من الضروري تحقيق التوازن بين الحرية والأمن

منذ احداث سبتمبر 2001 تخوض أوروبا والعالم الغربي نقاشات حادة حول مفهوم الحريات الدينية في مجتمعات الهجرة وكيفية التعامل مع الجاليات غيرالمسيحية. في هذا الحوار الذي ُأجري مع الباحث كريستيان فالتر يتم التوقف عن بعض مظاهر هذا الجدل.

الصورة: د ب أ

​​منذ احداث سبتمبر 2001 المأساوية تخوض أوربا والعالم الغربي نقاشات مكثفة حادة، علنية ومخفية، حول مفهوم الحريات الدينية في مجتمعات الهجرة وكيفية التعامل مع الجاليات غيرالمسيحية التي تعيش بين ظهرانيها. في هذا الحوار الذي أجراه كريستيان ماير من معهد ماكس بلانك مع الباحث كريستيان فالتر يتم التوقف عن بعض مظاهر هذا الجدل حول هذه الاشكاليات وجذورها. بالرغم من ان المادة الرابعة من القانون الأساس ( الدستور) لجمهورية ألمانيا الإتحادية تنص كالتالي:"لا يحق المساس بحرية الإيمان والضمير وبحرية الانتماء الديني والعقائدي. كما يتم ضمان ممارسة أركان الدين دون عقبات" وكأن هذا الأمر من البديهيات، إلا أن ذلك خلق ميدانيا عددا كبيرا من النزاعات. كريستيان فالتر، من معهد ماكس بلانك لحقوق الأجانب العام وحق الشعوب في هايدلبيرج، يرى بأن هذه القوانين القائمة تكفي للتعامل مع توجهات التابعين للأقليات الدينية.

ما الذي يجعل قضية الحرية الدينية في الوقت الحاضر أمرا حيويا راهنا؟

كريستيان فالتر: هذا يعود في المقام الأول إلى المشاكل المرتبطة بمجتمعات الهجرة. فمن خلال هجرة مواطنين مسلمين إلى بلادنا تتكون أقلية دينية قوية تسعى إلى تكريس حقوقها. هناك سبب آخر أكثر أهمية من ذلك وهو أن هناك صيغا مختلفة حول تحديد العلاقة بين الدولة والدين أو كما يسمى تقليديا بين الدولة والكنيسة.

في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية هناك فصل بين الدولة والدين، أما في ألمانيا فنحن نفضل خيار نموذج التعاون والعلاقة المبنية على الوئام بينهما. للنموذج الألماني مزايا عديدة، لكنه يفرز في نفس الوقت بعض المشاكل. حيث يتحتم علينا بصورة أكثر من فرنسا العلمانية أن نعطي في الحالات المختلفة تعريفات جديدة حول ما هو قائم ضمن الحرية الدينية وما هو واقع خارج إطارها.

أين مواضع الاختلاف بين الدول الثلاث؟

فالتر: يبدو للوهلة الأولى بأن هناك تشابها بين نظامي فصل الكنيسة عن الدولة في كل من فرنسا والولايات المتحدة، أما في حقيقة الأمر فإنهما مبنيان على شرطين تاريخيين مختلفين تماما. ففيما قام الفرنسيون بمحاولة تحرير الدولة من سلطة الكنيسة (أي أن التركيز كان على تحرير الدولة) عمل الأميركيون انطلاقا من خصوصية وضعية المهاجرين الجدد الذين كانوا ملاحقين دينيا على تحرير الكنيسة من سلطة الدولة (أي أن التركيز كان على تحرير الدين). أما في ألمانيا فلم يتم في أي عهد من العهود فصل الدين عن الدولة سواء بالمفهوم الأمريكي أو الفرنسي.

لماذا نجحت في فرنسا فكرة حيادية الدولة بصورة صارمة، الأمر الذي أدى إلى "نفي" الرموز الدينية إلى موقع الحياة الخاصة البحتة؟

فالتر: هذا الموقف الصارم نابع من التقاليد العلمانية لفرنسا. ومع ذلك فمن المهم أن نكون على علم بمن يصوغ هذا الموقف في كل حالة من الحالات. في عام 1989 كان قامت إحدى المحاكم وعلى وجه التحديد "مجلس الدولة الفرنسي" الذي سنّ خطا ليبراليا مبنيا على حرية ممارسة الدين. أما القرار الصارم الخاص بمنع ارتداء غطاء الرأس فقد أفرزته مصادر سياسية سعيا منها لتكريس مبدأ "العلمانية الحقيقية". وعلى المرء أن ننتظر الآن صدى هذا القانون الجديد داخل دوائر القضاء. والمؤسف هنا أن المجلس الدستوري الفرنسي لم يعمد إلى التدقيق في هذا القانون.

