تكافل اجتماعي رقمي في مصر

جمعيات رقمية مصرية - اقتراض مصريين من بعضهم بلا فوائد مصرفية - تكافل اجتماعي رقمي في مصر.
جمعيات رقمية مصرية - اقتراض مصريين من بعضهم بلا فوائد مصرفية - تكافل اجتماعي رقمي في مصر.

جمعيات رقمية مصرية تسمح لأفراد بالاقتراض من بعضهم دون حاجة لدفع فوائد مصرفية، وهي تطوير لعادة الجمعيات المصرية -الموجودة على الأقل منذ بداية القرن العشرين- التي يساهم فيها كل فرد لعدد من الشهور بمبلغ مالي شهري معيَّن بحيث يخصص المبلغ الإجمالي كل شهر لأحد المساهمين ويكون غالبا الأكثر احتياجا.

في مصر الوسائل الرقمية تطور إحدى أقدم وسائل التكافل الاجتماعي: "أسهل وأكثر أمانا"… هكذا وصفت منة شعراوي تجربتها مع الجمعيات الرقمية المنتشرة في مصر والتي تسمح للأفراد بأن يقترضوا بعضهم من بعض من دون الحاجة إلى تحمل فوائد مصرفية.

وتقول هذه الموظفة ذات الواحد والثلاثين عاما "أتلقى المال على حسابي المصرفي من دون تأخير ولست بحاجة الى أن أجري خلف الناس لتحصيل مستحقاتي.. هذا عظيم".

احتياجات مالية عاجلة أو مجرد رغبة في الادخار؟ اعتاد المصريون "على الأقل منذ بداية القرن العشرين" على الجمعيات التي يقوم فيها أفراد يرتبطون بعلاقات شخصية قوية كالجيران أو زملاء العمل أو الأقارب، بالمساهمة شهريا بمبلغ معين من المال لمدة تتراوح غالبا بين 5 أشهر و20 شهرا، على أن يخصص المبلغ الإجمالي كل شهر لأحد المساهمين، ويكون غالبا الأكثر احتياجا ربما بسبب مشكلة صحية أو لاقتراب موعد زواجه أو أي احتياج ملح آخر، بحسب ما قالت لفرانس برس الخبيرة الاقتصادية دينا ربيع.

التكنولوجيا الرقمية لتنظيم الجمعيات المالية

خلال السنوات الأخيرة، قرر عدة رواد أعمال استخدام التكنولوجيا الرقمية لتنظيم جمعيات مماثلة.

ويقول أشرف صلاح "في البداية كنت خائفا من هذه الجمعيات أونلاين ولكنني خضت التجرية وجمعت أموالا مكنتني من إتمام الأشغال الداخلية لمنزلنا في الصعيد، والآن آمل في أن أشتري سيارة لكي أستخدمها في مشروع صغير هناك".

 

الصورة من الأرشيف - القاهرة - مصر. Skyline von Kairo Aegypten ARCHIV FOTO AP
يعتبر مؤسس موني فيلوز أن ميزة تطبيقه أن يضمن للمستخدمين الحصول على أموالهم عند تعثر مشارك أو امتناعه عن السداد. وتم تحميل هذا التطبيق أكثر من 1,6 مليون مرة ويستخدمه 173 ألف شخص يربطهم بالشركة عقد يساهمون شهريا بمبالغ بين 500 جنيه (أكثر من 30 دولار) وعشرات آلاف الجنيهات. ويشترط التطبيق من المستخدمين فقط أن يقوموا بتحميل صورة بطاقة هويتهم. وسائل السداد متنوعة: تحويلات، إيداع نقدي، دفع إلكتروني بالهاتف المحمول المنتشر في مصر وهذا نظام مثالي بالنسبة لبلد يعمل 63,8% من سكانه في الاقتصاد غير الرسمي بحسب البنك الدولي، ولا يملك سوى نحو ثلث سكانه حسابات مصرفية، وفق مؤشرات عام 2017. ويؤكد أن تطبيقه يساهم في "الشمول المالي" وهو هدف للسلطات المصرية منذ سنوات ويتمثل في إدماج أكبر عدد من المصريين والأنشطة الاقتصادية في النظام المصرفي. ويتعاون البنك المركزي المصري بالفعل مع تطبيقين من أجل إدماجهما بالاقتصاد الرسمي خصوصا أن موني فيلوز نجح بالحصول على تمويل مقداره 4 ملايين دولار عام 2020. التقييم الائتماني للمستخدم يرتفع كلما قدم مزيدا من الأوراق التي تؤكد قدرته على السداد، ما يرفع حده الائتماني.

 

ويقيم صلاح في العاصمة المصرية منذ أربع سنوات ويستخدم تطبيق موني فيلوز، أحد أوائل التطبيقات في هذا المجال، إلى جانب الجمعيات التقليدية.

ويشرح ربّ الأسرة المتحدر من قنا (445 كلم جنوب القاهرة)، أنه في الجمعيات التقليدية "الكل يعرف كم تدفع شهريا وقيمة ما تحصل عليه في الإجمالي، أما في الجمعيات أونلاين فيكون الموضوع محرجا، أفضل السرية".

وهو يؤكد أن هذه الخدمة "تستحق" ما يدفعه مقابل الحصول عليها.

