المرشحات الإسلاميات في مصر...إكسسوار أم نسوية جديدة؟

مع اقتراب استحقاق الانتخابات البرلمانية ازداد الجدل حول حقيقة تمثيل النساء في قوائم الأحزاب الإسلامية. هاني درويش من القاهرة استطلع حملة مرشحة إخوانية في مدينة المنصورة وموقف الناخبات والمختصات في شؤون المرأة من هذه الحملة.



لا تبدو المرشحة الإخوانية سهام الجمل مكترثة بالفصل بين برنامج حزب العدالة والحرية الذي ترشحت علي قائمته في الترتيب الثاني، وبين ماتراه شأنا نسويا، بل علي العكس تماما، تطرح المرشحة عن دائرة مركز ومدينة المنصورة دمجا بين برنامج حزبها الذي يحمل عنوان "نحمل الخير لمصر"، وبين برنامجها النوعي للنساء "تمكين المرأة" فتقول:" في جولات دعايتي الإنتخابية أركز علي حقوق النساء في أطوارها الثلاثة، طفلة و أمرأة وعجوز، وذلك بهدف تمثيل النساء في محافظتي تمثيلا يتوافق مع نسبتهن الكبيرة من عدد السكان، فالطالبات مثلا في جامعة المنصورة يمثلن 70% من عدد الطلاب، وصحة وتعليم وعمل هؤلاء جزء من برنامجي الانتخابي، فأنا لست كمرشحات الحزب الحاكم اللواتي كن يفرضن من أعلى بنظام الكوتة، يتعالين علي النساء ويحملن فكرة تمثيلهن دون أحقية، دون أن ينزلن إلي واقع القري والنساء العاملات والفلاحات، هكذا كانت أولوياتي في الانتخابات الأخيرة (2010) عندما نافست مرشحة الحزب الحاكم علي مقعد الكوتة".


وردا علي اتهام البعض لجماعة الإخوان بأنهم يتخذن من ترشيح النساء إكسسوارا مدنيا بدليل عدم مشاركتهن في القيادة العليا للجماعة، أو عدم بروزهن في إتخاذ قرارات الجماعة تقول:" الأخوات يشاركن في كل قرارات الجماعة من المستوي القاعدي حتي أعلي المستويات بدءا من عام 2002، وذلك عبر الاستبيانات وأمانة الأخوات المركزية، وأكبر دليل علي ذلك أني خضت وحدي الانتخابات الماضية في المنصورة دون وجود مرشحين أخوان، فأنا أعمل في مجال التنمية البشرية والعمل الأهلي والتطوعي منذ عشر سنوات، كما أن لا علاقة لزوجي محمد عبد الرحمن عضو مكتب الإرشاد السابق بثقلي داخل الجماعة".


صدمة المرشحة الوردة


الصورة ا ب
ازداد الجدل حول حقيقة تمثيل النساء علي قوائم الأحزاب الإسلامية، فمن المرشحة السلفية التي وضعت مكان صورتها وردة، إلي مرشحات الأخوات المسلمات اللاتي خرجن للعن البرلمان

​​وعلي الرغم من مؤشرات الثقة التي تبدو في حوار مرشحة حزب العدالة والحرية، إلا أن قياس جماهيريتها في دائرتها الانتخابية يعكس مؤشرات أخري، فريم النجار الطالبة بكلية الحقوق جامعة المنصورة تبدي تشككها في قدرة مرشحة الأخوان على اجتذاب أصوات النساء، بل وتربط في حوارها مع دويتشه فيله بين مايبدو نفوذا للمرشحة وتقسيم الدائرة الحضري، فخطاب الإخوان الخدمي الديني يبدو جديرا بالأرياف المحيطة بمدينة المنصورة، أما المدينة التي عرفت بفاعلية التيارات السياسية المختلفة فيبدو خطاب الإخوان النسوي غريبا عليها، وتردف قائلة:" لقد سبب نزول دعاية حزب النور السلفي الذي أستبدل صورة مرشحته بصورة وردة، ثم أراد التصحيح لاحقا فنشر اسمها تحت صورة زوجها، مما أدي إلي فزع القطاعات المدنية، وتساءل الناس عن جدوي عدم الكشف عن وجه مرشحة أضطرت لاحقا إلي الظهور في الإعلام للدفاع عن موقفها منقبة، فماذا ستفعل مثل هذه المرشحة في مجلس الشعب إن دخلته؟"، وتبدي ريم( التي وصفت نفسها بالناصرية) عداءها الشديد لمرشحات التيار الإسلامي خاصة وأن الجميع يعرف أن أمرهن بأمر أزواجهن من الدعاة وأعضاء الجماعات، فيما يبدو موقفها السياسي أقرب لترشيح القوي التي ساهمت في الثورة ليبرالية أو يسارية أو قومية، أو أي قوي تقدم برنامجا سياسيا يخرج بمصر من أزمتها الحالية.


نساء ضد حقوق النساء في البرلمان القادم

الصورة هاني الدرويش
ريم النجار تبدي تشككها في قدرة مرشحة الإخوان علي اجتذاب أصوات النساء

​​وتستغرب د. أميمة أبو بكر الباحثة في تاريخ المشاركة النسائية في الحضارة الإسلامية من تخلل خطاب"تمكين النساء" للغة المرشحة الإخوانية، فكل الدلائل تشير إلي "دونية"وضع النساء في تنظيمات الحركة الإسلامية، بالإضافة للموقف الفقهي لهذه الجماعات من تولي المرأة مناصب قيادية، وصولا إلي خطابها الإعلامي (خاصة النسخة السلفية) "المحقر للمرأة".

 

وتفسير عضو مجلس أمناء مؤسسة المرأة والذاكرة الأمر بمجمله علي أنه جبر قانوني نتيجة اشتراط قانون الانتخابات إحتواء قوائم الأحزاب علي مرشحة واحدة علي الأقل، وتستكمل مداخلتها قائلة:" بالطبع ثمة فارق نسبي بين مرشحات الحركة السلفية والأخوات المسلمات، فالأخيرات علي الأقل لديهن خبرة في العمل الخدمي والبر، إحدى أدوات الجماعة الأساسية في الدعاية، ولهن تاريخيا حضور ولو بسيط في خلفية مشهد الجماعة، علي عكس المرشحات السلفيات اللاتي نزلن علي مايبدو لملء الفراغ أو لاستكمال القوائم، لكن المدهش أن تتحدث مرشحة الأخوان بلغة غالبا ما كانت محل هجوم قيادات الجماعة عندما كانت تصدر من العاملات في الحقل الأهلي، باعتبار "التمكين" فكرة غربية مستوردة، بل يبلغ التناقض مبلغه حين تتحدث المرشحات عن حقوق النساء فيما القيادي عصام العريان كان أول من خصص مجموعة مقالات للهجوم علي مجموعة القوانين التي أعطت حقوقا للمرأة، بل وإعتبر أن قوانين الخلع وحق الرؤية والحضانة وإسقاطها هدفا من أهداف الثورة، علي اعتبار أنها كانت قوانين "المدام" (نسبة إلي دور سوزان مبارك زوجة الرئيس المخلوع في إصدارها)، ولا أستبعد في حال فوز التيارات الإسلامية بأغلبية في البرلمان أن يستخدموا نساءهم الناجحات كمخلب قط للإجهاز علي حقوق أنتزعت عبر نضال كل المجتمع المدني".



هاني درويش- القاهرة
مراجعة: هبة الله إسماعيل
حقوق النشر: دويتشه فيله 2011