حلم غير قابل للتحقيق؟

اتفقت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع حركة "حماس" الحاكمة بزعامة إسماعيل هنيّة على تشكيل حكومة للوفاق الوطني. تعليق بيتر فيليب.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة إسماعيل هنية ، الصورة: أ ب
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة إسماعيل هنية

​​

قد يكون من قبيل استخدام البلاغة الرهيبة المروعة في أن نرى بأن هناك ضرورة ملحة لإنشاء حكومة فلسطينية جديدة لسبب هو أن مجلس الوزراء المكون من أعضاء حركة "حماس" غير قادر اليوم على أداء المهمات المعهودة إليه. وأسباب ذلك تعود لكون عدد من أعضائه رهن الاعتقال الإسرائيلي فيما يقع بقية الوزراء عرضة لظروف دقيقة صعبة إما بسبب العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة وإما نتيجة للحظر الدولي المفروض على حكومة "حماس".

مع أن حماس وصلت إلى سدة الحكم نتيجة لانتخابات حرة ونزيهة فإنها ما زالت تعتبر منظمة إرهابية بحجة أنها تضع تدمير إسرائيل هدفا ثابتا لها مما يمنع اعتبارها عاملا إيجابيا.

يصعب على المراقبين أن يتصوروا كيفية إمكانية سير كافة الأمور هناك على نحو مغاير لما هو عليه اليوم. فلو افترضنا أن فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ستتقاسم في ائتلاف كبير مقبل المقاعد الوزارية مع حركة "حماس" فإن ذلك سيحتم بطبيعة الأمر كما هو الحال لدى مثل هذه الائتلافات الحكومية اللجوء إلى حلول الوسط. لكن هذا يعني أيضا بأن "حماس" ستتخلى عندئذ عن خطها المتشدد المناوئ لإسرائيل.

لكن المؤشرات تدل على أن حركة حماس التي ينتمي إليها رئيس الحكومة إسماعيل هنيّة ليست مستعدة لاتخاذ مثل هذه الخطوة إلا على وجه محدود. فهي تقول إنها سوف تعترف ب "الوقائع" القائمة في المنطقة. السؤال يطرح نفسه هنا عن أسباب ذلك الغموض في التعبير. لماذا لا يصدر خلاف ذلك عن الحركة بيانا كالتالي "تبدي حركة حماس استعدادها لتغيير ميثاقها" ؟ أي ذلك الميثاق الذي ما زال يتضمن الإشارة إلى تدمير إسرائيل. ولماذا لا يتضمن هذا البيان الجملة التالية كذلك "حماس تبدي استعدادها لإجراء مفاوضات سلام مع إسرائيل"؟ .

هناك إجابة وحيدة على هذا السؤال هي أن "حماس" ما زالت تفتقد حتى الآن إلى الشجاعة الكفيلة بدفعها إلى القيام بهذه الخطوة التي آن أوانها منذ فترة طويلة.

لو وافقت حركة فتح على تشكيل ائتلاف مع "حماس" في ظل هذه المعطيات فإن الخطر سيكون واردا بكون "حماس" ستلجأ إلى سلوك خط أكثر راديكالية بدلا من أن تعتمد "حماس" خطا أكثر اعتدالا مما هي عليه. الجدير بالذكر أن محمود عباس ومن قبله ياسر عرفات كانا قد كرسا منذ وقت طويل وعلى نحو رسمي قبول منظمتهما فتح لوجود إسرائيل كدولة ولخيار الدولتين.

سيكون حال مثل هذا الائتلاف مدعاة للدهشة والبلبلة فيما لو تمسكت الحركتان بمواقفهما المعروفة. سوف تنشأ في تلك الحالة حكومة تعطي للجميع شيئا ما عاما دون أن تعطي أحدا ما شيئا ملموسا محددا. فسينضوي تحت هذه الحكومة خصوم إسرائيل وفي نفس الوقت أيضا مؤيدو عملية السلام التي كانت اتفاقيات أوسلو بداية لها.

لكن مثل هذه المواقف المتضاربة لا يمكن التوفيق بينها وتسييرها في مجرى مشترك. من المحتمل حتى أن يصبح مثل هذا الائتلاف الكبير المقرر تشكيله في غزة ورام الله أكثر تخبطا من حال التحالف الحكومي القائم في لبنان، أي ذلك التحالف الوزاري المطالب باتخاذ إجراءات ضد حزب الله على الرغم من أن الحزب المذكور يشارك في الحكومة اللبنانية ذاتها.

يحدو الفلسطينيين الأمل في إمكانية احتواء نفوذ المتشددين من حركة "حماس" في المستقبل وجعل عباس قادرا على استئناف المفاوضات مع إسرائيل.

لكن هذا الحلم هو بمثابة الوهم، فطالما احتفظت حماس بقوتها النابعة من كونها الحزب الأكبر وشاركت بمثل هذا الائتلاف فلا يمكن أن يحدث أي تغيير في هذا السياق ولن يحدث ذلك بالفعل، إلا في حالة تغيير "حماس" لموقفها على نحو جذري شامل. لكن ذلك سيكون بمثابة اختراق بعير لثقب الإبرة. الكل يعرف بما في ذلك في الشرق الأوسط بأن هذا الأمر من قبيل المستحيلات.

بقلم بيتر فيليب
ترجمة عارف حجاج
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2006

قنطرة

حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وتحديات السياسة
إرضاء الناخبين واتخاذ مواقف بناءة في السياسة الخارجية، هذه هي التحديات التي تواجهها "حماس" بعد فوزها الساحق في الانتخابات البرلمانية. تحليل هيلغا باومغارتن من جامعة بيرزيت.

نساء في حركة "حماس"
لم يكتسب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وحده طابع الراديكالية نتيجة لتنامي القوى الدينية الأصولية الممثلة في حركتي حماس والجهاد الإسلامي، بل ظهر أيضا جيل جديد من الشابات الفلسطينيات يرى في الحركة الإسلامية منبعا لخلاصهن. مقال كتبته كاي ادلر