تأمل روحي وغناء

توفر مقاطعة سكسونيا السفلى في العام الدراسي الجديد تدريس مادة الديانة الإسلامية باللغة الألمانية. حضر راينر سوليش حصة في مدرسة ابتدائية في مدينة هانوفر.

تأمل روحي وغناء

تدريس مادة الدين الإسلامي لا يتوفر حتى الآن سوى في قليل من الولايات الألمانية، وغالباً خارج إطار الخطة التعليمية النظامية فقط. ويعتبر هذا قصور في ضوء عدد الأطفال المسلمين، الذين يتعلمون في المدارس الألمانية والذي يبلغ نحو 70.000 طفل – معظمهم من أصل تركي. وتسعى الولاية الألمانية الاتحادية سكسونيا السفلى في شمال ألمانيا إلى دفع الاندماج الاجتماعي لهؤلاء الأطفال قدماً. ولهذا توفر منذالعام الدراسي الجديد شكلاً جديداً لتدريس مادة الدين الإسلامي كتجربة نموذجية في ثمان من المدارس الابتدائية المختارة: كمادة دراسية نظامية –وهذا شيء جديد أيضاً- باللغة الألمانية. وقد تم وضع الخطة التعليمية الخاصة بذلك مشاركة مع اتحادات إسلامية متعددة. حضر راينر سوليش حصة الدين الإسلامي في مدرسة ابتدائية في مدينة هانوفر .

المدرسة الابتدائية في شارع زالتسمان بمدينة هانوفر، الساعة 9 صباحا: حوالي 20 من تلاميذ الصف الأول، جميعهم تقريباً من الأتراك بين 6 و 7 سنوات ينتظرون بداية حصة الدين الإسلامي.
تتوفر حصص تدريس الدين الإسلامي منذ بضعة أسابيع فقط – وهي تجربة نموذجية تواجه بواسطتها ولاية سكسونيا السفلى حقيقة إحصائية: أكثر من 5 في المائة من التلاميذ في ألمانيا اليوم هم من المسلمين. وهذه نتيجة لسياسة جلب العمال الأجانب إلى ألمانيا منذ الستينات.

تحية الصباح

تقوم بالتدريس توناي أوزركبر Tünay Özrecber، وهي تركية مسلمة ولدت ونشأت في ألمانيا، ويبلغ عمرها 23 عاماً. تبدأ المعلمة، المجتازة لاختبار الدولة، الدرس بصف الأطفال على شكل دائرة، وبعد ذلك تبدأ مراسم التحية باللغة الألمانية، ولا تكاد تسمع فيها سوى أسماء تركية.
يصيح الأطفال: "صباح الخير، إزرا"، "صباح الخير مصطفى"، وهكذا إلى أن تنتهي المجموعة من تحية كل طفل شخصياً.

تدريس مادة الدين الإسلامي في المدارس الألمانية هو موضوع سياسي، ويرى كثير من رجال التعليم والسياسة ضرورة توفير تدريس مثل تلك المادة وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول – وذلك من أجل دمج شباب المسلمين في المجتمع بصورة أفضل. غير أنه لم يتم حتى الآن إدخال تدريس مادة الدين الإسلامي في المدارس في كافة أنحاء ألمانيا. ويرجع السبب في ذلك إلى انقسام وتفرع الجاليات المسلمة من الناحية العرقية والعقائدية، هذا فضلاً عن غياب جهة إسلامية واضحة يمكن التعامل معها.

كذلك فإن التجربة النموذجية في ولاية سكسونيا السفلى تستند أيضاً إلى تقدير سياسي: إذ تسعى الولاية إلى منع تأثير مدارس القرآن، الذي لا يمكن التحكم فيه، على الأطفال، وتوفر عوضاً عن ذلك نوعاً من التعليم العقائدي، الذي يستبعد النزعات الأصولية، ويرسخ مبادئ التسامح المتبادل، ويستند إلى القيم والقانون الألماني. ولكن كل هذا لا يعني بداية لتلاميذ الصف الأول في مدينة هانوفر سوى: المتعة الكبيرة والغناء، الذي يحمل في طيه عبرة بسيطة، وبصورة تشابه كثيراً الحال لدى زملائهم في نفس العمر في حصة تدريس الدين المسيحي:
وينشد التلاميذ: "كبير، صغير، بدين، نحيف – الله يحبنا جميعاً."

توفير المعلومات الأساسية

ويشمل المنهج التعليمي بداية توفير العلم الأساسي، أي أنه عبارة عن دورة تعليمية أولية في القرآن.
تقول المعلمة: "بدأنا الآن بدروس حول " أنا وأسرتي"، وسنستمر في الحديث عن الله، ويلي ذلك طفولة النبي، ثم نتناول شهر الصيام رمضان، الخ."

ويشمل المقرر التعليمي أيضاً تناول عيد الفصح وأعياد الميلاد، حيث يجب أن يتعلم الأطفال أيضاً بعض العادات والتقاليد الخاصة بزملائهم الألمان في المدرسة. ويتم في مرحلة متأخرة جداً التعرض للموضوعات المعقدة التي يثور حولها الجدل، على سبيل المثال إن كان مصطلح "الجهاد" يعني "الحرب المقدسة"، أو إذا كان المقصود منه "اجتهاد" المسلم في رعاية شئون دينه والعمل على نشره.

التأمل الروحي

لا يجب على تلاميذ المدرسة الابتدائية في شارع زالتسمان التعرض لهذه الموضوعات الفقهية الصعبة الآن. ويشمل برنامج اليوم التأمل الروحي، وهو يعني بقاء التلاميذ جالسين بهدوء واسترخاء – وهذا تمرين صعب بما فيه الكفاية.
أما التمرين التالي فهو أيسر: يحصل كل تلميذ على لوحة كتب عليها لفظ الجلالة "الله" بالعربية، ويسمح له بتلوين الورقة باللون الأخضر طبعاً، فهذا تقليدياً هو اللون المفضل لدى النبي.
تدريس مادة الدين الإسلامي لتلاميذ المدرسة الابتدائية في ولاية سكسونيا السفلى لا يعني: الآذان، أو الركوع، أو التوجه نحو مكة في الصلاة، وإنما: الغناء والرقص وتلوين اللوحات التي تحمل كلمة "الله". هنا في المدرسة لا أثر لموضوع "تدريس الدين الإسلامي" المتفجر على الساحة السياسية، حتى وإن قوبل التدريس بهذا الشكل الخالي تقريبا من السلطوية بدهشة المسلمين المحافظين على الأقل.

الأمر الواضح رغم كل هذا: هنا يتعلم الأطفال بطريقة مرحة إيجاد مدخل إلى دينهم. ويشعر المرء أيضاً أنهم يستمتعون بذلك، عندما ينشدون: "فلنغن سوياً، الحمد والشكر لله".
"فلنغن سوياً، الحمد والشكر لله".

راينر سوليش، دويتشه فيلله 2003
ترجمة: حسن الشريف