توكل كرمان....امرأة تقود التغيير في اليمن

ترى الكاتبة أليس هاكمان أن صوت الناشطة اليمنية توكل كرمان يعد رسالة قوية ليس لصالح المرأة اليمنية فقط، وإنما من أجل المجتمع اليمني ككل. وترى مع أنه من المبكر جداً أن تظهر رئيسة للجمهورية اليمنية، إلا أن كرمان تضيف بُعداً جديداً مرحَّباً به في تغطية دولة ترتبط في العقلية الغربية عادة بتنظيم القاعدة والفقر والنساء المظلومات.

الكاتبة ، الكاتب: Alice Hackman



بدأت المظاهرات الأخيرة في اليمن، بعد تنحّي رئيسيّ في تونس ومصر، والاحتجاجات في ليبيا التي حصلت على تغطية إعلامية واسعة، بدأت تثير انتباه العالم. ويثير العنف المتصاعد القلق، حيث لا يمكن إلا للزمن أن يُظهِر ما إذا كان سيؤدي إلى إقصاء سريع للرئيس اليمني علي عبدالله صالح، أو ما إذا كان التغيير سيأخذ وقتاً أطول في اليمن. إلا أن هناك أمرا واحدا مختلفا في اليمن، وهو أن الوجه العالمي لأنصار حركة التغيير اليمنية هو امرأة.

تمثّل الصحفية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، توكّل كرمان، والتي تظهر بشكل بارز في صحف هامة مثل الواشنطن بوست وتورنتو ستار ومجلة التايم، صورة إيجابية للمرأة اليمنية. وقد كانت تُعرَف بالمدافِعة الشجاعة عن حرية التعبير وحقوق المرأة في اليمن قبل فترة طويلة من ظهور صورها وهي تقود الاحتجاجات في شهر شباط/فبراير الماضي ضد الحكومة اليمنية. وفي مقابلة أجرتها معها في كانون الثاني/يناير الماضي محطة الجزيرة الفضائية، تحدثت السيدة كرمان عن صحفي معتقل وعن طغيان شيخ في محافظة إب، وهي محافظة تقع إلى جنوب العاصمة، وعن انعدام العدل تجاه أسرة طبيب ذهب ضحية جريمة قتل، بل وحتى قامت باتهام الحكومة بأنها "متحالفة" مع تنظيم القاعدة، قبل فترة طويلة من كشف وثائق ويكيليكس في كانون الثاني/يناير الماضي. وتستمر السيدة كرمان باحتجاجاتها مطالبة بتغيير سلمي. أخيراً، تغيير منعش في صورة المرأة اليمنية المنقّبة البدينة، أو صور نجود علي، العروس الطفلة، التي ألهبت الحوار اليمني حول الزواج المبكر منذ نيسان/إبريل 2008.

مصاعب وتحديات

الصورة د ب ا
تكريم توكل كرمان تكريم لدور المرأة العربية في ربيع الحرية

​​

ليست جميع الأمور وردية بالطبع بالنسبة للمرأة اليمنية. لم يتفق أعضاء البرلمان اليمنيين بعد (امرأة واحدة من 301 عضو) حول الحد الأدنى لسن الزواج، مما يمنع طفلة مثل نجود، البالغة من العمر تسع سنوات عند طلاقها، من الزواج قبل التخرج من المدرسة. ما زالت نسبة الأمية بين النساء في اليمن 67%، وهي نسبة مخيفة، حيث تكون المرأة بشكل اعتيادي هي الضحية الأولى لقلة الغذاء (تعاني واحدة من كل ثلاث نساء في اليمن من سوء التغذية حسب إحصائيات الأمم المتحدة)، ويصعب وصول العديد من النساء إلى الرعاية الصحية. أما مشاركة المرأة في السياسة فهي في حدودها الدنيا، ورغم وجود وزيرتين يمنيتين، ما زالت اليمن وبشكل مستمر في أسفل جدول مؤشرات الفجوة العالمية في النوع الاجتماعي حسب المنتدى الاقتصادي العالمي، منذ دخولها هذا التصنيف عام 2006.

