"الاتفاق أو الانزلاق نحو حرب أهلية في العراق"

وضعت إدارة الرئيس أوباما جدولا زمنيا للانسحاب من العراق حتى عام 2011. فهل أصبح العراق مؤهلا سياسياً وأمنياً للاعتماد على نفسه؟ الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، فولكر بيرتيس، في حوار مع جونتر بيركنشتوك حول قراءته لمستقبل بلاد الرافدين.

جنود عراقيون، الصورة: ا.ب
هل قوات الأمن والجيش العراقية قادرة على الاطلاع بمهام حفظ الأمن والنظام بعد خروج القوات الأمريكية؟

​​ هل يعتبر الجدول الزمني للانسحاب الذي أعلنه الرئيس أوباما للانسحاب من العراق واقعياً؟ وهل أضحى الوضع الأمني في العراق مستقراً فعلاً؟

فولكر بيرتيس: أصبح الوضع الأمني في العراق أفضل، غير أن الإجابة عن السؤال فيما إذا كان الجدول الزمني للانسحاب واقعياً، لا يمكن اختصارها بنعم أو لا. فهناك ديناميكيات سياسية من شأنها أن تتأثر بالانسحاب المخطط له. وباراك أوباما قال بكل وضوح إن على العراقيين أن يتحملوا مسؤولية أكبر تجاه سياستهم ومصيرهم. وفي اللحظة التي يصبح فيها الأميركيون غير قادرين على عمل كل شيء ، سيكون العراقيون مضطرين إلى الاتفاق فيما بينهم، أو العودة إلى الانزلاق إلى أتون الحرب الأهلية إذا ساءت الأمور.

بالإضافة إلى الاهتمام بجهاز الشرطة، ما الذي يتوجب أيضا على العراقيين عمله لكي يكون القرار واقعياً؟

بيرتيس: على العراقيين أن يهتموا بالجوانب الأمنية عموماً، لكن يجب عليهم بالدرجة الأولى أن يستمروا في العمل معاً على المستوى السياسي والشروط لذلك متوفرة. ومنذ دخول القوات الأمريكية إلى العراق وبناء نظام سياسي جديد فيه، كان الساسة العراقيون يميلون إلى القول: إذا لم نتمكن من الاتفاق فيما بيننا، فإن الأمريكيين سوف يدفعوننا إلى ذلك. لكن هذا الأمر انتهى الآن. وهذا هو المحور الأهم في رسالة أوباما: نريد أن تخرج من هذا البلد بأسرع وقت ممكن، وعلى العراقيين أنفسهم أن يتحملوا المسؤولية. وهذا لا يعني فقط في مجال الشرطة والجيش من أجل قمع المعارضة، ولكن تحمل المسؤولية يعني إيجاد حلول سياسية للمشكلات السياسية العالقة؛ على سبيل المثال حلول للجدل الدائر حول الدستور والنقاش على توزيع عائدات النفط ومسألة الفيدرالية.

وماذا بالنسبة للقوات الأمنية الخاصة الموجودة في العراق، مثل شركة بلاك ووتر الأمريكية؟

شرطيون عراقيون في معسكر تدريب، الصورة: ا.ب
"ينبغي بناء أجهزة الشرطة لحفظ الأمن، وليس لضرب المعارضة"

​​ بيرتيس: هذه أيضا من المشكلات السياسية التي ينبغي على العراقيين أنفسهم أن يحلوها. حتى الآن كان من السهل القول إن الأمريكيين والبريطانيين وغيرهم جلبوا معهم هذه القوات ونحن لا نستطيع بكل سهولة إخراجها من البلد. لكن إذا كان العراقيون يريدون فعلا استعادة سيادتهم الحقيقية، فإن عليهم أن يقرروا ما إذا كانوا سيتركون هذه المجموعات المرتزقة تعمل في البلاد خارج الوضع القانوني، أو أنهم، وربما تقول الحكومة العراقية، من يعمل في مجال الأمن هنا وليس لديه ارتباط بجيش ما، يتوجب عليه أن يتقدم بطلب ترخيص لحمل السلاح ويخضع حينها للقوانين العراقية.

