صدام دامي بين ميليشيا طالبان وعلماء المسلمين

صعَّدت ميليشيا طالبان اعتداءاتها على علماء المسلمين الأفغان الموالين للحكومة في محاولة لنشر الفوضى والرعب في أنحاء البلاد وتعطيل الإنتخابات المرتقبة. تحليل سعيد موسى سميمي

صعدت ميليشيا طالبان اعتداءاتها على علماء المسلمين الأفغان الموالين للحكومة في محاولة لنشر الفوضى والرعب في أنحاء البلاد وتعطيل الإنتخابات المرتقبة. تحليل سعيد موسى سميمي

تحاول ميليشيا حركة طالبان في جنوب شرق أفغانستان إحداث الفوضى وزعزعة استقرار البلاد بتكثيف الاعتداءات قبل الإنتخابات البرلمانية المزمع عقدها في سبتمبر/أيلول، ولا يتورعون في ذلك أيضاً عن اغتيال علماء الدين المسلمين.

وقد قاموا بالفعل باغتيال خمسة من مشاهير العلماء المعتدلين، الذين كانوا أعضاء أو رؤساء في "شورى عامة علماء أفغانستان" وهي رابطة علماء المسلمين الموالين للحكومة في كابول.

تهديدات طالبان

وجه المفتي لطيف الله حكيم المتحدث باسم ميليشيا حركة طالبان مرارا رسالة واضحة إلى علماء الدين الأفغان يقول فيها أن قيادة حركة طالبان ستوصي مسلحيها بقتل كل عالم يدعو في خطبه إلى المشاركة في الإنتخابات أو مساندة الحكومة أو"التحالف الدولي".

وتهدف قيادة حركة طالبان بقتلها لعلماء المعتدلين عمدا إلى تخويف رجال الدين التقليديين في جميع أنحاء البلاد الذين يساندون الحكومة الأفغانية. وعلاوة على هذا ينوي هؤلاء المجاهدون تعطيل الإنتخابات البرلمانية والمحلية المزمع عقدها في الثامن عشر من سبتمبر/أيلول هذا العام بتصفية المتحالفين من رجال الدين مع النظام تصفية جسدية.

وقد قامت حركة طالبان بهذه المحاولة الكبيرة للمرة الثانية لزعزعة الاستقرار في البلاد بعد ما لم يكتب لها النجاح في عرقلة الإنتخابات الرئاسية في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي.

فجوة بين التيارات الفكرية

وما كانت نتيجة أعمالهم الإرهابية الجديدة إلا أن علا صوت رجال الدين المعتدلين مطالبين بالأمن والحماية، وفي نفس الوقت أصبح هناك تقارب بين رجال الدين في البلاد فيما يتعلق بمواقفهم السياسية، وهذا يعني أن الفجوة بين فكرهم وفكر ميليشيا حركة طالبان الراديكالية قد اتسعت لدرجة كبيرة.

والإسلام في أفغانسان له أوجه كثيرة، فهناك التقليديون الذين لم يكن لديهم أية مطامع سياسية، فهم محافظون ويطبقون ما تفرضه عليهم المرجعية السياسية والدينية.

وعلاوة على ذلك تنتشر في أفغانستان إتجاهات روحية انتشارا كبيرا، مثل الصوفية. وهؤلاء معتدلون في فهمهم للإسلام وتتفق تصرفاتهم السياسية مع قواعد الدين.

أما إسلام الأفغان البسطاء فهو إسلام شعبي له أوجه مختلفة وينطوي على خرافات وتقاليد عرقية وعادات جاهلية وأيضا تصورات ذات قيم إسلامية.
والإسلام الراديكالي - الذي يدعي لنفسه الحق في التمثيل السياسي ويدعي أيضا أنه يمثل اليد العليا على الأرض – فهو جديد في أفغانستان ويعتبر شيئا غريبا.

نشأة طالبان

والأفكار الإسلامية لميلشيا حركة طالبان تعود جذورها إلى مدرسة ديوبند التي أُسست في القرن التاسع عشر (1867) بالقرب من مدينة دلهي للمحافظة على الإسلام وتعاليمه.

وقد اتسعت رقعة تأثير هذه المدرسة كمركز جديد لعلوم الدين حتى خارج شبه القارة الهندية، وقصدها طلاب العلم من آسيا الوسطى وأفغانستان وحتى من الشرق الأوسط ليدرسوا "الطريقة المحمدية" وهي سنة النبي محمد.

