ترامب يحذر العالم من التجارة مع إيران بعد عقوبات أمريكية ومرسيدس الألمانية تعلق تجارتها مع طهران

أعلنت شركة "دايملر" الألمانية لصناعة السيارات تجميد خططها في إيران، وذلك في أعقاب إعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران.

وذكرت الشركة في بيان يوم الثلاثاء 07 / 08 / 2018: "علقنا أنشطتنا المحدودة بالفعل في إيران لحين إشعار آخر بموجب العقوبات المطبقة".

وأضافت الشركة أنه سيجرى متابعة التطورات اللاحقة عن كثب. وأشارت الشركة إلى أن الاقتصاد الإيراني صار أضعف مما كان متوقعا، مضيفة أنه لا يوجد إنتاج أو بيع لسيارات وشاحنات مرسيدس-بنز في إيران. وذكرت الشركة أنه تم توقيع اتفاق إطاري في خريف عام 2017 لتوسيع تسويق وإنتاج الشاحنات، مضيفة أنّ هناك أيضا اتفاقاً منذ نهاية 2016 على توريد وبيع سيارات لإيران وتقديم خدمات ما بعد البيع.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حذر في وقت سابق يوم الثلاثاء أيضاً 18 / 08 / 2018  من التعامل اقتصاديا مع إيران، موضحا أن أي جهة تقوم بأعمال تجارية مع الجمهورية الإسلامية لن يُسمح لها بالقيام بأعمال تجارية مع الولايات المتحدة.

وكتب ترامب على حسابه على موقع "تويتر": "أي جهة تقوم بأعمال تجارية مع إيران لن تدخل في أعمال مع الولايات المتحدة". ودخلت العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على إيران حيز التنفيذ في ساعة مبكرة من صباح يوم الثلاثاء 07 / 08 / 2018. 

وحذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم من التعامل تجاريا مع إيران مشيدا بالعقوبات التي وصفها بأنها "الأكثر إيلاما على الإطلاق" التي فرضتها واشنطن ودخلت حيز التنفيذ الثلاثاء وسط مزيج من مشاعر الغضب والقلق والتحدي في الجمهورية الإسلامية. 

وقال ترامب في تغريدة على "تويتر" إن "العقوبات الإيرانية فُرضت رسميا. هذه العقوبات هي الأكثر إيلاماً التي يتم فرضها على الإطلاق، وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2018، سيتم تشديدها إلى مستوى جديد".

وأضاف أن "أي جهة تتعامل تجاريا مع إيران لن يكون بإمكانها التعامل تجاريا مع الولايات المتحدة. لا أسعى إلى شيء أقل من السلم العالمي".

وسارعت حليفتا إيران الأبرز موسكو ودمشق إلى إدانة التحرك الأمريكي حيث أعربت روسيا عن "خيبة أملها الشديدة" مؤكدة انها "ستقوم بكل ما يلزم" لحماية الاتفاق النووي وعلاقاتها الاقتصادية مع ايران، في حين وصفت الحكومة السورية العقوبات بأنها "غير مشروعة".

ووعد ترامب منذ كان مرشحا للرئاسة بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع قوى العالم في 2015 وهو ما قام به بالفعل في 8 أيار/مايو 2018.

وأثار الانسحاب الأمريكي من طرف واحد استياء الأطراف الموقعة الأخرى، لا سيما الأوروبيين الذين أبدوا تصميمهم على الحفاظ على النص. لكن العديد من الشركات الغربية ترى ارتباطاتها التجارية مع إيران مهددة بفعل العقوبات.

وفي غضون ساعات من بدء تطبيق العقوبات، أعلنت مجموعة "دايملر" الألمانية لصناعة السيارات توقيف أنشطتها التجارية في إيران رغم إعلان الاتحاد الأوروبي عن "تصميمه على حماية الجهات الاقتصادية الأوروبية الناشطة في أعمال مشروعة مع إيران". 

وتشمل الرزمة الأولى من العقوبات الأمريكية التي دخلت حيز التنفيذ الثلاثاء الساعة 04,01 ت غ تجميد التعاملات المالية وواردات المواد الأولية، كما تستهدف قطاعي السيارات والطيران التجاري.

