"كل السلطة في قبضة الجيش التركي"

مُنحت إرين كيسكين في مدينة أسلينغن الألمانية جائزة تيودور هيكر للشجاعة والإستقامة. في الحوار التالي ترى المحامية والناشطة من أجل حقوق الإنسان أن تركيا لم تلب بعد الشروط الضرورية للانضمام إلى الاتحاد الأوربي.

إرين كيسكين، الصورة: موقع جائزة آخن للسلام
"لا أعتقد أنَّ تركيا ستُقبل في الاتحاد الأوروبي، ولا يعود ذلك لإنتهاكات حقوق الإنسان في تركيا فقط!"

​​

سيدة إرين كيسكين، هل تعتقدين أن تركيا تستوفي شروط الإنضمام للإتحاد الأوروبي؟

إرين كيسكين: الاتحاد الأوروبي هو أولاً اتحاد دول، ومن الطبيعي أن يكون مهماً لتركيا أن تُقبل عضواً في هذا الاتحاد، لأن أوروبا تمثل ببساطة الديمقراطية الأقدم والأكثر ثباتا. لكن يتعين علي أن أسجل الملاحظة التالية: تنتهك حقوق الإنسان في أوروبا أيضاً بما فيه الكفاية. شخصياً، لا أعتقد أنَّ تركيا ستُقبل في الاتحاد الأوروبي، ولا يعود ذلك لإنتهاكات حقوق الإنسان في تركيا فقط.

لماذا إذاً؟

كيسكين: نعلم جميعاً طبيعة موقف الدول الأوروبية من سياسة الهجرة، وكذلك موقفها من سياسة الهجرة بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، فهم بالطبع يستشعرون الخطر الكامن في كون المسلمين مهاجرين محتملين.

أما تركيا فليست ناضجة بعد للإنضمام للاتحاد الأوروبي، لأن الجيش يملك الكثير من السلطة. دعيني أبين ذلك على النحو التالي: الجيش في تركيا ليس قوة مسلحة وحسب، بل هو قوة صناعية كذلك، فالجيش يدير 38 شركة متنوعة، وبنوك، وشركات تأمين، وفنادق، ومصانع إنتاجية. إذا تملكت قبضة واحدة كل هذه السلطة، يغدو الأمر خطيرا للغاية.

منعت الحكومة التركية في عهد رئيس الوزراء الحالي إردوغان التعذيب في السجون ولغت حكم الإعدام. أين تتجلى اليوم إنتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، بحسب مراقبتك؟

كيسكين: هنا تكمن المعضلة الحقيقية، إذ لا يملك رئيس الوزراء ولا أي حزب مدني زمام السلطة على البلاد، بل تنطلق كل سلطة من الجيش، الذي يمارس ضغوطاً جمة على الأحزاب.

القانون المدوَّن والواقع أمران مختلفان تماماً، إذ تم منع التعذيب، ولكنه يمارس في الواقع، وتم إلغاء حكم الإعدام، ولكن بالرغم من ذلك يتم تصفية الناس على الشارع. منذ ثماني سنوات أدافع عن نساء تعرضن للتعذيب الجنسي وللإغتصاب في السجون.

وفي الفترة الأخيرة، يمارس التعذيب الجنسي وأنواع التعذيب الأخرى بشكل لا يترك آثاراً بليغة على المعذبين. لكن مناهج التعذيب القديمة ما زالت قائمة حتى يومنا هذا: فهناك عدد كبير من حالات الخطف، حيث يُخطف أحدهم معصوب العينين في سيارة، ولا تسجل الحالات أبداً، لتبقى الأمور غير رسمية ولكي لا يتمكن المخطوف من إثبات أي شيء.

