العنصريون الجدد...أعداء للإسلام وأصدقاء لإسرائيل في آن واحد!

يرى عدد كبير من الخبراء أن اليمين المتطرف في أوروبا استبدل معاداة السامية بمعادة الإسلام والمسلمين وتبرر بعض الأوساط اليمينة واليسارية المتطرفة مواقفها الرافضة للإسلام بتحمسها وتضامنها مع إسرائيل. كما يحذر نشطاء سلام إسرائيليين الألمان والأوربيين من ظاهرة الإسلاموفوبيا كونها تشكل تهديدا كبيرا لأوروبا. بيتينا ماركس في قراءة نقدية لظاهرة العنصرية الجديدة في أوروبا.

الكاتبة ، الكاتب: Bettina Marx

تعتبر معاداة الإسلام القاسم المشترك لمختلف الحركات في الأوساط اليمينية المتطرفة. لكن كراهية الأجانب ومعاداة الإسلام لا تقتصر على الشق اليمني المتطرف فحسب، بل تنتشر أيضا داخل الأوساط اليسارية، على غرار حركة "مناهضي الألمان"، وهي حركة انبثقت عن تجمعات مناهضة للفاشية خلال الثمانيات. ويبرر هؤلاء معاداتهم للإسلام بدعمهم الكامل واللامشروط لإسرائيل، وهو دعم له مبرراته في التاريخ الألماني. وبما أن ألمانيا النازية ارتكبت مجازر في حق اليهود، فإن "مناهضي الألمان" يشددون على تضامنهم مع اليهود ومع دولة إسرائيل، على ما يصف عالم التاريخ الإسرائيلي موشيه تسوكيرمان. وبالتالي فإن هذه الظاهرة تستقي مواقفها الرافضة للفلسطينيين والإسلام من تضامنها مع إسرائيل.


 
يمنيون متطرفون أصدقاء لإسرائي


خيرت فيلدرز
“يعتبر عدد من السياسيين اليمينيين المتطرفين على غرار الهولندي خيرت فيلدرز ورئيس "حزب الحريات" النمساوي هانس كريستيان شتراخه من الضيوف المُبجّلين في العاصمة الإسرائيلية"

​​ويعدّ التحمس لإسرائيل القاسم المشترك لمعادي الإسلام من يساريين ويمينيين. ويرى هؤلاء في تلك الدولة الممتدة بين البحر المتوسط ونهر الأردن امتدادا غربيا في منطقة الشرق الأوسط وحصنا منيعا ضد التطرف الإسلامي. ويعتبرون كل انتقاد للحكومة الإسرائيلية معاداة للسامية، فيما لا يعيرون اهتماما لحقوق الفلسطينيين المشروعة، بل ويعتبرونهم "إرهابيين".
ويوصف بعض أصدقاء إسرائيل المنتمين إلى الأوساط المسيحية المتطرفة في الولايات المتحدة وممثليهم السياسيين في حركة "تي بارتي" (أو حفل الشاي) وجماعة "مناهضي الألمان" اليسارية والأحزاب الفاشية الجديدة في إيطاليا وأوروبا الشرقية بالإسلاموفوبيا. كما يعتبر عدد من السياسيين اليمينيين المتطرفين على غرار الهولندي خيرت فيلدرز ورئيس "حزب الحريات" النمساوي هانس كريستيان شتراخه والداعية الأمريكي غلين بيك والإيطالي جان فرانكو فيني، الذي كان رئيس حزب "التحالف الوطني"، المنبثق عن الحركة الفاشية الجديدة، يُعتبرون من الضيوف المُبجّلين في العاصمة الإسرائيلية.
وفي شهر كانون الثاني/ ديسمبر الماضي زارت مجموعة من السياسيين اليمينيين المتطرفين إسرائيل بدعوة من النائب السابق عن حزب "يسرائيل بيتنو"، ووقعوا هناك  بيانا جاء فيه بأن "الإنسانية ترى نفسها في الوقت الراهن تواجه خطرا عالميا ألا وهو الإسلام المتطرف"، مؤكدين تضامنهم جميعا لصده.
 
"التطرف اليميني استبدل معاداة السامية بالإسلاموفوبيا"

وقبل أسابيع قليلة التقى أيوب كارا، وهو نائب وزير وعضو في حزب الـ "ليكود" بزعامة رئيس الوزراء الاسرائيلي بينامين نتنياهو، في برلين رجل الأعمال الألماني السويدي باتريك برينكمان. والذي ينشط في المنظمة اليمينية الشعبوية "برو دويتشلاند" (أو من أجل ألمانيا)، وكان من قبل يشغل منصب الرئيس فيها. ويدعو برينكمان إلى تأسيس حركة يمنية متطرفة تناهض الإسلام ولا تعادي السامية مع السعي إلى التواصل مع اليمنيين في إسرائيل.


أفنيري
"إن الأحزاب النازية الجديدة، مهما كان اسمها ولونها وأينما كانت في كل أنحاء أوروبا: في اسكندينافيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وفي كل مكان، تشكل خطرا كبيرا على أوربا."

​​من جهته، يعرب ناشط السلام الإسرائيلي أوري أفنيري عن امتعاضه إزاء هؤلاء اليمنيين المتطرفين الذين يصفون أنفسهم بأصدقاء بلاده. ويطالب أفنيري الألمان والأوربيين بنبذ كل من يدعو إلى كراهية الإسلام، إذ يقول في حوار مع دويتشه فيله: "أحذر ألمانيا وأوربا من السير في هذا الطريق (كراهية الإسلام)".   ويضيف أفنيري: "إن الأحزاب النازية الجديدة، مهما كان اسمها ولونها وأينما كانت في كل أنحاء أوروبا: في اسكندينافيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وفي كل مكان، تشكل خطرا كبيرا على أوربا." ويشير إلى أن الأحزاب اليمينية المتطرفة قد استبدلت معاداة السامية بالإسلاموفوبيا، مؤكدا أنه في حال لم يتم وضع حد لها فإن ذلك قد يؤدي إلى ظهور ظاهرة مماثلة لتلك التي عاشتها ألمانيا بعد وصول النازيين إلى الحكم وما ارتبط بذلك من معاداة للسامية وملاحقة لليهود. ويحذر أفنيري قائلا: "إنها حركة يجب إخمادها منذ البداية."

 

بيتينا ماركس

ترجمة: شمس العياري
مراجعة: عارف جابو
حقوق النشر: دويتشه فيله 2011

 

بيتينا ماركس كاتبة وصحافية ألمانية متخصصة في الشرق الأوسط وفي الشؤون الإسرائلية.