تركيا المتحالفة مع نقيضين: الناتو وروسيا

يرى الكاتب السياسي التركي بوراك بيكديل أن الرئيس التركي إردوغان يحاول جعل تركيا مثالا فريدا على تناقض سياسي كحليف "لا يقدر بثمن" للناتو وكذلك كحليف استراتيجي وعسكري عميق مع روسيا، وأن إردوغان يسعى إلى تشكيل تحالف جديد قائم على أساس الشريعة يضم تركيا وطالبان وعددا من الدول الإسلامية الأخرى.

تحليل كاتب سياسي تركي: إردوغان يسعى إلى تشكيل تحالف جديد قائم على أساس الشريعة: كان من تداعيات انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، ظهور تحركات من جانب سياسيين يسعون للاضطلاع بدور دولي في البلاد بعد الانسحاب.

ويقول الكاتب السياسي التركي بوراك بيكديل في تقرير نشره معهد غايتستون  الأمريكي أن من بين هؤلاء السياسيين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي تُعتبر بلاده نظريا عضوا في حلف شمال الأطلسي ( الناتو). وقد مهد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لظهور تحالف جديد قائم على أساس الشريعة يضم تركيا وطالبان وعددا من الدول الإسلامية الأخرى.

ويرى بيكديل أن المشكلة هي أن تركيا هي الدولة الوحيدة في التحالف المرتقب التي لها علاقات مؤسساتية مع الغرب.

ويلفت بيكديل الأنظار إلى شركة صادات التركية للاستشارات والتدريبات العسكرية، التي تردد أن حكومة إردوغان أرسلت من خلالها شحنات أسلحة إلى سوريا لمساعدة الجهاديين هناك. وبدأ المنتقدون، بما في ذلك نواب المعارضة في تركيا، التحري بشأن أنشطة شركة صادات، بعد الاشتباه في احتمال أن تكون مهمتها الحقيقية هي تدريب القوات شبه العسكرية الرسمية أو غير الرسمية على خوض الكثير من حروب إردوغان، داخل تركيا وخارجها على السواء.

يشار إلى أن شركة صادات يمتلكها الجنرال المتقاعد عدنان تانريفيردي الذي تم تعيينه في آب/أغسطس عام 2016 كبيرا لمستشاري إردوغان العسكريين، لكنه ترك المنصب في عام 2020. وكان تم في عام 1996 إرغام تانريفيردي على الاستقالة من المؤسسة العسكرية بسبب" الاشتباه في قيامه بأنشطة إسلامية متطرفة". وقال تانريفيردي في كلمة له في عام 2009 "من أجل هزيمة إسرائيل، ينبغي إرغامها على خوض حرب دفاعية، وينبغي الاشتباك مع كل قواتها وإطالة أمد الحرب".

وأضاف: "وما ينبغي على تركيا عمله هو ضرورة دعم وحدات المقاومة في غزة بالأسلحة المضادة للدبابات والأسلحة المضادة للطائرات التي تطير على ارتفاعات منخفضة... ويتعين أن تشكل تركيا، وإيران، وسوريا، ومنظمة المقاومة العراقية وفلسطين، نواة هيكل دفاعي. وفي هذا الإطار ينبغي تشجيع تشكيل قوة رد سريع إسلامية تتكون من لواء برمائي، ولواء مدرع، ولواء قوات محمولة جوا".

 

الرئيس التركي إردوغان وشريكه في التحالف الحاكم دَوْلَتْ بهجلي. Präsident Erdogan und sein Koalitionspartner Devlet Bahceli (MHP); Foto: DHA
إردوغان يتراجع عن قراره طرد 10 سفراء غربيين دعوا للإفراج عن ناشط مدني في تركيا: عاد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يوم الإثنين 25 / 10 / 2021 عن قراره طرد 10 سفراء غربيين دعوا إلى الإفراج عن الناشط المدني عثمان كافالا المسجون منذ أربع سنوات بدون صدور إدانة في حقه، مجنّباً بلاده عزلة دبلوماسية ومزيدا من التدهور الاقتصادي. وكان سفراء الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وفنلندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا والنروج والسويد أصدروا 18 / 10 / 2021 بيانا مشتركا دعوا فيه إلى الإفراج عن كافالا. ووصف إردوغان هذا البيان بأنه "ازدراء" استهدف "السلطة القضائية المستقلة" في تركيا. وقال إردوغان بعد جلسة طويلة لحكومته إن السفراء "تراجعوا" عن موقفهم وسيكونون "أكثر حذرا في المستقبل"، متراجعا بدوره عن تنفيذ قرار طردهم من البلاد. ويرجح مراقبون أن إردوغان تلقى تحذيرا من العواقب الكارثية لأزمة جديدة مع الدول الغربية. وأكدت معظم السفارات المعنية في بيان على "احترام اتفاقية فيينا والمادة 41 منها" التي تضع إطارا للعلاقات الدبلوماسية وتحظر أي تدخل في الشؤون الداخلية للبلد المضيف. و"رحب" إردوغان بالبيان.

