ماذا سيحدث لألمانيا لو استرد القطريون استثماراتهم؟

الحصار الخليجي العربي على قطر يمس أيضا بالمصالح الألمانية، فالأزمة قد تجلب أيضا مخاطر اقتصادية على ألمانيا، كما أن هناك مخاوف من أية تغييرات قد تجريها قطر في حجم استثماراتها الأجنبية الخارجية نتيجة الحصار. وبات الاقتصاد الألماني في انتظار ما ستسفر عنه التغييرات في الخليج. الصحفي الألماني هاينر كيزل يتساءل: ماذا سيحدث لألمانيا لو احتاجت قطر أموالها المستثمرة في ألمانيا، وأرادت استردادها فجأةً؟

الكاتبة ، الكاتب: Heiner Kiesel

بعد الأزمة القطرية، يبدو وزير الخارجية الألمانية زيغمار غابريل منهمكا في البحث والتقصي ويتمتم في أوقات مختلفة  بـ "أنه وقت الدبلوماسية". وحل ضيفا على غابريل نظيره وزير الخارجية القطرية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. والذي تواجه بلاده حاليا مشاكل كبيرة مع جيرانها الدول الخليجية الأخرى، تحت قيادة المملكة العربية السعودية. فالحدود البرية أغلقت أمام هذه الدولة الخليجية الصغيرة، كما تواجه الدوحة حصارا جويا وبحريا من قبل جيرانها وذلك بسبب مزاعم دعم المنظمات الإرهابية من قبل الإمارة.

ويقول غابريل أمام ضيوفه: "علينا أن نجد الحلول، وخاصة  بما يتعلق بالحصار البحري والجوي". البعض في ألمانيا لا يرغبون في أن يتبنى وزير الخارجية الألماني موقفا واضحا من قطر، إلا أنّ لكلٍّ أسبابه.

الألمان ومصالحهم

"لدى وزارة الخارجية الألمانية في المنطقة تقليد طويل للحوار في منطقة الشرق الأوسط، ولا ينحصر ذلك على المنظمات الإرهابية المحظورة دوليا فقط"، كما تقول مديرة مركز ايبنتز للدراسات الشرقية الحديثة أولريكه فرايتاغ.

Ulrike Freitag ist Direktorin des Zentrums Moderner Orient und lehrt Islamwissenschaft an der FU Berlin; Foto: DW/ H. Kiesel
"Das deutsche Außenministerium hat in der Region eine lange Tradition des Dialogs, auch mit nicht-terroristischen Organisationen, die international geächtet sind", unterstreicht Ulrike Freitag, Direktorin des Leibniz-Zentrums Moderner Orient.

الزيارة المقررة لوزير الخارجية القطري آل ثاني والتي جاءت على شكل سريع، جاءت متزامنة مع جدول زيارات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية السعودية عادل الجبير مؤخرا في ألمانيا، ما يؤكد على أن ألمانيا أضحت وسيطا مطلوبا بحسب فرايتاغ. والجهود الألمانية المبذولة  لحل الأزمة واضحة  ومفهومة بحسب الخبيرة الألمانية ، فهناك استثمارات كبيرة من القطريين والسعوديين في ألمانيا، لذلك فإنّ من مصلحة ألمانيا إيجاد تعاون بين هذين  الدولتين أوروبيا. كما توضح فرايتاغ وتتابع: "عدم انحياز ألمانيا لأحد الأطراف هو أمر جيد على الأقل ".

المال القطري في ألمانيا

ويخضع المال القطري في الشركات الألمانية الآن للكثير من التكهنات. فهل من الممكن مثلا أن تتوقف مشاريع زيمنس في السعودية، وكيف ستكون التغييرات لدى أسهم الدويتشه بنك، حتى أن المجلس الإشرافي لشركة فولكسفاغن للسيارات بها مشرفان من قطر. كما أن التساؤل الأكبر ماذا سيحدث لألمانيا لو أحتاج القطريون أنفسهم لأموالهم المستثمرة في ألمانيا، وأرادوا استردادها بشكل فجائي. وماذا سيعني لألمانيا تواجد رأس المال الأجنبي بها، في حال تم إدانة قطر بدعم الإرهاب.

