دعوة لنبذ الإرهاب والعنف

اختتمت في نهاية الأسبوع الماضي أعمال المؤتمر العالمي للحوار بين الأديان، الذي تم عقده في مدريد على مدى ثلاثة أيام، بدعوة لنبذ الإرهاب والعنف. منظمة المؤتمر الإسلامي دعت لحضور هذا المؤتمر بتكليف من ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز. بيتر فيليب يلقى الضوء على محصلة هذا المؤتمر وأهم محاوره.

اختتمت في نهاية الأسبوع الماضي أعمال المؤتمر العالمي للحوار بين الأديان، الذي تم عقده في مدريد على مدى ثلاثة أيام، بدعوة مع لنبذ الإرهاب والعنف. منظمة المؤتمر الإسلامي دعت لحضور هذا المؤتمر بتكليف من ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز. بيتر فيليب يلقى الضوء على محصلة هذا المؤتمر وأهم محاوره.

حوار الأديان في مدريد، الصورة: أ.ب
حضر بمبادرة من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز ممثِّلون عن مختلف الأديان إلى مدريد للمشاركة في المؤتمر العالمي للحوار بين الأديان.

​​شارك في المؤتمر العالمي للحوار بين الأديان أكثر من مئاتي مشارك من كلِّ أرجاء العالم، من مسلمين ومسيحيين ويهود وبوذيين وممثِّلين عن طوائف دينية أخرى، وقد وجَّهوا في ختام أعمال المؤتمر دعوة إلى توحيد الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، كما رفضوا نظريات "صراع الحضارات". وطالبوا بدلاً عن ذلك بدعم القيم الإنسانية وبذل الجهود من أجل نشر هذه القيم في مختلف المجتمعات.

وأعرب المشاركون عن رغبتهم في مواصلة هذا الحوار، الذي بدأ في مؤتمر مدريد على أساس التسامح والتفاهم المتبادل وجعله إطارًا للعلاقات الدولية. إذ تم التخطيط في هذا الصدد لعقد مؤتمرات أخرى من هذا النوع وإقامة حلقات دراسية وندوات بالإضافة إلى مشاريع ثقافية وتعليمية وإعلامية.

الأديان باعتبارها علاجًا ضدّ التطرّف

صورة رمزية، حوار الأديان، الصورة: أ.ب
الأديان لا تفرِّق الناس، بل يمكن أيضًا أن تجمعهم. تم في مؤتمر حوار الأديان طرح موضوعات من الحياة اليومية مثل العدالة أو تكنولوجيا الجينات.

​​وكون هذه المبادرة لعقد مثل هذا المؤتمر أتت من المملكة العربية السعودية، التي تعتبر من أكثر البلدان محافظة، فهذا ما أثار الدهشة والاستغراب لدى بعض الأوساط. وفي المقابل قال الدكتور صالح النملة، وكيل وزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية، إنَّه لا يستطيع ملاحظة أيَّ تناقض، وأضاف بالقول:

"ينبغي بنا أن لا نترك الميدان في أي مكان للمتطرِّفين. نحن نريد أن يتحوّلوا إلى ظاهرة هامشية. توجد في الدين والفلسفة قيم مشتركة، قواعد وأصول مشتركة - للناس عامة وللملكية وللنساء وللرجال أو للأسرة. نحن نحتاج إليها. كما أنَّنا نعتقد إذا كان ينبغي وجود سلام بين الأديان فيجب البدء بالحوار، من أجل إقامة هذا السلام".

وكذلك كان الوزير صالح النملي جاهزًا ليشرح لماذا يفترض أن تصبح الأديان الآن وبشكل مفاجئ علاجًا ضدّ التطرّف، بعدما كان ينظر لها لفترة طويلة على أنَّها أصل التطرّف ومصدره:

"هذه فكرة حسنة وهي بالإضافة إلى ذلك فكرة نبيلة. الملك عبد الله شخص نبيل جدًا. ولا توجد لديه أية نوايا سيِّئة، إذ إنَّه ببساطة إنسان طيِّب جدًا. ويريد أن يمنح البشر أحسن ما لديه".

يجب الآن أن يتبع القول خطوات جادة

الملك عبد الله يلتقي الحبر الأعظم، الصورة: أ.ب
الملك عبد الله يريد تحسين صورة المملكة العربية السعودية. إذ التقى في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2007 البابا بنديكت السادس عشر.

​​وهذا الكلام الذي ورد على لسان الوزير ويمكن أن يبدو قليلاً مثل الدعاية، تم تأكيده أيضًا من قبل شخص حظى حضوره في المؤتمر باهتمام شديد - أي الحاخام الأمريكي الإسرائيلي ديفيد روسن (وهو المشارك الإسرائيلي الوحيد في هذا المؤتمر)، حيث اعتبر المؤتمر حدثًا تاريخيًا:

"إنَّه حدث تاريخي، عندما يجمع هذا المؤتمر الطوائف المعنية. لهذا السبب فإنَّ كون هذه المبادرة قد أتت من قبل ملك السعودية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لهو أمر مهم للغاية. ولكن في آخر المطاف تتوقَّف أهمية هذا المؤتمر على الاستمرار في التواصل والتطوير بعد هذا اللقاء".