إلأ أن هناك بصيصا من الأمل.

تقف السيدة كرمان وزميلاتها الناشطات في مجال حقوق الإنسان، أمثال سامية الأغبري في مقدمة الاحتجاجات في العاصمة اليمنية. وقد لا تمثل هاتان السيدتان المرأة اليمنية بشكل عام، ولكنهن بالتأكيدات مُلهِمات. الواقع أن رجلاً يمنياً أعجب بشجاعة الأغبري أثناء احتجاجات 13 شباط/فبراير عندما أسقطها أحد رجال الأمن على رصيف الشارع، لدرجة أنه كتب عنها شعراً عنوانه "ثورة الحجاب الأخضر ... إلى سامية الأغبري وجميع الثوريات الأخريات"، نشر في اليوم التالي على موقع "أخبار نشوان" الإلكتروني. ورغم عدم تواجدهن في الشارع طوال الوقت، إلا أن هناك عدد من النساء الملهمات في اليمن. فبالإضافة إلى كرمان والأغبري، فإن المرأة اليمنية ناشطة في مجال حقوق الإنسان وصحفية وطبيبة وتربوية وعضوة في المجتمع المدني وأكاديمية وزوجة لمعتقلين سياسيين ومصوّرة فوتوغرافية بل وحتى ناشطة على التويتر.

مواقف شجاعة

الصورة د ب ا
المرأة اليمنية نشطت في ساحات التغيير

​​

ترشحت عشرات النساء اليمنيات الشجاعات في وجه الصعوبات وخسرن في المجالس المحلية والانتخابات البرلمانية. وتقول ناديا السقاف رئيسة تحرير صحيفة اليمن تايمز المستقلة أن الفوز صعب في غياب دعم من حزب سياسي. وتنتظر معظم النساء ذوات الطموحات السياسية اليوم كيف سيتطور الوضع الحالي. ثم هناك هؤلاء النساء اللواتي يبدأن ثوراتهن بهدوء. في أيار/مايو 2010 ألهمت دورة لمحو الأمية النساء في محافظة ذمار القروية جنوب العاصمة صنعاء للعودة إلى منازلهن ومطالبة أزواجهن وأخوتهن بحقوقهن في التعليم والميراث والمشاركة السياسية. واضطر منظمو الدورة إلى الرد على مكالمات هاتفية من أعضاء ذكور في الأسر وقد أصابهم الإرباك متسائلين عما يتم بحثه في الدورة. كما تجمعت المشاركات في الدورة معاً وقمن بمنع رجل من تزويج ابنته البالغة من العمر 12 عاماً.

وعندما قامت قوات الأمن باعتقال كرمان لتنظيمها مظاهرات احتجاجية يوم 22 كانون الثاني/يناير الماضي، استفادت إلى أقصى حد من الوضع السيء بأن تجاذبت أطراف الحديث مع زميلاتها المعتقلات حول حقوقهن. "سعدت عندما اكتشفت السجن وتحدثت مع السجينات"، كما صرحت لصحيفة "اليمن تايمز" بعد إطلاق سراحها. وقد يكون الأمر أكثر إلهاماً بالنسبة للسيدة كرمان أنها لا ترفع صوتها لصالح المرأة اليمنية فقط، وإنما من أجل المجتمع اليمني ككل، متعاملة مع الشكاوى الوطنية مثل البطالة والفساد. قد يكون من المبكر جداً أن تظهر رئيسة للجمهورية اليمنية، إلا أن كرمان تضيف بُعداً جديداً مرحَّباً به في تغطية دولة ترتبط في العقلية الغربية عادة بتنظيم القاعدة والفقر والنساء المظلومات.

 

أليس هاكمان
خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية 2011

عادت أليس هاكمان مؤخراً إلى لندن بعد سنتين كمراسلة ومحررة مقالات مع "اليمن تايمز" في مدينة صنعاء باليمن. كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.