محامٍ في مصر: ذكور الأقباط يَدفعون أحياناً باتجاه تطبيق الشريعة الإسلامية بالميراث لأنها في مصلحتهم

تعتزم آمال حنّا القبطية محاربة تطبيق قوانين الميراث الإسلامية على المسيحيين في مصر خصوصا بعد تحقيق عدة انتصارات قضائية شجعت القبطيات على المضي قدما في اكتساب حقوقهن.

على مدار عقود ، طبقت المحاكم المصرية إلى حد كبير قوانين الميراث الإسلامية - التي تحكم للمرأة بنصف حصة الرجل - على المسلمين وحتى على الأقلية المسيحية القبطية في البلاد.

لكن الأحوال الشخصية القبطية الأرثوذكسية تدعو إلى المساواة بين الجنسين في مسائل الميراث.

وتعرضت حنّا مرتين لتقسيم غير متوازن من قبل القضاء المصري في ميراث ممتلكات عائلية. المرة الأولى كانت منذ أكثر من 20 عامًا، عندما منحت المحكمة لشقيقها ضعف نصيبها من ممتلكات والديهما.

والمرة الثانية كانت بعد وفاة عمتها العام الماضي 2019 حين منحت محكمة أخرى الميراث بالكامل لشقيق حنّا. وقدمت طعنا ضد هذا الحكم الأخير.

وقالت لوكالة فرانس برس "لقد صُدمت وحز الأمر في نفسي وضايقني، خصوصا وأننا تربينا أنا وأخي على المساواة في كل شيء".

ثم جاء أواخر العام الماضي 2019 الحكم الذي حصلت عليه المحامية القبطية هدى نصر، بالمساواة بينها وبين إخوتها الذكور في الميراث، لترى المسيحيات في ذلك بصيص أمل.

وكانت محكمة أسرة في القاهرة قضت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي 2019 بالاحتكام إلى مبادئ الشريعة المسيحية - وفقا لمواد الدستور - في مسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بالأقباط.

أثار انتصار هدى نصر النادر في أروقة المحاكم ضجة كبيرة على الرغم من أنه لم يكن الأول من نوعه. ففي عام 2016 ، انتصرت امرأة مسيحية في نزاع قانوني بينها وبين شقيقها، وحصلت على حكم قضى بتوزيع الإرث بالتساوي.

ولطالما اشتكى المسيحيون الأقباط من التمييز ونقص التمثيل في مصر علماً أنهم يعتبرون أكبر طائفة مسيحية وأكبر أقلية دينية غير مسلمة في الشرق الأوسط، إذ يمثلون 10 - 15 في المائة من سكان مصر البالغ عددهم قرابة 100 مليون نسمة.

كما كانت هذه الطائفة من مستهدفات هجمات المجموعات الإسلاموية المتطرفة التي خلّفت أكثر من 100 قتيل من أبنائها منذ كانون الأول/ديسمبر 2016.

وتقول إليزابيث منير، الخبيرة في الشؤون القبطية بجامعة كمبريدج البريطانية إن تطبيق قواعد الميراث المسيحية سيواجه مقاومة من داخل النظام القانوني.

وأضافت أن تطبيقها "عليه أن يتغلب على هذه المقاومة من ممارسات وقواعد راسخة في كل من القضاء والمجتمع".

على الرغم من أنه كان هناك اتفاق بين هدى نصر وإخوتها الذكور بالتقسيم المتساوي للتركة إلا أن الأمر استغرق نحو عام لاستصدار حكم قضائي لصالحها يفيد بذلك.

وقالت إنها تتابع القضية من أجل إرساء سابقة قانونية للنساء المسيحيات الأخريات، مضيفة: "كان قتالي حول ضمان تطبيق الدستور".

وأشارت إلى أن "العديد من القضاة يرفضون تطبيق القواعد المسيحية .. وقد يكون الأمر أكثر صعوبة عندما يكون الورثة غير متفقين".

وانتقدت حنّا بدورها أيضا عدم وجود تشريع يجبر القضاة على تطبيق القواعد المسيحية في مصر.

وتخشى حنّا رفض طلبها، لكنها ستواصل الطعن في القرار. وقالت: "سأصل بالأمر إلى المحكمة الدستورية إذا اضطررت إلى ذلك".

يقول المحامون إن عدم وجود قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين هو أحد أسباب معارضة المحاكم لتطبيق قواعد الميراث المسيحية.

وقال المحامي عاطف نظمي: "ذكور الأقباط يدفعون في بعض الأحيان إلى تطبيق الشريعة الإسلامية لأنها في مصلحتهم"، لذلك "من الضروري وضع قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين لتنظيم هذه القضايا".

ولطالما ظلت الطوائف المسيحية في محادثات حول قانون الأحوال الشخصية الموحد، لكنهم لم يتوصلوا بعد إلى اتفاق أو تقديم مشروع قانون إلى البرلمان.

وقال نظمي إن قضايا مثل الطلاق كانت من أبرز حالات الشقاق والانقسامات لعدم وجود قانون ينظم مسائلها.

تطبق الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر قواعد صارمة في الطلاق، وتمنحها فقط في حالات الزنا أو التحول إلى ديانات أخرى.

وقالت اليزابيث منير إن المحاكم قد تقاوم أيضًا منح المرأة المسيحية ميراثًا متساؤياً مع الرجل خشية أن تسعى النساء المسلمات إلى الحصول على الحقوق نفسها.

وفي عام 2018، أثار الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي جدلاً في جميع أنحاء العالم الإسلامي حين اقترح مشروع قانون يساوي في الميراث بين الرجل والمرأة المسلمين.

وأثارت هذه الخطوة ثناء العلمانيين ونشطاء حقوق المرأة في جميع أنحاء المنطقة، إلا أنها أثارت أيضا حفيظة الأزهر في مصر.

وعلى الرغم من كل هذه المقاومة، لا تزال إليزابيث متفائلة، وتقول: "أن ترفع امرأة قبطية قضيتها أمام المحكمة وتنتصر فيها هي اشارة إلى إحراز بعض التقدم".

وعلّقت: "هذه خطوة أخرى تعد جزءًا من الرحلة نحو مزيد من المساواة بين الجنسين". أ ف ب ـ 10 / 02 / 2020 ـ