جدلية العلاقة بين الإسلاموفوبيا واليمين الأوروبي

http://www.siyassa.org.eg/News/12058.aspx

تمر أوروبا حاليا بأزمة كبيرة ربما لم تشهد مثلها منذ الحرب العالمية الثانية‮.‬ فالاتحاد الأوروبي،‮ ‬الذي كان مضرب الأمثال في كل تجارب التكامل الإقليمي العالمية،‮ ‬معرض للتصدع والانهيار، إذا امتلكت قوى اليمين الصاعدة زمام الحكم في أوروبا، وهي القوى المعادية للاتحاد الأوروبي،‮ ‬والداعية إلي التفكك والانعزال خلف أسوار النعرات القومية الضيقة‮.‬

 

وتكمن خطورة أفكار اليمين الأوروبي،‮ ‬المتصاعد سياسيا ومجتمعيا، في الدعوة للقطرية،‮ ‬ومعاداة أفكار التكامل، وفي مناهضتها للعولمة،‮ ‬ورفض الاستمرار في دفع تكاليفها المتزايدة على الاقتصادات الوطنية، وتسعي لفرض إجراءات حمائية لتقييد حرية التجارة والانتقال، وترفض التوسع في سياسات الهجرة، التي تشكل عبئا على الاقتصاد،‮ ‬وتحرم المواطنين من فرص العمل والحياة الكريمة، وتلفظ‮ ‬كل ما هو‮ ‬غريب وافد إليها، وتدعو لمراجعة السياسات المتعددة الأطراف التي تركز على التضامن الجماعي بين الشعوب في تحقيق المصالح،‮ ‬ومواجهة التحديات المشتركة‮.‬

 

وتكمن خطورتها أيضا في استغلالها لحالة الإسلاموفوبيا في معاداتها للمسلمين في أوروبا، سواء المهاجرون المقيمون في هذه الدول،‮ ‬منذ عقود طويلة، الذين أصبحوا مواطنين فعلا، أو في الوافدين الجدد إليها،‮ ‬سواء للعمل،‮ ‬أو الدراسة،‮ ‬أو في صورة لاجئين‮.‬

 

ويأتي هذا الخطاب اليميني المتشدد في ظل واقع أوروبي مأزوم، حيث تراجعت معدلات النمو،‮ ‬وارتفعت مستويات البطالة، في ظل فشل خطط الإصلاح الاقتصادي في مواجهة الأزمات الاقتصادية المستمرة في الدول الأوروبية، وحدوث حالة من تراجع الثقة في النخب،‮ ‬والسياسات التقليدية، وسيادة حالة من التشكك في سياسات الإدارة الاوروبية في بروكسل، وقبولها لسياسة الباب المفتوح للاجئين، واستيعابها لهجرة‮ ‬غير شرعية ضخمة، حيث استقبلت ألمانيا بمفردها نحو مليون مهاجر ولاجئ خلال عامي‮ ‬2015و2016،‮ ‬فضلا عن انتشار الإرهاب وتهديده لأمن وسلامة المجتمعات الأوروبية، وفي تشويهه لصورة الإسلام والمسلمين‮.‬

 

وقد وجدت قوى اليمين ضالتها المنشودة في استثمار هذا الواقع‮ ‬الذي يعطي قوة لخطابها المتشدد،‮ ‬الذي يعتمد على إثارة الأبعاد العاطفية،‮ ‬وتأجيج مشاعر الغضب ضد الآخرين‮.‬ فكان استغلالها لحالة الخوف المرضي من الإسلام المسماة‮ "‬الإسلاموفوبيا‮" ‬لمهاجمة المسلمين في أوروبا، وهي في ذلك تسوق مجموعة من الدعاوي والمسوغات، فمنها من تري‮ ‬أن الإسلام هو الخطر الأكبر على قيم‮ "‬النادي المسيحي‮"‬،‮ ‬وعلى الهوية الغربية، وذلك بالنظر إلى زيادة نسبة معدلات مواليد المسلمين المهاجرين، وارتفاع نسبة معدلات الخصوبة لديهم مقابل انخفاض النسب الأوروبية في المجالين، فضلا عن تزايد نسب معتنقي الإسلام من الأوروبيين‮.‬