أسبوع الفيلم الألماني في القاهرة

انطلاقاً من الفكرة أن الفيلم مرآة المجتمع عرض معهد غوته في القاهرة بالتعاون مع السفارة الألمانية في بداية شهر يونيو/حزيران عددا من الأفلام الألمانية الجديدة. تقرير عن ردود فعل الجمهور المصري

أسبوع الفيلم الألمانى في القاهرة
إقبال جماهيري كبير على السينما الألمانية

تدفق الجمهور المصري على مركز الإبداع الفني بساحة دار الأوبرا بالقاهرة ليشاهد الأفلام الألمانية التي استضافها المركز من خلال احتفالية اسبوع الفيلم الالمانى و الذي نظمه معهد غوته بالقاهرة والإسكندرية بدعم من السفارة الألمانية بالقاهرة .

استطاع الجمهور المصري من 1 إلى 5 يونيو/حزيران أن يطلع على سينما جديدة ومختلفة عن السينما الأمريكية التي تحتكر دور العرض السينمائية المصرية ولذلك شهدت الأفلام الخمسة التي عرضت بالاحتفالية والمترجمة للغة العربية إقبالا جماهيريا غير مسبوق لدرجة أن ساحة مركز الإبداع كانت تكتظ بالجماهير قبل نصف ساعة من بدء عرض الأفلام و كانت تغلق أبواب المركز قبل عرض الأفلام ب20 دقيقة لاكتمال صالة العرض بالجمهور الذي يبلغ عددهم 210 .

فضول تجاه ألمانيا و ملل من أمريكا

​​و عن سر هذا الإقبال الشديد قال بعض الشباب المصري إنهم جاءوا بدافع الفضول و حب الاستطلاع لمعرفة ماهية السينما الألمانية لأنهم أصبحوا يشعرون بالملل تجاه السينما الأمريكية التي تحتكر السوق المصري و إنهم أرادوا أيضا أن يفتحوا في عقولهم نوافذ جديدة تطل على فنون و ثقافات بلاد مختلفة غير الولايات المتحدة وخاصة بعدما أصبحوا يمتلكون مشاعر سلبية تجاهها نظرا لسياساتها في المنطقة العربية و عدوانها الأخير على دولة العراق.

وذكر البعض الآخر من الحضور أن السينما الألمانية سينما ذات موضوعات جادة و متميزة للغاية و طالبوا بإعادة عرض الأفلام الخمسة وهي "في شهر يوليو" , "اجري لولا اجري" , "ما وراء الصمت" , "رجال " و "لبن الخريف" و ذلك لما فيهم من إنسانية عالية دخلت قلوبهم حيث شاهدوا فيها مدى التقارب الانسانى بين حياة الألمان و حياتهم وخاصة في فيلمي "ما وراء الصمت" و "لبن الخريف".

عرض في اليوم الأول للاحتفالية الفيلم "في شهر يوليو" للمخرج التركي الأصل فاتح اكين و هو فيلم ينتمي كوميدي رومانسي و من تمثيل موريتس بلايبتروى و كريستيانه باول. ويدور الفيلم حول البائعة يولى التي تبيع مجوهرات تجلب الحظ لمن يشتريها و تقع يولى في حب مدرس الفيزياء الوسيم دانييل بانيير و الذي يشترى منها سلسلة تحمل علامة الشمس و تعنى انه سيقابل فتاة ترتدي شيئا عليه هذه العلامة و سيقع في حبها وكانت تقصد يولى أن توقعه في حبها من وراء ذلك إلا أن دانييل يقع في حب فتاة تركية تظهر أمامه مرتدية تى شيرت يحمل علامة الشمس ثم تسافر ويسافر ورائها في رحلة للبحث عنها إلا أن يولى تذهب ورائه وتتطور الأحداث حتى يقع في حبها في النهاية السعيدة للفيلم.

مشهد من فيلم أجري لولا أجري

​​فيلم "أجرى لولا أجرى" للمخرج توم تيكفر وبطولة فرانكا بوتينته و هيربرت كناوب و هو فيلم رومانسي أيضا حيث يدور حول الشاب مانى و المرأة الشابة لولا اللذين يرتبطان معا بقصة حب قوية و فجأة يقع مانى في مأزق مالي فتجرى لولا في شوارع برلين طوال الفيلم لتدبر المبلغ و تنقذ حبيبها.