وكذلك يرى الحاخام ديفيد روسن أن هناك دورًا مهمًا يناط بالدين ويضمّ الكثير من الموضوعات من الحياة اليومية وكذلك الناس الذين لا يعتبرون أنفسهم متديِّنين:

"يمتلك الدين الكثير من الآراء في التحدِّيات المعاصرة. وحتى من يعتبر ليس متديِّنًا ينظر إلى الدين على أنَّه مصدر للتوجيهات. نحن نواجه في الوقت الحاضر تحدِّيات يمكن أن تقضي على كوكبنا: احتباس حراري عالمي ومشكلة المسؤولية الاقتصادية وتكنولوجيا الجينات والتقدّم العلمي ومشكلة الفقر وتوزيع الثروات. يجب علينا أن نسمع صوت الحكمة الدينية والتقاليد بخصوص هذه الموضوعات".

السلام يحتاج إلى الحوار

لا شكّ في أنَّ المملكة العربية السعودية كانت تريد في هذا المؤتمر أيضًا تحسين صورتها السلبية التي تعاني منها خاصة منذ اعتداءات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، وذلك لأنَّ معظم مرتكبي تلك الاعتداءات كانوا من المملكة العربية السعودية. غير أنَّ الملك عبد الله يبذل مزيدًا من الجهود، وذلك على سبيل الذكر من خلال لقائه البابا ومن خلال محاولته قبل فترة قصيرة في مؤتمر عقد في مكة التقريب بين السُّنة والشيعة.

وكان عدد المشاركين القادمين من ألمانيا قليلاً. إذ لم يستطيع الأسقف هوبر Huber وهانس كونغ Hans Küng الحضور، لكن شارك في المؤتمر "المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا" الذي حذَّر رئيسه، أيوب أكسل كولر قائلاً إنَّه لا يجوز للمرء أن يفرط في الآمال. وأضاف أنَّ المهم هو لقاء ممثِّلي الأديان المختلفة الذين لم يكن في الغالب يعرف بعضهم بعضًا. ولكن كولر لا يستحسن كثيرًا تركيز هذا الحوار مؤقتًا على أوروبا والشروع أثناء ذلك بمشروع "اليورو إسلام" (الإسلام الأوروبي). الأمر الذي سيعيدنا كثيرًا إلى النقاش حول الإسلام، في حين أنَّ الهدف الأساسي غير هذا، حسب تعبير كولر، الذي علق قائلاً:

"أجل إنَّ الأمر يتعلَّق في الدرجة الأولى وإلى حين بتجنّب الأزمات. وليس الرغبة في تعليم الآخر أو تغييره، وربما حتى الرغبة في إصلاح الآخر. إنَّ المطلوب هنا مؤقتًا هو التفاهم المتبادل. والأهم على الإطلاق هو أنَّ الأمر يتعلَّق بالسلام. السلام الذي يمكن للأديان بأنواعها أن تسهم فيه بمساهمات هامة. وأنا أنكر هنا ضمنًا أنَّ الأديان كانت دائمًا السبب للحرب".

بيتر فيليب
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2008

قنطرة
حوار بين الأديان في إندونيسيا:
فرانس ماغنيس-سوزينو - قس جاوي من ألمانيا
يعيش القس الكاثوليكي فرانس ماغنيس-سوزينو منذ ما ينيف عن ٤٠ عامًا في وطنه الذي اختاره، أندونيسيا. وقد حصل قبل حوالي ٣٠ عامًا على الجنسية الأندونيسية. يعمل هناك في سبيل الحوار بين الأديان. كرستينا شوت تعرفنا عليه.

مسلمو البوسنة في ألمانيا:
جسر بين الأديان ووسيط بين الحضارات
تتميز العلاقة بين الأقلية المسلمة ومجتمع الأكثرية الألماني عادة بانعدام الثقة وجهل أحدهم الآخر. هذه هي النقطة التي يسعى مسلمو البوسنة إلى العمل عليها، حيث يريدون أن يكونوا جسراً بين الأديان ووسيطاً بين الحضارات. تقرير كتبته جوران أربوتينا.

حوار مع المفكر السوري الطيب التيزيني:
"التطرف نتاج غياب الحريات والديمقراطية"
يري المفكر العربي المعروف الطيب التيزيني، أستاذ العلوم السياسية والفلسفية في جامعة دمشق، أن الحركات الإسلامية الأصولية تقطف ثمار غياب الحرية في العالم العربي. كما يرفض فرضية الصراع بين الأديان ويشدد على أن هذا الصراع يمثل في الواقع صراع هيمنة على الثروات النفطية في العالم الإسلامي. عفراء محمد حاورته في دمشق.