آية الله والساحرات

يرى الكاتب مهدي خلجي في هذه المقالة أن محمود احمدي نجاد الآن ارتكب الخطأ الذي قام به جميع من سبقوه من الرؤساء الإيرانيين وهو تحدي سلطة القائد الأعلى للبلاد ، آية الله علي خامئني ، لذا سيكون مصيره الفشل، فقد قام المرشد الأعلى بإعطاء الضوء الأخضر لرجال الدعاية الرسميين من أجل مهاجمة احمدي نجاد والمقربين منه بحيث يتم تصويرهم بشكل واضح على أنهم لا يؤمنون بمبدأ ولاية الفقيه عند الشيعة.

الكاتبة ، الكاتب: Mehdi Khalaji



لقد قام محمود احمدي نجاد الآن بارتكاب الخطأ الذي قام به جميع من سبقوه من الرؤساء الإيرانيين وهو تحدي سلطة القائد الأعلى للبلاد ، آية الله علي خامئني ، لذا سيكون مصيره الفشل . ان التحدي الذي يمثله احمدي نجاد هو جزء يمكن التنبؤ به في السياسة الإيرانية بحيث بات يعرف باسم " أعراض الرئيس " علما أن هذا ينشأ من ثقة الرئيس بأنه كقائد منتخب شعبيا فإنه يجب أن لا يتم تقييده بمراقبة وإشراف القائد الأعلى . لكن تاريخ الجمهورية الإسلامية مليء بأمثلة على المحاولات الفاشلة للرؤساء الإيرانيين من اجل تدعيم مركز قوة مستقل ففي نهاية المطاف تتغلب السلطة الدينية على السلطة السياسية. إن السلطة المزدوجة مترسخة في دستور الجمهورية الإسلامية وهي في نهاية المطاف تميل لصالح السلطة الدينية وخاصة خلال الفترة الثانية للرئيس. أن احمدي نجاد ليس استثناءا من تلك القاعدة وفي واقع الامر ونظرا لأنه اندفع بشكل أقوى من الذين سبقوه ، فإن نجمه يأفل بشكل أسرع كما أن الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في يونيو 2009 وما تبعها من ازمة سياسية قد أضرت بشكل لا يمكن اصلاحة بالشرعية الديمقراطية لاحمدي نجاد. لقد كان خامئني مجبرا على استخدام سلطته من اجل دعم الرئيس وقام منذ ذلك الحين وبشكل متكرر بإدانة "الحركة الخضراء" التي عارضت إعادة انتخاب احمدي نجاد وكنتيجة لذلك أصبح احمدي نجاد أكثر الرؤساء تكلفة بالنسبة لخامئني حتى تاريخه لأنه اجبر القائد الأعلى على أن يستنفذ سلطته في وجه العدو المشترك- حركة شككت في حكمه على الامور وشوهت سمعته.


إن احمدي نجاد نفسه قد تجاهل بشكل عام الأزمة التي تلت الانتخابات في تصريحاته العامة حيث كان من الواضح انه اعتقد أن دعم خامئني بعد الانتخابات يعني أن القائد الأعلى سوف يبقى مكتوف الأيدي في وجه التدخلات في سلطاته التقليدية وصلاحياته. لقد قام احمدي نجاد وبشكل متكرر خلال العامين الماضيين بتقويض البرلمان كما قام بشكل مفاجئ بإقالة الوزراء المقربين من خامئني مثل وزير الخارجية مانوشهر متقي ووزير الاستخبارات حيدر مصلحي . لقد كان خامئني منذ أن أصبح القائد الأعلى قبل 22 عاما ضعيفا نسبيا ، لكنه تمكن من التأقلم وذلك عن طريق تشجيع حالة الضعف في المناصب العليا الأخرى ضمن الجمهورية الإسلامية . لقد قام خامئني بدعم التحزب ضمن الحكومة وعند الضرورة قام بإضعاف تكتلات قام بدعمها في السابق والأهم من ذلك قام بالتحقق من بقاء الرؤساء الإيرانيين ضعفاء بغض النظر عن برنامج عملهم أو شعبيتهم.


