راية الأردن السياسية متجهة باتجاه الرياح الإقليمية

سابقا كان ملك الأردن عبد الله من أوائل من طالبوا بتنحي الأسد ولاحقا فتح حدوده مع الأسد. أندريه بانك يرى أن شريحة واسعة من الأردنيين غير راضية بعلاقة الأردن مع سوريا وإسرائيل. حاورته ديانا هودالي.

الكاتبة ، الكاتب: Diana Hodali

أي دور يلعبه الأردن في الوضع الجيوسياسي الحالي للشرق الأوسط؟

أندريه بانك: النظام الملكي الهاشمي يحاول دائما شغل موقع وسط وتفادي اتخاذ مواقف واضحة في النزاعات الموجودة في المنطقة. وهذا  يتمخض عن موقع البلاد الكائن في قلب الشرق الأوسط والذي يؤثر بشكل مباشر على العديد من النزاعات، مثل تلك الموجودة في سوريا وفلسطين والعراق.

من جهة ثانية يرجع ذلك إلى تبعية الأردن للموارد الخارجية، بحيث يعتمد البلد على التمويل الخارجي بشكل كبير، وبالتالي لا يمكن للأردن اتخاذ مواقف واضحة تجاه الكثير من البلدان.

من هي الدول التي يتعذر على الأردن أن يقف ضد سياستها؟

أندريه بانك: لا يمكن للأردن أن يضع نفسه مثلا ضد سياسة إسرائيل التي تربطها بها اتفاقية سلام رسمية منذ عام 1994. وهذا مهم للغاية في العلاقة مع الدول الغربية مثل الممول الرئيسي الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الاتحاد الأوروبي بما في ذلك ألمانيا.

كما أنه لا يمكن للمملكة الأردنية أن تضع نفسها ضد سياسة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت. فهذه البلدان هي من أهم الممولين في المنطقة للأردن.

هل تغير منذ عام 1994 أي شيء في العلاقة الإسرائيلية الأردنية؟

أندريه بانك: السلام ظل سلاما باردا. ولم تحصل مواجهة مباشرة بين البلدين، إلا أن العلاقة ـ لاسيما منذ تولي حكومة اليمين تحت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحكم في إسرائيل ـ شهدت بعض الفتور.

ومن جانب آخر تظل إسرائيل مهمة بالنسبة إلى الأردن فيما يخص الاقتصاد. لكن داخل السكان الأردنيين توجد تحفظات قوية تجاه إسرائيل ولاسيما تجاه هذه الحكومة.

حصل تقارب بين إسرائيل ودول الخليج، لاسيما مع العربية السعودية. هل هذا له تأثير على الأردن؟

اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية عام 1994. الملك الأردني حسين والرئيس الأمريكي بيل كلينتون ورئيس حكومة إسرائيل إسحاق رابين. Foto: picture-alliance/AP
هل تغير منذ عام 1994 أي شيء في العلاقة الإسرائيلية الأردنية؟ السلام ظل سلاما باردا. ولم تحصل مواجهة مباشرة بين البلدين، إلا أن العلاقة ـ لاسيما منذ تولي حكومة اليمين تحت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحكم في إسرائيل ـ شهدت بعض الفتور. ومن جانب آخر تظل إسرائيل مهمة بالنسبة إلى الأردن فيما يخص الاقتصاد. لكن داخل السكان الأردنيين توجد تحفظات قوية تجاه إسرائيل ولاسيما تجاه هذه الحكومة، كما يرى الباحث الألماني أندريه بانك.

{عندما ننظر إلى العقود الأخيرة في سياسة الشرق الأوسط الأردنية فإن عام 1990 / 1991 هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة. وقتها اتخذ الملك حسين على الأقل موقفا محايدا تجاه صدام حسين، الأمر الذي تم تقييمه كموقف لصالح صدام.}

أندريه بانك: هذا على الأقل يضع الأردن في خطر بأنه لن يكون قادرا على العمل كوسيط، كما كان الحال في السابق. بيد أن المملكة الأردنية تحتل موقعا جغرافيا محوريا فيما يخص المستقبل في سوريا واستقرار فلسطين وكذلك في العلاقة الجيدة مع مصر.

دول الخليج تدعم الأردن ماليا تماما كالولايات المتحدة الأمريكية، هل توجد هنا تبعية اقتصادية للأردن تجاه دول الخليج؟

أندريه بانك: الأردن - نظرا لشح الموارد ونمو السكان والاقتصاد غير المتنوع - يبقى مرتبطا بهذه التحويلات المالية بشكل كبير.

