بعد تنحي بوتفليقة محتجون في الجزائر ضد تدخل الجيش بالشؤون المدنية ومع الإطاحة بالنخبة الحاكمة

استقال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يوم الثلاثاء 02 / 03 / 2019 رضوخا لضغط شعبي هائل في أعقاب ستة أسابيع من الاحتجاجات الحاشدة على حكمه الذي استمر 20 عاما.

كان رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح قد طالب في وقت سابق باتخاذ إجراءات دستورية فورية لعزل بوتفليقة.

وعرض التلفزيون الرسمي في وقت لاحق لقطات لبوتفليقة الذي بدا في حالة هزال وهو يقدم خطاب استقالته إلى رئيس المجلس الدستوري في حضور عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة الجزائري والذي سيتولى شؤون البلاد لمدة 90 يوما لحين إجراء انتخابات.

وخرج المئات إلى شوارع العاصمة بعد إعلان تنحي بوتفليقة (82 عاما) في ذروة احتجاجات طالبت بالتخلص من النخبة الحاكمة التي يعتبرها كثيرون منفصلة عن المواطنين وتشرف على اقتصاد تعصف به المحسوبية.

وقال بوتفليقة في رسالة نشرتها وسائل الإعلام الرسمية يوم الثلاثاء: "يشرفني أن أنهي رسميا إلى علمكم أنني قررت إنهاء عهدتي بصفتي رئيسا للجمهورية.... إن قصدي من اتخاذي هذا القرار إيمانا واحتسابا، هو الاسهام في تهدئة نفوس مواطني وعقولهم لكي يتأتى لهم الانتقال جماعيا بالجزائر إلى المستقبل الأفضل الذي يطمحون إليه طموحا مشروعا".

وأضاف: "لقد أقدمت على هذا القرار حرصا مني على تفادي ودرء المهاترات اللفظية التي تشوب... الوضع الراهن واجتناب أن تتحول إلى انزلاقات وخيمة المغبة على ضمان حماية الأشخاص والممتلكات الذي يظل من الاختصاصات الجوهرية للدولة".

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن رئيس أركان الجيش قوله بعد اجتماع مع كبار الضباط: "لا مجال للمزيد من تضييع الوقت وأنه يجب التطبيق الفوري للحل الدستوري المقترح المتمثل في تفعيل المواد السابعة والثامنة و102 ومباشرة المسار الذي يضمن تسيير شؤون الدولة في إطار الشرعية الدستورية".

وأضاف: "قرارنا واضح ولا رجعة فيه، إذ أننا نقف مع الشعب حتى تتحقق مطالبه كاملة غير منقوصة".

وتابع صالح قوله: "تمكنت هذه العصابة من تكوين ثروات طائلة بطرق غير شرعية وفي وقت قصير، دون رقيب ولا حسيب، مستغلة قربها من بعض مراكز القرار المشبوهة"، وذلك في إشارة إلى رجال أعمال لم يسمهم.

وعلى إثر إعلان بوتفليقة التنحي، خرج مئات الجزائريين إلى شوارع العاصمة في وقت متأخر من مساء الثلاثاء للاحتفال ولوحوا بالأعلام الجزائرية وقادوا سياراتهم عبر شوارع وسط المدينة التي اندلعت فيها احتجاجات حاشدة ضد بوتفليقة يوم 22 فبراير / شباط 2019.

وأظهرت لقطات تلفزيونية على الهواء مباشرة رجلا يهتف: "الله أكبر“ ولافتة مكتوبا عليها "انتهت اللعبة" وأخرى تقول "الجيش والشعب خاوة.. خاوة (إخوة)".

وقال المحامي مصطفى بوشاشي أحد زعماء الاحتجاجات في الجزائر إن قرار بوتفليقة التنحي لن يغير من الأمر شيئا وإن الاحتجاجات مستمرة. وأضاف بوشاشي لرويترز أن المهم بالنسبة للمحتجين هو عدم قبول حكومة تصريف الأعمال الجديدة. وتابع قائلا إن الاحتجاجات السلمية ستستمر.

وترفض معظم الأحزاب المعارضة حكومة تصريف الأعمال التي عينها بوتفليقة يوم الأحد 31 / 03 / 2019 لأن رئيسها نور الدين بدوي مقرب للغاية من النخبة الحاكمة.

ويعارض بعض المتظاهرين تدخل الجيش في الشؤون المدنية ويريدون الإطاحة بالنخبة الحاكمة التي تضم قدامى المحاربين في حرب الاستقلال عن فرنسا وضباطا في الجيش وكبار أعضاء الحزب الحاكم ورجال أعمال.

وكان بوتفليقة قال يوم الإثنين 01 / 04 / 2019 إنه سيستقيل قبل انتهاء فترته الرئاسية المقررة يوم 28 أبريل / نيسان 2019.

وبوتفليقة من قدامى محاربي حرب الاستقلال عن فرنسا وانتخب رئيسا للمرة الأولى عام 1999 ورسخ أقدامه في الحكم بنهاية حرب أهلية مع إسلاميين متشددين أودت بحياة نحو 200 ألف شخص.

وخلال الأيام القليلة الماضية جرى منع العديد من أقطاب الأعمال المقربين من معسكر بوتفليقة من السفر للخارج في إطار حملة على حلفائه.

وفي خضم الاحتجاجات، تخلى عن بوتفليقة كثير من الحلفاء، ومنهم زعماء في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم والنقابات العمالية. رويترز