اليمن - ملايين السكان على حافة الجوع مع تدهور قيمة الريال اليمني وتراجع القوة الشرائية المتدهورَيْن أصلاً

أعرب مجلس الأمن الدولي خلال جلسة عقدها الثلاثاء 28 / 01 / 2020 حول اليمن، عن القلق إزاء التطورات السلبية في هذا البلد، كما بحث ضرورة أن تشارك الأطراف مجدداً في عملية سياسية، وفق دبلوماسيين.

وعقدت الجلسة خلف أبواب مغلقة بطلب من المملكة المتحدة، فيما يرتقب إصدار إعلان بين الثلاثاء والأربعاء. ومن المتوقع أن يعرب الإعلان عن "قلق" المجلس ودعوته الأطراف المتنازعة إلى "الانخراط مجدداً في مسار سياسي" لحل النزاع، وفق ما قال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن اسمه.

وأعلن المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أشار خلال مداخلة عبر الفيديو إلى "أهمية وقف التصعيد العسكري الحالي قبل أن يصير متأخرا جداً".

واضاف غريفيث، وفقا للمتحدث، أنّ "التطورات الأخيرة تقوّض التقدّم المحرز على صعيد التهدئة وخطوات بناء الثقة". ورحب دوجاريك من جهة أخرى بإفراج الحوثيين الثلاثاء عن 64 طفلا أوقفوا خلال العمليات العسكرية.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن في بيان سابق أنّ أعمال العنف المتجددة في اليمن مصدر قلق للولايات المتحدة. وأشار إلى أن "استئناف المعارك مرفوض ويشكل تهديدا لخطوات جرى تحقيقها بصعوبة".

وأضاف بومبيو: "ندعو كل الأطراف إلى إيلاء مصالح الشعب اليمني الأولوية والعودة فورا إلى ضبط النفس"، لافتاً إلى أنه "ينبغي على الحوثيين وقف الاعتداءات على الأراضي السعودية".

وقبل نحو عشرة أيام، اندلعت الاشتباكات مجدداً بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية اليمنية بعد أشهر من الهدوء النسبي. والسبت، سيطر الحوثيون على مفصل طريق استراتيجي في شرق صنعاء، وواصلوا هجومهم شمال وشرق العاصمة اليمنية، وفق ما أعلنت مصادر عسكرية موالية لهم.

وتدور الحرب في اليمن منذ 2014 بين الحوثيين والقوات الموالية لحكومة الرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي. وبحسب عدد من المنظمات غير الحكومية، أدت الحرب إلى سقوط آلاف القتلى أغلبهم مدنيون. وتشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة. 

وأكدت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، يوم الثلاثاء 28 / 01 / 2020، رفضها للحديث عن أي مفاوضات للحل الشامل للأزمة اليمنية بينها وبين مليشيا الحوثي، في البلد الذي يشهد نزاعا مسلحا منذ أكثر من خمسة أعوام.

وقال معمر الإرياني، وزير الإعلام في تغريدات على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي"تويتر"، :"نرفض رفضا قاطعا الحديث عن اي مفاوضات للحل الشامل للازمة اليمنية بين الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي المدعومة من إيران قبل التنفيذ الكامل وغير المشروط لبنود اتفاق السويد بخصوص الوضع في محافظة الحديدة وإطلاق كافة الأسرى والمختطفين ورفع الحصار عن محافظة تعز".

وأضاف :"المجتمع الدولي والمبعوث الخاص للأمم المتحدة ، الذي عجز عن إقناع وممارسة الضغط على المليشيا الحوثية لتنفيذ بنود اتفاق السويد، سيفشلان بالتأكيد في إجبارها على الانخراط بجدية في تسوية شاملة للأزمة ترتكز على المرجعيات الثلاث".

وأشار الإرياني إلى أن"المليشيا الحوثية مستمرة في حمل السلاح وقتل وإرهاب الشعب اليمني". واستطرد بالقول :"مالا يدركه المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن أن المليشيا الحوثية تعمل وفق عقيدتها المبنية على القتال وانتزاع الحكم بحد السيف وإراقة الدماء والتنكيل بالمعارضين، ومنهجها قائم على الغدر ونقض العهود والمواثيق والانقلاب على الاتفاقات، ولا يمكن ان تعيش بعيداً عن ذلك". ويأتي تصريح الإرياني في ظل تصاعد وتيرة النزاع المسلح بين القوات الحكومية ومسلحي الحوثيين في عدد من المناطق اليمنية. 

كانت الحكومة اليمنية و جماعة الحوثي قد اتفقتا في 13 كانون أول/ديسبمر 2018 على حل الوضع المتأزم في محافظة الحديدة، مع الاتفاق على تبادل نحو 16 الف أسير ومعتقل، إلى جانب تسهيل مرور المساعدات الإنسانية والإغاثية. وعلى الرغم من مرور أكثر من عام على توقيع اتفاق ستوكهولم، إلا إن كلا الطرفين يتهم الآخر بوضع العراقيل أمام ذلك، حال دون تحقيق أي تقدم ملموس على الأرض حتى اليوم.

ويهدد منع المتمردين الحوثيين في اليمن تداول أوراق نقدية جديدة أصدرتها الحكومة المعترف بها دوليا بمضاعفة الازمة الاقتصادية الحادة وبمزيد من المعاناة في البلد الغارق في الحرب منذ خمس سنوات.

ويشهد اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، حربا مدمّرة بين الحكومة والمتمردين منذ 2014، أدّت إلى أزمة انسانية كبرى.

