زيارة بوتين للسعودية - نفوذ روسي متزايد في الشرق الأوسط بعلاقات وثيقة مع إيران وخصومها العرب

- أول زيارة منذ 12 عاما تأتي وسط تزايد التوتر في المنطقة

- موسكو اكتسبت نفوذا بإرسال قواتها إلى سوريا في‭ ‬عام 2015

- بوتين لديه علاقات وثيقة مع إيران وخصومها من الدول العربية

- الاستثمارات الضخمة والتعاون في سياسات الطاقة مفتاح العلاقات مع السعودية

- تصريحات بوتين والملك سلمان وتوقيع مذكرات تفاهم

 

زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الاثنين 14 / 10  / 2019 السعودية في أول زيارة من نوعها منذ أكثر من عشر سنوات فيما يسلط الضوء على نفوذ موسكو المتنامي في الشرق الأوسط، بالاستفادة من المكاسب العسكرية الروسية في سوريا والعلاقات القوية مع إيران خصم الرياض الرئيسي في المنطقة والتعاون في سياسات الطاقة.

وكانت موسكو قد اكتسبت نفوذا في الشرق الأوسط في 2015 بإرسال قواتها إلى سوريا حيث قامت هي وإيران بدور رئيسي في دعم الرئيس بشار الأسد في الحرب الأهلية في الوقت الذي تنسحب فيه الولايات المتحدة. وأيدت السعودية المعارضة السورية.

وعشية زيارة بوتين كانت القوات الأمريكية تنسحب من شمال سوريا في الوقت الذي أبرم فيه حلفاؤها الأكراد اتفاقا مع الجيش السوري المدعوم من روسيا بهدف صد هجوم عسكري تركي.

كما عملت روسيا على تقوية العلاقات مع السعودية وإيران اللتين اقتربت خلافاتهما من حد الصراع الصريح بعد سلسلة أخيرة من الهجمات على منشآت نفطية في الخليج قالت الرياض وواشنطن إن طهران تقف وراءها. ونفت إيران هذه الاتهامات.

وارتفعت حدة التوتر مع إيران، المتورطة في سلسلة من الحروب بالوكالة مع السعودية في دول من بينها سوريا، إلى مستويات جديدة بعد أن انسحبت الولايات المتحدة في 2015 من الاتفاق النووي الدولي مع طهران وأعادت فرض العقوبات عليها.

والتقى الرئيس الروسي مع الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يتولى إدارة شؤون المملكة والذي يقول بوتين إن علاقات ودية تربطه به.

وقال بوتين والملك سلمان في تصريحات أذاعها التلفزيون إن العلاقات الثنائية مهمة لأمن واستقرار المنطقة. وبعد مباحثات ركزت على الاستثمارات المشتركة والصراعين في سوريا واليمن، قال الأمير محمد إن التعاون بين السعودية وروسيا في مجال الطاقة سيحقق الاستقرار.

ومن مظاهر اكتساب العلاقات بين البلدين قوة انضمام روسيا غير العضوة في منظمة أوبك، والتي كانت في وقت من الأوقات تعتبر منافسا للمنظمة في أسواق النفط، إلى السعودية في تشكيل تحالف يعرف باسم (أوبك +) لدعم أسعار النفط الخام العالمية من خلال تقييد الإنتاج.

وخلال منتدى عقد في الصباح شارك فيه 300 من رؤساء الشركات التنفيذيين من السعودية وروسيا قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان إن دول تجمع أوبك+ تبدي التزاما كبيرا بالاتفاق وقال نظيره الروسي إنه لا تجري محادثات لتغييره.

وقبل الزيارة قال بوتين، الذي عرض تزويد المملكة بأنظمة دفاعية روسية بعد الهجمات التي وقعت على منشآتها النفطية في 14 سبتمبر أيلول 2019، إن بوسعه أيضا أن يلعب دورا إيجابيا في تخفيف حدة التوتر مع طهران بفضل علاقاته الطيبة مع الجانبين.

وسيؤدي أي تقدم لتنفيذ خطط تدرسها السعودية منذ فترة لشراء نظام الدفاع الجوي الصاروخي إس-400 إلى استياء في واشنطن التي أعلنت في مطلع الأسبوع أنها سترسل نحو 3000 جندي ونظم دفاع جوي إضافية إلى السعودية في أعقاب الهجوم الذي وقع الشهر السابق.

وقد قاوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطا لفرض عقوبات على الرياض بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان بما في ذلك مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي ووصف العقوبات بأنها خطوة "خرقاء" لا تفيد سوى روسيا والصين.

النفط والاستثمارات: وسُئل وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير عن مخاوف من تقارب الرياض وموسكو فقال إنه لا يرى تعارضا. وقال الجبير للصحفيين يوم الأحد إن المملكة لا تعتقد أن العلاقات الوثيقة مع روسيا لها أثر سلبي على العلاقات مع الولايات المتحدة. وأضاف أن السعودية ترى أن بالإمكان إقامة علاقات استراتيجية وقوية مع الولايات المتحدة وفي الوقت نفسه تطوير العلاقات مع روسيا.

وانتشرت أعلام روسيا والسعودية في شوارع الرياض قبل زيارة بوتين التي تستغرق يوما واحدا وتتضمن حفلا موسيقيا لأوركسترا تشايكوفسكي السيمفوني. وتوجه بوتين إلى الإمارات يوم الثلاثاء. ووقع الجانبان خلال الزيارة أكثر من 12 مذكرة تفاهم شملت مجالات الطاقة والبتروكيماويات والنقل والذكاء الصناعي.

وقال رئيس صندوق الثروة السيادي الروسي كيريل ديميترييف للصحفيين إن عددا من المستثمرين الروس مهتمون بالطرح العام الأولي المزمع لشركة أرامكو التي قد تطرح ما بين واحد واثنين في المئة من أسهمها في السوق المحلية خلال نوفمبر تشرين الثاني المقبل قبل الطرح الدولي المحتمل.

وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن شركة جازبروم الروسية مهتمة بالتعاون مع شركات سعودية في مجال الغاز الطبيعي. كانت روسيا أكبر دولة مصدرة للقمح في العالم قد حققت بعض التقدم في دخول أسواق السعودية والشرق الأوسط عندما وافقت المملكة في أغسطس / آب 2019 على تخفيف مواصفات القمح المستورد مما فتح الباب أمام الاستيراد من منطقة البحر الأسود.

وقال مصدر لرويترز إن الصندوق السيادي الروسي وشركة سالك السعودية يعتزمان توقيع اتفاق للبحث معا عن مشروعات استثمارية في القطاع الزراعي الروسي.

و غادر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإمارات يوم الثلاثاء 15 / 10 / 2019 بعد زيارة استغرقت يوما واحدا أجرى خلالها مباحثات في العاصمة أبوظبي مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وتبادل بوتين مع الشيخ محمد بن زايد وجهات النظر حول التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية بشكل عام وفي منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط بشكل خاص، كما أكدا على التعاون لتحقيق توازن سوق الطاقة والتصدي للتطرف. ووصل بوتين إلى الإمارات في زيارة رسمية في وقت سابق اليوم قادما من المملكة العربية السعودية. رويترز ، د ب أ ــ15 / 10 / 2019ــ