وقد امتدت مناهج مدارس ديوبند حتى شملت مدارس دينية عديدة لدولة باكستان التي تم تأسيسها حديثا علي الدعائم الإسلامية.

وأغلب قادة ميلشيا حركة طالبان هم خريجي المدارس الديوبندية, ومنهم وكيل أحمد متوكل، وزير الخارجية السابق لنظام طالبان.

ويتفق وكيل مع أساتذته من جماعة العلماء البكستانية - وهي أحد الأحزاب والمرجعية الدينية المناهضة للغرب الواقعة في شمال غرب باكستان - في أن الديمقراطية بكل بساطة شيء "غير إسلامي"، ومع ذلك فقد رشح نفسه للإنتخابات البرلمانية كممثل بليغ عن أنصار حركة طالبان الرجعيين.

إن مفهوم الإسلام لدى حركة طالبان - التي خرجت من باكستان وكانت تمول في المقام الأول من المملكة العربية السعودية – كان ينظر إليه في أفغانستان على أنه شيء مستورد ولا يتفق منذ البداية مع الإسلام الشعبي في منطقة هندوكوش.

ويرجع دخول قوات طالبان كابول عام 1996 إلى أن زعماء المجاهدين مثل حكمتيار ورباني قاموا بتخريب البلاد تماما واستنزفوها، فسعد الناس بمجيء من يضع حدا لأعمال القتل الذي يمارسها القائد العسكري.

وبسياسة حرق الأرض والتمييز بين الجنسين وتخريب الحضارات واستراتيجية التطهير الديني والعرقي عاثت ميليشيا حركة طالبان فسادا اجتماعيا كبيرا وخلقوا صراعا طائفيا وعرقيا.

طالبان ومفهوم الإسلام

وقد خالفت ميليشيا حركة طالبان مفهوم الإسلام التقليدي في أفغانستان بأعمالهم الإرهابية ضد رجال الدين المحليين، ومن ثم عزلوا أنفسهم شيئا فشيئا عن المجتمع الأفغاني الديني.

وقد وصف نولوي ماتي الله، إمام مسجد كبير في مدينة تشامان الباكستانية على الحدود الأفغانية، قتل رجال الدين أمام راديو الإذاعة الألمانية بأنه إثم لا يغفره الله.

وأضاف قائلا: "لقد أثرت مثل هذه الأعمال الإرهابية تأثرا عالميا على سكان البلاد التي تقع فيها تلك العمليات وعلى المنطقة أيضا، وسوف يتسائل كل فرد مستنكرا، ما هذا المجتمع الذي لا يرحم رجال الدين ويجعلهم دائما مهددين بالاغتيال".

ويوضح آية الله موه آصف محسني في العاصمة الأفغانية كابول رأي الإسلام في اغتيال رجال الدين قائلا أنه: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا".

وليس هناك أدنى شك في أن ميليشيا حركة طالبان يزدادون عزلة بسبب أعمالهم الإرهابية الموجهة ضد العلماء في حصنهم القديم بجنوب وشرق أفغانستان، ذلك لأن هذه المناطق التي يسكنها البشتون كانت معسكرا لتدريب الميليشيا.

ورجل الدين هو أول من يطيعه الشباب في القرية، فإذا ما انتقد ـوكثيرا ما يحدث ذلك – ميليشيا حركة طالبان فلن يجدوا لهم نصيرا في المجتمع.

والمجاهدون القدماء يعيشون الآن حياتهم الإجتماعية الطبيعية، وإذا أرادوا الآن القتال بجانب طالبان فلن ينالوا ثواب الآخرة كشهداء ولا الجزاء الدنيوي بالدولار.

سعيد موسى سميمي
ترجمةعبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع دويتشة فيلة 2005

قنطرة

أفغانستان – تقرير منظمة العفو الدولية
مازال وضع المرأة في أفغانستان مرعباً بحسب تقرير منظمة العفو الدولية. وما زالت المساواة، كما أقرها الدستور، بعيدة جدا عن التطبيق. لكن هناك ثمة خطوات صغيرة للأمام. تقرير بترا تابلينغ.

حوار مع رؤيا سادات، المخرجة الأحدث سناً في أفغانستان
رؤيا سادات، من مواليد هيرات عام 1981، كان حلمها الكبير أن تصبح مخرجة سينما، وهذا ما استطاعت تحقيقه اليوم رغم الصعوبات الهائلة. فهيمة فارساي تحدثت مع المخرجة عن السينما الأفغانية والعمل السينمائي