ما هي العوامل التي أدت إلى تطوير حرية ممارسة الدين في ألمانيا؟

فالتر: من العناصر الأساسية في العملية التاريخية كانت الحروب الدينية التي نشبت في القرن السادس عشر ومن ثم احتواؤها من خلال القنوات "الفيدرالية". ففي معاهدة السلام الديني في مدينة أوغسبورغ عام 1555 تم تكريس الخيار الفيدرالي حلا للمشاكل التي اعترضت العلاقة بين الدولة والدين. وأصبح بوسع حكام المقاطعات أن يفرضوا الديانة التي يترتب تبنيها من قبل الأفراد الخاضعين لسلطتهم.

نتيجة لذلك تحتم على الرايخ أن يأخذ مواقف حيادية حيال المسائل الدينية. نجم عن ذلك في ألمانيا في المناطق المختلفة وفيما يختص بالطوائف المختلفة أيضا موقف ليبرالي نسبيا لا سيما في كل من بروسيا والنمسا. وتقرر أن يكون للطوائف الدينية الأخرى موقع لائق مناسب ، وتم ذلك إلى حد ما لأسباب برغماتية وهي الحرص على اكتساب مواطنين جيدين بغض النظر عن دياناتهم. وقد شمل ذلك على سبيل المثال الهوغونوت الفرنسيين.

على عكس الحال في فرنسا حيث كان المذهب الكاثوليكي الدين الرسمي للدولة إلى أن تم استبداله بالعلمانية ...

فالتر: كانت فرنسا على الدوام دولة مركزية تماما، تبنت ديانة معينة وهي الكاثوليكية ثم أصبحت منذ سحب تعليمات التسامح الصادرة في مدينة نانت أبعد ما تكون عن روح التسامح. وهكذا جاء النظام الفرنسي مفتقدا إلى "متنفس فيدرالي" شبيه بالتجربة الألمانية.

تفجرت الأوضاع تحت تأثير الثورة الفرنسية، ثم جاء عصر التنوير ليقوي هناك دعائم النزعة الفردية على نحو أقوى بكثير من التجربة الألمانية التي بنيت على معطيات الطوائف الدينية وليس على التوجهات الدينية النابعة من القرار الفردي. يأتي بالإضافة إلى ذلك وجود نزعات متفرقة اتسمت بالعداء الواضح للدين منذ اندلاع الثورة واتضح تأثيرها دوما من بعد على مجريات الأمور الفرنسية.

التعامل المختلف مع مبدأ الحرية الدينية في فرنسا وألمانيا يتضح اليوم من خلال النزاع الراهن. فبينما يجري النقاش لدينا عما إذا حق لمدرّسة تعمل في المدارس الحكومية ارتداء غطاء الرأس أثناء التدريس أم لا، اتسم النهج الفرنسي براديكالية أكبر كثيرا، حيث أن حظر ارتداء الغطاء يشمل التلميذات أيضا.

فالتر: بالنسبة للفرنسيين يشكل حظر ارتداء غطاء الرأس للمعلمات العاملات في المدارس الحكومية أمرا بديهيا، فهذا جزء لا يتجزأ من المدرسة العلمانية التي تنص على الحفاظ على الحيادية على المستوى الرمزي. ففي فرنسا يتسم الحال بنزعة تقييدية من نوع خاص لو قارناها بدول أوروبية أخرى.

أما بريطانيا وبلجيكا وهولندا والد نمارك فهي تسلك إزاء موضوع غطاء الرأس مسلك ألمانيا. ولهذا الأمر تفسيرات تاريخية بالضرورة. فبعد انتهاء السمة الكاثوليكية المهيمنة على العهد القديم ظهرت قيم أيديولوجية مغايرة لذلك في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وتحديدا مبدأ المساواة الجمهورية التي ما تزال نافذة المفعول حتى يومنا هذا.

