قصة تحرش: "بتعملي علاقة بتصيري مذيعة"

"يمكن أن نعدّ المتحرش صاحب السلطة من أخطر الأنواع تأثيراً على ضحيته، وأكثرها قدرةً على الإيقاع بها، نظراً لمعرفته بحاجاتها ونقاط ضعفه".

كنت لا أزال طالبةً جامعيةً أبحث عن عمل يُدخلني إلى عالم الصحافة الذي أحببته منذ صغري، عندما قرأت إعلاناً في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، عن موقع إلكتروني سياسي يبحث عن محرّرة مبتدئة. لم أكن لأُضيّع هذه الفرصة من يدي بالطبع.

في يوم التقديم، جمعت ما أنجزته خلال سنوات من شهادات ومهارات في "سيرتي الذاتية"، وذهبت إلى المكتب البعيد نسبياً عن بيروت. وصل دوري لمقابلة مدير التحرير الذي أعرب فوراً عن انزعاجه من وجهي "الكشوش"، وثيابي "المقفولة زيادة عن اللزوم". أحسست منذ البداية بأن المقابلة لن تكون مهنيةً أبداً.

بدأت بالحديث عن سنواتي الدراسية، فقاطعني قائلاً: "ما بهمني شو درستِ، بهمني تحكي عن حالك، إنت سلسة يعني بتاخدي وبتعطي؟". حقاً لم أفهم معنى السؤال في البداية، قبل أن ينتقل بسرعة إلى الصراحة المطلقة: "بتعملي علاقة مقابل إنه تصيري مذيعة أو بدك تضلي بمطرحك؟"، ثم جلس بجانبي بعد أن كان في الجهة الأخرى. هنا، أحسست بأن الخطر يقترب أكثر، وبحركة فجائية وقفت ورحت أهرول خارج المكتب. لحق بي مهدّداً: "ما تجربي تحكي لأن ما بتعرفي أنا مين".

لا أذكر أنني تجرأت يوماً على سرد الحادثة، فالضحية في مجتمعنا تقع دوماً في دوامة التبرير التي تجعلها أمام امتحانات كثيرة، ما جعلني أنسى بعض التفاصيل، لكنني استرجعتها قبل أيام، بعد قراءة قصة الصحافية اللبنانية التي فضحت ما تعرّضت له من صحافي آخر، عندما كانت تبحث عن عمل وذَهبت للقائه أملاً بفتح باب مهني أمامها. خلال دقائق، كرّت مسبحة الناجيات من المتحرش نفسه، وتقريباً بالطريقة نفسها؛ هل تبحثين عن عمل؟ إذاً، لقد وقعتِ في الفخ.

 

لمتابعة التقرير من موقع رصيف 22 الرجاء النقر هنا 

 

 

 

المزيد من المقالات حول التحرش الجنسي في الدول العربية 

 

"الجنس مقابل النقط" لايزال يثير الجدل في المغرب

 

ضد ثقافة الصمت وتحميل النساء مسؤولية اغتصابهن: مكافحة الابتزاز الجنسي في مصر

 

ـ"قاوم"ـ مبادرة لمساعدة فتيات ونساء ضحايا ابتزازات جنسية

 

النظرات والتصفيرات والعبارات التي تخدش الحياء، واللمس، جزء من حياة المرأة في القاهرة. وأظهرت دراسة للأمم المتحدة العام الماضي أن أكثر من 99 بالمئة من المصريات تعرضن مرة واحدة للتحرش الجنسي، بداية من عبارات المعاكسة التي يزعم البعض أنها غير ضارة، وحتى الاغتصاب.

 

"الشرق الأوسط في حاجة إلى ثورة جنسية"

 

ترى الصحافية المصرية منى الطحاوي المثيرة للجدل في كتابها "الحجاب وغشاء البكارة" أن المرأة تبقى مواطنة من الدرجة الثانية في البلدان الإسلامية طالما لم يكن هناك ثورة حقيقية. الصحفية الألمانية كلاوديا كراماتشيك ترى في تقديمها التالي للكتاب لموقع قنطرة أن المؤلفة لا تقبل بأخذ "الخصوصيات الثقافية" بعين الاعتبار.