"على الحدود"

ينتمي الإشتراكي ميخائيل فارشافسكي إلى المعارضين الحازمين الآخذ عددهم في التضاؤل في إسرائيل، ويُعتبر منذ 35 عاما واحداً من ألمع الشخصيات في اليسار الإسرائيلي. في كتابه "على الحدود " يصف فارشافسكي تجاربه ويوضح وجهات نظره. بِآته هينرِشسْ قرأت الكتاب وتقدمه لنا

غلاف الطبعة الألمانية

​​

ميخائيل فارشافسكيMichael Warschawski عابر للحدود، ولد في عام 1949 كإبن لحاخام أكبر في مدينة ستراسبورغ. انتقل حين بلغ من العمر ستة عشرة عاما إلى القدس، وذلك لتعميق دراساته بالتلمود. وكانت القدس في عام أيضا 1965 مدينة حدودية، لا يمكن الوصول إليها من العمق الاسرائيلي إلا من خلال ممر.

هنا عايش ميخائيل فارشافسكي في حزيران / يونيو من العام 1967 الحرب وزار بعدها بقليل المناطق التي احتلها الجيش – على سبيل المثال مدينة الخليل. "مليئاً بالاعتزاز بكوني إسرائيلياً، قمت بإرشاد مجموعة من الإلزاسيين في مدينة غريبة حيث لم أكن أشعر بأنني في وطني فحسب بل كمالك فعلي. فجأة شاهدت النظرة المستسلمة المذلولة للبائع العربي ( ... ). وكصفعة على الوجه أدركت، بأنه في هذه المرة هو المُضْطَهَدْ وبأنني أقف على الطرف الآخر للحدود، على طرف الأقوياء وعلى طرف السطوة."

الحدود كموضوع حياة

ميخائيل فارشافسكي يرفض تجاوز الحدود الداخلية. كمناهض للفاشية ومن خلال نفوره الشديد من كل أنواع العنصرية لا يريد أن ينتمي إلى المُضْطَهِِدِين. بدلاً من ذلك جعل الحدود موضوع حياته، ليخترق الفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

يقوم فارشافسكي بعمله هذا "كإشتراكي بلا حدود " ضمن مجموعة صغيرة لنشطاء يساريين تدعى "الماتسْبِن". في عام 1982 رفض مع العديد من جنود الاحتياط الاشتراك في الحرب على لبنان ، هذا الرفض كان تحت شعار :"يش غفول "، (توجد حدود). وفي عام 1984 شارك في بناء "مركز المعلومات البديلة " والذي يقوم منذ ذلك الحين بالإعلام عن كل من إسرائيل بالعربية والواقع الفلسطيني بالعبرية.

وينتمي فارشافسكي منذ عام 1992 إلى كتلة السلام Gush Shalom . ويحاول بهذا خلع هويته اليهودية (صار في هذه الأثناء ملحد ) كفعل مناهض للصهيونية، التي يعتبرها أيديولوجية إستعمارية.

نقد الغيتو

تُعد مقدرة ميخائيل فارشافسكي على السعي المتواصل للرؤية من خلال منظور الآخر، و كذلك معاداته القويمة للعنصرية من نقاط القوة المُميزة للكتاب. من نقاط ضعفه هو عدم نقده للطرف الفلسطيني – لا لسياساته اليومية ولا لسعيه إلة إقامة دولة وطنية – في حين أنه يهاجم في نفس الوقت الدولة الصهيونية. فارشافسكي يبرر ذلك بأنه كإسرائيلي لا يحق له انتقاد الفلسطينيين.

من الجانب الآخر يدين فارشافسكي السياسة الاسرائيلية بحدة – بالأخص الجدار الذي تسجن به الحكومة الإسرائيلية الناس في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويسميها "سخرية التاريخ: الصهيونية التي ارادت تحطيم جدران الغيتوات، خلقت أكبر غيتو في التاريخ اليهودي، غيتو مُكبل بترسانة أسلحته، يمتلك القدرة على توسيع مساحته، إلا أنه يبقى غيتو بالرغم من ذلك. غيتو مقصور على نفسه، ومقتنع أن خارج جدرانه لا يحكُم سوى شريعة الغاب، (...)."

دفاعا عن هوية حدودية

جزء من مواضيع الحدود التي يناقشها فارشافسكي منذ 35 عاما هي الحدود داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه. الحدود بين المتدينين والعلمانيين، وبين اليهود الأوروبيين واليهود الشرقيين. مأخذه على الصهاينة الإسرائيليين الحديثين هو دوام احتقارهم للإرث التقليدي ليهود الشتات – بيد أنه يغترف أمله من التنوع القائم في هذا الإرث بالذات.

" إذا تبنى الإسرائيلي هذا الإرث ثانية" كما ينادي ميخائيل فارشافسكي بحماس "سيكون بمقدور إسرائيلي الغد أن يُنشئ هوية حدودية، تمتزج بها كل من وارسو والدار البيضاء، حلب وبرلين، هوية تميل إلى دمشق والإسكندرية، منفتحة على العالم ومتقبلة للإختلافات."

بقلم بِآته هينرِشسْ، قنطرة 2004
ترجمة يوسف حجازي

مركز المعلومات البديلة هنا