الشركات الألمانية تلتزم الصمت عندما يتعلق الأمر بالمستثمرين العرب. دويتشه بنك اعتذر عن التعليق بخصوص هذا الموضوع. إذ أن الاستثمار القطري في البنك بحدود 9 بالمئة. فيما علقت إدارة فولكس فاغن باقتضاب وقالت: "نحن نراقب التطورات الحالية والأمل في حل سريع للنزاع"، وتحوز نسبة الاستثمار  القطري بها إلى ما نسبته 17 بالمئة. أما بالنسبة للاستثمارات القطرية في زيمنس فهي متواضعة ولا تتعدى 3.3 بالمئة لذلك لن تؤثر على أعمالها التجارية.

Unions-Außenpolitiker Roderich Kiesewetter; Foto: picture alliance/dpa
"Das ist schon eine heikle Lage", analysiert Roderich Kiesewetter, Obmann für Außenpolitik der Unionsfraktion. Katar sei nicht gerade vorbildlich bei der Einhaltung der VN-Menschenrechtscharta und habe sich international zunehmend zu einem Störer entwickelt, zum Beispiel in Libyen, merkt der CDU-Außenpolitiker kritisch an.

الاقتصاد الألماني بحالة انتظار لما ستسفر عنه التغييرات في الخليج. ويرى مارتن كلاين أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية في جامعة هالة، أن  خطر التغيير للمؤسسات الألمانية المعنية قليل جدا، ويقول: "أعتقد أنّ المخاطر للشركات المعنية منخفضة في الواقع". ويتابع: "من غير الوارد أن تجري قطر تغييرا في نهجها السياسي والاقتصادي، ولن تغير في طبيعة استثماراتها". وكلاين مقتنع أنه لن يصيب زيمينس ولا دويتشه بنك أو فولكس فاغن أية تأثيرات، ويقول كي يكون هناك تغيير يجب أن يكون الحصار على قطر مدعوماً من الأمم المتحدة وهو أمر غير وارد.

لعبة  القوى في  الخليج

ينظر صنّاع السياسة الخارجية الألمان الى منطقة الخليج بقلق يفوق قلق الاقتصاديين ورجال المال. ولا يمثل زيغمار غابريل خروجاً عن هذا النهج. وبهذا السياق، يقول أوميد نوريبور، عضو البرلمان من حزب الخضر المعارض إنّ زيغمار غابريل يبذل مجهودا واضحا ويضيف: "تعجبني ردود الفعل الحذرة من وزير الخارجية، حتى لو كانت فكرة الحرب أمراً غير وارد".

ومع ذلك، قال نوريبور إنه "يفتقد موقفا واضح من برلين لهذا الأمر" ويقول أنه من المحير أن أصواتاً من داخل ألمانيا سعيدة بالاتهامات التي تتعلق بدعم قطر للإرهاب. إلا أنّ السياسي الألماني لا يعتقد أن المزاعم التي تسوقها السعودية بخصوص قطر حقيقية. بل أنه" أمر مشكوك به".

من جهته  يرى رودريش كيزفيتر وهو رئيس السياسة الخارجية للمجموعة البرلمانية لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي منتقدا أنّ الأزمة القطرية هي أمر حساس و" قطر لا تحظى بتقدير على لائحة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة، وهي تتدخل دوليا في الشأن الليبي مثلا".

ويتابع  السياسي الألماني معتبرا أنه حتى لو قدمت ألمانيا دعما في الماضي للمملكة العربية السعودية، إلا أنّ هذا الدعم لا يمكن أن يتواصل حاليا. ويقول إن "أزمة الخليج بين السعودية وقطر يمكن أن تشعل المنطقة بنزاع إقليمي مع إيران". وتابع السياسي في الحزب الديمقراطي المسيحي: "ربما كان من الواجب اتخاذ موقف أوروبي موحد فيما يخص التعامل مع السعودية"، إلا أنه بالنسبة لكيزفيتر فيعتقد أن "السعودية تبقي أراضها خالية من الإرهاب عن طريق تمويلات الأنشطة المتشددة في البلد الأخرى".

 

هاينَر كيزِل

ترجمة: علاء جمعة

حقوق النشر: دويتشه فيله 2017

ar.Qantara.de