ما هو موقف الأميركيين من الحرية الدينية؟

فالتر: لأمريكا تقاليد ليبرالية فيما يتعلق بإدراك دور الدولة. فهذا الدور أقل من حيث التعريف وتنظيم الأمور ، كما أنه أقل وزنا من الدول الأخرى فيما يختص بحماية الأفراد ذوي الحالة الاجتماعية الضعيفة. كما أن ذلك يسري أيضا على تعامل الدولة مع الأخطار التي قد تكون نابعة من الدين. وحدهم الفرنسيون قد سنوا قانونا لمحاربة المذاهب الانقسامية الدينية لتضمن بشكل صريح ترتيبات قانونية حول التعامل مع هذه المذاهب الانقسامية، وذلك من أجل هدف محدد هو حماية الأفراد الضعفاء الذين يكونون عرضة للتأثير من قبلها. أما في الولايات المتحدة فهذا ليس واردا على الإطلاق.

عالم فلسفة القانون، اوفي فولكمان، من جامعة ماينز يطالب ايضا بوضع قيود على الحرية الدينية في ألمانيا ويرى بأن الوقت قد حان "لخفض معدلات تفسير الحرية الدينية لكي يمكن ضمان التوازن الاجتماعي إزاء هذه المسألة". ما رأيك في ذلك؟

فالتر: لدي تحفظات إزاء هذا التوجه رغم إدراكي بأنه محل نقاش مكثف حاليا داخل أوساط العلوم القانونية التي تنتقد جليا ما تعتبره تصعيدا في الحرية الدينية ابتداء من عام 1945. صحيح أن تفسير حيز الحماية تم على نحو واسع، لكن ذلك أمر لا بد منه لكونه جاء مرتبطا بهذا الحق الأساسي. ويبدو لي أن هناك مشكلة من ناحية القانون وهي وجود توجه جديد اليوم لتقييد حرية الدين طالما تعلق الأمر بالإسلام.

وقد أظهر الجدل الخلافي القائم حول غطاء الرأس بأن هناك توجها لإبراز الرموز الغربية المسيحية على أنها جزء من التقاليد الثقافية وليست كجزء من الدين. أما في حالة الإسلام فيتم اللجوء إلى معايير أخرى. أما أنا فأدعو إلى إيجاد معايير عامة للحرية الدينية. وكانت المحكمة الدستورية الاتحادية قد أكدت مرارا بأن الطبيعة الأصيلة للدين تشكل أهمية فائقة لتحديد مجال الحماية. لكن هذا لا يعني عدم وجود حدود وقيود، فالطبيعة الأصيلة تتطلب تفسيرات وتوضيحات مقنعة كما ينبغي مراعاة وجود حدود للحرية الدينية. إن هذين العنصرين ضروريان ولازمان وفق الفهم الساري.

هل يتوجب على المعلمات الراغبات في ارتداء غطاء الرأس في المدرسة أن يوضحن أسباب ذلك باعتباره جزءا من ديانتهم وليس محض موقف سياسي؟

فالتر: على من ترغب في ارتداء غطاء الرأس أن توضح أسباب ذلك، لكن هذا لا يتطلب إعطاء مقولات ثابتة حول محتوى دين ما. في ألمانيا تتم المطالبة بذلك في بعض الأحيان، لكن هذا نهج يحفل بالخطأ. تصوّر لو أن المحاكم أرادت تفسير القرآن، علما بأن هناك رجال قانون يستخدمون حججا تصب في هذا الطريق من خلال قولهم بعدم وجود تعاليم موحدة ونافذة المفعول على وجه عام في الإسلام حيال مسألة غطاء الرأس، وهذا يعني عدم وجود فرض ديني في هذا الشأن.

لكن هذا التوجه القانوني يتضمن جوانب عسيرة للغاية، فلو اتبع المرء هذا النهج بالتزام لأمكننا أن نقول بأن المذهب الكاثوليكي وحده الذي يملك مثل هذا الخط الديني الثابت. أما الأديان الأخرى فلا يوجد فيها مثل هذا الجهاز المركزي القادر على فرض شيء ما على نحو إلزامي. لهذا يكفي أن يستنتج تيار قوي على نحو كاف داخل دين ما بأن الفرض الديني المزعوم هو بالفعل إلزامي الطابع. إذن ينبغي استخدام حجج مقنعة في هذا الصدد لا أكثر.