ومن المرجح أن تكون وطأة العقوبات قاسية على الاقتصاد الإيراني الذي يواجه بالأساس صعوبات أثارت في الأيام الأخيرة موجة احتجاجات اجتماعية ضد معدل بطالة مرتفع وتضخم شديد، وقد تدهور الريال الإيراني فخسر حوالى ثلثي قيمته خلال ستة أشهر.

وقال عامل بناء في طهران يدعى علي بافي لوكالة فرانس برس "أشعر أن حياتي تتدمر. الوضع الاقتصادي في الوقت الحالي يعني الموت للطبقة العاملة. العقوبات تؤثر من الآن سلبا على حياة الناس. لا يمكننا تحمل تكاليف شراء الطعام ودفع الإيجارات". 

وبما أن معظم الإيرانيين تأقلموا مع الموقف الأمريكي المعادي لنظامهم الحاكم والذي تعايشوا معه على مدى أربعة عقود، فإنهم يصبون غضبهم هذه المرة على قادتهم باعتبارهم فشلوا في إيجاد حل.

وقالت ياسامان، وهي مصورة تبلغ من العمر 31 عاما، في طهران صباح الثلاثاء "ترتفع الأسعار منذ ثلاثة أو أربعة أشهر وكل حاجياتنا باتت باهظة الثمن، كل ذلك حتى قبل عودة العقوبات". 

وهي ترى كغيرها في العاصمة الإيرانية أن قادة إيران "سيضطرون إلى تجرع كأس السم في نهاية المطاف" والتفاوض مجددا مع الولايات المتحدة.

وبعدما راهن بكل ما لديه على الاتفاق النووي، اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني واشنطن بـ"شن حرب نفسية على الأمة الإيرانية وإثارة انقسامات في صفوف الشعب".

واستبعد التفاوض مع الأمريكيين في ظل العقوبات، وقال في مقابلة تلفزيونية مساء الاثنين إن إجراء "مفاوضات مع (فرض) عقوبات هو أمر غير منطقي. إنهم يفرضون عقوبات على أطفال إيران ومرضاها وعلى الأمة".

وجاءت تصريحات روحاني ردا على توجيه ترامب قبل ساعات تحذيرا جديدا لإيران، مبديا في الوقت نفسه "انفتاحه" على "اتفاق أكثر شمولا يتعاطى مع مجمل أنشطة (النظام الإيراني) الضارة، بما فيها برنامجه البالستي ودعمه للإرهاب".

وقال في بيان "على النظام الإيراني الاختيار. فإما أن يغير سلوكه المزعزع للاستقرار ويندمج مجددا في الاقتصاد العالمي، وإما أن يمضي قدما في مسار من العزلة الاقتصادية".

ويعتزم ترامب الذي تبنى موقفا مناوئا لإيران منذ وصوله إلى السلطة: "تشديد الضغط على طهران حتى تغيّر سلوكها"، ومن مآخذه عليها تحالفها مع الرئيس السوري بشار الأسد ودعمها للمتمردين الحوثيين في اليمن ولحركة حماس في غزة ولحزب الله اللبناني.

وكان الاتفاق النووي الذي أبرم في 2015 بعد مفاوضات شاقة بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، يهدف لضمان الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني من خلال فرض رقابة صارمة عليه، مقابل رفع تدريجي للعقوبات التي كبلت الاقتصاد الإيراني وعزلت البلاد. 

وقال الباحث في معهد "كاتو" للدراسات جون غليزر إن الولايات المتحدة تعتبر العقوبات "وسيلة ضغط من أجل أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات، بهدف تعديل شروط الاتفاق بما يناسبها، وهذا لن يحصل".

وقال روحاني بهذا الصدد في المقابلة التلفزيونية "إذا كنت عدوا وطعنت شخصا بسكين لتقول بعدها إنك تريد التفاوض، فأول ما عليك فعله هو سحب السكين".

ولفت روحاني إلى أن بلاده "لطالما رحّبت بالمفاوضات"، لكن على واشنطن أن تثبت أولا حسن نواياها بالعودة إلى اتفاق 2015.

ويتوقع أن يكون تأثير الحزمة الثانية من العقوبات التي ستدخل حيز التنفيذ في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 وتستهدف قطاع النفط الذي يعد حيويا بالنسبة لإيران، الأشد وطأة حتى ولو رفض أبرز مستوردي الخام الإيراني كالصين والهند وتركيا تقليص مشترياتهم إلى حد كبير. أ ف ب ، د ب أ