"قمنا بتحطيم النظرة المحافظة للنساء في الملاعب"

سحر الهواري خاضت معارك كثيرة مع الأفكار المحافظة التقليدية للمجتمع المصري التي تعتبر ممارسة كرة القدم للنساء شيئا منافياً للتقاليد والأخلاق الإسلامية. نيللي يوسف التقت معها.

حسر الهواري، الصورة: الأهرام ويكلي
سحر الهواري تبحث عن رعاة وممولين لكرة القدم النسائية في مصر

​​سحر الهواري خاضت معارك كثيرة مع الأفكار المحافظة التقليدية للمجتمع المصري التي تعتبر ممارسة كرة القدم للنساء شيئا منافياً للتقاليد والأخلاق الإسلامية. نيللي يوسف التقت معها.

كيف واجهت ردود فعل العلماء والمحافظين في مصر على كرة القدم النسائية؟

سحر الهواري: لقد قمت بتكوين أول فريق نسائي قومي مصري لكرة القدم عام 1996، بعد مشاحنات كثيرة مع اتحاد كرة القدم المصري الذي كان رافضا في البداية من ردود فعل المحافظين. ومنذ ذلك الحين، وأنا أتعرض لنقد لاذع، حيث يرى البعض أن هذه الرياضة تعصف بالعادات والتقاليد الشرقية، ولكونها لا تتناسب مع طبيعتها. وقد يراها البعض الآخر من رجال الدين والمحافظين أنها تنافى مع تعاليم الدين الإسلامي.

كما قالت بعض الصحف و وسائل الإعلام المعارضة أن كرة القدم للرجال فقط و ليس للنساء شأن بها.إلا أن هذا النقد تلاشى تدريجيا بمرور الوقت حيث عبرت لهم إننا إذا اتخذنا الدين حجة فلن تلعب النساء أي رياضة، وكان اعتراض بعض رجال الدين على أن ملابس كرة القدم تكشف جسد المرأة، إلا أني رددت عليهم قائلةً: إن هذه الملابس تُغطي معظم الجسد، وعندما تلعبها الفتيات يُركز المشاهد على مهارات لعبهن وليس أجسادهن.

ومن هنا تغيرت النظرة تجاهنا، وأصبحت الصحافة تنتقدنا إذا لم نلعب بالمستوى المتميز، وليس نقداً للعب الفتيات في حد ذاته، مما يؤكد أننا حطمنا النظرة التقليدية المحافظة للنساء في الملاعب. وأصبحت وسائل الإعلام المختلفة تهتم باللعبة بصورة متزايدة؛ وتُعرض مباريات على الهواء مباشرة مثلما حدث في أول بطولة عربية للكرة النسائية في مصر منتصف شهر إبريل /نيسان الماضي. وتعد هذه البطولة طفرة حقيقية لدور المرأة، كما تعكس استجابة الدول العربية بمشاركة المرأة في جميع المحافل إلى أن وصلت لملاعب كرة القدم.

كيف بدأ شغفك بكرة القدم ؟

الهواري: الفضل يرجع لوالدي - الحكم الدولي عزت الهواري - حيث كنت أجوب العالم معه؛ فأذهب معه إلى النادي منذ الصغر، وأتعلم منه كرة القدم.ولذلك قررت خوض المجال الرياضي فور تخرجي من الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وبعدما أقنعت الاتحاد المصري بضرورة تشجيع الكرة النسائية في بداية التسعينيات، قمت على الفور بالبحث عن لاعبات في المناطق الشعبية - في كل محافظات مصر وأنديتها التي تلعب فيها الفتيات ألعاب أخرى - وراقبتهن ثم توجهت إلى أسرهن.

وكنت أرجو عائلاتهن أن يعطوني بناتهن لمدة عام، حتى جمعت في منزلي 25 فتاة تتراوح أعمارهن ما بين ال15 و ال22 عاماً؛ فقمت بتدريبهن لمدة خمس سنوات، واضطررت لبيع بعض ممتلكاتي لتحقيق حلمي. وأصبح مستوي الفتيات في مصر الآن رائعاً؛ فهن يُشاركن في بطولات عالمية، ويحصدن أهم الجوائز والميداليات.

وهل تقبلت عائلات الفتيات ذلك بسهولة؟

الهواري: لم يكن الأمر سهلا بالطبع، إلا أن الفتيات عبرن عن أنفسهن وأصبحن أكثر تفتحاً بمرور الوقت؛ ومنهن فتيات من قرى مصر خلعن الحجاب. وقد ازداد الآن عدد الفتيات اللاتي يشعرن بمتعة عندما يلعبن كرة القدم.