الرئيس أوباما دعا إلى حكومة عراقية تشارك فيها جميع الطوائف والعرقيات. لكن هل تستطيع هذه الطوائف والعرقيات العمل معاً وهل ترغب في ذلك أصلاً؟

بيرتيس: إن هذه الطوائف والعرقيات مشاركة في الواقع في الحكومة العراقية، فهناك شيعة وسنة وأكراد وحتى بعض المسيحيين في الحكومة. ولكن الشيء الأهم هنا هو النظر إلى ما هو أبعد من المجموعات العرقية، فهناك اختلافات سياسية طائفية. وهذا ما سيمثل المشكلة لأكبر بالنسبة للعراقيين؛ أي صنع سياسة ناجحة مع وجود هذه الاختلافات. في نهاية العام ستجرى انتخابات برلمانية في العراق. وربما يكون هناك بعض الجنود الأميركيين الذين سيتم الاحتفاظ بهم كاحتياط للسيطرة على أي اضطرابات وأعمال عنف قد تحدث.

، عمل الرئيس أوباما على إشراك إيران في محاولات تحقيق الاستقرار في أفغانستان. ألا ينبغي أيضا إشراك طهران في البحث عن حلول للوضع في العراق؟

الخبير الألماني فولكر بيرتيس، مدير مؤسسة العلوم والسياسة في برلين
"العراقيون مطالبون بتحمل مسؤولياتهم تجاه مصير بلدهم"

​​ بيرتيس: نعم هذا صحيح. فهناك تأثير إيراني، وهو ما اعترفت به إدارة جورج بوش بشكل غير مباشر. منذ فترة طويلة تعقد مؤتمرات دورية لـ "لدول الجوار العراقي"، تشارك فيه إلى جانب الحكومة العراقية، كل الدول المجاورة للعراق، بما فيها أيضا إيران، علاوة على الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجموعة الثمانية. وفي هذا السياق حدثت اتصالات أيضا في عهد بوش بين ممثلي الحكومتين الأمريكية والإيرانية في العراق. ومن المعروف أن هناك بعض المشكلات، مثل الحدود والتهريب، التي يتوجب الحديث حولها.

أجرى الحوار: جونتر بيركنشتوك
ترجمة: عبده جميل المخلافي
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009

فولكر بيرتيس، مدير مؤسسة العلوم والسياسة في برلين، التي تقدم المشورة للحكومة الألمانية في شؤون السياسة الخارجية.

قنطرة

نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق:
صفعة للأحزاب الدينية وضربة لدعاة الفدرالية
أحرز رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي نصراً بيناً في انتخابات مجالس المحافظات. وبانتخابهم قائمة "ائتلاف دولة القانون" يكون العراقيون قد قدموا الدعم لنهج المالكي العملي الداعي إلى المصالحة، رافضين في الوقت ذاته الأحزاب الدينية وفق تعليق لؤي المدهون.

إشكالية إعادة صياغة الدستور العراقي:
موانع الاتفاق ومواطن الخلاف
يتضمن الدستور العراقي الكثير من القضايا التفصيلية غير المحلولة، الأمر الذي سيؤثر على تطور مشروع الدستور في بلاد الرافدين، ما يجمد ديناميكية دولة مقبولة من جميع القوى السياسية على الساحة العراقية. اختصاصي القانون الدستوري ناصيف نعيم يوضح أسباب ذلك.

الشرق الأوسط
أسس وقواعد جيوسيايسية جديدة
يقدم الباحث الألماني فولكر بيرتيس تحليلا لموازين القوى في المنطقة العربية بعد مرور سنة على سقوط النظام العراقي. ما هو دور الدول المجاورة الآن؟ وهل هناك أمل في أن تستعيد الجامعة العربية نشاطها الدبلوماسي؟