واحة حوارية خلف القنوات الرسمية

توجد سوريا وإسرائيل رسميا في حالة حرب، إلا أن هناك موقعا إلكترونيا يسعى إلى نشر ثقافة الحوار بين مواطني البلدين بعيدا عن القنوات الرسمية، والهدف ليس التوصل إلى اتفاق سلام، بل محاربة الخوف المتبادل وبناء جسور التواصل. بيرجيت كاسبار تعرفنا بهذا الموقع.

شعار الموقع
فتيات في مرتفعات الجولان يقمن بتحية أقاربهن من الجهة الأخرى

​​ يبدو اسم موقع "OneMideast"، وهو ما يعني "شرق أوسط واحد"، وكأنه مزحة سيئة بالنظر إلى التوترات التي تعرفها المنطقة هذه الأيام، فالشرق الأوسط بعيد كل البعد عن الوحدة، إلا أن هدف الذين بادروا إلى إنشاء هذا الموقع، أوسع من الاعتبارات الظرفية ومن مجرد موقع على الإنترنت، فالمشروع يعتمد رؤية لشرق أوسط يسوده السلام بين إسرائيل وسوريا من جهة، وبين إسرائيل ولبنان من جهة ثانية.

وقبل نحو سنة، انضم إلى هذا الموقع عشرة أكاديميين إسرائيليين وعشرة من الأكاديميين العرب إضافة إلى عدد من الصحفيين والمدونين والذين ساهموا جميعا في بلورة شكل هذا الموقع ومضمونه الذي انطلق في منتصف مايو/ أيار2010. وما يلفت الانتباه هو أن المشرفين على الموقع لم يختاروا طريقا سهلا بالتركيز على عرض النقاط التي يمكن للسياسيين السوريين والإسرائيليين الاتفاق عليها، وبالتالي إظهار أن السلام قابل للتحقق، وإنما بالعكس، تم اختيار عشرين نقطة خلافية وصفت بأنها تقف عائقا أمام السلام، ومن تم نوقشت كل نقطة على حده من وجهة نظر سورية وإسرائيلية على حد سواء، من خلال تعليقات مواطنين من البلدين. ويعمل كتاب الموقع وبشكل منهجي على تقديم حجج تدحض تحفظات وتخوفات الجانبين، وبالتالي المساهمة في جعل السلام شيئا يمكن تمثله بشكل ملموس بعيدا عن مشاعر الخوف المتبادل.

جسر لكسر الخوف المتبادل

شعار الموقع
موقع "شرق أوسط واحد" هل ينجح فيما فشلت فيه السياسة الرسمية؟

​​ وقال يوآف شتيرن، صحافي إسرائيلي من مؤسسي الموقع، "على الناس إدراك أن الحوار ممكن وأن الإنترنت يمنح إمكانيات جديدة للتعرف على الآخر". ويعتبر شتيرن هذا الموقع جسرا للحوار المباشر بين السوريين والإسرائيليين ولكن بأسلوب جديد تماما. ولقد منيت كل مفاوضات السلام المباشرة وغير المباشرة بين الطرفين لحد الآن بالفشل، وكان آخرها تلك التي توسطت فيها تركيا، وتوقفت نهاية عام 2008 إبان الحرب الإسرائيلية على غزة. المشرفون على موقع "شرق أوسط واحد/ OneMideast" لا يعتبرون أنفسهم دبلوماسيين هواة، كما قال أحدهم وهو إلياس محنه، لبناني ومدون متخصص في العلوم الإسلامية، وأضاف بهذا الصدد قائلا "هدفنا ليس التفاوض من أجل الوصول إلى اتفاق سلام، وإنما خلق بيئة على الانترنت، حيث يستطيع الناس تبادل الآراء حول هذا الموضوع المعقد وبأسلوب مثمر".

ومن المقولات التي ترددها إسرائيل لتبرير عدم استعدادها للتفاوض مع سوريا، تلك التي تصف الأخيرة بالدولة الداعمة للمجموعات الإرهابية كحركة "حماس" وحزب الله اللبناني. وردا على هذه المقولة يعتبر الكتاب المشرفين على الموقع أن هذه الحجة مردود عليها، أولا لأن الدول تختار حلفاء مختلفين في زمن السلم بالمقارنة مع زمن الحرب، ويضيفون أنه ليس من المثمر دائما وصف الطرف المعادي بالإرهابي.