هل هناك حوار بين ممثلين عن الحكومة وبين "جمعية حقوق الإنسان" „Insan Haklari Dernegi“ وأنت نائبة رئسيها؟

كيسكين: هنا أيضاً تكمن المشكلة، نلتقي ونتكلم، لكنها تبقى خطابات فارغة، لأن الجيش هو المعضلة الحقيقية. حواراتنا مثمرة على المستوى الدولي، حيث تستمد المنظمات الدولية المعلومات من منابعنا لإعداد تقاريرها.

حصلتِ في العام المنصرم على جائزة آخِن للسلام، اليوم تُكرمين في مدينة أسلينغن بجائزة تيودور هيكر للشجاعة والإستقامة، فما هي أهمية الرأي العام الألماني بالنسبة لك؟

كيسكين: يعود الأمر على الأرجح وببساطة لوجود أناس من أصول تركية وكردية في المانيا. لكن في الواقع جرى حديثاً إغلاق مواقع إعلامية كردية هنا، وذلك بناءً على مطالبة الحكومة التركية بذلك.

أما فيما يتعلق بجمعيات حقوق الإنسان في المانيا، فتربطنا بها علاقات وثيقة، أقوى مما تربطنا في دول أخرى، ومنظمة العفو الدولية في المانيا هي بالنسبة لنا بمثابة منظمة شقيقة. ولا أعول كثيراً على الدول الأخرى.

كيف تقيِّمين التنازلات التي قدمتها الدولة التركية للثقافة الكردية؟

كيسكين: الإجابة على هذا السؤال صعبة للغاية، إذ صرح رئيس الوزراء بأنَّ هناك معضلة كردية، وفي اليوم التالي صرح رئيس الأركان بأنَّ هناك مشكلة إرهاب لكن لا يوجد مشكلة كردية. هنا يبدأ وينتهي كل شيء –بعسكرة تركيا. العسكر يريد المحافظة على صورة العدو، ولا يمكن حل المعضلة إلا بمحو هذه الصورة.

ما هي أهمية النقاش الدائر حول الحجاب في تركيا؟

كيسكين: هذه أيضاً من ممارسات الجيش لسلطته، إذ نعيش في تركيا علمانية مغلوطة. جرى إنتخاب الحكومة من موقع قناعتها برفع قرار منع الحجاب، لكنها غير قادرة على هذا، لأن الجيش لا يريد ذلك ولأنه يجد في الإسلام جزءً من صورة عدوه. إذا سألتني شخصياً فلست مع فرض الحجاب على المرأة، ولكني لا أقبل بأن يفرض عليها نزعه أيضاً.

على ضوء إعتقالك لعدة مرات وتهديدك بالقتل مجدداً، ما هي خطورة أن تتحدثي عن مواضيع حقوق الإنسان علانيةً؟

كيسكين: ما أقوله هنا أقوله في تركيا أيضاً. أتلقى تهديدات بالقتل، عبر رسائل خطية، وبالبريد الإلكتروني، وهاتفياً، ولكن هذه أمور محسوبة ومتوقعة. لقد تعلمنا أن نتعايش معها، وطوَّرنا مع مرور الزمن نوعاً من الفكاهة المُرّة. تعلمنا كيفية التعايش مع هذه الأخطار، هكذا هو الأمر.

أجرت الحوار بيترا تابلينغ
ترجمة يوسف حجازي
حقوق الطبع قنطرة 2005

قنطرة

المصالحة التركية-الكردية
بعد الاعتداءات التي قامت بها مجموعات صغيرة منشقة عن حزب العمال الكردستاني، يبدو أَنّ حل المسألة الكردية بصورة سريعة تراجع إلى أَبعد الحدود. ومع ذلك كان الخطاب الذي أَلقاه مؤخرًا رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في ديار بكر بمثابة خطوة أولى في طريق المصالحة التركية الكردية

ملف حقوق الإنسان في تركيا
تسعى الحكومة التركية بجدية إلى تحسين الوضع الخاص بحقوق الإنسان، ولكن محاولات الإصلاح تسير في المؤسسات ببطء شديد.

www

Insan Haklari Derenegi