وهذا يعني أنه لا يمكن للأردنيين في الحقيقة أبدا معارضة السعودية والإمارات. فهم يبذلون الجهد من أجل سياسة متوازنة، ويحاولون بحسب الوضع تحسين علاقتهم مع دول مثل قطر والكويت ودول أخرى قوية ماليا لضمان موارد بديلة. فهناك محاولة للحصول على تحويلات مالية إلى البلاد، يمكن توجيهها إلى المؤسسات الاجتماعية الكبرى في المملكة.

 

الملك عبد الله الثاني لا يريد أن يبقى منعزلا كما حصل في زمن والده الذي لم ينضم إلى التحالف العربي الأمريكي في الحرب ضد صدام حسين، أليس كذلك؟

أندريه بانك: بالطبع عندما ننظر إلى العقود الأخيرة في سياسة الشرق الأوسط الأردنية فإن عام 1990 / 1991 هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.

وقتها اتخذ الملك حسين على الأقل موقفا محايدا تجاه صدام حسين، الأمر الذي تم تقييمه كموقف لصالح صدام، والأردن كانت بالتالي تحت ضغط الولايات المتحدة الأمريكية والعربية السعودية وإسرائيل، وتقدمت على إثرها في عملية السلام نحو الأمام مع إسرائيل للخروج من هذه العزلة الكبيرة.

وبقيادة الملك عبد الله الثاني يبقى جزء كبير من السياسة الإقليمية لدى شريحة واسعة من السكان أمراً غير محبوب، إذ ترى بأنها ضد المصالح العربية ـ لاسيما العلاقة مع إسرائيل وكذلك الأمر في العلاقة مع سوريا.

فعندما كان بشار الأسد على وشك السقوط، ظهر الملك عبد الله الثاني كأول زعيم عربي طالب بتنحي الأسد. والآن بما أن الأسد نجا سياسيا، فتح الأردنيون مجددا أهم معبر حدودي (معهم). فهم يحاولون الانتماء إلى الأوائل الذين يستفيدون اقتصاديا من الاستقرار النسبي في سوريا، إذ يتم توجيه الراية دوما بحسب توجه الرياح.

صورة رمزية - الانتفاضة الفلسطينية.  Foto: Reuters
Immer an einer Beruhigung der Lage interessiert: „Was Jordanien nicht möchte, ist eine dritte Intifada, da dies mit massiver Gewalt verbunden wäre. Das hat natürlich auch eine innenpolitische Dimension, denn wenn in Palästina die Gewalt eskaliert, folgen in Jordanien sofort Solidaritätskundgebungen, die sich teilweise auch gegen die Monarchie und König Abdallah II. richten können", André Bank.

{المناطق الشمالية للأردن مرتبطة بشكل وثيق مع سوريا وقد عانت اقتصاديا مع إغلاق الحدود الذي حصل في عام 2014}.

يعيش العديد من الفلسطينيين في الأردن ويتأثر الأردن بشكل مباشر بالنزاع في الشرق الأوسط. كيف يهتم الأردن بخصوص قيام دولة فلسطينية؟

أندريه بانك: رسميا نهج الدولة الأردنية هو طلب حل الدولتين. وما لا ترغب فيه الأردن هو حصول انتفاضة ثالثة، لأن هذا مرتبط بعنف كبير. فالملكية الهاشمية مهتمة دوما بتهدئة الوضع. وهذا له بالطبع وقع على السياسة الداخلية، لأنه في حال تصعيد العنف في فلسطين، فإنه تحصل فورا في الأردن مظاهرات تضامنية تكون موجهة جزئيا ضد الملكية والملك عبد الله الثاني

فالمملكة الأردنية هي رسميا مؤيدة لحل الدولتين، لكنها تعرف أنها لا يمكن لها القيام بالكثير من أجل ذلك. كما أن الأردن يدرك أنه مع هذه الحكومة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية والمجموعات القيادية في فتح وحماس لن يحصل في المستقبل المنظور أي سلام.

 

الأردن فتح جزئيا الحدود مع سوريا. كيف يؤثر الوضع في سوريا على الاستقرار في الأردن؟

 

أندريه بانك: يعيش مئات الآلاف من السوريين في الأردن. والمناطق الشمالية للأردن بالتحديد المرتبطة بشكل وثيق مع سوريا عانت اقتصاديا مع إغلاق الحدود الذي حصل في عام 2014.

ومن جانب آخر ازدادت الأهمية الجغرافية لأردن مستقر بسبب الحرب في سوريا. وعليه حصلت الحكومة الأردنية على كثير من الأموال ـ من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وكذلك دول الخليج ـ كي لا تتحول سوريا إلى بقعة حريق إقليمي في جميع الشرق الأوسط.

 

 

حاورته: ديانا هودالي

حقوق النشر والترجمة: دويتشه فيله 2019

 

ar.Qantara.de

 أندريه بانك، خبير العلوم السياسية في معهد GIGA  لدراسات الشرق الأوسط في هامبورغ.