أليس من المنطق مطالبة الراهبات أيضا بخلع غطاء الرأس أثناء ممارستهم للتدريس؟

فالتر: إذا كان المرء يريد من حيث المبدأ منع استخدام الرموز الدينية في المدارس فإن ذلك يشمل أيضا الزي الذي ترتديه الراهبة. فمن خلال اختيار الراهبات لزيهن فإنهن يعبرن عن الرغبة في التفاني بأنفسهن من أجل الله. أما اعتبار ذلك محض رمز من رموز التقاليد المسيحية الغربية فإنه لا يتمشى بالقدر الكافي أبدا مع أهمية هذا الالتزام. إذن فإن منع الرموز الدينية من شأنه أن يشمل الرموز المسيحية أيضا.لهذا فإنني أحبذ السماح بارتداء غطاء الرأس مع التأكد بأن ذلك لا يتضمن نية تبشيرية.

لا يوجد في ألمانيا خط قانوني موحد فيما يتعلق بشرعية استخدام غطاء الرأس. ما هي النتائج التي يمكن استخلاصها من الحكم الصادر مؤخرا عن المحكمة الاتحادية الدستورية؟

فالتر: جعلت المحكمة الاتحادية الدستورية الولايات في حكم القادرة على وضع معايير داخل قوانين كل من الولايات بشأن العوامل التي تسمح أو تحرم استخدام الرموز الدينية كغطاء الرأس. هذا يعني عدم وجود حل موحد على مستوى الدولة بكاملها. قد يثار خلاف حول ذلك. أما أنا فأرى عدم ضرورة سن قوانين جديدة وأحبذ تطبيق المعايير القائمة من حالة إلى أخرى.

ما هو الوضع القانوني فيما يختص بالذبح على الطريقة الإسلامية؟

فالتر: هناك أحكام جديدة في هذا الشأن كما أن هناك تعديلا في القانون الأساسي (الدستور) تصبح حماية الحيوان بناء عليه حقا جديرة بالحماية الدستورية (المادة ( 20a. هذا يعني بأن الحرية الدينية لم تعد تملك الأولوية بشكل تلقائي. هذا وإن حلل كلا دستور حقوق الإنسان الأوروبي والقانون الأساسي (الألماني) الذبح على الطريفة الإسلامية. فكافة المحاكم اتفقت على كونه يقع مبدئيا تحن مظلة الحرية الدينية.

لكن المسائل الرئيسية تتعلق بالتفاصيل ومنها المتطلبات التي ينبغي أن تتوفر لدى الجزار الذي يقوم بالذبح وعما إذا كان من حقه أن يقوم بالذبح بصورة تكاد تكون خفية. لقد عهدت المحكمة الاتحادية الدستورية للسلطات المختصة مهمة البت في هذه المسائل على المستوى الميداني. من ناحية أخرى لم يثبت بعد عما إذا كان الذبح على الطريقة الإسلامية أسوأ من عملية التخدير باستخدام اللولب الأوتوماتيكي الذي يفتقد إلى الأداء الدقيق من الناحية العملية.

اتسم الجدل حول الذبح على الطريقة الإسلامية بموضوعية أكبر من حالة غطاء الرأس.

فالتر: نعم، نظرا لأن هناك فارقا أساسيا، فالذبح غير مرئي لعامة الناس حيث أنه يتم في الأغلب بصورة خفية، مما خفف من حدة الاستياء والغضب مقارنة بمنظر المعلمة الراغبة في ارتداء غطاء الرأس في الحياة العامة. في حالة غطاء الرأس تتضح أشكال التأثير الرمزي أكثر من مؤشرات المشكلة الواضحة المعالم. من هذا المنطلق ارتدت في ولاية شمال الراين- ويستفاليا معلمات مسلمات غطاء الرأس لسنوات طويلة دون أن يثير ذلك أدنى أحاسيس الرفض والاستياء.

