تحليل إخباري: حماس تصمت خلال المواجهة بين إسرئيل والجهاد الإسلامي

في الصورة: مقاتلون من "سرايا القدس" الذراع العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي".

قصف الجيش الإسرائيلي خلال اليومين الماضيين وللمرة الأولى منذ أكثر من عقد، قطاع غزة دون استهداف حركة حماس الإسلامية التي وجدت نفسها عالقة بين الدعوة إلى الانضمام إلى القتال ورغبتها في الحفاظ على التهدئة مع إسرائيل.

واستهدفت غارة جوية فجر الثلاثاء 12 / 11 / 2019 منزل القيادي العسكري البارز في حركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا في حي الشجاعية في شرق مدينة غزة، فقتلته وزوجته.

وتعتبر إسرائيل حركة الجهاد الإسلامي، وهي مجموعة كبيرة مسلحة، حركة راديكالية لكن أقل تسليحا من حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة. وتعد حركة الجهاد الإسلامي أكثر قربا من إيران، العدو اللدود لإسرائيل. 

ولطالما حملت إسرائيل حركة حماس مسؤولية كل الهجمات التي تنطلق ضدها من القطاع حيث يقطن نحو مليوني فلسطيني وتحاصره إسرائيل منذ أكثر من عقد، وقد شهد منذ 2008 على ثلاث حروب مع إسرائيل. 

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس لوكالة فرانس برس الخميس "استطعنا خلال العملية التمييز بين حماس والجهاد الإسلامي". 

وبحسب المتحدث، فإن وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ صباح الخميس 14 / 11 / 2019 أنهى خمسين ساعة من الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل 34 فلسطينيا. وأطلقت خلال الأيام الثلاثة الماضية 450 صاروخا من القطاع نحو إسرائيل، بينما نفذت إسرائيل عشرات الغارات على أهداف في القطاع. 

وأضاف كونريكوس: "ركزنا على أهداف تابعة للجهاد الإسلامي". ووفقا للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فإن أبو العطا كان "مسؤولا تقريبا عن كل هجوم نفذ ضد إسرائيل خلال الأشهر الستة أو السبعة الماضية".  وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أيلول/سبتمبر الماضي 2019 هدفا لأحدها، بحسب إسرائيل. 

وتقول مصادر عسكرية إن أبو العطا قاد ذلك الهجوم بقذيفة صاروخية أطلقت على أسدود خلال اجتماع انتخابي لنتنياهو قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، ما اضطره لمغادرة المكان على عجل. 

ولم تعلق حماس بصوت عال على التصعيد الأخير. وبدا واضحا أنها لا تريد تخريب تفاهمات التهدئة التي تم التوصل إليها مع إسرائيل بوساطة مصرية وأممية في آذار/مارس 2018. وضمنت تلك التفاهمات لحماس إدخال ملايين الدولارات كمساعدات نقدية شهرية من دولة قطر إلى القطاع الفقير. 

ويقول الخبير الإسرائيلي روني شاكيد من معهد هاري ترومان للأبحاث من أجل السلام في القدس: "نحن معتادون على موجات العنف هذه، لكنَّ هناك شيئا جديدا يحدث لأول مرة، وهو أن إسرائيل لم تضرب حماس أو تتهمها بأنها مسؤولة عن الوضع على الأرض". 

وبحسب شاكيد، فإن "مؤشرات" توفرت لإسرائيل قبل تنفيذ ضربتها ضد أبو عطا، أفادت بأن "حماس لن تشارك في جولة العنف". ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة غزة جمال الفاضي أن حماس في "مأزق". ويقول: "حماس في مأزق، فهي تحاول إرضاء الوسطاء واحترام التفاهمات مع إسرائيل، ومن جهة ثانية تواجه ضغط الشارع الذي يسأل أين حماس من المعركة"،  إلا أن حماس وافقت أيضا على بيان لـ "فصائل المقاومة" أكد بعد استهداف أبو العطا، أن "المقاومة ستكمل مشوارها في الرد على العدوان والثأر للشهداء". 

ويقول القيادي في حركة حماس باسم نعيم إنه يؤمن بأحقية الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم و"مقاومة الاحتلال". ويضيف: "لكن في الوقت نفسه، نعتقد أن إدارة العلاقة مع الاحتلال يجب أن تأخذ في الاعتبار سياقات مختلفة داخل وخارج فلسطين، لذلك يتعين علينا في بعض الأحيان كبح جماح ردنا لتحقيق المصلحة الفلسطينية". 

وقال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة في مقابلة مع قناة "الميادين" التي تتخذ من بيروت مقرا مساء الأربعاء 13 / 11 / 2019 إن الحركة "اتخذت القرار بالرد بنفسها (...) ولم يكلفنا أحد بمهمتنا". 

وأضاف النخالة في المقابلة التي سبقت الإعلان عن وقف إطلاق النار "الجهاد قادرة على إدارة المعركة لوحدها (...) ولن نطلب من حلفائنا التدخل". ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في قطاع غزة مخيم أبو سعدة أن حماس ستقدم الدعم اللوجستي لحركة الجهاد الإسلامية "دون المشاركة في العمليات" لو استمرت العمليات.

وارتفعت في إسرائيل أصوات كثيرة مؤيدة لعملية أكثر قوة ضد الجهاد الإسلامي. ويقول روني شاكيد "الجهاد الإسلامي حركة خطيرة للغاية بالنسبة لإسرائيل، هي أشبه بتنظيم الدولة الإسلامية بالنسبة لأوروبا وغيرها". وأضاف: "إذا لم يتم فعل شيء لقمع الجهاد الإسلامي، فإن السيناريو سيتكرر خلال الأسبوعين القادمين أو خلال شهر أو شهرين". أ ف ب