 

وقد تبنت شركة صادات مؤخرا فكرة قيام تركيا بدعم ومساعدة طالبان- التي وصفتها بأنها حركة مقاومة- لإقامة دولة إسلامية في أفغانستان.

وقال بيكديل إن بايدن أضعف نفسه ودولته بشكل سيء للغاية لدرجة أن الولايات المتحدة، الدولة العظمى، بلغت حد الخضوع لابتزاز الدولة الإسلامية الوحيدة العضو في حلف الأطلسي. وقد أوضح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أنه "إذا أرادت الولايات المتحدة البقاء في الشرق الأوسط، يتعين عليها التعاون مع تركيا".

وكتب المحلل الاستراتيجي سيث جيه فرانتزمان في صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية في آب/أغسطس 2021: " إن المنتصرين في كابول سيكونون أولئك الذين يستفيدون من تولى طالبان السلطة، وأولئك الذين يستفيدون، أو يبتهجون، إزاء حال الولايات المتحدة وهي تبدو ذليلة".

ويوضح بيكديل أن أفغانستان ليست الطموح الإسلامي الوحيد لأردوعان بعد الانسحاب الأمريكي من البلاد، ففي الوقت الذي يركز فيه المجتمع الدولي على الفوضى التي تتكشف في أفغانستان، كثفت تركيا هجماتها بالطائرات المسيرة على اليزيديين في منطقة سنجار بالعراق. وأدت آخر هذه الهجمات إلى تدمير منشأة طبية. وحذر المحلل مايكل روبين في تقرير نشره موقع واشنطن إيكزامينر بقوله: "إن الهجمات الأخيرة بالطائرات المسيرة تهدد بصورة متزايدة بعرقلة عملية إعادة توطين اللاجئين داخل العراق، وتتيح الفرصة لتنظيم داعش لإعادة التجمع، حيث إن أكثر الجماعات الكردية التي تقاتل داعش فعالية هي الميليشيات الكردية واليزيدية في سنجار". كما أن تقديرات بايدن الخاطئة في أفغانستان ستكون لها تداعيات سيئة في سوريا.

وفي مقابلة مع صحيفة الاندبندنت، علق أبو محمد الجولاني، زعيم جماعة هيئة تحرير الشام المتشددة، على الوضع في أفغانستان بقوله: "سيكون لانسحاب الولايات المتحدة المفاجىء من كابول تأثير أيضا على الأكراد (أو كما وصفهم هو بـ" أعداء الثورة السورية الذين تدعمهم الولايات المتحدة)".

ويرى بيكديل أنه إذا تم جمع ذلك بصورة تحليلية، فإن طموحات إردوغان الموالية للشريعة وتصريحات المتشدد الجولاني تنذر بتشكيل جيش جهادي جديد يعمل بالوكالة لخوض قتال أنقرة على الأرض السورية. ويبدو الاتفاق غير المكتوب واضحا للغاية، ومفاده: تقوم هيئة تحرير الشام بمحاربة أعداء تركيا في المنطقة، وهم الأكراد والنظام السوري، في مقابل الدعم التركي الضمني للاعتراف الدولي بهيئة تحرير الشام ككيان شرعي بدلا من كونها جماعة إرهابية.