تهديدات الحركة الخضراء

الصورة ا ب
"إن من المرجح أن يقوم خامئني بخلق تكتل جديد من اجل التنافس مع المحافظين التقليديين بعد انحدار احمدي نجاد"

​​أما الآن ونظرا لتضاءل التهديد الذي تشكله الحركة الخضراء- على الأقل في عيون خامئني- فلقد جاء الوقت لمساءلة احمدي نجاد. إن كلا الرجلين يعملان بجد للاستعداد للانتخابات البرلمانية في مارس 2012 بالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية في سنة 2013 وخامئني قام بخلع القفازات استعدادا للمواجهة. لقد قام بإعطاء الضوء الأخضر لرجال الدعاية الرسميين من اجل مهاجمة احمدي نجاد والمقربين منه بحيث يتم تصويرهم بشكل واضح على أنهم لا يؤمنون بمبدأ ولاية الفقيه عند الشيعة ، وهو المبدأ الاساسي الذي تركه مؤسس الجمهورية الاسلامية ، آية الله العظمى روح الله خميني .


طبقا لوجهة النظر الرسمية ، فإن احمدي نجاد ودائرته يفتقدون الى المنطق والحكمة حيث يقال إنهم تحت سيطرة الخرافة حتى انه توجد شائعات أن بعضهم قد لجأ إلى السحر لاستحضار أرواح من وراء القبور وان احمدي نجاد لديه اتصال مباشر مع الإمام المغيب ( المسيح عند الشيعة ). لقد قام سلك القضاء الواقع تحت سيطرة خامئني باتهام نائب الرئيس محمد رضا رحيمي بقيادة مافيا اقتصادية كما أن العديد من حلفاء احمدي نجاد قد تم اعتقالهم أو انهم تحت التحقيق. إن من المرجح أن مجلس الإرشاد والذي بإمكانه استخدام حق النقض ضد التشريعات ومنع المرشحين من الترشح للانتخابات سوف يستخدم قوته من اجل ترجيح كفة منتقدي احمدي نجاد من المحافظين . ان قادة المعسكر المعادي لاحمدي نجاد هم الأخوين علي وصادق لاريجاني حيث يترأس الأول البرلمان والثاني سلك القضاء حيث سوف يساعد هؤلاء خامئني على الإطاحة بالرئيس من مركز القوة. لكن، نظرا لأن خامئني لا يستطيع قبول تكتل سياسي موحد ، فإن من غير المرجح بالمرة انه سوف يسمح لمعسكر لاريجاني ( والذي يضم عمدة طهران محمد باقر قليباف ووزير الخارجية السابق علي اكبر ولاياتي) بإن يصبح قويا لدرجة ان يفوز بالانتخابات الرئاسية.


تنافس الطبقة الحاكمة


الحركة الخضراء الصورة دويتشه فيله
"أما الآن ونظرا لتضاءل التهديد الذي تشكله الحركة الخضراء- على الأقل في عيون خامئني- فلقد جاء الوقت لمساءلة احمدي نجاد"

​​إن من المرجح أن يقوم خامئني بخلق تكتل جديد من اجل التنافس مع المحافظين التقليديين بعد انحدار احمدي نجاد.ان من الممكن ان يجبره ذلك على اختيار وجه جديد للانتخابات الرئاسية القادمة ، أي شخص يتمتع بخبرة بسيطة في السياسة المحلية ونفوذ بسيط على حياة الناس العاديين. ان احد المرشحين المحتملين هو سعيد جليلي ، المفاوض الحالي فيما يتعلق بالملف النووي الايراني او شخص مثله. ان الاشخاص الذين تنطبق عليهم المواصفات المطلوبة هم اشخاص لديهم خلفية قوية في الاستخبارات او الحرس الثوري وحضور ضعيف في السياسة المحلية.
إن السيطرة الكاملة على القضاء وجهاز الاستخبارات والقوات المسلحة تجعل خامئني يبدو وكأنه لا يقهر ضد جميع التكتلات السياسية أو المسؤولين المنتخبين. ان هذا سوف يقود النظام الى مزيد من الاستبداد والعدوانية محليا وتحدي الغرب بمزيد من الثقة بالنفس. لكن تركز القوة بأيدي القائد الأعلى ينطوي على مخاطر للجمهورية الإسلامية . عندما يتوفى خامئني، لن يكون هناك خليفة قوي وواضح ونظرا لأنه قام بشكل منهجي بإضعاف المؤسسات السياسية الإيرانية بحيث تم اختصار الجمهورية الإسلامية نفسها في شخصه فإن غيابه سوف يترك فراغا. ان قوته اليوم تنذر بحالة اكبر من عدم اليقين فيما يتعلق بمستقبل إيران.

 

مهدي خلجي
حقوق النشر : بروجيكت سنديكت 2011
مهدي خلجي هو زميل في معهد واشنطن