ودخل قرار المنع حيز التنفيذ في 19 من كانون الثاني/يناير 2020، وتوقف سكان صنعاء وأصحاب محلات الصرافة عن التعامل مع الأوراق النقدية الجديدة خوفا من عقوبات قد تصل إلى السجن عشر سنوات، بحسب مصادر مقربة من المتمردين.

ويصر المتمردون على أن قرار منع هذه العملات الجديدة- التي بدأت الحكومة بطباعتها في أوائل عام 2017- يهدف إلى حماية الناس من التضخم.

وبلغ سعر الصرف في عدن 682 ريالاً يمنياً مقابل دولار واحد، بينما يعادل الدولار الواحد في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين نحو 600 ريال، بحسب ما أفادت مصادر مصرفية وكالة فرانس برس.

وتراجعت قيمة الريال اليمني نحو 15% في جنوب البلاد في الأسابيع الخمسة الماضية، ونحو 7% في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وفي أسواق اليمن، تتكدس أكشاك المحلات بالخضار، ومع تدهور قيمة الريال اليمني، يشعر السكان بالضيق إثر تراجع قدرتهم الشرائية المتدهورة أصلا.

ويقول عبده عبيد في مدينة عدن "الأسعار مرتفعة للغاية ولم نعد نستلم الرواتب. الوضع متدهور وكل البلاد من سيء إلى أسوأ".

وفي صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، اشتكى السكان أيضا من منع تداول العملات الجديدة. وقال المواطن عبد العزيز علي إن المنع "شكّل ضررا كبيرا علينا كمواطنين، الكثير منا يمتلكون نقودًا من الطبعة الجديدة لكن أصبحنا غير قادرين على شراء قوت يومنا بهذه الأموال".

وحذّر منسّق الشؤون الإنسانيّة في اليمن راميش رجاسينغام هذا الشهر أمام مجلس الأمن الدولي من خطر حدوث مجاعة جديد في هذا البلد. وقال المسؤول للمجلس عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة "مع التدهور السريع لقيمة الريال (اليمني والاضطرابات في دفع الرواتب، نلاحظ مجدّدًا بعض العوامل الرئيسية التي جعلت اليمن على شفير مجاعة قبل عام. علينا ألا ندع ذلك يتكرّر".

وتدير الحكومة المعترف بها دوليا البنك المركزي اليمني من عدن، عاصمتها المؤقتة، منذ 2016، بعدما اتّهمت المتمردين باستخدام أموال المصرف لتمويل أنفسهم وهو ما نفاه الحوثيون.

وأدى نقل عمليات المصرف المركزي إلى عدن إلى وجود مركزين ماليين يتعاملان مع عملة واحدة، الأول في المدينة الجنوبية، والثاني في صنعاء.

وأكّد مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في تقرير صدر أخيرا أنّ المواجهة على الأوراق النقدية الجديدة قد تؤدي إلى انهيار منظومة الريال اليمنيّ، مشيرا إلى أنها دفعت البلاد بالفعل إلى استخدام عملات صعبة خاصة الريال السعودي والدولار الأميركي.

وبحسب التقرير فإن "السكان الذين وصل الملايين منهم بالفعل إلى حافة الجوع سيتكبدون تكاليف زائدة وتدهوراً إضافياً في القدرة الشرائية وفي وضعهم" المعيشي.

ويرى الباحث في المركز أنتوني بيزويل الذي شارك في كتابة التقرير إنه في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين: "يلجأ الناس إلى السوق السوداء (..) على أمل الحصول على أوراق نقدية ويقومون بدفع تكاليف إضافية للحصول عليها".

أما في الجنوب، فيقول بيزويل أنه نظرا لكون المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية "ذات كثافة سكانية أقل ونشاط (اقتصادي) أقل، سيكون هناك فائض في الأوراق النقدية المطبوعة حديثا (..) ما سيؤدي إلى التضخم". وبحسب التقرير فإن هذا القرار سيكون له تأثير مباشر على القدرة الشرائية للسكان.

وأوضح: "البضائع تدخل (إلى اليمن). القضية متعلقة بالقدرة الشرائية وقدرة الناس على شراء البضائع المتوفرة في السوق". ويشكو اليمنيون من تضاعف أسعار المواد الغذائية مرتين على الأقل منذ بدء الحرب عام 2014، بينما ذكرت صحيفة في عدن إن قيمة الريال تراجعت 5 بالمئة في أسبوع واحد فقط.

وندّدت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي بمنع الاوراق النقدية الجديدة متهمة الحوثيين ب "ابتزاز" اليمنيين.

وأكد وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني نجيب العوج لفرانس برس إن " رئيس الوزراء (معين سعيد) قام بالتطرق لذلك مع سفراء الاتحاد الأوروبي. وفعلًا طالبنا بالضغط" على الحوثيين. وبحسب العوج فإن الحكومة ستبحث الموضوع أيضا مع الأمم المتحدة. 

وتدور الحرب في اليمن منذ 2014 بين الحوثيين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء وأجزاء أخرى من البلاد والقوات الموالية لحكومة الرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي.

وتسبّب النزاع على السلطة بمقتل عشرات الآلاف، بينهم عدد كبير من المدنيين، بحسب منظمات إنسانية، خصوصا منذ بدء عمليات التحالف ضد المتمردين لوقف تقدّمهم في اليمن المجاور للمملكة في آذار/مارس 2015.

وإضافة إلى الضحايا، لا يزال هناك 3,3 ملايين نازح، فيما يحتاج 24,1 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، الى المساعدات الإنسانية، بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حاليًا. أ ف ب ، د ب أ