ويختتم بيكديل تقريره بالقول إن طموحات إردوغان الإسلامية، والعثمانية الجديدة، تتخذ الآن منحى موال للشريعة. وهذا خبر سىء للمنطقة جنوب وشرق تركيا. والأمر الأسوأ هو أن ذلك يعتبر قنبلة موقوتة بالنسبة للغرب.

تحليل باحث تركي: أنقرة تنجرف بعيدا عن الناتو لتدور في فلك روسيا وتسبب شراء تركيا لمنظومة الدفاع الجوي (إس 400) من روسيا، في انزعاج غربي واضح كانت له تبعات في علاقات تركيا لاسيما مع الولايات المتحدة.

ويقول الكاتب السياسي التركي البارز بوراك بيكديل، في تقرير نشره معهد غايتستون  الأمريكي إن تركيا عضو بحلف شمال الأطلسي (ناتو) منذ عام 1952.

وفي 6 تشرين الأول/أكتوبر 2021، أشاد الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، بتركيا ووصفها بأنها "حليف مهم قام بدور مهم في هزيمة داعش". لكن بيكديل يقول إن هذه التلميحات غير صحيحة على الإطلاق، فقد أصبحت تركيا "حليفا روسيا مهما"، وليست حليفا للناتو، وحلفاؤها غير النظاميين من الميليشيات في سوريا هم من فلول تنظيم داعش.

ويضيف بيكديل أنه على غرار عاشق مرفوض شعر بالإهانة الشديدة لرفض الرئيس جو بايدن مقابلته على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر في نيويورك، هرع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى مدينة سوتشي الروسية، في 29 أيلول/سبتمبر 2021 لحضور لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي طريق عودته من نيويورك قال إردوغان للصحفيين: "إن المؤشرات ليست جيدة فى علاقات تركيا مع الولايات المتحدة " .

وفى مقابلة مع برنامج " واجه الأمة " الذي تبثه شبكة "سي بي إس" قال إردوغان إن رفض الولايات المتحدة تسليم طائرات مقاتلة من طراز إف – 35 وافقت تركيا على شرائها وصواريخ باتريوت التى ترغب فى الحصول عليها، لم يعط تركيا خيارا سوى اللجوء إلى روسيا للحصول على نظامها الصاروخى المضاد للطائرات إس 400- ويعد هذا النزاع نقطة خلاف بين تركيا وحلف شمال الأطلسي خلال إدارتي ترامب وبايدن.

وقال: "في المستقبل، لن يتمكن أحد من التدخل فيما يتعلق بنوع الأنظمة الدفاعية التي نحصل عليها، ومن أي بلد على أي مستوى. لا أحد يستطيع التدخل في ذلك. نحن الوحيدون الذين نتخذ مثل هذه القرارات". وتخطط تركيا لشراء دفعة ثانية من منظومة "إس 400" من روسيا، كما ستطالب الولايات المتحدة بدفع 4ر1 مليار دولار مقابل طائرات إف 35 التي لم تحصل عليها تركيا بعد طردها من الكونسورتيوم المتعدد الجنسيات الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يتولى إنتاج الطائرة.

ويقول بيكديل إن المخاطر الآن أكبر. ويقامر إردوغان باستخدام ورقة روسيا لتجنب المزيد من العقوبات الأمريكية في محاولته للحصول على دفعة جديدة من منظومة إس 400 وفي الوقت نفسه، قال مكتب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي روبرت مينينديز إن العقوبات يفرضها القانون على "أي كيان يقوم بأعمال تجارية كبيرة مع القطاعين العسكري والاستخباراتي الروسي".

وكتبت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي على تويتر: "أي مشتريات جديدة من جانب تركيا يجب أن تعني فرض عقوبات جديدة"، في إشارة إلى قرار الولايات المتحدة في كانون أول/ديسمبر 2020 بفرض عقوبات على تركيا لحيازتها منظومة إس 400، وفي سوتشي، التقى إردوغان ببوتين بحضور مترجمين شفويين فقط بدون وفد رسمي، متحدين العرف الدبلوماسي.