هل بوسعنا أن نكتسب من جيراننا الأوروبيين مزيدا من الإحساس الهادئ البعيد عن التوتر؟

فالتر: مررت في لندن بتجربة تركت في نفسي انطباعا طيبا للغاية. لدى وصولي إلى مطار لندن قام رجل معمم من جماعات السيخ بمراقبة جواز سفري. يبدو إذن أن بريطانيا لا يواجهها الإحساس بالقلق فيما لو كان رجل معمم هو أول ممثل لسلطات الدولة يلتقي به الأجنبي عند دخول البلاد. هذا يعكس وجود قدر كبير من الإحساس البعيد عن روح التوتر.

وهذا الأمر من الصعب على المرء أن يتوقع حدوثه هنا في ألمانيا لو راعينا النقاش الدائر في ألمانيا اليوم في هذا المجال. وربما سيمضي وقت طويل قبل أن يتم التوصل إلى معدلات أوروبية موحدة بشأن حدود الحرية الدينية. هناك حد أدنى تتبناه كل الدول الأعضاء وارد في ميثاق حقوق الإنسان الأوروبي.أما خلاف ذلك فما زالت هناك فروق كبيرة في الرؤى.

مازال الخلاف محتدما حول الدستور الأوروبي. وحول مقدمته أيضا التي ضمت خلاصة بعض القيم العامة. هل توجب في المقدمة تبني التراث الحضاري الديني لأوروبا أم أن هذا سيكون من قبيل القوالب غير ذات المحتوى الجوهري؟

فالتر: لا تتضمن مقدمات الدساتير أحكاما قانونية ملزمة. لكن لهذه الأحكام أهميتها بحكم أنها تعبير عن مرحلة زمنية معينة، الأمر الذي يلعب دورا في خلق المقدرة على فهم مثل هذه النصوص.على المشرّع الدستوري الأوروبي أن يقرر عما إذا كان يريد أن يتضمن النص الإشارة إلى البعد الديني أم لا، أما أنا فسوف أرحب بذلك. فلا أحد يشكك بوجود تقليد ديني في أوروبا، وبالمثل ليس هناك من يشك بوجود تقليد مبني على الفكر الإنساني التنويري في أوروبا.

لهذا فإن البعد الإنساني التنويري وارد أيضا بشكل صريح في مشروع الدستور. وعلينا أن نراقب عما إذا كان بالإمكان في آخر المطاف فرض البعد الديني على سياسة فرنسا القائمة على العلمانية.

هناك إسلاميون في ألمانيا يستغلون مبدأ الدفاع عن حرية الدين على نحو سيئ ، فهل نحن بحاجة إلى قوانين أكثر صرامة أو هل يتطلب الأمر حتى الحد من حرية الدين على نحو ما طالب به وزير داخلية ولاية بافاريا؟

فالتر: لا، فالمشكلة لا تتعلق بدستورنا في حد ذاته بل بالقوانين البسيطة المعنية. كان هناك مثلا قانون حول تشكيل الجمعيات سمي "الامتياز الديني" مهمته سن القواعد الخاصة بحرية الجمعيات وفقا للمادة التاسعة من الدستور. وقد ظل هذا القانون ساري المفعول حتى عام 2001.

وبسبب هذا القانون لم يكن بالإمكان تطبيق قانون الجمعيات على المجموعات الدينية. لعدة أسباب أحدها العمليات الإرهابية التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر 2001 ألغي هذا القانون، بالتالي فقد صار من الممكن منع الجمعيات الدينية. وقد أثبت وزير الداخلية الاتحادي أنه من الممكن إصدار قرار بالحظر، وذلك عندما تصدى لما سمي دولة الخلافة الإسلامية.

في اعتقادي جاء رد المشرّع على الأخطار النابعة من الإرهاب ملائما ، والمسألة المطروحة اليوم تتعلق في المقام الأول بتطبيق القوانين القائمة. من الواضح تماما أن التهديد النابع من الإرهاب الدولي قد أفرز نشاطا أمنيا مبالغا في حجمه، من شأنه أن يؤدي إلى مساس كبير بالحقوق الأساسية للمواطنين. ولكن علينا حتى في ظل الظروف العصيبة الراهنة أن نحافظ على القدر الصحيح من التوازن بين الحرية والأمن.

أجرى المقابلة: كريستيان ماير

© جمعية ماكس بلانك