية وتجميد أيّ توسّع استيطاني لمدّة أربع سنوات، وترامب وعد بأن تكون عاصمتها في "أجزاء من القدس الشرقية"، وأن تكون أراضيها متّصلة بفضل شبكة نقل "حديثة وفعّالة"، بما في ذلك قطار فائق السرعة يربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وبالنسبة إلى ستيفن كوك فإنّ الخطة "تتضمّن على المستوى التكتيكي بعض الأفكار الجيّدة". أمّا روبرت ساتلوف، الخبير في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" فوصل به الأمر إلى "تهنئة" أصحاب هذه الرؤية "على إضفاء القليل من الواقعية على القراءة التقليدية لهذا النزاع".

وأضاف في تغريدة على تويتر "من الواقعي القول إنّ غور الأردن يجب أن يكون الحاجز الأمني لإسرائيل. ومن الواقعي القول إنّه لا ينبغي إجبار آلاف الإسرائيليين في الضفة الغربية على المغادرة". لكنّ ساتلوف اعتبر أنّ إدارة ترامب انطلقت من هذه المبادئ "الواقعية" لتلبّي كلّ المطالب الإسرائيلية: في ما يتعلّق بغور الأردن، لم تعد مجرد مسألة سيطرة أمنية بل سيادة إسرائيلية، وفي ما خصّ المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة فإنّ الخطة تنصّ على ضمّها كلّها إلى إسرائيل مقابل تبادل أراض مع الفلسطينيين. وهذه الشروط كلّها تعتبر في نظر الفلسطينيين أكثر من تعجيزية.

وفي رأي ميشيل دون فإنّه "إذا كان هناك شيء واحد فقط يجب تذكّره، فهو أنّ هذه الخطة تجعل الحدود الشرقية لإسرائيل في غور الأردن. كل الأمور المتبقّية هي تفاصيل. كلّ ما تقدّمه الخطّة للفلسطينيين هو مؤقّت ومشروط وبعيد زمنياً وبالتالي لا يمكن تحقيقه على الأرجح".

ومساحة الدولة الفلسطينية الموعودة في خطة ترامب هي أصغر بكثير من مساحة الأراضي التي احتلّتها إسرائيل في حرب 1967 والتي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها، في حين أنّ العاصمة الفلسطينية ستكون بموجب الخطة في إحدى ضواحي القدس الشرقية في حين أنّهم يريدون القدس الشرقية بأسرها عاصمة لهم.

كذلك فإنّ الدولة الفلسطينية الموعودة يجب أن تكون، بموجب "رؤية السلام" الأميركية، منزوعة السلاح وهي لن ترى النور إلا بعد أن يعترف الفلسطينيون بيهودية الدولة الإسرائيلية. والدولة المنزوعة السلاح تعني تخلّي حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة عن أسلحتها وهو شرط يصعب تحقيقه في ظلّ سيطرة حماس على غزة.

وفي نظر هنري روم، الخبير في "أوراسيا غروب" لتحليل المخاطر فإنّ "حماس لديها حقّ الفيتو". بالنسبة إلى بعض المراقبين، فإنّ الهدف الاستراتيجي الأميركي-الإسرائيلي من هذه الخطة هو إحداث تعديل، على المدى البعيد، لمعايير التسوية السلمية للنزاع لكي تميل أكثر لمصلحة الدولة العبرية، وإرساء سياسة أمر واقع، من خلال ضمّ إسرائيل جزءاً من أراضي الضفة الغربية، وتسريع هذا الضمّ بمباركة من الولايات المتحدة، وذلك تحت ستار خطة السلام.

أمام هذا الواقع، ما هي الخيارات المتبقّية أمام الفلسطينيين؟ في رأي ميشيل دون فإنّ الفلسطينيين "بقدر ما هم ضعفاء، يمكنهم دائماً أن يقولوا كلا". لكنّ هذه الدبلوماسية السابقة حذّرت في الوقت نفسه من أنّ خطة ترامب تهدّد بتسريع انتقال الفلسطينيين من النضال في سبيل دولة مستقلة "إلى نزاع من أجل الحقوق على غرار ما كان يحصل في جنوب إفريقيا" خلال نظام الفصل العنصري.

في الوقت الحالي، تعتمد واشنطن على حلفائها العرب للضغط على الفلسطينيين، وقد لفت خلال إعلان ترامب عن الخطة إشادته بحضور سفراء كلّ من عُمان والبحرين والإمارات، الدول الخليجية الثلاث التي لا تربط أيّاً منها علاقات بإسرائيل.

أمّا السعودية، التي عادة ما تكون مواقفها صلبة عندما يتعلّق الأمر بالقضية الفلسطينية، فقالت إنّها "تقدّر" جهود ترامب لإحلال السلام في الشرق الأوسط، في حين دعت مصر الفلسطينيين إلى "دراسة متأنّية" لخطة الرئيس الأميركي.

وحذّر الدبلوماسي الأميركي السابق ريتشارد هاس من أنّه "للوهلة الأولى، سيكون مُغرياً للفلسطينيّين رفضُ هذه الخطّة، لكن عليهم مقاومة هذا الإغراء وقبول مبدأ المفاوضات المباشرة دفاعاً عن قضيّتهم"، معتبراً أنّ "الرفض الكامل يُمكن أن يقوّض آخر الآمال المعلّقة على حلّ الدولتين، مهما كانت متواضعة". رويترز ، أ ف ب ، د ب أ