فيلم "ما وراء الصمت" للمخرجة كارولينه لينك بطولة سيلفى تيستود وسيبيل كانونيكا. وتفاعل الجمهور المصري مع الفيلم بصورة كبيرة حيث انه يدور حول الفتاة لارا التي تحملت منذ صغرها مسؤولية والديها الذين يعانون من الصم و البكم وعندما تكبر و ينمو حبها لآلة الكلارينت تسافر لارا من بافاريا إلى برلين
وتترك والديها. ثم تموت أمها و يطلب منها والدها العودة و من هنا تحتار لارا بين واجبها نحو والدها و بين آلة الكلارينت.

فيلم "رجال" للمخرجة دوريس دوريه ويدور حول يوليوس زوج ناجح في عمله ولكنه مشغول دائما عن زوجته ثم يكتشف علاقتها العاطفية بأحد الرجال الفوضويين فيقرر تأجير حجرة بمنزله ليحاول تغييره و تحويله إلى إنسان مهندم و طموح حتى تعود إليه زوجته.

"لبن الخريف" فيلم مأساوي تعاطف معه الجمهور المصري وتأثر به بشدة. يتمحور حول قصة الفتاة "انا" التي تحملت مسؤولية عائلتها منذ صغرها بعد وفاة أمها. تتزج أنا ولكنها تعاني من سوء معاملة والدة زوجها بعدما يذهب الزوج إلى الجيش.

هجوم على "الرجال"

و برغم الهجوم الذي شهده فيلم "رجال" الذي عرض في رابع أيام الاحتفالية من معظم الحاضرين لما فيه من جوانب لا تتفق مع الجوانب الأخلاقية للمجتمعات الشرقية وخاصة في معالجة الفيلم لخيانة الزوجة لزوجها,إلا أن معظمهم أكد أيضا على سعادته برؤية ثقافة مغايرة عن ثقافته المصرية الشرقية وإن كان يختلف معها حيث أن ذلك هو الهدف الذي يسعى إليه من وراء مشاهدة السينما الألمانية وهو التعرف على ثقافة المجتمع الألمانى التي يجهلها بصورة كبيرة.

تصحيح المفاهيم

وقال الناقد السينمائي دسوقى سعيد مدير الاحتفالية في حوار خاص مع شبكة " قنطرة "إن هذا الأسبوع الألمانى كان يهدف إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة التي عرفها الشعب المصري عن نظيره الالمانى من انه شعب نمطي و جاف حيث شاهد الجمهور المصري من خلال اللغة العالمية للسينما مدى التقارب بين حياته و يومه مع نظيرالألمانى و حقق المهرجان أهدافه من خلال التقاء مصر و ألمانيا ثقافيا. وأضاف دسوقى سعيد أن السينما الألمانية بدأت تضع قدميها بثبات في مصر حيث أن الجمهور المصري بدأ يتعرف عليها و يشعر بميل شديد تجاهها.

وقد قام بافتتاح أسبوع الفيلم الألمانى يوهانس إيبرت المدير الإقليمى لمعاهد غوته في الشرق الأوسط وشريف الشوباشى وكيل أول وزارة الثقافة المصرية للعلاقات الثقافية الخارجية و الذي أكد على ضرورة تواجد السينما الألمانية خاصة والأوروبية عامة بمصر حيث أنهما غائبتان تماما عن دور العرض المصرية نظرا للاحتكار الأمريكى الذي لابد وأن تعمل على إيقافه جميع المؤسسات الثقافية بمصر لكي يرى المصريون العالم الخارجي من خلال مناظير مختلفة غير المنظور الأمريكى وأيضا لتقوية العلاقات بين مصر وألمانيا على الصعيد الثقافي مثل قوتها على الأصعدة الأخرى المختلفة من سياسية واقتصادية.

نيللي يوسف، قنطرة، يونيو/حزيران 2003