مطالبة تونسيات بالمساواة في الميراث خطوة جريئة مفجّرة للجدل بعد السماح للمسلمة بزواج غير المسلم

ومنذ عام 2017 أصبح بإمكان التونسيات الزواج بأجنبي دون أن يعتنق بالضرورة الإسلام. وحتى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، والذي ينظر إليه على أنه محرر المرأة في تونس، لم يتمكن من إدخال أي تعديل بشأن موضوع المساواة في الميراث. في حين رأى الأزهر الشريف في مصر أن دعوات التسوية بين الرجل والمرأة في الميراث "تظلم المرأة ولا تنصفها وتتصادم مع أحكام الشريعة".

وفي خطوة جريئة وفاتحة للجدل، نظمت مئات التونسيات مسيرة حاشدة إلى مقر البرلمان للمطالبة بالمساواة في الميراث مع الرجل، رافعات شعارات مثل "تونس دولة مدنية: ما هو لك هو لي أنا أيضاً". جاء ذلك بعد كلام للسبسي في نفس السياق.

ونظمت مئات التونسيات مسيرة حاشدة يوم السبت (10 آذار / مارس 2018) إلى مقر البرلمان للمطالبة بالمساواة في الميراث ليفتحن الجدل من جديد حول موضوع يعتبر من المحظورات في العالم العربي. ورفعت المتظاهرات اللائي كان بصحبتهن عدد من الرجال أيضاً شعارات تطالب بالمساواة في الميراث من بينها "تونس دولة مدنية واللي ليك ليا (ما هو لك هو لي أنا أيضاً)" و" المساواة حق موش مزية" (المساواة حق وليس مكرمة).

وقالت كوثر بوليلة وهي ناشطة حقوقية ضمن جمعية النساء الديمقراطيات لرويترز "صحيح أن النساء التونسيات متقدمات في مجال الحريات مقارنة بنساء العالم العربي ولكن نحن نريد أن نتقدم أكثر ونريد أن نكون مثل الأوروبيات لدينا كل حقوقنا...نريد فقط حقوقنا". وأضافت "بعد الثورة كانت الصورة السائدة عن تونس هي صورة الإسلاميين المتطرفين والآن حان الوقت لنقول إن نضال الثورة الحقيقة هي المساواة التامة بين النساء والرجال".

وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد قال العام الماضي 2017 إن بلده يتجه للمساواة التامة بين الرجل والمرأة في كل المجالات من بينها المساواة في الميراث. وأعلن السبسي تشكيل لجنة لمناقشة سبل تنفيذ المبادرة. وفجرت كلمة السبسي آنذاك جدلاً واسعاً في عدة مجتمعات ومؤسسات عربية من بينها الأزهر في مصر الذي انتقد بشدة المقترح. وقال عباس شومان وكيل الأزهر الشريف في مصر إن دعوات التسوية بين الرجل والمرأة في الميراث تظلم المرأة ولا تنصفها وتتصادم مع أحكام الشريعة.

وتونس واحدة من أكثر الدول العربية انفتاحاً في مجال تحرر المرأة وينظر إليها على أنها من قلاع العلمانية في المنطقة. ومنذ العام الماضي 2017 أصبح بإمكان التونسيات الزواج بأجنبي دون أن يعتنق بالضرورة الإسلام. ولكن رغم ذلك ظل موضوع المساواة في الميراث أمراً بالغ الحساسية في المجتمع التونسي والعربي.

يشار إلى أنه كثيراً ما نادت عدة منظمات للمجتمع المدني من بينها النساء الديمقراطيات طيلة العقدين الماضيين بضرورة سن قوانين للمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة ولكنها لم تلقَ آذانا صاغية من الرئيس السابق زين العابدين بن علي -الذي عرف بأنه علماني ومناصر لتحرر المرأة- لشدة حساسية الموضوع على الأرجح.

وحتى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، والذي ينظر إليه على أنه محرر المرأة في تونس، لم يتمكن رغم كل ما حققه للمرأة التونسية من مكاسب من إدخال أي تعديل بشأن موضوع المساواة في الميراث. (رويترز)