ويوضح أحمد محمود، 28 سنة، مؤسس تطبيق الجمعية الذي بدأ العمل في 2019، "من خلال ثلاث خطوات على التطبيق، نخلص مستخدمينا من الاعباء اللوجستية للجمعيات التقليدية".

يعتبر أحمد وادي مؤسس موني فيلوز، أن إحدى أهم ميزات تطبيقه الذي يهيمن على السوق، هو أنه وضع "نظاما قويا" يضمن للمستخدمين الحصول على أموالهم في حال تعثر أحد المشاركين أو امتنع عن السداد.

وتم تحميل هذا التطبيق أكثر من 1,6 مليون مرة ويستخدمه 173 ألف شخص يربطهم بالشركة عقد ويساهمون شهريا بمبالغ تتراوح بين 500 جنيه (أكثر من 30 دولار) وعشرات الالاف الجنيهات.

ويشترط التطبيق من المستخدمين فقط أن يقوموا بتحميل صورة بطاقة هويتهم. أما وسائل السداد فهي متنوعة: تحويلات، إيداع نقدي، دفع إلكتروني عن طريق الهاتف المحمول وهي وسيلة منتشرة على نطاق واسع في مصر.

تقييم ائتماني ودمج في النظام المصرفي الرسمي

وهذا نظام مثالي بالنسبة لبلد يعمل 63,8% من سكانه في الاقتصاد غير الرسمي، بحسب البنك الدولي، ولا يملك سوى قرابة ثلث سكانه حسابات مصرفية، وفق مؤشرات وضعتها مجموعة العشرين عام 2017.

ويؤكد محمود أن تطبيقه يساهم في "الشمول المالي"، وهو هدف وضعته السلطات المصرية نصب أعينها منذ بضع سنوات ويتمثل في العمل على إدماج أكبر عدد من المصريين ومن الأنشطة الاقتصادية في النظام المصرفي.

ويتعاون البنك المركزي المصري بالفعل مع التطبيقين من أجل إدماجهما في الاقتصاد الرسمي خصوصا أن موني فيلوز نجح في الحصول على تمويل مقداره 4 ملايين دولار في العام 2020.

وتم الحصول على التمويل بفضل نظام دقيق للتحقق، فالتقييم الائتماني للمستخدم يرتفع كلما قدم مزيدا من الأوراق التي تؤكد قدرته على السداد، ما يرفع حده الائتماني.

وتسجل هذه التطبيقات نجاحا كبيرا. فخلال عام واحد، ازداد عدد مستخدمي تطبيقي الجمعية بنسبة 700% وموني فيلوز بنسبة 300%.

ويؤكد محمود أن جائحة كورونا ساعدت على تحقيق هذا النجاح لأن كثيرين صاروا معتادين على التعاملات الرقمية.

 

أحد شوارع القاهرة - مصر. Ägypten Straßenszene in Kairo FOTO PICTURE ALLIANCE
الجمعيات المالية عادة مصرية: اعتاد المصريون "على الأقل منذ بداية القرن العشرين" على الجمعيات التي يقوم فيها أفراد يرتبطون بعلاقات شخصية قوية كالجيران أو زملاء العمل أو الأقارب، بالمساهمة شهريا بمبلغ معين من المال لمدة تتراوح غالبا بين 5 أشهر و20 شهرا، على أن يخصص المبلغ الإجمالي كل شهر لأحد المساهمين، ويكون غالبا الأكثر احتياجا ربما بسبب مشكلة صحية أو لاقتراب موعد زواجه أو أي احتياج ملح آخر، بحسب ما قالت لفرانس برس الخبيرة الاقتصادية دينا ربيع.

 

ومع 30 ألف مستخدم قرابة ثلثهم في صعيد مصر (جنوب)، يجتذب التطبيق خصوصا "الراغبين في الزواج أو سداد نفقات المدارس الخاصة"، وفقا له. وهو ما يعني، بحسب دينا ربيع، أن مستخدمي هذه التطبيقات الرقمية من الشباب المستعدين لـ"المخاطرة" أكثر من جمهور الجمعيات التقليدية الذين يخشونها.

وتعدّ الجمعيات بالنسية "لعشرات الملايين من المصريين جزءا من حياتهم المعتادة"، وفق ربيع التي تؤكد أن شرائح المهنيين العليا باتت تستخدم كذلك مثل هذه التطبيقات.

وبحسب دراسة أجرتها الجامعة الأميركية في القاهرة عام 2018، فإن 43% من الـ102 مليون مصري الذين يملكون مدخرات يشاركون الجمعيات. ولكن كثيرين لا يزالون يفضلون الجمعيات التقليدية.

ويقول رجب فرغلي (50 عاما) "لماذا أدفع فائدة كل شهر؟ نحن نساعد بعضنا البعض والموضوع كله متوقف على الثقة (...) لهذا لا أحب الجمعيات أونلاين".

ويتابع "الناس الذين أشترك معهم في جمعية أعرفهم، أعرف أين يسكنون وأين تقيم أسرهم. لو لم يدفع أحدهم ما عليه أذهب إلى شقيقه أو أمه ليعطوني المال بدلا منه".

في المقابل، دفع النمو الكبير الذي تحقق، تطبيقي الجمعية وموني فيلوز إلى التوسع في أفريقيا ودول الخليج. أ ف ب 07 / 11 / 2021