برلين بعيون سينمائية مصرية

كيف ترى العيون المصرية العاصمة الالمانية؟ مخرج مصري جاب بكاميرته شوارع برلين وتحدث مع سكانها. نيللي يوسف شاهدت الفيلم في القاهرة وتقدمه لنا

برلين بعيون سينمائية مصرية

كيف ترى العيون المصرية العاصمة الالمانية برلين؟ وهل تتطابق تصورات المصريين عن بلد سيارات BMW وفرانز بيكنباور مع الواقع؟ كيف يعيش المصريون والعرب والاجانب في مدينة المانية كبيرة مثل برلين؟ تساؤلات كثيرة تدور حول رؤية العيون المصرية للمجتمع الالماني. لا يستطيع المرء ان يحصل على إجابة واضحة على هذه التساؤلات إلا عندما يقوم بتكوين صورة شخصية لنفسه في المكان ذاته. ومن هنا ذهب المخرج المصري إسلام العزازي حاملا كاميرته الى برلين ليسجل انطباعاته، بدعوة من معهد غوته بالقاهرة والاسكندرية، وليصنع فيلمه الوثائقي " تحكم في عينيك " الذى عرض في 15 اكتوبر /تشرين الاول ضمن فعاليات المهرجان الالماني بالقاهرة الذى انتهى في 23 اكتوبر/ تشرين الاول.

الحس الانساني في برلين

إسلام العزازي

​​استطاع اسلام العزازي في فيلمه " تحكم في عينيك " ان يصور الوجوه المختلفة للعاصمة الالمانية التى اصبحت مكان بناء دائم، حيث انه جاب شوارع العاصمة ليصور برلين كما يراها هو من خلال عينيه و ليس من خلال عيون الآخرين. لذلك اختار العزازي اسم " تحكم في عينيك " او dominate your eyes وهي الجملة التى قالها الرسام الالماني رولف الذي يعيش في برلين والذى ظهر في اول مشهد بالفيلم وهو يقول إن الناس دائما ما ينظرون إلى الجوانب السلبية، إلا أن الطريقة المثلى لاستخدام النظر هى أن تبحث عن شيئ خفي و تظهره. ومن هنا فعليك ان تتحكم في عينيك و تحركهما وفقا لما تريد، أي أن لا تنظر وترى الموجود امامك بل تبحث عن الشىء الذى ترغب في رؤيته.

لذلك بحث اسلام العزازي عن الشىء الذى يرغب في رؤيته في برلين ليبني رؤيته الفردية النقدية للمدينة حيث قال في حوار خاص مع شبكة قنطرة انه ذهب بكاميرته الى برلين وشعر بوجود روح غريبة، روح بها جزء ساخن وآخر بارد. ومن هنا وضع العزازي هدفين صوب عينياه وهو اظهار هذه الروح التى تمزج السخونة بالبرودة و ثانيا التحاور مع جنسيات غير ألمانية تعيش في برلين حيث اراد لفيلمه ان يركز على النواحى الانسانية.

وفي هذا السياق يقول العزازي إنه لم يرغب في نقل الوضع الاقتصادي او السياسي أو الاجتماعي ببرلين فهناك المئات من شبكات التليفزيون بالعالم التى قامت بعمل افلام تسجيلية ووثائقية تستهدف الصورة النمطية لبرلين وايضا لان السياح المصريين يرون في برلين صورا رائعة لوضعها في البوم صور الاسرة. لذلك ركز على الوضع الانساني حيث ظهر ذلك بصورة واضحة في مشهد الفتاة الالمانية التى تجلس في إحدى المقاهي مع اصحابها والتى تقول انها تستيقظ كل يوم لتبحث عن طريقها.

المدينة الأكثر حرية في العالم

ويوضح العزازي في فيلمه من خلال عدد مختلف من المشاهد ان الناس في برلين تبحث عن شيئا يخصها و ينتمى اليها حيث ان النماذج المختلفة من الناس التى صورها في رحلة بحث دائمة عن ما يخصها مثل الفتاة الالمانية بالمقهى التى قالت في نهاية الفيلم انها تتمنى ان تعثر على من يفكرون معها و مثلها عندما تكبر في السن لا ن الناس في المانيا تتوقف عن التفكير بعد سن الثلاثين أما في برلين فالناس تظل تفكر طوال الوقت حتى بعد عمر السبعين على حد قولها.

برلين ...بيت لثقافات العالم

بيت ثقافات العالم في برلين

​​و قدم الفيلم نماذج مختلفة لاشخاص ينحدرون من جنسيات متعددة يعيشون في المدينة وهو الامر الذى اثنى عليه الكثير من الجمهور الذين شاهدوا الفيلمن حيث ظهرت فتاة فرنسية تجلس مع اصدقائها مؤكدة انه في برلين ثقافات متعددة على عكس العاصمة الفرنسية باريس التى اصبحت بمثابة غيتو صغير، وكانت تجلس مع اصدقائها ويظهر ورائهم بيت ثقافات العالم الشهير. كما اشارت الفتاة الفرنسية الى انها تستطيع الوقوف في شوارع برلين مع الغرباء لتوافر الشعور بالامان على عكس باريس. كما ظهرت المرأة اللبنانية التى تعمل في مجال الموسيقى والتى اكدت ان الناس في برلين يتقبلون الآخر و بخاصة العربي، سواء كانوا متفقين معه ام لا، مشيرة الى ان باريس ليست مدينة سهلة للعيش فيها مثل برلين.

الا ان بعض المتفرجين انتقد نظرة العزازي لبرلين حيث انه لم يُظهر جوانبها القاتمة. واكد المخرج ان الجانب القاتم ظهر في مشهد واحد والذي يظهر فيه ساعى البريد الالماني والناس يتحدثون معه عن الاوضاع الاقتصادية السيئة في المدينة وعلل العزازي عدم اظهار الكثير من الجوانب السلبية من الحياة بأن معظمها اقتصادي.

نيللي يوسف، قنطرة 2003

تخرج اسلام العزازي من معهد السينما في القاهرة عام 1993 واخرج العديد من الافلام الوثائقية عن المدن و المناطق السياحية المصرية مثل " مدينة الظلال " عن واحة سيوة
و فيلم " وجوه الفيوم ". وهو عضو مؤسس في شركة الانتاج السينمائى المستقلة سمات.