ووصف الرئيسان الاجتماع بأنه "مفيد" بينما كانا يبتسمان للكاميرات. وقال إردوغان إن تركيا وروسيا اتفقتا على التعاون فى مجال التكنولوجيات الدفاعية المهمة بما فيها الطائرات والمحركات والغواصات والفضاء. وبالإضافة إلى ذلك، ستناقش أنقرة وموسكو الخبرة الفنية الروسية وبناء محطتين نوويتين أخريين للطاقة لتركيا، بالإضافة إلى مفاعل نووي بقيمة 10 مليارات دولار يجري بناؤه بالفعل على الساحل التركي بالبحر المتوسط.

ومن شأن كل هذا التخطيط الاستراتيجي أن يزيد من اعتماد تركيا، حليفة الناتو على روسيا، التي تعد أيضا أكبر مورد للغاز الطبيعي لتركيا. وقال يوجين كوجان، المحلل في شؤون الدفاع والأمن ومقره تبليسي، في جورجيا لمعهد غايتستون  إن "تحول تركيا عن الغرب بشكل عام مستمر دون انقطاع".

وأضاف: "بوتين وإدارته يدركان جيدا نقاط الضعف في تركيا ... الاقتصاد يذهب من سيء إلى أسوأ، والجائحة غير خاضعة للسيطرة، وأسعار الغاز في ازدياد ولكن روسيا مستعدة لتقديم خصم ودي لتركيا، وتواجه عمليات الاستحواذ العسكرية مجلس شيوخ أمريكياً يتسم بالعداء".

وكتب أيكان أردمير، وهو عضو سابق في البرلمان التركي ويقيم الآن في واشنطن العاصمة، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الكاتب، أن موقف إردوغان بمثابة جرس للاستيقاظ لمسؤولي إدارة بايدن.

 

نهاية شقاق بين تركيا والإمارات ولد من رحم انتفاضات عربية - حين تهاتف إردوغان ومحمد بن زايد. bildkombo_abu_dhabi_kronprinz_scheich mohammed und tuerkischer ministerpresident erdogan fotos picture alliance
حين تهاتف إردوغان ومحمد بن زايد: شقاق وُلد من رحم انتفاضات شعبية عربية دعمت خلالها تركيا موقف الإخوان المسلمين وثوار ليبراليين تحدوا حكاما سلطويين أو مستبدين من تونس إلى سوريا، في بادرة أثارت انزعاج حكام إماراتيين رأوا في الإخوان تهديدا سياسيا لهم. وبعد عقد على الربيع العربي برزت رغبة تركية إماراتية في التهدئة بل والتعاون.

 

وكتب إردمير: "ينبغي أن تكون تصريحات إردوغان حول شراء دفعة ثانية من منظومة الدفاع الجوي إس 400، من روسيا بمثابة جرس تحذير لمسؤولي إدارة بايدن، الذين أشاروا إلى تركيا على أنها شريك لا يقدر بثمن وحليف مهم للناتو الشهر الماضي".

وأضاف: "إن إصرار إردوغان على دفعة ثانية من منظومة إس 400 يعكس الإفلات من العقاب الذي يشعر به الرئيس التركي منذ أن عرض في حزيران/يونيو 2021 مساعدة إدارة بايدن أثناء وبعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان".

وأضاف أن "إفلات إردوغان من العقاب ينبع أيضا من التأخير الذي فرض به ترامب عقوبات على أنقرة خلال الشهر الأخير من رئاسته فقط بعد ضغوط الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي وتفضيله فرض عقوبات أخف نسبيا فشلت في توفير أي ردع ذي مغزى".

وأضاف أن "الرئيس التركي سيواصل لعب دور المفسد داخل حلف شمال الأطلسي وتوفير المزيد من الفرص لبوتين لتقويض الحلف عبر الأطلسي وقيمه".

وتابع: "نظرا لاعتماد إدارة بايدن على حكومة إردوغان في أفغانستان يقيد بشدة قدرة واشنطن على صد تجاوزات أنقرة، فمن الضروري اتخاذ إجراء من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس لإعادة بناء الردع الأمريكي وردع الناتو ضد التحديات التي يفرضها الرئيسان التركي والروسي".

ويختم بيكديل بالقول إن إردوغان يحاول أن يجعل من تركيا مثالا فريدا على التناقض السياسي كحليف "لا يقدر بثمن" للناتو وكذلك كحليف استراتيجي وعسكري عميق مع روسيا. د ب أ 2021