فأنا أمتلك إرادة قوية لا تقهر، حيث أنني اجتهدت حتى حصلت على دعم من الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، بموافقته على اقتراحي الذي يقضي بحجب المساعدات التي يقدمها أي اتحاد عربي لا يُلحظ فيه نشاط للكرة النسائية.

وعلى الصعيد العربي، ساهمت بشكل كبير في اعتراف الاتحاد البحريني بالنشاط النسائي مطلع عام 2003، وبإقناع الاتحاد الإماراتي بتشكيل منتخب للسيدات في هذه الرياضة، وتنظيم جامعة الكويت وعدد من الجمعيات النسائية دوريا لكرة القدم؛ وهو الأمر الذي قوبل بسخط شديد من قبل الإسلاميين في الكويت الذين ما زالوا يرون مزاولة المرأة لكرة القدم باباً من أبواب المعصية.

ما التسهيلات التي تقدمها الدولة في مصر لكرة القدم النسائية؟

الهواري: هناك تسهيلات كبيرة من الدولة تجسدت بصورة واضحة في البطولة التي أقيمت الشهر الماضي حيث كانت هناك مساندة من كافة الجهات والوزارات مثل الصحة والإعلام والدفاع وخدمات الإسعاف والمستشفيات. وهناك أيضا الدعم المالي لتطوير ونشر اللعبة النسائية ولكن مازال الدعم قليل مقارنة بما ينفق على لعبة الرجال. ولكي يستمر النجاح فإن كرة القدم النسائية تحتاج لمشجعين ورعاة، وهذا ما أحاول عمله الآن.

ماذا تعلمت الفتيات المصريات من الفريق الألماني الذي جاء الشهر الماضي بصحبة المدربة الألمانية الشهيرة تينا توينه ماير؟

الهواري: لقد تعلمنا الكثير منهم؛ مثل روح الفريق والبعد عن النزعة الفردية في الملعب، وتعرفنا على أحدث تقنيات التدريب في ألمانيا. وأكدت المدربة الألمانية ارتفاع مستوى اللاعبات المصريات حيث تستطيع بعضهن الاحتراف في أوروبا، برغم إمكانياتنا المتواضعة مقارنة بدولة مثل ألمانيا. ولكنها أشارت إلى عيوبنا – المتمثلة في بطء التحضير وانعدام الأداء المنظم. وسنستفيد بالطبع بصورة أكبر عندما نسافر في شهر يوليو/ تموز المقبل للاشتراك في ملتقى شباب اليونسكو في شتوتجارت.

ما هي أحلامك وطموحاتك لكرة القدم النسائية في مصر؟

الهواري: تعد كرة القدم النسائية ساحة مفعمة بالآمال وإمكانيات التطور؛ ولذلك أحلم أن أتأهل لدوري الأمم الأفريقية هذا العام، وبطولة العالم لكرة القدم النسائية عام 2007.

كما أتمنى عودة دروس الرياضة والتربية الجسدية للمناهج الدراسية في مدارس الفتيات، خاصة أنني أنظم الآن لدوري مدارس الفتيات الذي سيقام في عدة مدارس تحت سن 17 عاماً؛ وسيبدأ في أجازة الصيف المقبل بالتنسيق مع اتحاد الكرة المصري. فهناك عناصر نسائية جيدة؛ لكنها تحتاج فقط للمزيد من اهتمام المسئولين، وإقامة معسكرات تدريبية وتوفير الإمكانيات المادية؛ والأهم من ذلك وجود جمهور مشجع.

تخرجت سحر الهواري من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1981، وتعمل رئيس أول لجنة عربية لكرة القدم النسائية، والمشرفة على الكرة النسائية بالاتحاد المصري لكرة القدم. ومنذ عام 2003 تعمل ممثلا للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، وقد حصلت على العديد من الجوائز العربية والعالمية.

أجرت الحوارنيللي يوسف
حقوق الطبع قنطرة 2006

قنطرة

النساء العربيات يكافحن لإثبات ذاتهن في كرة القدم
كرة القدم التي ظلت طويلاً حكراً على عالم الرجال أصبحت اليوم حلماً للكثير من النساء والفتيات حتى في العالم العربي، وفي مدينة الإسكندرية بمصر، انطلقت أول بطولة عربية لكرة القدم النسائية بمشاركة سبعة منتخبات.

لعب كرة القدم بالحجاب والمكياج والسراويل الطويلة
لاعبات النادي "الديرسيم سبور" في برلين لا يستطعن تصور حياتهن من دون كرة القدم وقد حققن حلمهن في المشاركة في بطولة العالم لكرة القدم النسائية في العام القادم. تقرير أريانا ميرزا.