فتيات أفغانيات يتعلمن في "مدرسة سرية" تحت الأرض

صورة رمزية  - الفتيات والتعليم في أفغانستان.
صورة رمزية - الفتيات والتعليم في أفغانستان.

وصول حركة طالبان إلى السلطة دفع بعض النساء الأفغانيات إلى تأسيس مدرسة تحت الأرض. حسين سيرات وأحمد حكيمي تحدثا إلى بعض هؤلاء الفتيات المصممات على مواصلة دراستهن.

الكاتبة ، الكاتب: Hussain Sirat & Ahmad Hakimi

تجتمع 14 فتاة أفغانية يومياً في قبو مبنى في كابول من أجل مواصلة دراستهن. ومعلمتهن طالبة كبيرة تعلمهن الرياضيات.

والمدرسة مخفية عن العالم الخارجي، إذ تُغلق الأبواب والنوافذ حتى لا يتمكن أي شخص من رؤية الطالبات أو سماعهن. توضع سبورة بيضاء في زاوية الغرفة، حيث تدرِّسُ نورية (اسم مستعار) طالباتها عن اللوغاريتمات.

بعد إطاحة طالبان بحكومة أشرف غني واستيلائها على العاصمة كابول في أواخر آب/أغسطس 2021، أعادت فرض القيود على تعليم الفتيات. ففي بعض المدن، لا يسمح للفتيات بالالتحاق بالمدارس الثانوية (بعد الصف السادس)، وفي بعض المناطق، لا يُسمح للفتيات الأكبر سناً بالجلوس مع الطلاب الذكور. وهذه الإجراءات ليست تعسفية فحسب، بل إنها تتناقض بشكل كبير مع التصريحات الأولية للإسلاميين، والتي نصّت على أنهم سيحترمون حقوق الإنسان الأساسية.

حكمت طالبان أفغانستان لأول مرة من عام 1996 إلى عام 2001 بشكل صارم جداً، فمنعت النساء من العمل وفرضت قيوداً على حركتهن. في ذلك الوقت لم يُسمح للفتيات بالذهاب إلى المدارس وجلد مقاتلو طالبان النساء اللواتي خالفن قوانين الشريعة الصارمة التي فرضتها الحركة.

وشهدت أفغانستان العديد من الاحتجاجات من قبل النساء ضد نظام طالبان الجديد في جميع أنحائها منذ أن سيطر الإسلاميون على الحكم. والنساء في أفغانستان مستمرات في مطالبهن بالحق في التعليم والعمل والتجمع، وهي الحقوق التي حرمتهن منها حركة طالبان إلى الآن.

السبيل الوحيد لمواصلة التعليم

إقامة "المدرسة السرية" في ظل هذه الظروف ليست مهمة سهلة، ولكن العديد من الأهالي مصممون على تعليم بناتهم ومستعدون للمجازفة.

وتسلك الطالبات طرقاً مختلفة للوصول إلى المدرسة والانضمام إلى فصولهن الدراسية في أوقات مختلفة من اليوم حتى لا تلاحظهن السلطات. كما أنّ الصف لا يحوي على طاولات دراسية أو مقاعد؛ تجلس الفتيات على الأرض على شكل دائرة. تحدّثنا مع بعض هؤلاء الفتيات، ولكن لأسباب أمنية، أخفيت هوياتهن الحقيقية.

 

تلميذات مدارس ثانوية - في فصل دراسي في كابول - أفغانستان. Secondary school pupils in a Kabul classroom, Afghanistan (photo: WANA/Reuters)
أوقات سعيدة: شهدت نهاية حكم طالبان في عام 2001، نمواً متزايداً في نسبة الالتحاق بالمدارس لكل من الأولاد والبنات. وليس من المستغرب أنّ الفتيات اللواتي يعشن في المناطق الحضرية نسبة التحاقهن بالمدارس أكثر من فتيات المناطق الريفية، إذ يبدو أنّ الفجوات بين الجنسين في معدلات الالتحاق بالتعليم تتعلق بالسلامة وليس بافتقار الدعم للتعليم في حدِّ ذاته. استطلعت مؤسسة آسيا آراء الأفغان بين عامي 2004 و2019، وبقي دعم تعليم المرأة مرتفعاً خلال هذه الفترة، إذ سجل 87% في عام 2019.

 

تقول صالحة (اسم مستعار)، وهي طالبة في الصف الثاني عشر، أنها بعد إغلاق المدارس لشهرين لم يعد لديها خيار آخر سوى الانضمام إلى المدرسة السرية تحت الأرض. تخبرنا عبر الهاتف: "لم نقبل بالقيود؛ ولذلك، وبمساعدة معلمة، بدأنا بهذه المدرسة السرية. نريد مواصلة تعليمنا".

نورية، التي تُدرِّسُ في المدرسة السرية، كانت طالبة علوم حاسوب في جامعة كابول قبل سيطرة طالبان على العاصمة. تقول إنها أرادت أن تصبح مبرمجة كمبيوتر، بيد أنّ حلمها تحطم الآن. وتضيف: "أشعر أنني أمتلك جسداً، ولكنني لست على قيد الحياة"، وتأمل أنّ تنتهي "الأيام المظلمة" قريباً.

