"انزلاق إلى فوضى التطرّف"
لا تنتهي في أفغانستان قائمة المشكلات، من مخدِّرات وتمرّدات وحكومة ضعيفة. ولكن كيف وصلت الحال إلى ما هي عليه؟ يحمِّل الكثير في أفغانستان الجارة باكستان مسؤولية ذلك، وفي المقابل يحمِّل معظم الباكستانيين الولايات المتَّحدة الأمريكية والرئيس المدعوم من قبل الأمريكان، حميد كرزاي المسؤولية.
ويكاد لا يوجد خبير يستطيع تقييم جميع جوانب هذا الوضع الفوضوي بشكل جيِّد مثل أحمد رشيد. وهذا الصحفي والكاتب الباكستاني الذي اشتهر بكتابه حول طالبان لا يعتبر خبيرًا فقط في شؤون إسلام أباد وكابول وواشنطن؛ بل يعرف أيضًا الدول المجاورة في وسط آسيا مثل أوزبكستان. وهو يثبت قبل كلِّ شيء بكتابه الجديد أنَّه محلِّل يفكِّر بوضوح ومن دون تحيّز على الإطلاق.
نقد حاد لإدارة بوش
وأحمد رشيد لا يخفي أنَّه يؤيِّد الاجتياح الذي تم في أفغانستان من أجل تجريد طالبان من سلطتهم. غير أنَّه يبيِّن أنَّ كلَّ شيء تقريبًا سار بعد ذلك باتِّجاه منحرف. وينتقد بصورة خاصة إدارة جورج دبليو بوش التي أهملت تمامًا وبسذاجتها غير المحدود بناء المؤسسات في أفغانستان ما بعد الحرب، أي "بناء الوطن".
وكذلك لا يسلم حميد كرزاي الذي يقدِّمه أحمد رشيد على أنَّه صديق شخصي من النقد؛ إذ يصفه أحمد رشيد بأنَّه رئيس ضعيف دائمًا ما يكون متردِّدًا، بالإضافة إلى أنَّ أمراء الحرب يغرِّرون به.
والأكثر إثارة في كتابه هو الجزء الذي يلقي فيه الضوء على الدور الباكستاني الذي كثر الجدال حوله في الأعوام الأخيرة. وأحمد رشيد يصف وصفًا دقيقًا التلاعب المزدوج لدى الرئيس الأسبق برويز مشرف الذي عاملته واشنطن على أنَّه حليف لا غنى عنه في "الحرب على الإرهاب" (وهذا خطأ فادح آخر).
تحالفات مشؤومة
وهكذا فهو يشير إلى أنَّ الكثير من رجال المخابرات الباكستانيين وأشباه العسكريين كانوا بعد اجتياح الولايات المتَّحدة لأفغانستان يقدِّمون يد العون لحليفهم السابق، أي الطالبان - على سبيل المثال عندما حاصر تحالف الشمال في نهاية عام 2001 قندوز. ويصل أحمد رشيد بناءً على اتِّصالاته مع بعض من رجال المخابرات الباكستانيين السابقين إلى نتيجة مفادها أنَّ الدعم الباكستاني لحركة الطالبان الأفغانية استمرّ من دون انقطاع، وتحديدًا بمساعدة منظومة جديدة تعمل بصورة شبه سرية.
لا سلام في أفغانستان من دون باكستان
ويثبت أحمد رشيد أيضًا بمثال عكسي مقنع أنَّ الجيش الباكستاني تنازل وبمحض إرادته لحركة الطالبان عن سيطرته على المناطق القبلية المستقلة المتاخمة لأفغانستان؛ حيث كان الجيش الباكستاني يقمع في بلوشستان في الوقت نفسه المتمرِّدين القوميين بغاية العنف وبشكل فعّال. والفرق بين القوميين في بلوشستان والطالبان هو أنَّ البلوشستانيين ليسوا إسلامويين، كما أنَّ إسلام أباد تعتبرهم موالين للهند مثل حكومة الرئيس حميد كرزاي في كابول.
ولا يمكن إحلال السلام في أفغانستان من دون إشراك باكستان - ويتَّضح هذا لكلِّ من يقرأ كتاب أحمد رشيد. وكذلك تعتبر الضغوطات والعزلة وسائل خاطئة من أجل كسب باكستان. فلا بدّ من حمل مصالح باكستان الأمنية محمل الجدّ. ويعقد أحمد رشيد كلَّ الآمال على الديمقراطية، كما أنَّه يعارض بشدّة أساليب الدول البوليسية على غرار ما يجري في غوانتانامو في محاربة الإرهاب.
توماس بيرتلاين
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: قنطرة 2009
توماس بيرتلاين مدير قسم شؤون جنوب شرق آسيا في مؤسسة دويتشه فيله الإعلامية
أحمد رشيد، "انزلاق إلى الفوضى - كيف تتم خسارة الحرب على المتطرِّفين الإسلامويين في باكستان وأفغانستان ووسط آسيا" Descent into Chaos. How the war against Islamic extremism is being lost in Pakistan, Afghanistan and Central Asia"، عن دار نشر Allen Lane، لندن 2008، في 484 صفحة.
قنطرة
الرئيس الباكستاني الجديد آصف على زرداري:
من سجين إلى رئيس للبلاد
أصبح آصف علي زرداري - أرمل زعيمة المعارضة الباكستانية بينظير بوتو - رئيس باكستان الجديد. وارتقاؤه من سجين إلى رئيس للبلاد يشكِّل العودة الأكثر إثارة للدهشة في المشهد السياسي الباكستاني الذي يمتاز بكثير من التناقضات والتداخلات والتعقيدات وفق تعليق عرفان حسين.
النزاع الباكستاني:
إإذا ما تفتتت باكستان . . .
يحلل هيرفريد مونكلر الباحث في علم السياسة تواصل الأزمة السياسية في باكستان ويطرح السؤال التالي: ماذا سيحدث فيما لو تعرضت باكستان كدولة وكوحدة إقليمية إلى التجزئة وانقسمت إلى دويلات متعددة علما بأن الحكومة المركزية اليوم عاجزة عن السيطرة التامة على كامل أرجاء البلاد؟
المصوِّرة الإعلامية أورسولا مايسنر:
"أفغانستان - ورد وخشخاش وثلاثون عامًا من الحرب"
تقوم المصوِّرة الإعلامية الألمانية أورسولا مايسنر منذ منتصف الثمانينيات بجولات عبر أفغانستان، حيث رافقت المجاهدين متنكِّرة بزيِّ رجل طيلة أسابيع عبر المناطق الجبلية. وهذه المصوِّرة الألمانية خبيرة بهذا البلد وتجتاز بصورها المظهر الخارجي للحرب الدائرة فيه. بترا تابيلينغ أجرت معها الحوار التالي.