ويرى الكثير من السوريين أن المفاوضات مع إسرائيل لا تسفر عن أي شيء، لأنها تتمحور على شيء واحد فقط، وهو "أمن إسرائيل". وهو ما يرد عليه المشرفون على الموقع بقولهم "لا يمكن أن يتحقق السلام، إذا ما واصل الطرفان الاختباء وراء دور الضحية، لا بد من التغلب على الخوف المتبادل".

صدى متباين للمبادرة

الصورة: د,ب.ا/دويتشه فيله
كل المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين البلدين فشلت بما فيها آخر محاولة وساطة قامت بها تركيا وتوقفت عام 2008 بعد بداية حرب غزة

​​ لقيت هذه المبادرة الكثير من الثناء على الشبكة العنكبوتية ولكنها واجهت أيضا انتقادات كثيرة، فأحد الصحافيين واسمه ريام، كتب يقول إن هذا النوع من الحوار مفيد جدا للخروج من الطريق المسدود، بينما يرى مدون سوري يحمل اسم "مايصالون" أن المبادرة عار و"مفلسة أخلاقيا"، لأنها "تدعو للحوار وتتجاهل معاناة الناس في قطاع غزة مثلا". أما المؤرخ السوري سامي مبيض فيرى أن هذه الجهود لن تؤدي ببساطة إلى أي شيء، "لا يستطيع المرء حل المشاكل من هذا الحجم ، فربما تسفر هذه المبادرة عن ابتكار الأفكار بعض الأفكار الجديدة، ولكن في نهاية المطاف، لابد من مفاوضات رسمية".

ويذكر أن سوريا وإسرائيل توجدان رسميا في حالة حرب منذ عام 1967 حين احتلت إسرائيل هضبة الجولان. وعلى الرغم من إبرام اتفاقية هدنة بين الجانبين، فإنه ليست هناك أي اتصالات مباشرة بينهما، بل إن ربط الاتصال مع "العدو الإسرائيلي" يعتبر في سوريا مخالفة يعاقب عليها، كما لا يملك البلدان خطوطا هاتفية ولا حتى اتصالات بريدية مباشرة.

ويرى بعض المراقبين أن المبادرة إيجابية في حد ذاتها لأنها تكسر أجواء القطيعة بين مواطني البلدين، على الأقل طالما امتنعت السلطات السورية عن حجب الموقع، وهو شيء غير مستبعد تماما. فأن يقدم مواطنون سوريون وإسرائيليون على مبادرة كهذه هو في حد ذاته ثورة تواصلية في منطقة يسود فيها منطق القوة والعنف.

بيرجيت كاسبار
ترجمة: حسن زنيند
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: دويتشه فيله 2010

قنطرة

آفي بريمور في نظرة للسلام مع سوريا:
مفتاح السلام بيد دمشق
في ضوء التأكيدات الرسمية لمسئولين سوريين وإسرائيليين وأتراك أن دمشق وتل أبيب تجريان مفاوضات في أنقرة برعاية تركية يرى السفير الإسرائيلي السابق لدى ألمانيا آفي بريمور أن التوصل إلى اتفاقية سلام شاملة بين البلدين يعد الطريق الأمثل للحد من النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة وإبعاد دمشق عن أحضان طهران.

الحوار مع سوريا
ضرورة تستدعيها متطلبات المرحلة
تلعب سوريا دوراً محورياً في الشرق الاوسط، لذلك فإن الحوار معها يخدم المصالح الأوروبية والإسرائيلية على الرغم من صعوبته. كما أن تحقيق السلام يعني ضمان المصالح المشروعة لكل الأطراف، ما يعني استعادة الجولان المحتلة منذ عام 1967 في حال سوريا، وفق تحليل فولكر بيرتيس.

إلى الموقع الالكتروني لموقع "شرق أوسط واحد"