تعليم المرأة في ظل الحكومة الأفغانية السابقة تكلّل بالنجاح

حين غزت الولايات المتحدة أفغانستان في عام 2001 وأطاحت بنظام طالبان، كان تعليم الفتيات شبه معدوم في البلاد. وبحلول عام 2020، التحقت ملايين الفتيات بالمدارس وعشرات آلاف النساء بالجامعات لمتابعة تعليمهن العالي.

وقد حثّت الأمم المتحدة طالبان على ضمان استمرار الفتيات في تلقي التعليم في أفغانستان. ولكن لا يبدو أنّ طالبان تمتثلُ، والآن المخاطر المرتبطة بتعليم الفتيات كبيرة.

تقول صالحة: "إذا عرفت طالبان بأمر مدرستنا السرية، فستعاقبنا. ولكننا لن نستسلم على الرغم من المخاطر".

وتعترف شمسية (اسم مستعار)، وهي طالبة في الصف التاسع في المدرسة السرية، تعترف بوجود مخاطر بيد أنها لا تريد أن تخسرَ تسع سنوات من تعليمها. تقول: "نعم، أنا خائفة. أبذل قصارى جهدي ليبقى موضوع تعليمي سرياً".

تدفع طالبات هذه المدرسة رسوماً رمزية لمعلمتهن، بيد أنّ الوضع المالي لغالبية الأسر في أفغانستان، يجعل حتى من مبلغ صغير من المال عبئاً ضخماً عليهم.

 

نساء يُحَضِّرْنَ حدثاً لدعم طالبان في جامعة كابول في 9 سبتمبر 2021. Women attend an event in support of the Taliban at Kabul University on 9 September 2021 (photo: Bilal Guler/AA/picture-alliance)
على أمل أن تنتهي الأيام المظلمة قريباً: كانت نورية، التي تُعلِّم الطالبات في المدرسة السرية تحت الأرض، طالبة علوم حاسوب في جامعة كابول قبل استيلاء طالبان على العاصمة. أرادت أن تصبح مبرمجة كومبيوتر، بيد أنّ حلمها تحطّم الآن. تقول: "أشعر أنني أمتلك جسداً، بيد أنني لست على قيد الحياة".

 

فاقتصاد أفغانستان على وشك الانهيار، ويتزايد الجوع والفقر بشكل كبير في البلد الذي دمرته الحرب. كما قدّرت الأمم المتحدة أن حوالي 95% من سكان أفغانستان قد يعانون من الجوع في غضون بضع سنوات، وأنّ 97% من السكان قد يصبحون تحت خط الفقر.

تعهّد المجتمع الدولي بتقديم معونات مالية لأفغانستان، بيد أنّ غالبية الدول متردّدة في التعامل مباشرة مع طالبان. وقد جمّدت الولايات المتحدة الأمريكية مليارات الدولارات من المساعدات لأفغانستان تماشياً مع العقوبات الدولية المفروضة على حركة طالبان.

بالنسبة لنورية، يشكّلُ المال أمراً ثانوياً أمام رغبتها في توفير التعليم للفتيات. وتقول أنّ هناك العديد من العائلات في أفغانستان تعيش في فقر مدقع بيد أنها لا تزال ملتزمة بتعليم الفتيات. تضيف: "لا آخذ المال من العائلات الفقيرة. فأنا أؤدي خدمة".

 

 

حسين سيرات / أحمد حكيمي

ترجمة: يسرى مرعي

حقوق النشر: دويتشه فيله / موقع قنطرة 2022

ar.Qantara.de

 

قالت حركة طالبان إنها تعتبر التعليم حقا للفتيات أيضا. لكن الغالبية العظمى للمدارس التكميلية والثانوية أغلقت ابوابها أمامهن منذ آب/اغسطس 2021. وأكدت السلطات أن المدارس ستستقبل الجميع بحلول نهاية آذار/مارس 2022، إلا أن النقص في عدد المدرسات وقرار منع الرجال من تعليم الفتيات سيصعب تحقيق هذا الهدف. أعادت غالبية الجامعات الخاصة فتح أبوابها - بعضها منذ أيلول/سبتمبر 2021، لكنها تعاني من نقص في الأساتذة. ويتم الفصل بين الجنسين أيضا. وفتحت الجامعات الرسمية أبوابها (01 / 02 / 2022) أيضا في ثماني ولايات على أن تتبعها الأخرى. لكن قلة من الفتيات عدن إلى الصفوف مع فصلهن عن الطلاب الذكور أيضا. في فترة حكمها الأولى فرضت حركة طالبان على النساء وضع البرقع عند الخروج. لكن هذه المرة علقت لافتات في متاجر كابول تفيد أن على النساء أن يضعن الحجاب كحد أدنى إلا أنها مرفقة بصورة برقع مما يشير إلى أنه من الأفضل وضعه. أ ف ب